فكر سلفى يعقب على فكر التنوير

محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 2752 - 2009 / 8 / 28 - 07:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

هذا تعليق على مقال لى بعنوان "نحن وفكر التنوير" الذى نشر بعدة مواقع إلكترونية وجرائد مصرية. التعليق لسيدة تدعى وفاء(أم أسامة). ظهر التعليق فى منتدى إسمه "منتدى الفزيائيين العرب"، تقوم بالإشراف عليه شابة نابهة فى المرحلة الثانوية.

الغرض من المنتدى، كما يتضح من إسمه، هو نشر العلوم الفيزيائية والفكر بين شبابنا. لكن كالعادة، هجم الفكر المنغلق العفن على المنتدى، محاولا إختطاف المنتدى وإستقطابه وتحويله إلى منتدى يخدم فكر الخوارج المتخلف. مستغلا صغر سن وعدم خبرة الفتاة المشرفة عليه.

يبدو من أسلوب السيدة أنها نالت قسطا من التعليم الدينى وتشبعت به. ما يقع بين {} هو تعليقى الشخصى على بعض الجمل التى لم أستطع تركها بدون توضيح. أهمية تعليق السيدة، هو أنه يفسر بصدق وأمانة كيف تفكر شعوبنا اليوم, ويبين موقف شعوبنا من العلوم الحديثة وقضايا الحرية والمساواة وحقوق الإنسان. لا شك أنها وثيقة تستحق الدراسة. أضعها أمام السادة القراء والباحثين حتى لا نذهب بعيدا فى البحث عن أسباب تخلفنا وإنحدارنا مدة تزيد على 1400 سنة.

التعليق
أولا أشكرك أختي على رفيع خلقك فعلى الرغم أنك لم تقتنعي بكلامنا إلا أنك احترمتيه بأدب جم
وأذكر أنني عندما كنت في عمرك تقريبا كنت قرأت كتابا ينفي وجود علامات كبري للساعة.. ودعم الكاتب رأيه بالأدلة الواهية التي أقتنعت بها وقتها.. وساعتها عارضت جميع أفراد أسرتي بتمرد..
فأخذني والدي حفظه الله وأجلسني واستمع لكل أدلتي ورد عليها بالأدلة البينة من القرآن والسنة.. ومنذ وقتها تعلمت أن لا أتقبل كل ما أقرأه.. {إنغلاق الفكر جاء مبكرا}
**************
وما سأفعله الآن أنني سأنقل بعض مزاعم هذا الرجل {هو أنا} لأبين لك مدى ضلاله.. وأنه مثل ما قالت أختي تغريد يخلط السم بالعسل.. {كل من يخالفنا الرأى ضال ويخلط السم بالعسل}
أولا هذا الرجل يدعو للفكر التنويري.. {الفكر التنويرى جريمة}
والفكر التنويري لمن لا يعرفه سيتضح لكم معناه من مقاله الخطير والمريب.. {خطير ومريب} بعنوان (نحن وفكر التنوير)..
فيقول الأستاذ محاولا أن لا يصدم مشاعر المسلمين :
"ليس الهدف من التنوير هو رفض الدين أو حرمان الناس من أديانهم. وإنما الهدف هو تحرير عقل الإنسان لكى يفكر بنفسه بدون وصاية. أى الهدف هو خلق إيمان تنويرى فى مواجهة سلطة الكنيسة الطاغية. وتحرير المعرفة من سلطة الغيبيات. فلا يكفى أن تقول: "قال المسيح كذا, أو قال الرسول كذا." لكى يصدقك الناس بدون مناقشة. فالعلم والفكر لهما المرجعية العليا, وليس البابا أو الشيخ."!!! {العلم لا يجب أن يكون المرجعية العليا. إنما المرجعية العليا يجب أن تكون للشيخ}
هو يقول أن العلم والفكر لهما المرجعية العليا.. ونحن كمسلمون نؤمن بأن القرآن والسنة هما مرجعيتنا الأولى والعليا.. {أدخلت هنا القرآن والسنة حتى توهم القراء بأننى ضد القرآن والسنة. بينما كلامى كان منصبا على قول البابا والشيخ. أى التفسير}
يقول علينا تحرير المعرفة من سلطة الغيبيات!! {المعرفة لا يجب أن تتحرر من الغيبيات، ولتسقط التجارب المعملية والنظريات العلمية فكلها لا تخضع للغيبيات}
ونحن كمسلمون في صميم عقيدتنا الإيمان بالغيب من مصدريه القرآن وصحيح أحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) .. {الإيمان بالغيب يعنى هنا الإيمان بالله وبالبعث والجنة والنار، ولا يعنى أن تكون العلوم والمعرفة تحت سيطرت الغيبيات}

*********************
أنا هنا لست بصدد تفنيد كل مزاعم الفكر التنويري فلهذا مكان آخر ولكن أعرض جزء من فكر الرجل.. {اللى هو أنا}
واقرأوا معي هذا الكلام الخطير.. {إلغاء الرق كلام خطير}
"هل ننكر أن فلسفة التنوير هى السبب فى إلغاء الرق وإبادته من بلاد العالم المتحضر. الأمر الذى فشلت فى تحقيقه الأديان السماوية الثلاث. حقيقة كان هناك تشجيعا على العتق. ولكن الحقيقة المرة التى لا يجب أن نغفلها, هى أن الرق لم يحرم فى أى دين من الأديان الثلاثة. فأسفار العهد القديم والعهد الجديد والقرآن, تجيز الرق وتباركه. وتنظم العلاقة بين العبد وسيده..."

يتأسف على شرع الله هكذا بلا خجل!!.. {الرق شرع الله، بخجل، فلماذا تريدون إلغاءه} ولم يقنع بأن الإسلام فتح كل السبل لعتق الرقبة وجعل الذنب الذي تقترفه أنت تكفر عنه -من ضمن كفارات أخرى- بعتق رقبة شخص آخر حتى تعتق رقبتك أنت من النار..
يالروعة الإسلام.. {لا يزال الرق غير محرم}
ويقول:
"كما أن المساواة بين البشر غير موجودة فى الأديان الثلاثة أيضا.... والدين المسيحى والدين الإسلامى لا يؤمنان بالتساوى إلا بين أفراد الدين الواحد. والحروب الصليبية والفتوحات الإسلامية خير دليل على ذلك. لذلك فكرة المساواة بين البشر بغض النظر عن الدين والعقيدة أو الجنس هى فكرة إنسانية بحته. تنم عن عمق وفكر راق إلى أبعد حدود الرقى."
انظروا كيف يوجه سهامه المباشرة إلي الإسلام.. بجانب الرسالات الأخرى!! {المساواة بين البشر سهام مباشرة إلى الإسلام}
حسنا هو يريدنا أن نتحرر من كل القيود ونرتقي بالإنسانية.. لماذا؟؟ {الإرتقاء بالإنسانية عيب لا يجوز}
هو يظن أنه بذلك تحقق المساواة بين جميع البشرية ونرتقي بالعلم والفكر لأبعد الحدود..وبذلك تتلاشى كل الحروب وينتشر السلام والرقي والتقدم العلمي.. {وما العيب فى ذلك}
ولكن انظروا ماذا يقول لنا التاريخ عن التنويريون.. ويسرده الكاتب ِبحيرةٍ وأسف:
"الثورة الفرنسية, والتى أصبحت الأسمى بين الثورات فى العصر الحديث, بات أمرها محيرا. لما تثيره من تناقضات وتباين. فقد كان هاديها هو فلسفة التنوير والعقلانية. والنظام والتوافق مع القوانين الفيزيائية وطبيعة الإنسان. لكن ما أنتجته من عنف, يدل على العكس. يدل على أنها تعادى العقل وتحكم بالرعب. وتقاد بالأهواء الغير معقولة وعنف الغوغاء."
فالفكر التنويري انتهى بالعنف والغوغاء.. شأنه كشأن أي فكر آخر لا يتقيد بأوامر خالقها ..
ما هذا ؟!.. إنها الطبيعة البشرية المختلطة بالمطامع الشخصية والأهواء الفاسدة التي لو تركت لتحكم الأرض لفسدت الأرض وما عليها..! {خلط وعدم فهم. المقصود هو أن العنف والغوغاء ظهرا أثناء الثورة الفرنسية بالرغم من وجود الفكر التنويرى. بدليل أنه إنتشر فى أوروبا كلها بعد 100 سنة فقط. وهى مدة قصيرة بالنسبة لعمر الشعوب}

******************************

وهو لا يريد من الدين إلا أن يكون مجرد حرية شخصية.. تأكلين هذا الطعام أو غيره هذه حرية شخصية لك لا تؤثر على مجريات الأمور!!..وكذلك الدين!!! {لا، الدين لا يجب أن يكون حرية شخصية. لكم دينكم ولى دين ليست حرية شخصية}
فيقول:
"فالتنوير لا يعنى القضاء على الدين. وإنما يعنى حصره فى المجال الشخصى للفرد."

ونحن نقول أنه نظام كامل شامل يشمل جميع نواحي حياتنا .. فنحن نتعلم ونحب ونكره ونحارب ونعفو تحت راية الدين وبأوامر الله عز وجل.. {الدين نظام كامل حتى يجد المشايخ شيئا يفعلونه}

ولكن لماذا كل هذا الحرب على الدين؟؟ {نحن نحارب التخلف لا الدين}
يبدوا أنه تشرب بالتاريخ الغربي وشعر بالأسى الشديد لما وجد من محاربة الكنيسة للفكر والعقل، وعلى العكس.. عندما تحرر الغرب من قيود الدين تحرر عقله ووصل لما وصل إليه من تسخير للعلم والتكنولوجيا.. {لا أفهم ماذا تريد أن تقوله}
وهو حزين جدا لأن هذا الفكر نجح في الغرب ولم ينجع في بلادنا.. {وما العيب فى ذلك}
والرد الذي ربما لايعرفه أن ديننا هو الذي أنار دربنا ورفع شأننا يوم تمسكنا به .. {بأمارة ماذا؟} وللغرب كل العذر أن يرفض قيود الكنيسة وسلطتها التي جلبت عليهم الوبال وحاربت التفكير العلمي..
يومها كان المسلمون يسطرون أروع تاريخ في التقدم العلمي وكانوا أول من أسس قواعد العلم التجريبي.. فديننا يوم أن تمسكنا به أوصلنا لأعالي القمم.. {عندما كان المسلمون ليبراليين فى صدر العصر العباسى الأول. لكن هذه الحضارة سرعان ما زبلت عندما قفل باب الإجتهاد وسيطر الفكر السلفى على مقادير المسلمين}
أختي إنها فتنة عظيمة والفتوحات التي فتحها الله للغرب هي بمشيئته ولحكمة يعلمها الله.. {تقدم الغرب حكمة لا يعلمها إلا الله}
قال تعالى* فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُواْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ* {خلط وإقحام القرآن الكريم فى غير موضعه}
وكم من أناس بهروا بهذا التقدم وكان هذا سبب هلاكهم.. فالله يمحص قلوبنا والمؤمن بحق من يثبت على الطريق حتى يأتيه اليقين..اللهم جعلنا منهم {على المسلمين المتخلفين الثبات حتى يأتينا اليقين}

وأتذكر أنني مرة وأنا صغيرة شوية قلت لأبي بكل أسى لماذا نحن كعرب متخلفون هكذا وفي ذيل الشعوب ولماذا نحن نائمون في العسل.. هل هذا طبع العرب ؟ {سؤال وجيه هو أفضل ما فى التعليق}
فرد علي بإجابة بسيطة.. ولكنها أعادت لي معنوياتي {المعنويات عادت للأسف وياليتها لم تعد}، قائلا :هل رأيتي الأسد كيف يتم ترويضه في السيرك.. هل يعني هذا أنه حيوان وديع وخنوع
فقلت :لا.. قال: هكذا فعلوا بنا.. إننا كالأسود الأبية ولكن تم ترويضنا ببث كم هائل من السموم الإعلامية والفكرية التي خدرتنا ونمنا في سبات عميق.. {العالم الإسلامى حاليا مثل الأسد المخدر بسبب دعاية الغرب}
إذن ..هو حرب ومكر بالليل والنهار ونحن لا ندري ما يكاد لنا..
ثم يأتي أحدهم ويقول أن سبب تخلفنا هو الدين.. {لا يا سيدتى. الدين ليس سبب التخلف. وإنما الفكر السلفى وفكر الخوارج الذى يحارب العلم والتقدم هو سبب التخلف}

إن شاء الله سأحاول أن أعرض له مقالات أخرى لأفضح فكره وأرجو أن تكوني اقتنعتي ..ولو لم تقتنعي قولي لي بصراحة فمازال الحوار مستمرا..
وأعتذر عن الإطااالة بس ياريت تقروا بعناية ولا تقفزوا بين السطور { نعم رجاء القراءة بعناية}

#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات