أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - الحلـم الأخيــر * قصة قصيرة *














المزيد.....

الحلـم الأخيــر * قصة قصيرة *


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 822 - 2004 / 5 / 2 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


الهث فوق السهول خلف طائرتي الورقية، والريح عاتية أرى.. الخيط المتدلي منها، كأنه أمل ضرير
أركض عكس الريح..
- بالروح بالدم نفديك يا..
يتعالى الهتاف من حولي وأنا لا أبالي
لا أحلم إلا باستعادة تلك الطائرة.
ألقي حقيبتي المهترئة فوق حصيرة القش وأمدّ يدي النحيلة خلف الوسادة لآتي كما الحاوي بطائرة ورقية لوّنتها بالأحمر والأبيض والأسود والأخضر.
أغادر المخيم وأنا أتأبطها، أخفيها بمهارة عن العيون وكأنّها حلم أخشى أن يسرقه مني أحد.
- كل يوم عدس؟!
هكذا اعتدت أن أتبرم وأتلوى كلما عدت ظهراً الى حضن أمي، ما بالي اليوم ارى أن العدس نعمة بمقدورها أن تخمد هذا الجوع الكافر الذي أخذ ينهش أمعائي؟!
ما من طعام اليوم. أخمد جوعك بالجري في الحقول يا خالد. قالت أميّ بأسى. فغادرت بسرعة..
بدأت بصعود الجبل.
**
رميتُ الصخرة خلفي. أصعد الى القمة ككل يوم وأنا أحلم بتحرير الطائرة التي يربطني بها ذلك الحبل الرفيع..
وككل يوم حين أفلت خيطها المربوط الى كف يدي.. تنفلت من قبضة القلب كل أوجاعي الدفينة. تمرّ ساعة..
يضمحل الألم في أحشائي. الآن بإمكاني أن أبدأ سفر العودة.
ولد مفتول العضلات، يعترض طريقي. يرتمي ظله فوق ظلي.
- هذه لي
قال بسخرية فانفرجتْ شفتاه عن أنياب صفراء.
تشبثت بطائرتي، واريتها خلف ظهري وأنا أهتف:
- هذه طائرتي أنا.
- بل هي لي، هاتها وإلا..
اقترب مني وبدأ يلوي يدي يحاول أن يغتصب الطائرة لكنني استجمعت كلّ ما املك من عزيمة لمقاومة غطرسته. لمحتُ حجراً صغيراً على الأرض فانحنيتُ أتناوله.. مرّ بنا شاب أنيق.
استبشرتُ به خيراً. فصل بيننا. ثم وقف كالمسمار المعقوف، رأسه في اتجاه الآخر. هتف من عليائه:
أعطه الطائرة يا..
ألا يكفي أنك سرقتها منه، تريد أيضاً أن تضربه بحجر.؟!
أفلتُ الطائرة من يدي. استجمعتُ كل ما أوتيت من عزيمة وضربته بالحجر. بدأ ينزف. انشغلا عنّي. أخذتُ أعدو خلف طائرتي بجنون لأستعيدها. وكأنها.. حلمي الأخير.
**
- بالروح بالدّم نفديك يا..
يتجمهر المارون من حولي. أتملصُ من دوامة الطنين ولا تغفل عيناي لحظة عن طائرتي. تخفتُ أصوات المتظاهرين وهم يسيرون باتجاه المقابر. أسيرُ انا باتجاه النهّر. أقترب من الحبل.
أقفز اليه بكلّ ما أوتيتُ من إصرار. أخيراً.. أقبض عليه. أسحبُ الطائرة الى قبضة يدي. ترتجف يدي.. ترتخي.. أتنهد.. أغمض عينيّ وأسحب نفساً عميقاً.
أزفر الهواء من رئتي.. أستكين.
أمسح الوحل عن ثيابي. أشرعُ بالبحث عن حقيبتي لئلا أنال اليوم عقاباً من والدتي. آ آ آ ه يمّا..
درس التاريخ كان صعباً للغاية اليوم...!
تراك تعاقبينني لو لم أتمكن من حلّ الوظيفة؟!
المدرس كان يتحدث بصوت رخيم عن صلاح الدين الأيوبي، وأنا كنت أحلم بالطائرة وكأن قلبي دليلي.
**
- الله اكبر.. أشهد أن لا إله إلا الله.. أشهد أن محمداً رسول الله..
يرتفع صوت المؤذن. تدثرني موجة دفء. تخمدُ اضطرابات امواجي. أشرعُ بالعودة.
***
يجب ألا تفوتني صلاة الظهر.
حتماً سيرفعون اليوم صلاةً على روح الغائبين.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقد لا يأتي ..؟!
- أشْعِلُ قنديلا وأمضِي


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - الحلـم الأخيــر * قصة قصيرة *