أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مريم نجمه - إلى وجهك الجميل يا وطني .. صفحة من ملعب الطفولة ؟















المزيد.....

إلى وجهك الجميل يا وطني .. صفحة من ملعب الطفولة ؟


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 2677 - 2009 / 6 / 14 - 09:57
المحور: سيرة ذاتية
    


إلى وجهك الجميل يا وطني ... صفحة من ملعب الطفولة ؟
لأول مرَة في حياتي ..
أول صيفية في فصول عمري , أخالف تقليد النوم في الليل .
اليوم , دقت الساعة السادسة صباحاً وأنا ساهرة
أقرأ .. وأكتب , أكتب .. وأقرأ
أربع وعشرون ساعة وعيناي تتمرَد ا على النوم .
ترفض الأحلام ورحلاتها .. وراحتها .. واستسلامها .
تصحو مع فكري المتيقظ , المتحفز , الثائر , الرافض المتمردعلى الواقع
والتقليد .
واليوم – إذاعة صوت العرب – تدق الساعة السابعة صباحاً
وأنا ( ساهرة ) مع قلمي .. ومشاعري .. وخواطري ..

كل شئ يتغير في هذه الحياة , وهذا الكون , وهذا قانون ديالكتيكي عام .
حتى الإنسان يتجاوز معادلات يومية سار عليها ردحاً من الزمن ,
وهو يعتقد بأنها الصحيحة , وهي القوانين والمقدسات والعادات
وهي الثوابت ..
نعم
في صغري تعلمت واعتدت المثل الشعبي القائل :
" نم بكير وفيق بكير , شوف الصحة كيف بتصير " . و هناك مثل عندنا يقول للذي ينام باكراً : " فلان .. بنام مثل الدجاج " .
أستعير شريط الطفولة الذي يبرهن عملياً صحة هذه الأمثال الشعبية التي عشناها في طفولتنا .
......

هناك طقس يومي , كنا نشاهده ونتفاعل ونتكلم معه بأحاسيسنا , ونسجله في دفترنا اليومي الشفهي , بحاجة إلى تدوين في قصص الأطفال !؟
ذكريات من الطفولة المبكرة بعيداً عن عالم المدينة .... هناك صور طفولية رائعة تجسدت و تمثلت على شرفة بيتنا المطلة على جيراننا جنوباً, حيث كنت أجلس عصراً كي أقرأ دروسي وأكتب فرائضي المدرسية إبتداء من فصل الربيع حيث الجو يطيب في قريتنا الجبلية الهادئة النظيفة ..
. مرة تلو مرًة ... راقني منظر طيور الدجاج البيتية لجيراننا وهي تئم وتستعد للنوم فوق شجرة التوت , كيف كانت تقفز من أعلى الحائط لتأخذ مكانها وتنام في حضن أمها أو بجانب رفيقتها , كنت أراقبهم بانتباه وبكل صبر وأناة لأنني من صغري أعيش وأهتم بالجزئيات في كل فعل , ومشهد , قبل أن ألم بالكل , فلكي يعيش الإنسان الكل يجب أن يعيش الجزء وبالعكس .. هكذا استمريت في هذه الأمسيات الممتعة حتى أتى الصيف .. وبساطه الواسع ومصطافي القرية يتوافدون , ويطيب للأطفال اللعب واللهو ..

.... هكذا كنت ... أودّع سرب طيور الدجاج في فصلي الربيع والصيف وأراقبها يومياً , أحياناً بمفردي , وأحياناً أخرى مع إبنة عمي ( أنطوانيت ) رفيقة الطفولة , نجلس عصرًا أرضاً على ( طراحة ) بسيطة , على شرفة بيتنا الريفي لكي نشاهد هذه " المسرحية الأليفة " في ذلك الجو المقفر من كل اّلة عصرية – لم يكن حينها الراديو ولا اّلة التسجيل ولا التلفاز الملون ولا البيك أب ولا السينما أو المسرح قد دخلت بيوت القرية ..
حيث تتوافد الطيور إلى مبيتها الليلي الصيفي في طقس فريد أليف , وهي تنام واحدة بعد الأخرى على أغصان أشجار التوت المورقة في حوش منزل جيراننا المطل أمامنا كل غروب شمس وعشية . كنا نرصد الواحدة بعد الثانية كل ليلة ونردد معا من تسبق ومن تتأخر هكذا : الاّن صعدت الدجاجة السوداء أولاً – ثم البيضاء .. فالحمراء - فالبنية والصفراء , فالدجاجة الملونة الريش , تأخرت االمزهرة , والمنقطة لا تزال الوحيدة على الأرض تراقب دورها في الصعود وتستعد للرحيل من عالم الأرض والطعام والحركة إلى عالم الفضاء المنعش والإستراحة بعد تعب النهار ... . ستجلس على أسطوحها الصيفي ألا وهو جذوع الأشجار . أما الديك قائدهن فكان يتربع كالرئيس في أعلى قمة لا يهمه سوى نفسه وأحيانا يبقى ..... إلى اّخرالفرقة أو المجموعة , وهكذا .. أحيانا يسبقهن , وأحيانا يتأخر عليهن ليطمئن على وصولهن بالسلامة ولم شمل العائلة , وأحياناً كانت بعضهن تقف في منتصف الطريق للإستراحة أو لمناداة زميلتها أو أختها ليطيروا معا في رحلتهن للنوم على أغصان الشجرة خوفا من الحر داخل الخم ( القن ) وهي تتسابق أو تبطئ ...!

بكل فرح وتفاعل نعدّهم واحدة واحدة , و بترقب ننتظر كأنها سينما العرائس اليوم أو ( فيلم الكرتون ) , لنذهب بعدها صعوداً بدورنا إلى سطح منزلنا الريفي ..
نفرش أتعابنا وألعابنا أنا وإخوتي , وأهلي .. وننام تحت قبة السماء الصافية ونجومها العالية تظللنا ..
أنام مع النجوم المتلألئة في صدر السماء – وأخاف أن أعدها لئلا تكثر الشامات في وجوهنا وأيدينا, كما كانت المعتقدات الشعبية تقول ..؟
و لئلا تسرق نومي اللذيذ .. وعملي المبكر مع الفجر .. مع سلال العنب والتين .. والسير الطويل .

حقاً إنها أيام لا تنسى .. إنها من دفتر العمر وصور الطفولة المحفورة في اللاوعي في مخزنها السري تنام في أحضان الطفولة وملعب الزهرالريفي النضر قبل أن نستورد ( الباربي الأميركية , أ والصينية , وأفلام ميكي ,وأفلام الكاوبوي والبوكيمون ) الضرب والقتل والعنف لأطفال اليوم لتصبح الحياة حرووباً في حروب ودماءً في دماء بعيدًا عن السلام والفرح والتعاون والحب وجمال الطفولة النقي الذي كان يغنينا من مكتبة الريف الواسعة ومسرح الطبيعة المجاني المفتوح ليلا نهارا للمرح وتخزين المعلومات .. !
.........


أما اليوم ,
وفي هذه الأيام بالذات , لا أدري لماذا سرق مني هذا التقليد , التقليد الجميل " النوم باكراً " ..!؟
أهو الحرَ الشديد ؟
أم الغربة والإحتراق والحنين للوطن والأبناء ؟ أم التقدم في العمر ..؟
ربما كل هذا , أو ربما هناك شئ أو فعل مجهول في ذاتنا , في داخلنا , يحترق
يتمزق ينزف ويتشظى براكين ..
تتفجر في الليل مراجل شوق تغلي وتغلي .. وتفور .. وتندلق حمماً ونار
إحساس وشعور داخلي يوقظنا لنشاهد هذه العملية
لنصور باّلة ( كاميرا ) عيوننا المجهزة بالشبكية – والقرنية – والقزحية
فتجتاز الدمعة حزم الأشواك فيها , التي نمت .. واستطالت من الرحيل الطويل
وهذه هي بداية تكوّن البركان..

......
حمم .. دم .. من جوف العين , ثم تليها ( اللابات ) والأحجار والحصى
ثم التراب الأحمر.. فالرماد الضروري جداً لخصوبة الأرض بما يحمل من حديد وفوسفات ..
من جوف ورحم ونواة الخلايا الملتهبة النارية في كياننا ودواخلنا –
هكذا يثور البركان ويختلط كل شئ , في كل شئ
القلب بالعين .. واليد والجسد والروح
الدم بالدمع .. الحصى بالرمل
العواطف بالمشاعر .. الحنين بالعقل
كل شئ يغلي ويفور ويمتلئ ويمتزج ويترجم
الورق بالأقلام , والحبر مع الطين الناري .. المجنون والمجبول
المصبوغ بلون الأحشاء والأعضاء والضلوع
بلون السجون والمشانق والمنافي
مع القهر والحب والشوق
فتبتدئ الحروف والكلمات تتجمع تتشكل وترصف بحركة عجيبة , سريعة ..
وعجينة ومادة سائلة طرية نارية للتكوين
فالوقت والجو أو الأجواء و المحيط يجمد مادتها السائلة
ويحجرها ويصلب عودها
لأن حرارة القذف ابتعدت عن المركز واللهب والدخان ..

....

نعم نحن هنا نتكلم نفكر ... ونكتب
من هذه الحالة والمعايشة والصورة نرسم لوحتنا اليومية
ونلونها حتى لا تبقى شاحبة عديمة الحركة والحياة ميتة
ميتة , كالغربة والمنفى , بعيدين عن الفعل والمشاركة والمجتمع
لكننا , نحن في الداخل نتفاعل مع نواة أرضنا كل يوم وليلة ,
كي لا نصبح ( صنماً وعامود ملح ) في رحيلنا –
سنبقى نتطلع إلى وطننا , ولو أبعدنا عنه , أو نفينا منه .
عيوننا شاخصة إليه في عتمتنا
فمن ملح خبزنا وريفنا وجماهيرنا وشوارعنا وحاراتنا في الوطن
بعرق ودموع التطور والخلق والإبداع الجديد
لا يهم أن نصبح صرحاً وعاموداً من عرق الكادحين والمتعبين
فعامود الملح للجبناء والإنتهازيين والمأجورين
وهم في داخل الوطن –
فملحنا عرقنا وخضابنا داخل الرغيف , وداخل الرأس النظيف
لأجيالنا وطلابنا وعمالنا وفلاحينا وجنودنا يمتزج في ذرات التراب
في أوديتنا ومنعطفاتنا .. جرودنا وبوادينا , صخورنا ... وقممنا .

سنظل ..
سنظل نتطلع في كل فجر إلى داخل أسلاك .. وأسوار الوطن
إلى وجهك الشامخ يا وطني .. وسيفك التاريخي
فهناك .. هناك ورود البنفسج وأسيجة الياسمين
هناك رائحة النعناع والزعرور تنادينا
وتبلل جفاف غربتنا ................................................30 / 9 / 1987 - بغداد









#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات نسائية ..؟
- إنتصار القوى الديمقراطية في لبنان إنتصار لشهداء الحرية , تهن ...
- تصورات مسبقة ؟
- حقوق الطفولة .. أيقونة المستقبل , ونضالنا ماضياً , وحاضراً ؟
- من وحي أول أيار حول العالم .. دقائق من فضلكم على مائدة العما ...
- تهنئة .. للمرأة المناضلة في الكويت
- تظاهرة فردية , يافطة رقمية .. لتحرير المعتقلين في سورية ؟
- أسباب إنتشار الأوبئة من الطيور والخنازير ؟
- مرحلة التسويق ..؟
- حبات متناثرة - الكبار يأكلون الحصرم , والصغار يضرسون ؟ مهداة ...
- الكلمة في الإنجيل .. أضواء على العهد الجديد - 2
- فيتنام .. يا وردة الحرية
- من خواطر زوجة معتقل سياسي - رسالة إلى حبيبتي ..؟ - 19
- المواصلات وحركة السير والنقل , هولندا , هدايا جديدة للمسنين ...
- من كل حديقة زهرة - 26 - مهداة لفلسطين في ذكرى يوم الأرض - ول ...
- متى ..يا وطني الليلكي ؟
- تجارب إشتراكية لتحرير المرأة - 2
- المرأة والعمل السياسي ..؟
- أوراق من دفاتر العمر - 3
- تعابير .. وكلمات وأسماء عامية صيدناوية - 2


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مريم نجمه - إلى وجهك الجميل يا وطني .. صفحة من ملعب الطفولة ؟