حديث في سلسلة طويلة... أنا رجل (4)

سعد الغالبي

الحوار المتمدن-العدد: 2713 - 2009 / 7 / 20 - 08:18
المحور: الادب والفن
    

في زمن صباي كنت أستمع الى أحاديث كبار السن ، أحاديث تلوكها السنتهم ، عن مآثر شيخ ريفي يمارس سطوته على بسطاء الناس ، ودون أن يتذكروا حتى مشاعرالخوف المرتبكة لهؤلاء البسطاء من فرط سطوة الشيخ الريفي وأعوانه ، وأعوان الشيخ هولاء كانوا دائماً يستمدون السطوة من غضب يشاهدوه يرتسم على تقاسيم وجه شيخهم الريفي .
في زمن صباي ، حين كانت سمة كِبر السن قيادة ، من هوَ اكبرسنا يقود ! وأنت حين تكون الأصغر سناً وجبت عليك التبعية في كُل شي ... فلذلك علموني كيف أخاف وأنا أستمع الى أحاديث كبار السِن .
في زمن صباي ، كان الخوف يلف أرواح الآخرين ، وحين يسمعون إن فلاناً أراد الدفاع عن حقٍ له أُخذ منه ، كانوا ينزوون في مخابئهم ، ينتظرون ما سوف يحل بفلان في الغدوليصبح في ذلك الغد بمثابة تاريخ ميلاد جديد لموعد قادم يؤرخ لهزيمة في النفس ، حتى ننتظر مأساة فلان جديد وميلاد يوم جديد للهزيمة .
في زمن صباي ..لم يذكرني أحد بتاريخ ولادة الخوف ، لـذا لم أستطيع أن جواباً لمعنى الخوف في زمني .. وهل كان يشبه خوف من سبقنا ، أو هـو مختلف .. أم إن له معنى مجهول .
ربما كان الخوف يعني الموت .. ولكن من يموت لانعرف هل كان خائفاً ، أو ظل مستمر على الخوف الذي إفترضناه له ..لا ندري .
ثم أن من مات كان آخر ، فلماذا إذن نحمل على أكتافنا رهبة خوف الآخر .
قلت .. أحياناً قد نجد ان مشاعر عطف تتكون في قلوبنا ، ولكنها لا تخرج .. تأبى أن تخرج لسبب لم ينتبه اليه أحد ، أو لانريد أن نجعل لذلك الخروج سبب .. حينها كنت أتساءل لو إننا إستطعنا أن نجمع مشاعرالعطف تلك التي قفزت عنوة في قلوبنا ، لأصبحت هرماً من القوة نحتمي به لزمن يمتد في أيامنا هذه ، ولكانت كُل أيام ضعفنا قد تلاشت ...وما كان لذلك الرجل المدافع عن حقه ليترك وحيدا ينازع ً قهر فقدان الحق" .
لقد عرفت فيما بعد " أن أول مراحل بناء الإنسان هو زرع بذرة العطف في أرض تحافط على جذور البادرة لو نمت ،ومحاطة بقوة ترعاها ، ودون الضرر لها " لأنه أحيانا بقوة الرعاية نقتل الأشياء.
فلو نمت تلك العاطفة في قلبك ياولدي فاني أحب أن اراك تبكي .. لا بل أريد أن أراك إنسان تبكي ... أو أظن إنك سوف تبكي حين تسمع بعض الكلمات ، لأنه ليس ضعفاً حين تبكي ... بل البكاء دائماً يصنع الإنسان بولادة جديدة ، ويجعله حاملاً لصفة العاطفة الأقوى من جديد .
جرب ذلك .. وستجد إنه بالإمكان أن تستمر معافى في طريقك ،وستجد أن كُل أساليب
الخوف المخترعة مجرد أوهام تتلاشى أمامك ،وأحياناً دون أن تعلم كيف تلاشت .

#سعد_الغالبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات