أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - شريف حافظ - أزمة المعارضة المصرية















المزيد.....

أزمة المعارضة المصرية


شريف حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2695 - 2009 / 7 / 2 - 09:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


المعارضة كالحكومة، بل والنظام في مُجمله، يلزم لقيامها بواجبها الحق الذي يُفترض أن يكون موكولُ لها، وقت، لتكون مؤسسية. هذا، يُصبح مُتطلب أكبر، في الدول التي ليس لديها موروث ثقافي ديمقراطي. وربما أُصبح أكثر إقتراباً للحقيقة، عند التأكيد، على أن هذا التعبير، يُصبح أكثر دقة، عند الحديث حول الدول العربية، بشكلٍ عام. فلقد، تمكنت منها نُظم الحُكم الديكتاتورية عقب إستقلالها مُباشرةً، وكان أكثر من تولى فيها الحُكم من العسكر، فكانت نُظم الحكم بها أكثر صرامة، من غيرها. ولكي تُفكك تلك النُظم العسكرية إلى نُظم، على الطريق نحو الديمقراطية، يلزم هذا وقت، يُصاحبه وعي، بالمُمارسة الديمقراطية، سواء كان هذا الوعي شاملاً لآداب الحوار وفهم مُجريات السياسة كعلم وتطبيق، أو لفهم متطلبات المجتمع وتاريخه وموروثه الشامل.

أما المُعارضة الحالية، الأكثر بروزاً في مصر، فهي لا تُمثل كل هذا، وتتألف في أغلبها من طالبي حُكم، دون أدنى حد من تلك الأسس. يطلبون الحُكم بينما يقومون بأفعال هوجاء، تُعبر عن غضبهم "الشخصي"، دون إحداث أي فرق في الشارع ولا في ثقافة الناس، غير توجيه رسالة خاطئة، بأن السياسة ما هي إلا تجسيد لثقافة السباب وإعلان الغضب، وهنا، لا أجد فرق جوهري، بين تلك المُعارضة والنساء الذين يترملن، فيندبون موت الزوج، بشكل فج، كما كان في الموروث التقليدي المصري القديم.

إن المُعارضة الحقة، ووفقاً لما نقرأ في أدبيات السياسة أو ما نُشاهد في الدول المُتقدمة عنا في مجال المُمارسة الديمقراطية، إنما تخلق طريق بديل وعقلاني، لما تنتهجه الحكومة من سياسات. ويبنى هذا الطريق على أساس الفكر السياسي الأساسي، وليس على مشاعر الغضب والثورة، لأن الناس يراقبون عن كثب، ويُحللون، ما إذا كانت تلك المُعارضة، جديرة أم لا، لكي تكون البديل، لمن يحكمهم.

وتقوم المُعارضة، لفعل هذا، بالبحث والدراسة الميدانية، في مشاكل الناس، وتختار بين البدائل الأفضل، لتصل إلى الحل الأكثر تكيفاً مع المواطنين في بلادها، وتبني عليه، بحيث تُخرج في النهاية الحل الخاص بها، والقادر على إنجاز الخير للمواطنين. أما السب والإستفزاز للنظام في شوارع المدن المصرية، فهو أمر يُمكن أن يقوم به الغوغاء، ممن من المُفترض أنهم لا يفهمون السياسة أو طرق مُمارستها.

إلا أن المُعضلة، تكمن بالفعل، في غياب القادة في المُعارضة، على عكس هذا في الحكومة. فالمُعارضة، على ما يبدو في مصر، تنتهج أسلوب المضي وراء الرعاع في رغباتهم في التهجم على الحكومة للتنفيث عن الغضب وفقط. وهو أمر لا يُريده الناس من المُعارضة. حيث يُريد الناس، الحلول البديلة لما يُعانون من مشاكل، وليس التنفيث عن غضبهم! وبذا، فان أول الخيط، لعلاج أزمة المُعارضة في مصر، تكمن في خلق القادة، وليس في المضي وراء الغضب والتنفيث عنه.

ولكن هنا يطرأ السؤال المهم، في ما هية القائد والقيادة؟ فالقيادة، هي التأثير الإجتماعي على الناس، عندما يتمكن شخص واحد، من تنظيم المجموع، من أجل العمل على تحقيق هدف واحد. وفي تعريف أكثر قُرباً وشمولاً، يقول آلان كيث، أن القيادة هي في النهاية، "حول خلق طريق للناس ليقدموا ما يملكون من خبرات، لكي يجعلوا شئ خارج المألوف، يحدث". فهل قدمت المُعارضة المصرية، شئ خارج المألوف في السنوات الماضية؟؟ لا أعتقد أن المُعارضة المصرية أنشأت شئ خارج المألوف، خلال السنوات الماضية، غير ما قامت به حركة كفاية عندما قامت بتدمير حاجز الصمت، ما بين الدولة والمواطن. وعندما ننظر للتظاهرات الإيرانية على نتائج الإنتخابات الأخيرة في 12 يونيو 2009، ستخرج بنتيجة مفادها، أن المعارضة الإيرانية وخلال، أقل من شهر، قدمت نتاج خارج المألوف، لم تستطع، المُعارضة المصرية إنتاج ما يُماثله، في العقود الأخيرة، منذ الثورة المصرية في عام 1952. وربما كان هذا هكذا، نتيجة الوعي الإيراني، على عكس الوعي المصري، على مدى تلك العقود.

وبينما لدينا أحزاب تُعرف نفسها على أنها ليبرالية، مثل حزب الغد، نجدهم يُعبرون عن أنفسهم بأسلوب أقرب إلى كونهم ثوريين إشتراكيين، وبينما المُعارضة الإسلامية تتمثل في الأساس بالإخوان المسلمين الذين يصفون أنفسهم بالإعتدال، نراهم وقد تبنوا الفكر الراديكالي أو القومي العربي. وبينما الناس في مصر تعيش تحت خط الفقر، نجد الإخوان وقد أقاموا الحملات من أجل مد قطاع غزة بالمأكل والمشرب، ولم نجدهم يوماً وقد فعلوا هذا من أجل مصر وطنهم الأول. ولكن هُم بانفسهم قد إعترفوا، بأن مصر لا تعنيهم. أما الغد، ففي إطار إشتراكيتهم الثورية، يسبون أي شخص يختلف معهم، وقد شكا لي صديق قبطي مؤخراً، أنهم سبوه، بأقذع الشتائم، لأنه دخل معهم في نقاش حول تعايش المسلمون والأقباط في مصر، وقد أخذوا منحى ينتقد الأقباط في بلادهم مصر، وهذا إنغكاس آخر، لتحالفهم المخفي مع الإخوان. وكنت أظن أن الغد سيكون حزب ليبرالي بحق، ولكنه إنتهج نهج، بالتحالف مع الإخوان، لأنه ظنهم الأقوى، في تحليل سياسي منقوص، وأصبح يتهجم على الأقباط أكثر من تهجمه على الدولة. وهو كله مُعبر عن صورة كتلك التي لأرملة فقدت زوجها، وليس عن مُعارضة تريد الخير لمصر!!!

وبدلاً، من البحث عن بدائل للحلول لما تُعانيه البلاد من سوء أحوال، يقوم أبرز ما يُعرف خطاءً "بالمعارضين" بلعب دور الشُهداء، في أمور تبدوا أكثر إثارة للضحك، عن كونها أمور وطنية. مثل الرجل الذي يُدعى أيمن نور، عندما خرج علينا قائلاً أن الحكومة هاجمته هجوماً مُسلح، من خلال رجلين على موتوسيكل. وقد خرجت بعد ذلك، طبيبة لتقول، أنه بينما كان عند حلاق شعره، أُصيب من سشوار الشعر، بحرق في جبينه، فأحترق الشعر في مُقدمة شعره. وبين القصتين، هُناك عدة تساؤلات: فلما تهتم الحكومة المصرية اليوم، بأيمن نور، بينما هو ليس غريم في الإنتخابات القادمة، لأنه قد حكم عليه في جريمة مخلة بالشرف؟ ولما تهتم الحكومة المصرية الحالية بأيمن نور، وهي الآن، تجني ثمار الصراعات الأخيرة في الشرق الأوسط، حيث ظهر بشدة، تقدم دور مصر إلى المرتبة الأولى في المنطقة؟ أليس هذا من قبل العبث بعقول الناس؟؟؟

إن أيمن نور، يتصور، أنه كلما لعب دور الشهيد، أصبح أقرب إلى كرسي الحكم في مصر، بينما يبدو أقرب لأن يكون ممثل كوميديا كبير في مصر، ليحل محل الممثل القدير عادل إمام، أو محمد هنيدي، أو ربما ممثلين الكوميديا من الصف الثاني، ولا أقول ممثلي الأكشن! إنه يتعمد لعب دور الضحية، لأنه يتصور خطأً أن الناس لديها الوقت لمتابعة ألاعيبه، ونسي تماماً، لماذا كون حزب الغد في المقام الأول!! لقد كون الحزب، ليُشكل بديلاً لنظام الحُكم المصري، الذي يُشاهد ما يفعله، ويضحك عليه، لأنه يعطي للنظام الحالي، شرعية أكبر كل يوم، وإذا ما حاول النظام التخلص من حزب الغد اليوم، فانه يكون بذلك قد أخطأ خطأ كبير، لأن الغد اليوم، هو أكبر عون لإستمرار النظام، بل ولتنفيذ خطة التوريث، بأفضل مما كان عندما كان أيمن نور في السجن!!

أما الإخوان، فهم يحرقون أنفسهم كل يوم. فهم يُهاجمون الحكومة، في أي قرار تتخذه، سواء كان هذا القرار موفق أو غير موفق. المهم في آخر اليوم، أن يقولوا لا، وأن الإسلام هو الحل! كيف يكون الإسلام هو الحل؟ لا أعرف، لأنهم لم يقدموا إجابة على هذا التساؤل، لأنهم يتخذون من الإسلام لعبة، والعياذ بالله، مُستغلين النصوص لنهايات يريدونها وتتمثل في المُجمل في الوصول إلى كرسي الحكم في البلاد. وهم يقدمون نموذج لنظام حكم إسلامي، قدمته قبلهم، دول قامت على حكم الدين، وقد رأينا مدى الفشل التي ترزح فيه، مثل السعودية التي لا تؤمن بكل الشريعة ولا تنفذ شريعة "الخُلع" في الطلاق، لأن الشريعة بالنسبة للسعودية، يجب وأن تخدم نظام الحكم فقط ومعه الرجال وليس نساء المملكة، فأين عدل الإسلام؟؟ وطالبان في أفغانستان، قررت ألا تخرج النساء من منازلهم، وأن يربي الرجال ذقونهم، وأن تذبح كل الأقليات وهذا ما فعلته قبيلة البشتون التي ينتمي إليها أكثرية طالبان، حيال قبيلة الهزار في أفغانستان!! فهل تطبيق القشور والسطحيات في الدين، هو خكم الشريعة؟؟؟ وهناك الصومال، التي عن قريب طبقت حكم الدين، فأصبحت القوى الإسلامية المختلفة تتصارع على السلطة، وليس صلاح الدين.. وكأن لسان حالهم أن السلطة هي الأهم!! وهناك إيران، التي يثور المواطنون ضد حُكامها من الملالي اليوم، لأنها ليست ديكتاتورية بالمعنى المفروض، لأن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، هو من يُحدد من يُرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، فان لم يوافق على شكل الثورة الإسلامية، وكان برنامجه رائع الشكل والمضمون، رفض ترشيحه المرشد.. وبالتالي فان إيران تُحكم بنظام ديكتاتوري، يُمثله الرجل الواحد، تماماً مثلما يريد الإخوان المسلمون! وهم يخرسون تماماً، عندما يتعرض مصري لأذى في دول الخليج، لأنهم يحصلون على أموالهم من هناك، .. وكان مصري تعرض لحادثة إعتداء، "لوطي" في التسعينات، فصمت الإخوان، مُعبرين عن مكنونهم، من كونهم شياطين خُرس، فلما يحكموننا إذاً؟؟؟

إن المُعارضة المصرية، لا تملك حلول بديلة لما نُعانيه من مشاكل وأزمات. هي تفكر فقط في الكراسي ولا تُفكر في البدائل لما يعانيه المصريين. إنها تحلم بالحكم، على جثث المصريين، وبالمناصب والإستوزار، وليتها تعرف كيف تقود! فقد أثبتت المشاكل التي تُعانيها المعارضة، أنها لا تعرف ولا تفقه في فن القيادة، كما تملأها المشاكل من الداخل!

ولذا، فان أمام مصر الكثير، حتى يكون لديها مُعارضة مؤسسية، قادرة أن تقدم البدائل الممكنة، والإستراتيجيات الواقعية لحل المشاكل المصرية. المهم اليوم، هو الوعي، وتعلم الحوار والإنضمام للجمعيات الأهلية، للقيام بأعمال تُمكنا من التقدم للأمام، من أجل مصر أفضل، ومستقبل أكثر ضياءاً لكل المصريين.



#شريف_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يريد الإخوان؟
- بناء الدولة الحقة في العالم العربي
- خطايا حزب البعث السورى ضد فلسطين والعرب والعروبة
- ثورة الحرية الإيرانية
- الوصفة السحرية لطبق المهلبية
- الدين ليس ديكتاتورية
- تلخيص مشكلة وطن فى تيه المعانى
- العلمانية مش كُفر
- الصراع الحقيقى فى مصر


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - شريف حافظ - أزمة المعارضة المصرية