أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محي المسعودي - فيلم يقدم المشاعر الانسانية الدفينة على طريقة الموسيقى الغامضة وجمالياتها















المزيد.....

فيلم يقدم المشاعر الانسانية الدفينة على طريقة الموسيقى الغامضة وجمالياتها


محي المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 - 07:26
المحور: الادب والفن
    


"قلب في الشتاء "للمخرج الفرنسي الراحل كلود سوتيه
فيلم يقدم المشاعر الانسانية الدفينة على طريقة الموسيقى الغامضة وجمالياتها
محيي المسعودي
في مقاربة نادرة ما بين الموسيقى العميقة الصادقة والمشاعر الانسانية الشفافة عمل المخرج الفرنسي كلود سوتيه في فيلمه "قلب في الشتاء"الذي نال الجائزة الفضية من مهرجان البندقية السينمائي الدولي في العام 1992... صنع سوتيه فلمه في اجواء الموسيقى ولكن المَشاهد الموسيقية لم تاخذ من وقت الفيلم اكثر من عشر دقائق تمثل اللقطات التي ظهرت فيها بطلة الفيلم "كاميل" وهي تعزف .
استخدم المخرج كعادته موسيقى الحان صعبة ونادرة وغير شائعة ولكنها جميلة اخّاذة ومؤثرة للموسقار رافيل ..
والمعروف بأن سونيه لايهتم كثيرا بعرض الاحداث المثيرة والاكشن وانه يقدم موضوعات انسانية وعلاقات حياتية يومية تتفاعل فيها الاحداث من خلال المشاعر التي تهيمن على مسرح الحدث وحركته وهنا يصح القول بأن العنصرين الأساسيين في كل أعمال سوتيه يندرجان في وصف دقيق لأفراد وأشخاص يشعرون باستياء داخلي لا يستطيعون تحديده أو تعيينه - هل هو الشعور بالاستياء من الحياة؟ - ونقدٍ مبطن لمجتمع لا يزال يبحث عن هوية ما في دينامية النموذج الإستهلاكي القاسية، ليس فقط للطبقات الأقل حظاً، بل أيضاً للبرجوازية الميسورة التي تقع في صميم الدورة الإستهلاكية اليومية وتعتبر صمام المجتمع الفرنسي الحديث.
إن الجدل حول أعمال سوتيه لا يزال قائماُ إلى حد الآن. ولا يمكن إنصاف هذا المخرج المبدع الا من خلال الإعتراف بأهمية أعماله في السينما الفرنسية المعاصرة ومن خلال الإبتعاد عن التصنيفات غير المجدية والفارغة من أي نقدٍ بناء.
اعمال كلود سوتيه جعلت منه اليوم نهجاً سينمائياً يفتخر بعض المخرجين المخضرمين والشباب مثل أنيس جاوي وميشيل دوفيل وسيدريك كلابيش وغيرهم بالإنتماء إليه.
واذا كانت هناك ثيم بارزة تميز بها فيلمه "قلب في الشتاء" فلا تعدو ذلك البناء المتوازي لاحداث الفيلم بطابعها الانساني مع البناء الموسيقي وعلاقة كليهما ببعض فالموسيقى بشكل عام لا يمكن – فيها- فصل الشكل عن المضمون والمشاعر الانسانية العميقة هي كذلك ايضا ..وقد تماهى الشعور الانساني لبطل الفيلم – ستيفان- الغريب ,المختلف المنطوي على سر دفين لا يدركه حتى ستيفان نفسه مع حال الموسيقى فهو لا يدري لماذا يميل الى العازفة كاميل ولماذا لا يريدها فهو يقول بأنه لا يسعى ضد ماكسيم – عشيق وصديق – كاميل- ولا يقصد اغوائها ..ويترك ميله اليها بلا مبرر..حتى عندما حدث خلاف بينه وبينها واعترف لها بأنه لا يحبها ولا يريدها واشعرها بالعار وهي تسعى ورائه ..حتى بعد هذه الخلافات عندما زارها مرة اخرى قال لها انه لم يأت ليعتذر ولكنه جاء ليراها فقط ..اذن هناك ثمة احاسيس ومشاعر لا يمكن تجسيدها تماما كما هي الموسيقى اضف الى هذا ان بناء الحدث اتخذ من حيث الشكل نفس البناء الموسيقي اي فكرة ثم فكرة اخرى ثم الجملة الصاروخية التي تدمج الفكرتين معا ..اي حب ماكسيم لكاميل ثم علاقتها مع ستيفان ثم الصراع مابين الثلاثة وهو الجملة الصاروخية المدوية ..يشعر المتلقي ان هناك ثمة علاقة وطيدة بين موضوعة القصة وموضوعة الموسيقى يمثل فيها ماكسيم الفكرة او الجملة العادية بينما يمثل ستيفان الجملة او الفكرة الابداعية التي يرتكز عليها المنجز بينما تمثل كاميل الرابط او المسرح الذي يقع عليه الحدث ويكون مصدر وباعث – الفكرة – الجملة الصاروخية – هو ستيفان بسلوكه ومشاعره المتباينة تماما اذا ما قورنت بسلوك ماكسيم او عامة الناس .
ان ما يمكن ان نعده انجازا حقيقيا للمخرج سوتيه هو قدرته على خلق اجواء نفسية لدى المتلقي تدخله في عالم فيلمه –قلب في الشتاء –اذ يتسرب الحزن وتبدأ نفس المتلقي بالانغلاق على ذاتها في محاولة منها لسير اغوار نفس ستيفان من خلال التماهي معها ومحاولة تجسيد كيينونتها .
ومع ان الفيلم بُني على خفايا وسلوك نفس ستيفان الا ان المخرج قدم بعض جوانب من شخصية كاميل كالبساطة والرقة والصدق والعناد خصوصا وهي تسعى نحو ستيفان او تعيش لحظة الصدمة معه ..ولحظنا المخرج لا يهتم كثيرا لنجاحات كاميل العازفة الموهوبة – وهي تتنقل بين المدن الاوربية ولم نَرَ مشهدا واحدا لها ما عدا البروفات والعزف وخاصة الغرف الاخير, وهكذا الحال مع ستيفان فعلى الرغم من قدراته الكبيرة وخبراته في صناعة الالة الموسيقية الا ان المخرج لم يبنِ حدثا هاما عليها ما عدى حالة اصلاح كمان كاميل من قبل ستيفان والتي كانت منطلقا وفاتحة لموضوعة الفيلم .. ولكن الفيلم بمجمله يطرح قضايا عديدة من اهمها الكشف عن وجود شخصيات غريبة عن المجتمع الغربي المنفتح تنطوي على نفوس تضمر اسرارا واحاسيس ومشاعر من العصي جدا استكشافها ومعرفتها ان لم يكن ذلك مستحيلا كما هي الحال مع ستيفان .. والفيلم يشير الى مساحات انسانية واسعة يمكن للسينما الاوربية العمل فيها بعيدا عن افلام الاكشن من الرعب والخيال العلمي والاسطورة والحروب وغيرها من المطاردات والصراعات ..ويصف مخرج الفيلم كلود سوتيه موضوعة فلمه وابطاله والية اخراجه للفيلم فيقول :- "كنت اعرف انه ينبغي الابتعاد عن المؤثرات والتصوير باسلوب بسيط ولم اكن راغبا في لقطات حذلقة من نوع اللقطات القريبة على ايدي كاميل وهي تعزف .وحاولت مقارنة بنية الفيلم في البناء الموسيقي .ولقد اردت ان اظهر المشكلات العاطفية الغامضة .عبر شخصية غير مستقرة لرجل يحمي نفسه من اية مغامرة عاطفية "
يذكر ان الفيلم مقتبس عن قصة قصيرة من القرن التاسع عشر للكاتب الروسي لير مونتوف وعنوانها الاميرة ماري .غير ان المخرج كلود سوتيه حولها بمعونة كاتب السيناريو جاك نيشي وجيرم تونير ,الى الزمن المعاصر ليروي من خلالها قصة حب لم تتحقق عبر حكاية علاقة بين صديقين يعملان معا وامراة جميلة دخلت حياتهما بلطف وجاذبية .
اما ابطال الفيلم فهم ماكسيم (الممثل اندريه دوسولييا)وستيفان (الممثل دانيال اوتوي )والعازفة كاميل (الممثلة ايمانويل بيار ).ماكسيم رجل انيق وحيوي ,اما ستيفان فهو صامت ينغمس في مهنته ويتقنها ولا يرتبط باية علاقة عاطفية مع امراة ومن هنا جاء عنوان الفيلم- قلب الشتاء- اما كاميل فهي فنانة تسعى لتكريس نفسها كعازفة .. وملخص قصة الفيلم هو عندما تحضر كاميل ذات يوم لاصلاح كمانها في ورشة ماكسيم سرعان مايغويها ماكسيم الانيق ويرتبط معا بعلاقة .غير ان شيئا غامضا يشدها الى الاخر الغامض وتدرك انه حب .وتسعى كاميل الى الاقتراب من ستيفان وتصارحه بحبها ,غير ان ستيفان الغامض يصارحها بانه لا يحبها , مخفيا مشاعر مترددة تجاهها ,الامر الذي يستفزها اكثر فاكثر نحو جذبه اليها , وكأنه برفضه لها استفز مشاعر الانوثة فيها والتي خُلقت لرجل قاوم سحرها .في النهاية ترحل كاميل مع ماكسيم ويقى ستيفان في وحدته وغموضه وقلبه الذي في الشتاء ,خوفا من علاقة حب يعقبها الم .هذا وتجدر الاشارة الى ان المخرج سوتيه وظف عوامل عديدة لتجسيد مضمون وشكل عنوان فلمه قلب في الشتاء اذ ظهرت مشاهد طبيعية تعكس قسوة الشتاء الطبيعي من البرد والمطر الغزير وغيرها فالطبيعة اذن كانت شتاء وكذلك كان الانسان يعيش شتاء نفسيا مبكر كما يعيشه ستيفان الذي صرح بذلك علنا لصديقه ماكسيم عندما سأله عن احواله قائلا (احس انني شخت)هذا اضافة لشيخوخته النفسية الظاهرة على علاقته بالنساء عامة وبكاميل خاصة اضف لذلك الشتاء الانساني المبكر الذي حفل به الفيلم شتاء اخر هو تلك الشيخوخة المعذبة التي شاهد وسمع تفاصيلها ستيفان وانهى عذابها بنفسه عندما ساعدها على الموت الرحيم ..وعلى مستوى التصوير والمشاهد كان الفيلم شتائيا اذا انعدم البذخ بالتصوير والتقنيات ..فلا اماكن كثيرة ولا احداث مثيرة ولا اساليب اخراجية مبهرة ومتحذلقة ..وكل هذا ساعد في تحقيق مضمون عنوان الفيلم قلب في الشتاء .
تتميز افلام المخرج الفرنسي كلود سوتيه صاحب فيل " زد " اول فيلم سياسي فرنسي , تتميز بشاعريتها وشفافيتها في عرض المشاعر الخفية ودواخل ابطالها الغامضة ,وفي فيلمه قلب الشتاء ,نلتقي مع السينما ذات الشاعرية التي تستند على غموض المشاعر من خلال حكاية ثلاثة ابطال يعملون في الموسيقى ,كل في مجاله ,اثان يمتهنان تصليح الات الكمان وشابه جميلة تحترف العزف على الكمان .وفي هذا الفيلم يحاول كلود سوتيه ان يصل بقصته الى غموض الموسيقى وجمالها في ان واحد .



#محي_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة والاعلام في جريمة الاربعاء الدامي


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محي المسعودي - فيلم يقدم المشاعر الانسانية الدفينة على طريقة الموسيقى الغامضة وجمالياتها