أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبيدو - سيرافين بين الفن والجنون














المزيد.....

سيرافين بين الفن والجنون


محمد عبيدو

الحوار المتمدن-العدد: 2725 - 2009 / 8 / 1 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


فيلم "سيرافين" بطولة «يولاند مورو» و«نيكوروجنر» و«الريش توكر»، عرض عام 2008 وحاز سبع جوائز " سيزار " الفرنسية .يحكي الفلم قصة شخصية واقعية لفنانة تشكيلية تلقائية اسمها سيرافين دوسينليس (1864-1942) ، منذ لقاءها بجامع اللوحات الألماني ويلهلم أوده في عام 1912 و لغاية عام 1932 حين أودعت المصح العقلي. وقد خلفت وراءها اعمالا فنية مدهشة، و حياة ترشح بالوجع والقلق والمعاناة الذي لف سنوات عمرها البائسة مذكرة إيانا بتلك المصائر المأساوية لأصحاب القلوب الكبيرة والمشاعر المرهفة الرقيقة.

وهي فنانة فرنسية ارتبطت أعمالها بالفن الساذج. تعلمت الرسم بنفسها وكانت تبدع بطريقة تلقائية مستوحية أعمالها من نوافذ الكنائس و الصور الدينية. تعكس الأشكال التزينية المتكررة و لوحاتها المشبعة بالضوء و الألوان حالتها النفسية (التوهج و النشوة). أن الفنانة القديرة "يولاند مورو" قدمت اداء مذهلا ممتلئًا بالشّجاعة و القوّة و الهشاشة لدور "سيرافين" التي عاشت بسينليس وهي مدينة صغيرة شمال باريس . عملت خادمة تدور طوال اليوم علي البيوت تنظفها في بدايات القرن الماضي لتعود في نهاية اليوم بحصيلة تنفقها في شراء خضراوات وأشياء أخري تصنع منها ليلا الخمر والألوان. تستخدم الأول في شحن نفسها بالطاقة أثناء عملها الشاق طوال اليوم في البيوت. وفي في المساء، وعلى ضوء الشمعة، كانت تستخدم الألوان لتضع كل مشاعرها وهمومها في ضربات الفرشاة علي الورق..فقد كان الرسم عشقها الحقيقي .. نقطة التحول فى حياة «سيرافين» عندما يشاهد أعمالها بالمصادفة رجل ألماني يهوي جمع الأعمال الفنية يدعى «ويلهلم» ، وهو شخصية حقيقية كانت أول من اشترت لوحة من أعمال «بيكاسو» ، كما أنه مكتشف الفنان التلقائى الشهير ومأمور الجمرك الفقير «هنرى روسو» .. إنه يجد فى «سيرافين» اكتشافاً جديداً، انبهر بلوحاتها ويطلب منها ان تتطلعه على كل اعمالها . ومن هنا بدأت علاقة احتضان ورعاية سوف تكشف اعمال سيرافين للعالم , وينشر لوحاتها فى باريس، ويقدمها إلى الصحافة باعتبارها «فان جوخ» الفرنسية، وكان الرجل ناقدا وفنانا أدرك قيمة وأهمية ما رآه فسعي إليها وقرر رعايتها وطالبها بالكف عن خدمة البيوت. وكان حلم حياتها إقامة معرض يضم لوحاتها التى فشلت فى عرضها أو بيعها بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية قبل الحرب العالمية الثانية، حيث أصيبت بالإحباط، ويبرز الفيلم موهبة «سرافينا» واعتمادها على عناصر الطبيعة فى تلوين لوحاتها، فمثلاً كانت تحصل على اللون الأحمر من كبد الأبقار. بينما تطحن بذور البرتقال وثمرات الفاكهة للحصول على اللون البرتقالى وغيره، وكانت «سرافينا» فى علاقتها بالطبيعة ترى أن ذلك إلهام من الله. و يضطر ولهلم الى الهرب من فرنسا بسبب الحرب العالمية الأولى. ولكن سيرافين كانت قد عرفت طريقها بالفعل وادركت ان ما تمارسه هو فن حقيقي . اصبحت واثقة من موهبتها التي شكك فيها الجميع من قبل . وتتفرغ تماما للوحاتها حتى انها تنام بجاب اللوحة وهي ترسمها . . لكن ظروف الحرب العالمية تؤثر علي بيع اللوحات. وتؤخر انطلاق معرضها الذي ظلت تنتظره وفقا لوعد راعيها. فتندفع إلي أحزان ومشاعر حادة تقودها للجنون. وحين عاد ويلهلم الى فرنسا عام 1927 بحث عنها ووجدها لكن العصاب النفسي كان قد تمكن منها. وفي المصحة تعيش حالة اكتئاب عالية لا فكاك منها. وإن كان المخرج قد فضل أن ينهي فيلمه بها. وقد تسللت من غرفتها بالمصحة إلي الحديقة لتسير إلي شجرة واقفة بكبرياء. فتقف بجانبها.. في لقطة متألقة بصرياً كاملة الامتلاء في ختام الفيلم تذكرنا بلقطات تاركوفسكي الشاعرية . ان سيرافين تموت عام 1942، وبعد ثلاث سنوات ينشر «ولهلم» انتاجها حتى يعرفها العالم كله. الفيلم مشغول على هذه التفاصيل التي تكوِّن حياة ابطاله .. تفاصيل صادقة من لحم ودم وعرق، من حزن خفي وألم طويل . التقابل بين الشخصيتين والعالمين عالم سيرافين وعالم ويلهايم يكون حالة درامية مؤثرة . اللحظة الاجتماعية السياسية الى جانب اللحظة التعبيرية، حتى يبرز البطلان سيرافين وويلهايم يخترقان هذه وتلك ويرتفعان بهما الى مصاف شفافة وآسرة بشغفها الفني والانساني . يتميّز أسلوب المخرج «مارتان بروفوست» في حساسيته الإنسانية المصنوعة بلقطات هادئة من دون بطء، وبتوليف يوازن المشهد بالنَفْس البشرية وانكساراتها وألمها. الى القصة اللافتة بحساسيتها و السيناريو المكتوب من قبل المخرج مع مارك عبد النور بدقة وعمق وحب للشخصيات ، الحوار بسيط و قليل، يسمح بروعة للتّصوير البصريّ باللّمعان من جانب لآخر .. يضاف الاداء الرائع والمتوهج للممثلين الذي يحاكي البساطة والواقعية الانسانية بكل تعقيداتها، وذكر المخرج بعد عرض الفيلم بمهرجان القاهرة أنه أضاف الكثير من المعلومات عن «سرافين» ممن عاشوا فى المنطقة المحيطة بمنزلها وبما سمعوه عنها، وأضاف إلى الشخصيات والحبكة فى الفيلم لأن ما كتب عنها كان قليلاً جداً، فى حين استخدم «مونيتور» لعرض لوحاتها ورسوماتها، ثم قطع لقطات منها لتضمينها فى الفيلم، وذكر أنه حاول الالتزام بتصوير أحداث الفيلم فى أماكنها الحقيقية التى نشأت وعاشت فيها «سيرافين»، فى حين تلقت «يولاند مورو» دروساً فى الرسم لمدة ٤ أشهر، تابعت خلالها طريقة وأداء رسامين مختلفين من أجل إتقان أدوات الشخصية.



#محمد_عبيدو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما التسجيلية صورة للحياة فى تجددها وسطوعها
- الصمت صرخة مدوية
- السينما الفنزويلية : اهتمام رسمي لتحدي الهيمنة الأمريكية بعا ...
- جيم جارموش رائد السينما المستقلة الامريكية
- ميزو غوشي mizo guchi
- السينمائي السوري مصطفى العقاد حارب الارهاب وراح ضحيته
- إلى فان غوغ
- - راي - سيرة سينمائية لموسيقي اسود ضرير
- (( جسد فارغ ))
- - هنري فوندا - henry fonda
- -نقطة تحول - اضاءة لعوالم وسينما خيري بشارة
- { جان لوك غودار} تجاوز السبعين وما زال بتمرده السينمائي والس ...
- مايكل مور التسجيل السينمائي الساخر يعري نظاما امريكيا يحكمه ...
- المخرج البوسني امير كوستوريكا عالم سينمائي، يتجاور فيه الواق ...
- المخرج الياباني الكبير شوهي امامورا
- عسس الهواء
- في ذكراها الخامسة .... بوش يبدد «مكاسبه» من تفجيرات أيلول
- سينما المقاومة عبر تجربة جان شمعون اللبناني ومي المصري الفلس ...
- السينما في موريتانيا - 2
- 1 - السينما في موريتانيا


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبيدو - سيرافين بين الفن والجنون