أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين تملالي - أسطورة -المغرب العربي الكبير- وواقع الحدود














المزيد.....

أسطورة -المغرب العربي الكبير- وواقع الحدود


ياسين تملالي

الحوار المتمدن-العدد: 2736 - 2009 / 8 / 12 - 08:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمخض جبل الوحدة المغاربية عشرين سنة فولد فأرا. عشرون سنة مرت على ميلاد "اتحاد المغرب العربي" ولا دليل على وحدة مغاربية ولا على شبه وحدة. لا دليل ولو قمة سياسية واحدة منذ قمة تونس في أفريل 1994.

منذ أن "ولد" الاتحاد في 17 فبراير 1989 بإمضاء معاهدة مراكش (هل تحقق الأطباء يومها من أنه لم يولد ميتا)، وقع أعضاؤه الخمس على حوالي ثلاثين اتفاقية "لكنهم لم يصادقوا على أكثر من سبعة منها"، وحتى "هذه الاتفاقيات السبعة لم تترجم بعدُ على الأرض". لست أنا، المتشائم سليط اللسان، قائل هذا الكلام. قائله سعيد مقدم، الأمين العام للمجلس الاستشاري المغاربي.

وقد يقال إن المهم ليس المصادقة على اتفاقيات هي حبر على ورق وأن الحركية الاقتصادية الحقيقية هي التي تجعل الوحدة المغاربية واقعا ملموسا. ماذا عن هذه الحركية ؟ شبه منعدمة، فالتبادلات التجارية بين دول الاتحاد المغاربي مثلا ضعيفة لا تتعدى 1،2 بالمائة من إجمالي تبادلاتها (إحصائيات 2006)، هذا فضلا على المواد الطاقوية تمثل قرابة نصفها (45،5 بالمائة).

وقد يقال إن هشاشة الاندماج الاقتصادي لا تدل بالضرورة على عدم صدق نوايا الوحدة، خصوصا وأن هذا الاندماج هو أساسا مطلب للرأسمالية العالمية، عبر عنه بوضوح المدير العام لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستروس كاهن، حين دعا البلدان المغاربية إلى أن "تطبق فيما بينها نموذج علاقات كل واحد منها مع أوروبا". ما الدليل على صدق نوايا الوحدة إذاً ؟ "حرية تنقل الأشخاص" وهي أحد أهداف الاتحاد المغاربي بنص المادة الثانية من معاهدة مراكش ؟ الجواب أن هذه الحرية تدهورت بصورة ملحوظة منذ 1989،ولنحكم على ذلك.

الحدود البرية بين الجزائر والمغرب مغلقة، لم تفتح منذ 1994 سوى مرة واحدة، في 20 فبراير 2009، لتعبرها قافلة تضامن بريطانية مع فلسطينيي غزة. ويؤدي إغلاق الحدود إلى حدوث حالات عبثية نكتفي بذكر واحدة منها : لكي يصل ساكن مدينة مغنية الجزائرية إلى وجدة المغربية، على الجهة الأخرى من الحدود، عليه أن يسافر أولا إلى وهران، عاصمة الغرب الجزائري (180 كلم) وأن يستقل منها طائرة تحط به في الدار البيضاء في المغرب (500 كلم) وأن يقطع بعد ذلك 400 كلم شرقا كي يصل وجدة، وكان بمقدوره أن يصلها في نصف ساعة لو لم يكن الاتحاد المغاربي محض أسطورة.

كذلك الحال بالنسبة إلى تنقل الأشخاص بين بين تونس والجزائر. إذا استثنينا الطائرة، ما وسائل النقل العمومي بين البلدين ؟ الجواب : وسيلة واحدة، يسميها الجزائريون والتوانسة "التاكسي الكلانديستان" (سيارة نقل غير قانونية). إذا أردت أن تعبر الحدود برا، لا خيار لديك سوى أن تستقل أحد هذه التاكسيات، وأن تتظاهر أمام الجمارك والشرطة الحدودية بأنك من أقرباء السائق أو أصدقائه، فلا أتوبيس ولا قطار ولا تاكسي جماعي بين "القطرين الشقيقين الذين اختلطت دماء شعبيهما في مجزرة ساقية سيدي يوسف الاستعمارية، في فبراير 1958".

هل وضع حرية تنقل الأشخاص أحسن حالا على الحدود بين الجزائر وليبيا؟ لا. صحيح أن السلطات الليبية ألغت في يونيو 2008 تعليمة كان حاملو الجنسيات المغاربية بموجبها مجبرين (كغيرههم من السياح) على إثبات امتلاكهم 1000 يورو وهم يدخلون جنة الجماهيرية العظمى. لكن : هل خمد توجس السلطات الليبية الأسطوري من "الأشقاء المغاربيين" ؟ لا، فهي مثلا لا تزال تكيل للجزائريين من سكان المناطق الحدودية تهم الانتفاع من النظام الصحي الليبي، ناسية أن سفاراتها في كل الأقطار العربية تسمي نفسها "مكاتب الأخوة" وأن أبسط واجبات الأخوة التكفل بالأخ المريض. أما شرطة الحدود الليبية، فحدث ولا حرج عن فظاظتها، فقد سبق لها مرارا أن احتجزت مواطنين مغاربيين لا لذنب سوى رغبتهم في عبور التراب الليبي. لا دليل طبعا على أن هذه الاحتجازات لن تتكرر، فالتكهن بمزاج حكام طرابلس رابع المستحيلات، وليس من المستبعد أن يفرضوا التأشيرة على "الأشقاء" وقد هددوا بذلك غير مرة.

كثيرا ما يقال إن السبب الرئيسي في صعوبة تجسيد الوحدة المغاربية هو "عدم تفاهم الجزائر والمغرب على حل لمسألة الصحراء الغربية". وينم هذا الكلام عن سوء نية واضح : هل يفسر استعصاء حل هذه المسألة انعدام المواصلات البرية بين الجزائر وتونس؟ هل يفسر صعوبة التنقل بين الجزائر وليبيا وضعف التبادلات التجارية بينهما ؟ كفى المغاربيين كذبا على أنفسهم. الحقيقة أن عدم تسوية المشكل الصحراوي ليس سبب أزمة العلاقات المغاربية بل أحد أبرز تجلياتها، فإذا كان الهدف الأسمى هو تلاشي "الحدود التي وضعها الاستعمار" (بالمناسبة، هي كانت موجودة قبله) فما يهم إذا كانت الصحراء الغربية صحراوية أو مغربية أو جزائرية ؟

ياسين تملالي
كاتب وصحفي جزائري

4 آذار 2009




#ياسين_تملالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيكولا ساركوزي والدين كبضاعة سياسية
- مغالطات عن التبشير المسيحي في الجزائر
- المهاجرون الأفارقة ضحايا «المصالحة الإيطاليّة الليبيّة»


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين تملالي - أسطورة -المغرب العربي الكبير- وواقع الحدود