أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون البياتي - جوهرة منسية














المزيد.....

جوهرة منسية


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 2678 - 2009 / 6 / 15 - 09:11
المحور: الادب والفن
    


الموت ورغم أنه نقطة حتمية لابد أن تصل إليها حياة جميع الكائنات الحية , إلا أن الإنسان يقف حائرا عاجزا أمام تفسير كنه هذه العملية . وقد جاءت الأديان لتضيف صعوبة أخرى الى تقبل فكرة الموت بما أعقبته به من تصوير للحساب والعقاب والثواب , فزادت الطين بله . ففوق أن الإنسان لايدري الى أين هو ذاهب على وجه اليقين جاء من يخبره عن حكايات مريعة تحدث بعد الموت .. فكان من نتيجة كل ذلك أن البشر يرفضون الموت , ولديهم تمسك غريب بالحياة حتى لو كانت حياة لاتطاق .

تناول العديد من الفلاسفة والمفكرين فكرة الموت أو بالتحديد : فكرة عدم الرغبة بالموت وناقشوها من وجوه متعددة , واحدة من هذه المحاولات التي تصف عدم رغبة الإنسان بالموت كانت مسرحية الكاتب العبقري الفرنسي يوجين يونسكو التي عنوانها ( موت الملك ) والتي كتبها عام 1962 .

ماعدت أذكر متى قرأت هذه المسرحية , ربما كان ذلك أثناء فترة دراستي الجامعية , وكل الذي بقي في ذاكرتي منها هي شخصية الملك ( بيرينجر الأول ) الذي بلغ 400 سنة من العمر , وبعد أن ولى شبابه , وولى معه إزدهار مملكته , لكنه حين سيعلم أنه ميت بعد ساعة .. سيصرخ : لا أريد أن أموت .. أريد أن أبدأ من جديد .
الأحرى بالملاحظة هنا .. أنه إذا كان الملك بيرينجر الأول قد عاش عمرا لايتمكن أغلبنا من أن يعيش ربعه .. وإذا كان أغلبنا في الحقيقة .. لم يفعلوا شيئا في حياتهم غير الأكل والنوم وتمضية الوقت كيفما إتفق .. إضافة الى تضييع وقت ثمين في سفاسف الأمور .. فبأي رفض سيقابل كل منا ساعة موته ؟

منذ بداية هذا العام 2009 ومن على مسرح باريمور في حي المسارح برودواي في نيويورك , يعاد تقديم مسرحية يوجين يونسكو ( موت الملك ) بعد 47 سنة على كتابتها .
قام المخرج المسرحي الأمريكي ( نيل آرمفيلد ) بإخراج العمل وقد إختار له فريقا مميزا من الممثلين المعروفين سينمائيا .

فقد قام بإختيار الممثل الأسترالي (جورجي رش )الحاصل على جائزة الأوسكار عن تمثيله , ليقوم بتأدية دور الملك بيرينجر الأول , في أول ظهور له على مسارح برودواي الأمريكية

قدم الرجلان تفسيرا جديدا لمسرحية يوجين يونسكو التي وصفت بأنها ( جوهرة منسية ) من بين أعمال هذا المؤلف العظيم . حيث يتحامل ( بيرينجر الأول ) على ساقين مرتجفتين وبعينين غائرتين , محاولا إثبات نفسه للمشاهدين أنه لم يزل ذلك الملك المستبد الذي لم تتراجع سلطاته .. ولم تنفصل عنه أجزاء من مملكته .

عندها صاحت به زوجته الملكة مارغريت : وصلت الى قدرك المحتوم .. وستموت خلال ساعة ونصف .. ستموت عند نهاية المسرحية .
لكن الملك متشبث بالحياة بحماس فظ ويأس حقيقي , شعره كان قد تحول الى نتف بيضاء , وصولجانه الملكي تحول الى عود قصب , وقد نزع عنه تاجه ووشاحه , متهالك في بيجاما , وتمس أصابعه الأرض بمثل مشية حمامة .
يجيب الخادمة وهو متوهم في خرفه أنها الملكة : (( لماذا ولدت إذا لم أكن مخلدا ؟؟ يجب أن يكون الملوك خالدين )) .
الدور يتطلب قابليات جسدية كبيرة لأداء حركات مروعة وسخيفة في نفس الوقت .
أعانت الممثل جورجي رش على تأدية دوره , الممثلة الرائعة ( لورين أمبروز ) بتمثيل دور الملكة مارغريت زوجته الشابة الجميلة مثل تفاحة طازجة .

أما دور الخادمة فقد قدمته الممثلة القديرة ( أندريا مارتن ) وفي الحقيقة , فقد كانت هناك مقاربة كبيرة بين دوري هاتين السيدتين , مع فترتي حكم الملك نفسه , حيث الأولى الحلوة الشابة الصغيرة , هي فترة الطموح والعنفوان والإزدهار , أما الثانية فهي فترة إنكسار السدود وغرق الشعب بالويلات والمصائب وعظائم الأمور .
قوة المسرحية الحقيقية المتمثلة في صلاحها لكل زمان ومكان , تتجلى في لحظة موت الملك بيرينجر الأول .. بخلع تاجه عن رأسه , هو الأناني والنرجسي بحماقة , والذي رغم خسائره الكبيرة .. وعمره الذي جاوز 400 سنة , إلا أنه خائف من الموت , ونسمعه بكل وضوح يقول : (( لاأريد الموت .. أريد أن أبدأ من جديد )) .
والكارثة .. أن جمهور المسرحية يتعاطف معه .. فيصفق له طويلا .. لأن كل الجمهور أيضا يريد أن يبدأ من جديد ... ولا يريد أن يموت .

لكل الذين يدَّعون أن المسرح لم يعد إلا غرفة صغيرة / في مدينة التلفزيون / في عالم الكومبيوتر / نوجه القول بأن سعر التذكرة لدخول هذه المسرحية الفاجعة هو 26$ دولار أمريكي فقط , وطابور طالبي مشاهدتها أمام شباك التذاكر يصل الى نهاية الشارع .. ليثبت أن ليس كل متاح الإستعمال , هو مشبع لغريزة الإنسان في معرفة ومحاورة ما هو دقيق في شؤون تفكيره وبحثه عن معنى ومغزى وجوده في هذه الحياة ... ويبقى السؤال الأصعب : أيهما أكثر تأثيرا فينا ؟ أن نموت فنعرف ما نحن مقدمون عليه ؟ أم أن يسبقنا أحبتنا الى الموت .. ويتركونا نترنح بين مكررالسؤال .. ومختصر الجواب .. حيث الحياة بعدهم ستستمر .. ولكن أبدا ليس كسابق عهدها !!؟؟



#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع الأصوليات
- أهل الكتاب
- أمجاد يا عرب أمجاد
- حرب الكوكاكولا
- أين أنتم من مهاتير محمد يا قادة العرب ؟؟
- روبرت فيسك .. وغزة
- القطة الأولى في ذمة الخلود
- الإمبراطورية الأمريكية ذات العواصم الأربع
- إصلاح العجز المالي بأزيز القنادر
- مشاكهة
- تيران وصنافير
- العملية ساركوزي
- الرفيق كاسترو
- فلم السيرة : جورج بوش
- الرفيق غورباتشوف
- الكساد الكبير
- أبو عمار
- مدينة أمريتسار
- جريمة اٌستثنائية
- أحمد سوكارنو _ 1901 , 1970


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميسون البياتي - جوهرة منسية