أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ابراهيم علاء الدين - سوزان .. ليتني قطعت اصبعي قبل التصويت لحماس ( ايهما المسؤول عن التخلف الحكومات ام الشعوب)















المزيد.....


سوزان .. ليتني قطعت اصبعي قبل التصويت لحماس ( ايهما المسؤول عن التخلف الحكومات ام الشعوب)


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


قد يبدو عنوان المقال بعيدا عن القضية التي طرحتها في مقالات سابقة حول تخلف شعوبنا وبلادنا ومن هو المسؤول عنها الحكومات او الشعوب, لكني حاولت تفادي هذا اللبس باضافة عنوان فرعي الى جانب العنوان الرئيسي.
والحقيقة ان الذي دفعني للكتابة مجددا في موضوع التخلف ومن المسؤول عنها ؟؟ هو التعليقات الرائعة والمساهمات الجدية والمسؤولة التي ابداها الزملاء والاصدقاء على المقالات الاخيرة مما يوحي بان هناك رغبة حقيقية عندهم للمساهمة كل من جانبه بالوصول الى الحقيقة كمدخل للدعوة لاتخاذ خطوات حقيقية وعملية تؤدي الى التغيير تدريجيا بالطبع، واكثر ما لفت انتباهي في التعليقات على مقال الامس ذاك التركيز على ان الوضع الاقتصادي في الرغب لم يؤد الى تغيير افكار المهاجرين العرب الى تلك الاقطار ، في محاولة لاثبات ان الوضع الاقتصادي دوره ثانويا اما سطوة الافكار والموروثات الفكرية، وقد تجلى هذا الموقف في تعليقات العزيزان مختار مسلماوي واسماعيل الجبوري.
هذا مع العلم ان ما اثاره باقي الاصدقاء ينطوي على افكار عظيمة كلها تستحق التوسع بها وسبر غور المزيد من المؤثرات التي ادت وما زالت الى تخلف شعوبنا وبلادنا.
لكن اهم نقطتين اود التوقف عندهما اليوم هما لماذا لا تتغير افكار المهاجرين العرب الى الغرب، ودور نمط الانتاج في تغيير الافكار.
ودعوني اعود لمدخل للموضوع الى قصة سوزان الشابة الغزاوية التي التقيتها بالقاهرة قبل فترة والتي كانت برفقة والدها الذي نقل الى هناك للعلاج من اصابة اصابته اثناء الحرب الهمجية الصهيونية على غزة.
كانت سوزان تجلس وسط مجموعة من المرافقين للمرضى في قاعة احدى مستشفيات القاهرة .. وكنت ضمن فريق يتفقد احوال الجرحى بهدف كتابة تقرير عن احوالهم لرفعه الى احدى المؤسسات الدولية في اطار حملة ادانة للهمجية الصهيونية .
وعندما سالتها عن احوال والدها قالت انه يتمنى الموت للخلاص من العذاب .. ولما طمأنتها بان الطب الحديث سوف يساعده على الشفاء .. قالت انه لا يتمنى الشفاء لانه لا يرغب بالعودة لغزة ..
فسالتها لماذا لا يرغب بالعودة لغزة ..؟
قالت : لماذا يعود ..؟؟ ايعود للهم والنكد والفقر .. ان برقبته عشرة انفار من اين سيطعمهم ويوكلهم ويرعاهم وهو العائل الوحيد لهم ..
قلت : ولكنه كان يقوم بكل ذلك قبل اصابته
قالت : نعم ولكن من يوم ما جاءت حماس انقطع رزقنا وارهقتنا الهموم وزاد الفقر حتى شمل كل الناس الا كبار القادة ومن والاهم من حماس واصبح الناس لا يجدون عملا او وظيفة او بابا للرزق ومئات الالاف من الشباب عاطلون عن العمل وزادت السرقة والمحسوبية والواسطة واعذرني لو قلت لك ان الدعارة انتشرت ايضا لتصبح مصدر رزق للبعض.
قلت : انها صورة سوداء قبيحة الى ابعد حد .. ولكن اليس اهل غزة هم المسؤولين عن مجيء حماس ..؟؟
قالت : نعم نعم للاسف وانا واحدة منهم فليت اصبعي الذي صوت به لحماس انقطع قبل ا نادلي بصوتي .. لقد خدعونا بخطابهم السياسي والديني .. ولكن ايضا حركة فتح مسؤولة ايضا لان سلوك اعضائها كان مشينا مما دفع الناس للتصويت لحماس رغبة بالتغيير ... ولكن كانت النتيجة كما سمعت ..
وبالطبع فان الجميع بات يعلم عن مستوى الفقر والحرمان وتفشي الامراض وندرة العلاج وندرة الفرص الوظيفية والاستياء البالغ من الاوضاع حتى خيل لصديقي فتحي حرب انه لو فتح معبر رفح وسمح للناس بالهجرة لما بقي مخلوق في قطاع غزة.
لكن لو تساءلنا عن سبب تصويت الشابة سوزان وعشرات الالاف مثلها لحماس ، لوجدنا ان السبب الرئيسي هو ضعف الوعي السياسي .. وعندما يكون هناك ضعفا سياسيا فهو بالتاكيد ناتج عن الضعف الفكري والثقافي والفني والادبي والاجتماعي .. وهذا الضعف في جميع مناحي الحياة مرده الى ان شعب غزة في غالبيته شعبا غير منتجا (شعبا من الموظفين) وجزء كبير منه يعتاش على المعونات الاجتماعية .. وبعضه يعتاش على تحويلات ابنائه من المغتربين.
فلا يوجد في غزة اي نوع من انواع الاناج الحديث واكثر من 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية والصناعية والاستهلاكية والادوية وكافة الاحتياجات الاخرى مستوردة وغالبيتها من اسرائيل بما في ذلك السكر والزيت والدقيق والطحين والشاي اي المواد الاولية الاساسية للحياة.
فكيف اذن يمكن ان يتشكل وعي هذه المجموعة من الناس ...؟؟
لقد نقلت هذه الصورة الواقعية على لسان السيدة سوزان للبرهنة على ثلاثة مسائل ... الاولى ان الشعوب عموما ترغب بالتغيير ولكن بدافع تحسين احوالها المعيشية وليس بدافع سياسي .. وبالتالي تمتطي الاحزاب السياسية على اختلاف مسمياتها وافكارها وايديولوجياتها هذه الحاجة لحشدها خلفها في خطاب شعبوي يدغدغ عواطفها كما قال الصديق مختار مسلماوي، والمسالة الثانية هي ان اختيارات الجماهير السياسية غالبا ما تكون عاطفية وليست مبنية على اسس وقواعد منهجية وهذا امر طبيعي ويحدث في كل الدنيا.
المسالة الثالثة ان التغيير بحد ذاته ليس هو الهدف وانما المستهدف بالتغيير هو نمط تفكير وسلوك الناس ، وهذا الامر يتطلب توفر قوى سياسية تحمل بشكل حقيقي وواقعي وقابل للتطبيق افكارا لتحقيق هذا التغيير... وهذا ما هو غير متوفر للاسف في بلادنا .. بل نقيضه هو الاكثر نشاطا وتاثيرا وهو الذي يبذل اقصى جهوده للحفاظ على القديم من القيم والاعراف والتقاليد والسلوكيات التي سادت منذ مئات السنين ..
وفيما تقدم من حكاية سوزان اعتقد انه يشكل مدخلا لمناقشة ما طرحه الاخ مختار حول دور نمط الانتاج في تغيير الافكار، لاناقش بعد ذلك ما طرحه مختار والاخ اسماعيل الجبوري حول سبب عدم تغير نمط افكار المهاجرين العرب في مواطنهم الجديدة .
فقد علق الاخ مختار على عبارة وردت في مقال الامس قلت فيها " أن السبب الرئيسي للتخلف هو تخلف البنى الاقتصادية ونمط الإنتاج السائد وهو الذي ينتج الوعي الاجتماعي ويشكله) ثم تقول: (وبالتالي فان الحل يبدأ من الاهتمام بتغيير نمط الإنتاج لأنه هو الذي يشكل الوعي الاجتماعي).
وعلق مختار قائلا " هذا الرأي نسبي. علماء الاجتماع يؤكدون على استقلالية نسبية للبنى التحتية (الاقتصاد) عن البنى الفوقية (الأفكار). ولهذا كثيرا ما نجد ناسا يعتنقون أفكارا قد تتعارض مع مصالحهم بعد أن يكونوا قد تعرضوا لتربية معينة في غياب الاطلاع على بدائل أخرى. مثل غالبية النساء عندنا اللواتي يتشبثن بأفكار دينية وعادات وتقاليد هي أصلا تساهم في تأبيد عبوديتهن، ومثل نجاح الإسلاميين في استمالة جماهير عمالية نحو نقاباتهم وأحزابهم رغم أنهم ظلوا دائما يعتبرون هذا النوع من التنظيم العمالي والسياسي والإضرابات من قبيل الأفكار المستوردة والتشبه بالكفار".
وليسمح لي الاستاذ مختار باشارة سريعة مفادها ان المقصود بنمط الانتاج ليس فقط شكله وانما كل ما يبنى حوله من بنى فوقية وتحتية (أي المؤسسة السياسية والعسكرية والتعليمية والشؤون الاجتماعية والاقتصادية والادبية والفكرية والفنية وكافة مناحي الحياة) فنمط الانتاج الراسمالي لا يعبر عنه عدد المصانع ولا عدد العمال الذين يعملون بها بل كل ما يتعلق بالنظام الاجتماعي من قيم وقوانين وسلوكيات وحقوق وواجبات ، ونظم مصرفية ونمط عمراني وطرق ووسائل مواصلات ونوادي رياضية ودور سينما ومسارح وملاهي اجتماعية الى اخره .. وعلى ضوئه نجد ان شعوب الدول الصناعية لا تعرف وجبة الغداء ومن ثم النوم في فترة الظهيرة بل انها تتناول وجبة واحدة بين الساعة السابعة والتاسعة، وادى نمط الاناج الراسمالي الى تغيير سلوك الافراد الاجتماعي فخفتت العلاقات القائمة على عصبية الدم والعائلة والقبيلة والدين .. وبرزت مكانها علاقات قائمة على علاقات الانتاج والمصالح المتبادلة .. واجبرت المؤسسات التعليمية على تغيير المناهج التعليمية كي تتناسب مع نمط الانتاج واحتياجاته مما دفع الناس هناك لبذل اقصى الجهود لاكتساب العلوم والمعرفة والخبرة حتى تجد فرصة عمل مناسبة لان قرار التعيين في عمل ما يقوم على مؤهلات الفرد وليس على قرابته لصاحب المصنع او علاقته الغرامية بمعشوقة او لخاطر صديقه او قريبه .
هذا المقصود بنمط الانتاج ... ولكل نمط من الانماط افكاره وقيمه واخلاقياته وسلوكياته وممثليه ومفكريه وادباؤه وفنانيه .
ولذا اخي مختار لا يعني وجود مصنع او حتى مئات المصانع في دولة نمط انتاجها يقوم على قيم القرون الوسطى ان هذه الدولة اصبحت دولة ذات نمط انتاج راسمالي ، وبالتالي فان نجاح احزاب الاسلام السياسي او نجاح نظم الحكم الديكتاتورية باستمالة عمال المصانع في بلدانها فان هذا مرده ان نمط الاناج في هذه الدول لا تنتمي باي شكل من الاشكال لنمط الانتاج الحديث والمعاصر والذي ثبت نجاحه وتفوقه وهو نمط الانتاج الراسمالي فيما فشل نمط الانتاج الشيوعي او الاشتراكي رغم تقدمه ايضا بمراحل عن نمط الانتاج في بلادنا الذي ما زال يقوم في الظاهر على نمط الانتاج الزراعي بقيمه وقوانينه وسلوكياته في نفس الوقت يتغلغل فيه نمط الانتاج البدوي القائم على السلب والسبي وقوة القبيلة والعشيرة والتي ما زالت تحكم بلادنا مهما اختلفت مسمياتها.
ولذا فانني مستعد ان اتوسع باقصى قدر ممكن للبرهنة على صحة ما ادعو اليه والذي يتركز على ان السبب الرئيس للتخلف والهوان والانهيار الذي تعاني منه بلادنا انما مرده الاساسي هو تخلف نمط الانتاج ... مع ضرورة الاشارة الى اني لم اقصد في أي لحظة من اللحظات ان نمط الانتاج له علاقة بثراء او فقر هذا الشخص او هذه المجموعة فالفقر والثراء ليس له صلة بنوعية تفكير الفرد وللدلالة على ذلك فان اكثر الناس رجعية وتخلفا وتمسكا بالموروث الشعبي البدوي والموروث الديني في دول الخليج مثلا هم اكثرهم ثراء فهم قادة حركات الاخوان المسلمين والسلف الصالح منهم والطالح .
واعود لأؤكد انني ادع والى تغيير نمط الانتاج لان بقاء النمط الحالي البدوي والزراعي سوف يظل يلعب دورا مركزيا في التخلف.
اما من هم الذين تقع على مسؤوليتهم تغيير نمط الانتاج الحالي فبالتاكيد تقع مسؤولية كبيرة على الراسمالية الوطنية من جهة وعلى الحكومات ذاتها من جهة اخرى ولكن الدور المركزي للمفكرين القادة الذين عليهم واجب تحريض الجماهير ودعوتها لحث الحكومات والراسمالية الوطنية للقيان بدورهما في هذا المجال.
وهنا انتقل للموضوع الثاني وهو سبب عدم تغير افكار المهاجرين العرب رغم انهم يعيشون في دول ذات انماط اقتصادية متطورة
وهنا اجد من الضروري الاشارة الى امر كنت افضل عدم التطرق له حتى انهاؤه تمام .. وهو انني انتهيت من سنتين تقريبا من وضع نص كتاب ضخم تزيد صفحاته عن الف وخمسائة صفحة تحت عنوان " ما هي اسباب تخلف شعوب العرب".
ويمكنني ايجاز الاسباب بما يلي :
اولا : الخطاب الديني القائم على رفض أي تجديد او تحديث في أي جانب من جوانب الفكر الانساني ودعوته للتمسك بما نقل عن الاولين، وتجريمه الاجتهاد الفكري ومحاربته للمفكرين ومعاقبتهم باشد انواع العقاب. مما جعل شعوب العرب شعوبا ناقلة ومقلدة ومحافظة .. ولا تمتلك أي قدرة على الابتكار والابداع والتجديد.
ثانيا : انه في تاريخ العرب كله لم يكن هناك اعلام والمقصود بالاعلام تقنيا انه كل وسيلة يمكن من خلالها ايصال معلومة للغير كي يتفاعل معها سلبا او ايجابا. ويضم الاعلام عدة اقسام اولها الخبر وثانيها المقابلة وثالثها التحقيق ورابعها التقرير وخامسها الدراسة او البحث وسادسها الريبورتاج (الخبر والتحقيق والتقرير المصور) وسابعها الاعلان وهو اخر واضعف اقسام الاعلام.
وكل التاريخ العربي وفي كل مراحله ومنعطفاته لم يستخدم من الاعلام سوى وسيلة الاعلان .. الحاكم يعلن ولارعية تنفذ .. الحكومة تعلن والجمهور عليه التنفيذ .. الحاكم يرسل المعلومة والجمهور عليه تصديقها .. حتى في اوقاتنا الحالية جميع الشركات والمؤسسات تعتمد الاعلان لترويج افكارها ومنتجاتها لجلب الزبائن ..
ومن الطبيعي ان لا احدا يمكن ان يقول عن نفسه الا ارقى وابدع الصفات والمواصفات .. علما باننا قرأنا صغارا ما مفاده "ان كل مادح نفسه كذابا ولا يصدق ولا يعتمد عليه" ومع ذلك ورغم ما يقوله المعلن سواء حكومة كانت او مؤسسة او رئيسا للجمهورية او مختار حارة تتعامل معه الجماهير وحتى النخب المثقفة بوصفه اعلاما .. مع العلم ان الاعلام الحقيقي يقوم على نشر المعلومات اولا وعلى تبادل الراي حولها ثانية ... وهذا لم يتحقق في تاريخنا وما زال لم يتحقق حتى الان مع بعض الاستثناءات (موقع الحوار المتمدن ابرزها) .
ثالثا : اما السبب الثالث فهو هجرة سكان الريف الى المدينة .. فدمشق مثلا وهي من اقدم المدن بالتاريخ ما زالت رغم توسعها عبارة عن قرية تسود فيها علاقات سكان القرية القائمة على علاقات الدم والعصبية العشائرية ، وكذا القاهرة وبغداد ومراكش والجزائر العاصمة وعمان وبيروت وكل عواصم العرب .. لماذا بقيت القاهرة مجرد قرية رغم ان عدد سكانها يزيدون عن 15 مليونا وكذا العواصم الاخرى ..؟ من وجهة نظري ان سبب ذلك هو هجرة سكان الريف الى القاهرة .. والريفي عندما ينتقل الى المدينة ينقل معه ثقافته المستمدة من نمط الانتاج ونمط علاقاته الاجتماعية القائمة على عصبية الدم .. وتراثه الفكري القائم على تعظيم الغيب والقضاء والقدر .. وياتي معه بالكسل حيث ان الريفي لا يحتاج الى نشاط كونه لا يقوم باي عمل سوى في مواسم محددة ثم يجلس اشهرا ينتظر نضج المحصول .. هذه القيم التي ياتي الفلاح بها الى المدينة هي العامل الاساس في انتشار المحسوبية والواسطة .. وعندما تتمدن تأخذ صور الفساد المالي والاداري والرشوة الى اخره ..
وهنا ينبغي الاشارة الى نقطة في غاية الاهمية وهي ان سلوكيات وقيم وعادات الشعوب تحتاج الى ثلاثة اجيال على الاقل حتى تتغير .. فمثلا انا شخصيا مهاجر واقيم كما تقيم عائلتي بامريكا .. فانا ابراهيم علاء الدين ما زلت الفلسطينيا العربيا المتحمس والمتفاعل مع قضايا شعوبنا العربية من المحيط الى الخليج .. وكمعظم العرب اشجع فريق البرازيل وما زلت احب البامية والملوخية وكوسا المحشي وورق العنب .. واشعر بواجبي تجاه زيارة المريض من اقربائي او اصدقائي الى اخر المنظومة الفكرية التي يحملها معظم العرب مع قليل من التغير بحكم ما بذلته من جهد فردي للاطلاع على الثقافات الاخرى.
لكن ابنتي ياسمين مثلا كانت تشجع فريق امريكا في مباريات كأس القارات وحزنت لان فريق بلادها هزمته البرازيل .. وابنتي لا تستيغ البامية ولا تاكل الملوخية وتحب انواع الاطعمة الايطالية او اليونانية ولها مزاجها في تقييم مستوى الافلام .. او الشعر او المسرح .. وحزنت لموت مايكل جاكسون .. لكنها ما زالت الى حد كبير تحترم مناسبات اعياد العرب والمسلمين ، وما زالت تعرف ما معنى احترام الكبير .. وتقبل ان تتنازل عن بعض حقها لاخيها او لاختها او لامها لاسباب عاطفية .. وما زالت تستقبل صديقاتها بالطريقة العربية التي لا يخلو الكرم منها الى اخره ..
اما حفيد ابن عمتي خالد وعمره تسع سنوات فهو امريكي تماما تقريبا لا يتكلم العربية الا لماما .. يعشق الهمبرغر والكنتاكي فرايد شيكن والايسكريم في الشتاء .. وله اسلوبه ونمط حياته واهتماماته كباقي الاطفال الامريكيين
فالجيل الاول من المهاجرين مثلي سوف يظل يتمسك بالكثير من قيمه السابقة وينقلها معه الى موطن هجرته الجديد .. فيما الجيل الثاني سوف يتخلى عن كثير من قيم والديه ويكتسب قيم مجتمعه الجديد .. اما الجيل الثالث فسوف يكتسب معظم قيم مجتمعه (موطن الهجرة) وربما بعضهم يتعلم من جده او جدته واحيانا من والده بعض قيم الموطن الاصلي .
ولذلك يا اصدقائي الاعزاء مختار واسماعيل لا تستغربا كثيرا تمسك المهاجرين العرب بموروثهم الثقافي فهم حديثوا عهد بالمجتمعات الجديدة .. انظروا الى ابنائهم ، وحاولوا الانتباه الى سلوكيات الجيل الثالث من المهاجرين .. وليت توفرت لكم الفرصة لزيارة البرازيل او الارجنتين او بعض دول امريكا اللاتينية لتشاهدوا الناس هناك ممن اصولهم سورية او لبنانية او فلسطينية ممن هاجروا لتلك البلدان في مطلع القرن الماضي.
ثمة ملاحظة لا بد من ذكرها في سياق هذه النقطة وهي ان الانظمة ورجال الاكليروس المسلمين انتبهوا مؤخرا (منذ ربع قرن تقريبا) لهذا الامر فاصبحوا حريصين على ارسال ممثلين عنهم الى تلك البلدان لمحاصرة امكانيات التغيير والتطوير والانسجام مع قيم وقواعد وسلوكيات المجتمع في مواطن الهجرة.
رابعا : ومن اهم الاسباب على تخلف شعوب العرب هو انه وخلال تاريخهم كله لم يستغلوا أي من خيرات بلادهم سواء الزراعية او المعدنية من باطن الارض او حتى شواطئهم الطويلة جدا ) فتاريخ دول الخلافة الاسلامية يشير بان الانتعاش الاقتصادي والازدهار المادي في تلك العصور كان مرتبطا بالغزوات وفتح وسلب ونهب خيرات الدول الاخرى، واجبار ذوي الديانات الاخرى على دفع الجزية..
ولولا حاجة الاستعمار البريطاني للنفط في مطلع القرن الماضي لما استخرجه من باطن الارض العربية .. ولكل من يشكك بكلامنا ان يطلع على عشرات المؤلفات ذات العلاقة بالانتاج الاقتصادي العربي على مر التاريخ.
خامسا : السبب الخامس هو عدم وجود أي موروث قيمي فكري اجتماعي لمفهوم الديمقراطية في وجدان الانسان العربي .. فالنظام الاجتماعي والسياسي في كل تاريخ العرب قائم على القهر والاجبار في الاسرة والمؤسسة ونظام الحكم .. كله نظام ديكتاتوري صارم لا نقاش فيه .. الرجل في البيت ديكتاتور .. والمعلم في المدرسة ديكتاتور ..والمدير بالمؤسسة ديكتاتور .. وشرطي المرور بالشارع ديكتاتور والاخ الكبير ديكتاتور على اخيه الصغير والام ديكتاتورة في غياب الزوج ..
كل الأمة صغيرها وكبيرها واي كان موقعه او منصبه او مسماه هو ديكتاتور في محيطه ولا مجال للنقاش او الحوار او الرفض .. فقط هناك من يصدر تعليمات وهناك من عليه التنفيذ ..
سادسا : الفقر الشديد للبيئة الجغرافية في بلاد العرب
فحسب علم الجغرافيا فان نحو 90 بالمائة من بلاد العرب هي أراض صحراوية جرداء لا ماء فيها ولا كلأ .. مما دفع الناس الى التركز بالسكن على شواطيء البحار والأنهار فيما خلت المناطق الداخلية من السكان .. وكلما كانت المراكز السكانية اكثر بعدا عن المركز (العاصمة) كلما سادت فيها القيم القديمة البدائية .
سابعا : الاستعمار
كثيرا من المفكرين والكتاب والباحثين ما يلقوا بكامل المسؤولية على الاستعمار بتخلف بلادنا .. واقصد هنا الاستعمار البريطاني والفرنسي .. لان الاستعمار التركي لبلادنا والذي استمر نحو خمسة قرون والذي يمثل ابشع انواع الاستعمار الذي تعرضت له بلاد بالتاريخ .. ولا يضاهيه الا استعمار المسلمين للشعوب الاخرى .. ليس هو المقصود عند الحديث عن الاستعمار.
ومن وجهة نظري ان الاستعمار واي كان شكله او مسماه مرفوض رفضا قاطعا .. لكن اعتقد ان البريطانيين والفرنسيين ليسوا المسؤولين عن تخلف بلادنا لعدة اسباب اهمها
اولا : ان البريطانيين والفرنسيين المتهمين بتقسيم وتجزئة بلادنا هم من حافظوا على عروبتها ولولاهم لتوزعت بلادنا نصفها تحت الاحتلال والاستعمار الفارسي والنصف الاخر تحت الاستعمار التركي .. حيث ان البريطانيين والفرنسيين هم من حال دون احتلال بلادنا من الاتراك والفرس
ثانيا : مختل فالمعالم الحضارية من طرق وشوارع وزراعة وعمران وقوانين وترسيخ مبدأ سيادة القانون وضعها الاستعمار البريطاني في نصف بلادنا وف يالنصف الاخر وضعها الاستعمار الفرنسي
ثالثا : ان الاستعمار البريطاني والفرنسي هو الذي استثمر الثروات الطبيعية في معظم بلداننا وجعل شعوبنا وحكامنا على علم بما تمتلك اراضيهم من ثروات (قد يقول قائل انهم فعلوا ذلك من اجل مصالحهم وهذا صحيح، ولكن ما الضير عندما تتحقق مصالح شعب مع مصالح من هم اكثر علما وقدرة واقتدارا).
رابعا : معظم المدارس والجامعات والمسارح والمعاهد ودور العلم نقلها المستعمر لبلادنا وانشأ مثيلا لها وما زالت بعض معالمها قائمة حتى الان.
ومن وجهة نظري ان المسؤول عن استعمار بلادنا ليس المستعمر نفسه بل شعوبنا هي المسؤولة .. واسمحوا بتقديم المثل التالي :
لو كنت تقيم في منطقة وامام منزلك بناية فارغة خالية من السكان ، ومضى على ذلك فترة طويلة من الزمن فماذا ستفعل ..؟ اكيد ستذهب لتعرف السبب .. فقمت بطرق الباب الرئيسي ولم يجبك احد .. فدفعت الباب ففتح لك ودخلت داخل بهوها وناديت باعلى صوتك فلم يجبك احد..
بعد اسبوع جاء احد اقربائك وقال انه سوف يسافر ويريد ان يضع اثاثه المتواضع عندك على سبيل الامانة .. فقمت بوضعه في احد غرف المبنى المهجور .. ولم يسالك احد .. ثم قلت لنفسك ولماذا اسكن في هذه الشقة البائسة وانتقلت للاقامة ف ياحدى شقق البناية (اللي ما لهاش اصحاب) ولم يسالك احد .. ثم بدأت تؤجر الشقق الاخرى ولم يسالك احد.. فهل ستغادر هذه البناية ما لم يات اصحابها ويبذلوا ما باستطاعتهم لرد ملكيتهم ...؟؟؟؟ سؤال يحتاج لاجابة البعض منا ..
هذه حال الشعوب ارتضت بالا تكون بلا حول ولا قوة .. ومن الطبيعي ان يسيطر على املاكها أي شاء حكاما .. استعمارا ... احزاب سياسية .. لصوصا ...
كل بند من البنود السابقة ينقسم على عشرات البنود الفرعية .. امل ان استطيع في فترة قريبة من انهائه فربما يمكنني المساهمة مع جهود الكثير ممن يحملون على اكتافهم هموم هذه الشعوب بشكل واقعي وحقيقي وعملي
مع تقديري واحترامي لكل الاراء .. المهم ان نحافظ على قاعدة .. ان الخلاف بالراي لا يفسد للود قضية



#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الاسلامي متغلغل وراسخ في الخطاب اليساري ..؟؟؟ الرعاع ...
- مرة اخرى مسؤولية الشعوب عن تخلفها
- الحكومات العربية وشعوبها من منها اكثر تخلفا
- عينة من نساء العرب
- جاء الوقت لتصبح طهران تحت مرمى النيران
- الشيخ اللص الكذاب
- المسلمة في فرنسا .. انتفت العلة التي فرضت الحجاب ...
- يوم القيامة على الحدود الاماراتية السعودية
- حلاق بيروتي .. ليك يا عمي بدنا دولة وبس ..!!
- المسيح غير الدجال ظهر في الامارات
- سقوط دولة -الاسلام السياسي-
- لماذا اعترض الشيوعيون الفلسطينيون على حكومة سلام فياض..؟
- ماذا تعني هزيمة الاسلام السياسي في الكويت
- المرأة الكويتية فازت رغم الفتاوي الرجعية
- سلام فياض ليس -اخواني- حتى يشكل الوزارة ..؟؟
- بابا الفاتيكان يحيي ذكرى النكبة في الناصرة
- ما الذي غيبني عن الحوار المتمدن
- لماذا فشل الشيوعيون العرب (2)
- لماذا فشل الشيوعيون العرب (1)
- ليس دفاعا عن الدكتور حجي .. او تهجما على شخص النمري..


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ابراهيم علاء الدين - سوزان .. ليتني قطعت اصبعي قبل التصويت لحماس ( ايهما المسؤول عن التخلف الحكومات ام الشعوب)