أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ابراهيم علاء الدين - حين ساهمت باعمار كنيسة ..















المزيد.....

حين ساهمت باعمار كنيسة ..


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2716 - 2009 / 7 / 23 - 11:04
المحور: المجتمع المدني
    


فيما كنت وصديقي الاستاذ محمد دلبح في المكتب الصغير في نهاية السوبر ماركت الذي كنا نمتلكه سويا في مدينة "لوغان" في ولاية ويست فرجينيا القريبة من عاصمتها شارلستون .. اذ بسيدتين في نهاية حقبة الخمسينات من عمرهما تصطبهما احدى العاملات في السوق .. ونهضت على الفور للترحيب بهما كما هي العادة في ويست فرجينيا حيث العلاقات الانسانية عالية المستوى وعميقة التاثير بسكانها فما بالنا اذا كنا في مدينة لوغان مسقط راس وفيها وري الثرى احد ابرز زعماء الهنود الحمر اهل البلاد الاصليين.
بعد تبادل التحايا والامنيات الجميلة وكان الجميع يتحدث واقفا حيث المكتب الصغير بالكاد يتسع لشخصين، وقالت احدى السيدتين انهن من بلدة مجاورة وانهن يقمن بجمع تبرعات لاعادة اعمار كنيسة البلدة بعد ان اصبح جزءا منها ايلا للسقوط ..
ودون تردد اعربت لهن عن شكري لمجيئهن واعطائنا فرصة المساهمة في اعمار بيت لله .. وتناولت دفتر الشيكات وقدمت بموجبه مبلغا من المال (من العيب ان اذكر قيمته) .. فنظرت السيدة في ورقة الشيك وبدت عليها علامات الدهشة وتقدمت نحوي تحضنني وقبلتني من الخدين وهكذا فعلت السيدة الاخرى مع تقديم الكثير من عبارات الشكر.
انتهى الامر في لحظتها وعدت وصديقي محمد نتداول شؤوننا ومعظمها يتعلق بعملنا المشترك وكان لا يمثل الا جزء صغيرا بل وحيدا من سلسلة اعمال ضخمة اشارك بملكيتها مع عدد من الاقارب والاصدقاء في تلك الولاية الاليفة الرقية الودودة .
بعد 3 او 4 ايام تلقيت مكالمة من محمد يبلغني فيها ان احدى السيدتين اللواتي قابلناهن قبل ايام تريد مقابلتي للاهمية .. فتوجهت لتوي الى السوبر ماركت ذاته ووجدت السيدة ومعها شخصين يماثلانها بالعمر تقريبا استقبلاني بحفاوة وابلغاني انهم حضروا ليوجهوا لي دعوة لحضور قداس يوم الاحد المقبل وسوف تكون مناسبة لمشاهدة الكنيسة ومدى حاجتها لاعادة اعمار جزء منها وايضا للتعرف على اهالي البلدة .. فرحبت بالدعوة وشكرتهم على اهتمامهم ووعدتهم بان احضر معي كل من تتوفر لديه فرصة من الشباب العرب العالمين معي.
يوم السبت وبينما كنا نتناول طعام العشاء في المنزل وبوحود معظم الشباب تقرر من سيذهب غدا للكنيسة ومن لا يسعفه الوقت .. وسالت بعض الاصدقاء اذا كان يتوجب علينا ان نأخذ ما يشبه الهدية او شيء من هذا القبيل ..
وفيما نتبادل الاحاديث عن زيارة الكنائس وكيف انه منذ ان خرجنا من رام الله لم نزر كنيسة واخذنا نسترجع بعض الذكريات المتعلقة بالكنائس خصوصا مع ابن عمي اكرم الذي واخي نعيم حيث تتقارب اعمارنا ..
وتوقعت ان يطلب مني ان القي كلمة اعرف بها عن انفسنا كعرب مسلمين وماذا نفعل في تلك المدينة شبه النائية.. حيث ان معظم المهاجرين غالبا ما يستثمرون اموالهم في عواصم الولايات حيث يوجد مهاجرين من جنسياتهم مما يمكنهم من تحقيق نوع من العلاقات الاجتماعية المنسجمة مع قيمهم .
وقررت دون تفكير مسبق صباح يوم الاحد وبنما كنا نهم بركوب السيارة توزيع "بوستر" كان مكتب جامعة الدول العربية في نيويورك قد طبعه على حسابه يتضمن صورة لكنيسة دمرها العدو الصهيوني عند اجتياحه لبنان عام 1982 ويظهر مجسم للسيد المسيح في الصورة وفي وجهه اثار طلقة احدثت حفرة في خده الايمن فيما رصاصة اخرى فصلت الساق عن الفخذ فظهر الساق معلقا في مسمار (برغي) من اسفله بالحائط، ونفس المشهد فصل الذراع عن الكتف وظل معلقا من وسط الكف بالحائط.

وصلنا البلدة والتي تحتل الكنيسة ساحة واسعة من وسطها الى جهة الشمال .. وما ان نزلت من السيارة وصحبي حتى استقبلنا رئيس البلدية ومعه شريف البلدة وشخص ثالث وتقدمنا سويا حيث الحضور اصطفوا ووجوههم متقابلة نساء ورجالا اطفالا وشبابا وتقدمنا وبصحبتي رئيس البلدية وخلفي صحبي حيث زاد عددهم عن عشرة وبعد الانتهاء من التعارف والسلام على جميع الحضور .. طاف بنا رئيس البلدية والقسيس واطلعانا على معالم الكنيسة كلها وقدما لنا معلومات اهم ما فيها ان عمرها نحو 100 عام .. مما دعاني للسؤال وماذا كان يفعل الناس في هذه البلدة النائية وما يجاورها من بلدات قبل 100 عام ..؟؟ فقيل لي ان المنطقة من اكثر مناطق الولايات المتحدة انتاجا للفحم الحجري ولهذا فالمنطقة كلها مليئة بالبلدات الصغير تتناثر حيث مناجم الفحم .
تقدمنا الحضور في دخول الكنيسة وجلست في الصف الاول واعتلى القس الموقع المخصص لالقاء الموعظة .. وبدأها بالترحيب بالعرب المسلمين واطلق علينا اسم (ليبانيز) عرفت لاحقا انهم يعرفون العرب كلهم بان لبنانيون لان اول المهاجرين لتلك المنطقة كانوا لبنانيين .. ثم طلب مني القس ان اتقدم لاعرف نفسي وصحبي لاهل البلدة....
رغم المفاجأة غير المتوقعة استجبت على الفور لدعوة سيد الكنيسة بعد ان طلبت من صيقنا جمال الفلسطيني ابن تل الزعتر والذي خطفت والدته اثناء اجتياح الكتائب للمخيم طلبت منه ان يناولني نسخة من البوستر وصعدت المنصة وبدأت الحديث فقلت .. (النص مسجل ومطبوع منذ ذاك التاريخ – طبعا بعد ان قلته مرتجلا)
قلت : يسعدني ويشرفني انا ابراهيم علاء الدين ان اقف في هذا المكان الطاهر لالتقي بهذه الشخصيات الرائعة، ويشرفني ان اقدم لكم نبذة عن جاليتنا الصغيرة التي تقيم الى جواركم وفي عاصمة ولايتكم ..
فانا اسمي كما قلت لكم ابراهيم علاء الدين من بلاد اسمها فلسطين .. هذه البلاد هي موطن السيد المسيح عيسى عليه السلام .. فهو فلسطيني مثلي ولون عينيه مثل لون عيني ولون شعره مثل لون شعري، وطوله مثل طولي، ولغته مثل لغة اهلي في ذاك الزمان .. واشعر ان علاقة قرابة قوية تربطني به فمدينته التي ولد فيها اقرب على مدينتنا من شارلستون على مدينتكم ..

ومدينتنا اسمها اللد .. ويسمى اهلها عربا مسلمين .. لكن التاريخ يقول ان اهل مدينتنا كان اهلها يهودا.. ثم اصبحوا مسيحيين عندما جاء السيد المسيح ومنها خرج احد اهم مؤسسي المذهب القبطي.. ثم صاروا مسلمين مع الفتح الاسلامي لفلسطين.. ليعودوا ويعتنقوا الدين المسيحي ايام الحروب الدينية حين احتل الاروبيون بلادنا .. ثم رجعوا ليصبحوا مسلمين مع تحرير المسلمين لفلسطين.
ويبدو ان التعايش بين الاديان كان على ما يرام في بلدنا .. وهناك شاهد تاريخي على عمق التعايش بين المسلمين المسيحيين في بلدنا ممثلا بالكنيسة بجوار المسجد ولا يفصل بينهما سوى جدار ..
وكان اهلي يعيشون في حالة من الاستقرار والهدوء كباقي الناس .. الى ان جاء اليهود واقاموا دولة اسرائيل وطردوا اهلي من منازلهم دون ان يسمحوا لهم حتى بحمل ملابسهم الشخصية .. فهاجر اهلي مسلمين ومسيحيين من بلدنا وذهبوا الى مدينة رام الله وهي مدينة اغلب سكانها ومالكي اراضيها مسيحيين .. فاحتضوا اهلي وشاركوهم المسكن والمأكل والمشرب .. وتعاونوا لتحمل بؤس الكارثة الى ان تمكنوا من تجاوز اثارها الاقتصادية والاجتماعية وتشاركوا بالاعمال وسكنوا بجوار بعضهم لا فرق بين مسيحي ومسلم وكانت مدراسنا مختلطة واعمالنا مشتركة وعاشوا سويا 19 سنة .. الى ان جاء اليهود مرة ثانية واحتلوا ما تبقى من فلسطين ومنها رام الله .. فهاموا على وجوههم من جديد .. وانا ومن معي اليوم في ضيافتكم بعض ضحايا هذه الكارثة الانسانية .. الى ان وجدنا انفسنا هنا في ويست فرجينيا بينكم حيث احتضنتمونا ورحبتم بنا ومنحتونا فرصة العمل والتجارة والاقامة والامن والامان .. فشكرا لكم شكرا لكم
لكن ايها السيدات والسادة لا بد اليبوم من التاكيد على ان العلاقة بين المسلمين والمسيحيين هي علاقة راسخة يسودها التعاون والاحترام المتبادل .. لكن العدو الحقيقي للمسلمين والمسيحيين هم اليهود ...
(وهنا فتحت البوستر وعرضته على الحضور فأخذ الجميع ما بين يشهق مستهجنا ومن وضع يده على فمه ومن صرخ قائلا .. لا لا .. عندها توقفت عن الحديث وتركت الصورة تتكلم .. ونزلت عن المنصة فاحاط بي عدد كان يتزايد على الدوام ما بين من يشد على يدي مسلما ومن يربت على كتفي ومن يقبلني ومن يرفع قبضة يده مهنئا ..
وكان يوما للتاخي بين جاليتنا العربية المسلمة الصغيرة وبين اهل احدى البلدات الصغيرة ولم يمض اسبوع او اقل الا والصخف في ويست فرجينيا تطلب لقائي للحديث عن فلسطين والمسيح والحروب والهجرة والتاريخ وقد اجريت الكثير.

لماذا هذه القصة التي ربما ذكرتها على شكل شذرات بين الفينة والاخرى.. لماذا اذكرها اليوم وما هي المناسبة .. وقد وعدت في مقال الامس ان اواصل التحدث عن التسويق ..؟؟؟
للسادة الكرام اصدقاء وصديقات زملاء وزميلات .. ان ما اوردته هنا هو احد فنون التسويق والعلاقات العامة .. للعلم لم يكن دافعها مصلحة شخصية فلم اكن بحاجة كي ابدأ حملة علاقات عامة ان ابدأها من بلدة صغيرة .. وكان يمكن لي ان ابدأها بحفل ادعو اليه سادة عاصمة الولاية .. لكن الهدف الذي تفاعلت مغه بسرعة والذي لم اكن مخططا له هو البدء من القاعدة الاجتماعية الجماهيرية للمجتمع .. ومن خلاله أسرت قلوب اهل المنطقة ..
لا اريد الاطالة في الشرح فرسالتي واضحة ... هناك الف طريقة يمكن ان يسلكها من يرغب بالتعايش ..
طبعا للحادث بقية بل بقايا فقد اقمت في ويست فرجينيا 3 سنوات حققت فيها الكثير جدا من الامور الهامة ربما تأت مناسبات للحديث عن بعضها.



#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ينجح دعاة الاسلام السياسي ..؟ ويفشل دعاة الليبرالية وا ...
- الليبرالية وحدها تقضي على التعصب الديني والعقائدي والمذهبي
- حوار مع صديقي شامل .. النهضة ليست فكرا فقط
- هل الديانة المسيحية فوق النقد ؟؟؟
- مشهد من كردستان العراق .. محمد معاق .. ولكن لديه عقل
- يوم اشتريت جارية
- انتبهوا ايها الليبراليون فانتم كفرة وقد حلت دمائكم
- الشربيني ليست -شهيدة حجاب ولا ما يحزنون-
- اوهام الشيوعيين الفلسطينيين والجبهة الديمقراطية
- سوزان .. ليتني قطعت اصبعي قبل التصويت لحماس ( ايهما المسؤول ...
- الخطاب الاسلامي متغلغل وراسخ في الخطاب اليساري ..؟؟؟ الرعاع ...
- مرة اخرى مسؤولية الشعوب عن تخلفها
- الحكومات العربية وشعوبها من منها اكثر تخلفا
- عينة من نساء العرب
- جاء الوقت لتصبح طهران تحت مرمى النيران
- الشيخ اللص الكذاب
- المسلمة في فرنسا .. انتفت العلة التي فرضت الحجاب ...
- يوم القيامة على الحدود الاماراتية السعودية
- حلاق بيروتي .. ليك يا عمي بدنا دولة وبس ..!!
- المسيح غير الدجال ظهر في الامارات


المزيد.....




- الأمم المتحدة: لم يبق شيء تقريبا لتوزيعه في غزة
- المغرب.. هيئات تطالب بإلغاء عقوبة الإعدام بعد 30 عاما من وقف ...
- الأمم المتحدة تعرب عن الفزع من تصاعد العنف في الفاشر بالسودا ...
- برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون ...
- نشطاء حقوق الإنسان يطالبون وزارة العدل الأمريكية بإسقاط الته ...
- قبرص: 8 دول أوروبية تؤيد خطة لإعادة اللاجئين السوريين
- ثماني دول بالاتحاد الأوروبي تدعم إعادة اللاجئين السوريين
- قبرص تقود تحركا أوروبيا لإعادة اللاجئين السوريين لبلادهم
- الأمم المتحدة تحيي ذكرى النكبة الفلسطينية للعام الثاني على ا ...
- قبرص ضمن 8 دول أوروبية تدعم خطة لإعادة اللاجئين السوريين


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ابراهيم علاء الدين - حين ساهمت باعمار كنيسة ..