أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رضي السماك - المقرحي والغرب.. وحقوق الإنسان














المزيد.....

المقرحي والغرب.. وحقوق الإنسان


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 2756 - 2009 / 9 / 1 - 10:36
المحور: حقوق الانسان
    


ما من مراقب سياسي يتمتع بحد أدنى معقول من الذكاء والتجرد قد تابع ورصد ردود الفعل الغربية الاحتجاجية وعلى الأخص الامريكية المنددة بقيام اسكتلندا بالافراج عن المواطن الليبي عبدالباسط المقرحي المدان قضائيا بالتورط في تفجير طائرة أمريكية فوق لوكيربي الاسكتلندية عام 1988م الا وتتملكه بالتأكيد صدمة من الذهول يصعب عليه الافاقة منها خلال وقت قصير لاستيعاب ما بلغه الغرب الرسمي وعلى رأسه امريكا من درجة ليس في النفاق وازدواجية المعايير في المواقف تجاه القضايا العالمية المتعلقة بحقوق الانسان فحسب، بل من انحطاط فج مفضوح لعدم التمسك بهذه الحقوق ومراعاتها في بناء المواقف السياسية بعيداً عن الاعتبارات والمصالح السياسية الخارجية الضيقة التي تمليها مصالح النخب والطبقات الحاكمة في تلك الدول الغربية الكبرى، بل لربما احتاج أذكى مراقب سياسي مجرب في العالم الى عقل اكبر من عقله وذكاء اكبر ذكائه ليستوعب هذه الفضيحة الفجة الممجوجة التي وقع وسقط فيها بامتياز الغرب الرسمي، وعلى رأسه حكومة الولايات المتحدة أمام الملأ في دروس حقوق الانسان، هي التي ما انفكت تفرض نفسها شرطيا وقاضيا عالميا لحماية حقوق الانسان في العالم بينما هي الدولة الأولى الأكبر انتهاكاً لحقوق الانسان خارج الولايات المتحدة بوجه خاص وداخلها بوجه عام.
فما ان اعلن القضاء الاسكتلندي - وهو القضاء المستقل في دولة ديمقراطية غربية - افراجه عن المقرحي لدواع انسانية بحتة وطبقاً للقانون الاسكتلندي الذي يبيح مثل هذا الافراج للمدان السجين في الظروف الانسانية حتى سارعت واشنطن بعد دقائق معدودة الى ادانة قرار السلطة القضائية الاسكتلندية من دون ادنى اعتبار او احترام لسيادة واستقلال هذه السلطة القضائية الاسكتلندية في بلدها، وذلك لمجرد ان ضحايا الطائرة المنكوبة ارهابيا أغلبهم امريكيون، هذا على الرغم من التأكيدات الطبية والأمنية والقضائية في اسكتلندا ان المقرحي لم يتبق له عن قضاء نحبه سوى شهرين فقط.
اكثر من ذلك فإن قرار السلطة القضائية نفسه ينطوي على قدر من الازدراء والاحتقار لحياة المقرحي كإنسان حتى بافتراض انه ليس بريئاً، فحقوق الانسان كائناً من يكن ينبغي ان تراعى وان تصان في مختلف الظروف، سواء أكان في السجن أم في الحرية طليقاً، أم في أوقات الحرب ام في اوقات السلم، ذلك بأن السلطة القضائية الاسكتلندية حينما تورد ضمن حيثيات قرارها حرفيا بالافراج عن المقرحي لكي يموت في ليبيا لا في اسكتلندا كأن موت هذا الانسان أضحى اشبه بالوباء الذي ينبغي تجنبه داخل اسكتلندا فإن ذلك لا يعني سوى تعال عنصري حقير متجرد من القيم الانسانية تجاه انسان مريض معذب مشرف على الموت.
لم تتوان مسؤولة في وزارة الخارجية الامريكية في وقاحتها المتجردة من الانسانية عن التعليق فور صدور القرار القضائي الاسكتلندي "ان اطلاق المقرحي لا يخدم العدالة، ومن الضروري ان يكمل المقرحي عقوبته الكاملة وان تنفذ العدالة من اجل ذكرى ضحايا لوكيربي".
فالعدالة إذًا طبقا لهذا الموقف العنصري الامريكي السادي المتعطش للقتل والتلذذ برؤية مشارفة الخصم على الهلاك حتى اللحظة الاخيرة من حياته هي ان يقضي نحبه صريعاً بمرض السرطان في سجنه من دون خصم أي دقيقة أو شهر من مدة محكوميته.
لكن سلسلة المهازل الغربية لم تقف على أكثر من جهة وأكثر من صعيد عند هذا الحد فقد احتجت واشنطن ودوائر غربية رسمية مختلفة على استقبال المتهم العليل المشرف على الموت استقبالا احتفاليا في بلده، فلم يتوان بذلك هذا الغرب ان يفرض نفسه وصيا على ضمائر شعبه وحكومته في كيفية ما ينبغي ان يكون عليه استقباله وهو يتوكأ على عصا نازلاً من الطائرة بينه وبين الموت أيام معدودة طبقاً للتقديرات الطبية الاسكتلندية.
وفي حلقة اخرى من سلسلة هذه المهازل ثار جدل آخر في اسكتلندا وبريطانيا عما بلغه هذا الغرب من وضاعة تثير الاشمئزاز في التجرد من القيم الانسانية التي لطالما تشدق بها، إذ انبرت أوساط وقوى سياسية للمناكفة الاحتجاجية ضد الافراج عن المقرحي بأن المدة المتبقية على موعد احتضاره من المرض ثمانية أشهر وليست ثلاثة أشهر كما ذهبت اللجنة الطبية والمحكمة بذلك.
لقد نسيت واشنطن، ومعها الغرب الرسمي السائر في فلكها، انها تخلت عن حقوق الانسان منذ اللحظة التي أخضعت فيها القضية للمساومات والصفقات السياسية والمالية ولحست كل مواقفها واجراءاتها التأديبية العقابية ضد طرابلس، واعادت علاقاتها الدبلوماسية معها، وهي أيضاً ضربت بعرض الحائط مصالح وحقوق الشعب الليبي حينما ابتزت قيادته بذلك الابتزاز المالي غير المسبوق في تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة في قضية مازال يحيطها الكثير من الشبهات والغموض واصبح هذا الشعب في ضائقتين مالية ومعيشية من جراء نهب امواله باسم حقوق الانسان وحقوق الضحايا، والاغرب من كل ذلك ان هذا يحدث في ظل صمت عربي مطبق بل في ظل صمت مطبق لمنظمات حقوق الانسان، العربية بوجه خاص والعالمية بوجه عام.





#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف والسلطة.. سولجنستين نموذجا
- انقلاب جنبلاط على -14 آذار-
- شهادات في هزيمة يونيو 67 (1)
- هل نودع عصر الكاريكاتير والكتابة الساخرة؟
- ثورة يوليو بين النكسة والثورة المضادة
- بين زنوج البصرة.. وزنوج أمريكا
- إيران.. وحلم التغيير المجهض
- الإلحاد بين الماركسية والداروينية
- الأزمة المالية وديون البلدان الفقيرة
- كيف مر يوم الصحافة العالمي؟ (1)
- حكايات من تاريخنا (73)
- لبنان ودلالات الإفراج عن الضباط الأربعة
- إنفلونزا الخنازير
- نحو عيد العمال العالمي1, 2
- قمة العشرين.. وعيد العمال العالمي
- المليارديرية العرب.. والبيئة
- إيران بين العزل والانعزال
- أساطين الطبقة الجديدة.. ماذا فعلوا بروسيا؟!
- حكايات من تاريخنا
- البشير والقضاء الدولي


المزيد.....




- مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: تضغط في كل الاتجاهات م ...
- إنفوجراف | أحكام الإعدام في مصر خلال شهر فبراير لعام 2024
- الصفدي: قبول فلسطين بعضوية كاملة في الأمم المتحدة انتصار للح ...
- واشنطن: لن ندعم قبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- روسيا تدعو مجلس الأمن لمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة ...
- نيبينزيا لمجلس الأمن: أقل ما يمكننا ويجب علينا القيام به هو ...
- حملة مكافحة الفساد في الصين تطال النائب السابق لمحافظ البنك ...
- رئيس نادي الأسير: الاحتلال يعاقب الأسرى الفلسطينيين بقانون - ...
- الجزائر: حان الوقت لمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة
- أكسيونوف يؤكد اعتقال كافة المجموعات التخريبية التي تم كشفها ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رضي السماك - المقرحي والغرب.. وحقوق الإنسان