أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - أشْعِلُ قنديلا وأمضِي














المزيد.....

أشْعِلُ قنديلا وأمضِي


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 789 - 2004 / 3 / 30 - 07:48
المحور: الادب والفن
    


أشْعِلُ قنديلا وأمضِي ..
ومضة وجعيّة
ريتـا عـودة


البرد ُقارس.

ثمّة مرجل مُتقدّ في نهاية النفق.

في هجعةِ الليل, تُغلفني ظُلمة باسرَة كشرنقة.أبحثُ عن بُؤرَة نور .
أعثرُ على قنديل صدئ تحت سرير.أشعلُهُ. أخرجُ منَ الباب الضيّق إلى زُقاق تفوحُ منه رائحةُ عفونة.
(عبثًا نحاول أن نُعطِّرَ مزبلة ..!)

أسيرُ قُدُمًا لا ألوي على عودة..تتهدّجُ أنفاسي. أتجهمُ. أتنهدُّ .

أ ُبْصِرُ رُؤىً فاغرةً جراحها كعيون أطفال جائعين.أفتحُ عينيّ على وسعهما..

أرى...
صخرة صمّاء تتناوشها الأيدي بالشواكيش لتفتيتها إلى حجارة صغيرة..

أمّا الحقائب المدرسيّة البالية فقد تناثرت على طريق الآلام كالطيور المذبوحة.

أرى...
بعض الوجوه الطاهرة تقف خلف اكشاك حلوى تقاوم إغراء الرائحة واغراءات العيد البائس.تنادي ببراءة:
-شارون يُضاعفُ الحصار ونحنُ نُخفِضُ الأسعار -..

أسمعُ ..
جلجلة صرخة شرطي يطارد رغيف خبز طازج في يد طفل رثّ الملابس ..
يشتهي أن يُفلت من قبضة الجوع ومن لعنة الثري الذي سُرقَ رغيف خُبزه..
ومن سخط الشرطي العجوز المتفاني في نُبل أخلاقه.

اسمعُ...
مدير تحرير يُطلق وعيده في وجه محرّر أنيق يلوّث الهواء النقيّ المغلف غرفته الرحبّة: -يا أخي.. كم مرّة سنكرر نظّف يديك للأكل لا للكتابة...!-

أرى واسمع...

نواح قبيلة تتهادى بحزن خلف نعش مُراهقة رموها بالحجارة حتى الرمق الأخير. وبعد الوفاة صمّوا آذانهم عن صرخة الطبيب: -هي عذراء يا ظَلَمَة...!-

أقتربُ أكثر وأكثر من المرجل المُتقدّ .

أتعثر بزعيم. أصافح يدا ممتدّة لمعانقتي. يحتضنني فــَ.. أشعر.. بمدية حادة تختفي في حضن يده خلف ظهري. يدعوني للجلوس. يُشيرُ بغطرسة إلى كرّة أرضيّة على مائدته. يُحرّكها:

شمالا – شرقا

جنوبا- شمالا

بمزاجيّة أخطبوط.

بين الحركة والأخرى ينظر حوله ليتأكد من أن الأسلحة النوويّة في مكانها.

يعطسُ وأنفه في السماء. يكلمني بغطرسة طاووس:

-من يرضَى أن يعيش حشرة, لا يحزن حين تَدُوسُهُ الأقدام-

(لا أتكلم)..

أصلُ نهاية النفق.

ألقي القنديلَ في زاوية كهف الصّمت الفاضح.أخرج إلى النور.تتهدّجُ أنفاسي.أتجهمُ. أتنهدُّ. تطاردني رائحة عفونة قذرَة. تبللني رطوبة وحل لزج مثير للاشمئزاز.

تُراني

...........بدأتُ

..................أغرقُ

..............................؟!

-----------------------------------

*ريتا عـودة: كاتبة فلسطينية.
موقع شخصي:

www.geocities.com/ana_kiyan



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الاحتمال صفر
- أسعد عرابي... رحيل فنان يكتب العالم باللون وناقد يعيد ترميمه ...
- النقد الثقافي (المعنى والإتّجاه) في إتحاد الأدباء
- فنانون عرب يشيدون بتنظيم مهرجان بغداد السينمائي
- تحديات جديدة أمام الرواية الإعلامية حول غزة
- وفاة الفنان السعودي حمد المزيني عن عمر 80 عامًا
- حروب مصر وإسرائيل في مرآة السينما.. بطولة هنا وصدمة هناك
- -لا موسيقى للإبادة الجماعية-.. أكثر من 400 فنانا يعلنون مقاط ...
- الأوبرا في ثوب جديد.. -متروبوليتان- تفتتح موسمها بعمل عن الأ ...
- الصّخب والعنف.. كيف عالج وليم فوكنر قضية الصراع الإنساني؟


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - أشْعِلُ قنديلا وأمضِي