أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغني - يواخيم سارتوريوس: شاعر الحوار الإنساني














المزيد.....

يواخيم سارتوريوس: شاعر الحوار الإنساني


محمود عبد الغني

الحوار المتمدن-العدد: 2735 - 2009 / 8 / 11 - 08:07
المحور: الادب والفن
    


تذكّرنا المختارات الشعرية لأعمال يواخيم سارتوريوس، الصادرة حديثاً عن « دار توبقال» المغربيّة بعنوان «ما الذي يرى المرء حين يرى؟» (تعريب مصطفى السليمان)، أنّ الشاعر لا شيء سوى نظرة. الشاعر أيضاً دفتر ملاحظات وقلم ورحلات. إنّه تنقلات غير منقطعة وتواقّة، يدفعها شراع داخلي يقوده من ماء إلى ماء، من أرض إلى أرض أنأى. إنّه قلبٌ يطير من هنا ويحط هناك. كلُّ من يتصفح هذا القلب العاشق، قبل تصفُّح ما يخطه من أشعار، يجد المدن مطوية بعناية، والوجوه الزكيّة من الرباط وتونس وباريس ولندن واستراسبورغ والكونغو والكاميرون... هذه المدن، يلجأ إليها الشاعر حين لا تفضي الطرق إلى مكان، وحين لا يفضي الحب إلى السكر. عند ذلك، يعمد إلى حذف الكلمتين: الطرق والحب.
شاعر كهذا، كبرت طاقاته وأحاسيسه إلى درجة أنّها لم تعد قادرة على معالجة الأمور الصغيرة. حتى عندما تغيب المآسي من الواقع ــــ وهي لا تغيب إلّا موقتاً ــــ يبحث عنها في المآسي القديمة. في قصيدة «تلاشى في بخار ساخن» (ص. 13) يروي الشاعر الألماني المعروف، على نحو استرجاعي، قصة حرق الكتب قبل مئات السنين في الإسكندرية بأمر من الخليفة. إحالة تقول كلّ شيء: كل تجربة عرفها الإنسان في الأزمنة البعيدة، محفوظة في ثلاجة الذات والذاكرة، طريّة كأنها حدثت بالأمس، أو هذا الصباح: «وبما تبقى من الحمام/ الذي أحرقت فيه ذات يوم كتب/ على امتداد ستة أشهر، بأمر من الخليفة/ كما كان الحال عليه في أربعة آلاف حمام عاماً آخر/ في الإسكندرية». هكذا تعود المحرقة، محرقة الكتب، ومعها كلّ أنواع المحارق، إلى القصيدة التواقة دوماً إلى تخفيف الضرر وتأجيج الندم. يعود سارتوريوس، إلى الذكرى البعيدة التي عاشها أخوه الإنسان في الماضي، «وهي عودة إلى الماضي كي نتفكّر: عودة للصخور المنهارة التي لا يمحوها زمن عند حافة المرفأ» (ص. 50).

منذ غوته، ارتبط الشعراء الألمان بثقافة الشرق لكن ما الذي يدفع الشاعر إلى كتابة هذه القصيدة بالذات، وليس أيّ قصيدة أخرى، في هذه المرحلة (المحطة) من حياته؟ الأسئلة الساذجة ربما أتت أحياناً بثمار كثيرة. بل إن الإجابة عنها، في حالة سارتوريوس، مغرية جداً. إنّه شاعر يتحدّث عنّا نحن العرب. «مرت الغيوم سريعة، مرت سفينة البرتقال من حيفا» (ص. 50) . «هناك كان يجلس، يوناني، واحد من بين بضعة آلاف من أبناء جلدته، في إسكندرية النصف مليون» (ص. 24). «ألديك شيء آخر يا مدينة الرباط/ غير هذه الحلوى الباهتة، وغير باعة الماء القدامى» (ص. 27). وأيضاً في «تونس كذب النخيل» (ص. 65)، وأيضاً «خلف مكتبة الإسكندرية» (ص. 11).
على طريق قسطنطين كفافي، أو ربما تكريماً لهذا الشاعر اليوناني الذي سكن الإسكندريّة مطلع القرن العشرين، يرصد سارتوريوس عروس المتوسّط والمدن القريبة منها. بل إنه كتب قصائد عدة عن كفافي، منها «كفافي يناقض سينيكا» (ص. 38) . «أربع قصائد لم تنشر قبل الآن من تراث قسطنطين كفافي» (ص. 48). وهو أيضاً منجذب إلى الشاعر الألماني غوتوفريد بن، وإلى الشاعر الفرنسي أرتور رامبو. يواخيم سارتوريوس يؤكد فكرة ارتباط الشعراء الألمان، منذ غوته، بثقافة الشرق. إنّه شاعر الحوار الإنساني بحقّ.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة محتفظة بأسرارها


المزيد.....




- براءة متوحشة أو -أفيون الكرادلة- لمحمد الحباشة
- مصر.. فيلم ضي يتناول مرض -الألبينو- بمشاركة محمد منير
- أولريكة الخميس: الفنون الإسلامية جسر للتفاهم في متحف الآغا خ ...
- من -الغريب- إلى الشاشة.. الرواية بين النص والصورة
- محمد خسّاني.. رقصة الممثل الجزائري في كليب الرابور المغربي د ...
- صناع فيلم -صوت هند رجب- يتحدثون لبي بي سي بعد الإشادة العالم ...
- فيلم عن مقتل الطفلة هند رجب في غزة يلقى تصفيقاً حاراً استمر ...
- الممثلة الفرنسية أديل هاينل تنضم إلى أسطول الصمود المتجه لقط ...
- الرواية الأولى وغواية الحكي.. وودي آلن يروى سيرته ولا يعترف ...
- لوحة رامبرانت الشهيرة.. حين باتت -دورية الليل- ليلة في العرا ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغني - يواخيم سارتوريوس: شاعر الحوار الإنساني