أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مختار ملساوي - المحاولات البائسة للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية: القرضاوي نموذجا















المزيد.....


المحاولات البائسة للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية: القرضاوي نموذجا


مختار ملساوي

الحوار المتمدن-العدد: 2669 - 2009 / 6 / 6 - 09:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المحاولات البائسة للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية: القرضاوي نموذجا
استندت في كتابة هذا المقال إلى مقال كتبه السيد همام عبد المعبود في الموقع المشار إليه أدناه
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1173694923699&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout
أضع أمام أنظار القراء هذا المقال كاملا مكتفيا بالتعليق عليه بين قوسين لأبرز مدى بؤس فكر الإسلاميين وهم يحاولون بطرق بهلوانية مخاتلة خداع الناس والضحك على ذقونهم. هذا البؤس الشديد يظهر في أسطع صوره عندما يحاولون إقحام موروثهم المتخلف كبديل للفكر الحديث وتكييفه حتى يوهموا أتباعهم بصواب مسعاهم وباستعدادهم الصادق لمواكبة العصر وضروراتها.
وها هو المقال:
اعتبر الداعية الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي أن الإصلاح في العالم العربي قد أصبح فريضة وضرورة؛ "فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع"، وأوضح أن الديمقراطية "من روح الإسلام وتعاليمه"، منددا ببدعة "توريث الرئاسة" للأبناء والأحفاد في ظل النظم الجمهورية.
(لاحظوا هذه المشاريع الكبيرة وما سوف تتمخض عنه فيما يلي من المقال من مواقف بائسة وحيل صبيانية لا تخفى على كل ذي عاقل).
وقال الشيخ القرضاوي في خطبة الجمعة 4-6-2004 التي ألقاها بمسجد عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة: "الإصلاح فريضة وضرورة؛ فريضة يوجبها الدين وضرورة يحتمها الواقع، ولا مكان في النظام العالمي الجديد لمن ينحون الإصلاح جانبا"، مشيرا إلى أن "العالم كله يتنادى بالإصلاح والديمقراطية، ولا بد لأمتنا أن تقدر هذه الحقيقة؛ فالإصلاح ليس عيبا؛ لأن أحدا لا يستطيع أن يدعي الكمال".
وأثنى الشيخ على كلمة أمير قطر خليفة بن حمد التي ألقاها في مؤتمر "الديمقراطية والإصلاح في الوطن العربي"، وقال: "لقد ألقى أمير قطر خطابا ذكر فيه أمورا لو عمل بها العرب لاستقامت أمورنا"، وتساءل القرضاوي: "إذا كانت كل أنظمتنا العربية في حاجة ماسة للإصلاح؛ فلماذا نؤجل الإصلاح حتى يطالبنا به الآخرون؟! أولى بنا أن نبدأ بالإصلاح بأيدينا!".
(هنا تبدأ المسيرة البائسة للقرضاوي في هذا المقال وهو يتملق ولي نعمته أمير قطر الذي كان عليه أن يعطي المثل في الإصلاح والديمقراطية في إمارته التي يتحكم فيها وفي أموالها في غياب أية إدارة عصرية تشرك أهل البلاد في التسيير ومراقبة دخل البلاد ونفقاتها التي يتصرف فيها الأمير على هواه بدون حسيب ولا رقيب).
وكان الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر قد قال: إنه لم يعد معقولا "التذرع بالحرص على مصالح العالم في منطقتنا، والخشية من زعزعة الأمن والاستقرار لإرجاء الإصلاح وتأجيله، خاصة بعد أن اكتشف العالم بنفسه أن مخاطر عدم القيام بالإصلاح تفوق بكثير كل المخاطر التي قد تصاحب القيام به"، وأن البلدان العربية اليوم: "تبدو مهيأة أكثر من أي وقت مضى" للإصلاح والديمقراطية، بعد أن اعترفت مؤخرا بضرورة التطوير، وتوافقت -بعد تردد- على ضرورة الإصلاح".
(نحن الآن أيها السادة قراء الحوار المتمدن، في سنة 2009، وقد مرت خمس سنوات على مؤتمر قطر، فماذا فعل أميرنا حتى الآن في باب الإصلاح والديمقراطية، غير خطواته غير المحمودة لشق الصف العربي والفلسطيني خاصة؟ أليست الظروف كما يقول هو مهيأة من أي وقت مضى لهذا الإصلاح، فلماذا لم يبدأ بها في قطره وهو يقرأ "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون؟).
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح مؤتمر "الديمقراطية والإصلاح في الوطن العربي" الذي ينظمه مركز الخليج للدراسات بجامعة قطر، ويحضره نحو 80 شخصية عربية من مفكرين ومثقفين وسياسيين، والذي بدأ أعماله في الدوحة الخميس 3-6-2004 وتستمر أعماله لمدة يومين.
الديمقراطية ليست مقابلا لحكم الله
وعاب الشيخ القرضاوي على أصناف من الناس يرفضون الديمقراطية دون أن يفهموا ماذا تعني، فقال: "البعض يقول: إن الديمقراطية ليست من الإسلام، والبعض يقول: إن الديمقراطية كفر، وأنا أقول: إن الديمقراطية الحقيقية هي من روح الإسلام وتعاليمه، وإنما الجديد هو الآليات والأساليب والوسائل"، مشيرا إلى أنه "إذا كانت الديمقراطية تعني حكم الشعب فإنها ليست مقابلا لحكم الله؛ بل إنها مقابل حكم الفرد".
(هنا ينضم القرضاوي البائس إلى رتل الإسلاميين (المعتدلين) الذين ينادون بضرورة الاستفادة من التكنولوجيا الغربية ورفض روحها. القرضاوي هنا يعتبر الديمقراطية مجرد تقنية أو أداة محايدة يمكن تركيبها في أية بيئة وأقلمتها ومصالحتها مع كل الموروثات المتخلفة).
وأوضح الشيخ أن "الإسلام لا يقبل حكم الجبابرة والمستبدين، وأن النموذج الفرعوني للحكم مرفوض؛ فالرسول يقول: "خير أمرائكم الذين تحبونهم ويحبونكم"، وتعجب من قول البعض بأن الديمقراطية بدعة مستوردة "وكل بدعة ضلالة.. وكل ضلالة في النار"، موضحا أن "جوهر الديمقراطية ليس مستوردا؛ بل هي الشورى، وهي النصيحة في الدين، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي حرية النقد والتعبير عن الرأي".
(مسيرة القرضاوي نحو البؤس تتواصل: الديمقراطية هي الشورى، وهي النصيحة في الدين، يعني أن لا ديمقراطية إلا في ظلال الدين، ولا حرية للنقد والتعبير إلا في هذه الأجواء المعتمة).
وتساءل الشيخ: "هل يمنع الإسلام أن يأخذ بنظام الانتخاب من الديمقراطية الغربية؟!"، وأجاب نافيا ذلك "إن الإسلام لا يمنع أن نأخذ من غيرنا ما نراه مفيدا"، موضحا أن "الإسلام يريد أن يكون الحاكم محبوبا من شعبه، مختارا بإرادتهم، مبايعا بيعة عامة".
(البؤس يتواصل مع إقحام المصطلحات البائدة "البيعة" ضمن أحدث الابتكارات الإنسانية في مجال الحكم الراشد، ومعروف لمن يملك قدرا متواضعا من الاطلاع على التاريخ الإسلامي أن البيعة لا علاقة لها بالديمقراطية الحديثة، كانت مجرد إجراء شكلي يقوم به الخلفاء الذين كانوا كلهم بدون استثناء يصلون إلى السلطة بالتوريث أو بالسيف).
وضرب الشيخ أمثلة من السيرة تبيح اقتباس النافع المفيد من الآخر، مهما كان هذا الآخر، فقال: "هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتبس نظام حفر الخندق من الفرس بمشورة من سليمان الفارسي، وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقتبس نظام الدواوين من الروم، ويقتبس نظام الخراج من الفرس"، مشيرا إلى أنه "لا مانع أن تقتبس من الغير ما ينفعك ما دمت محتفظا بشخصيتك وهويتك وروحك وخصوصيتك".
(مزيدا من البؤس: فلابد من بقاء سيوف الهويات القاتلة مسلطة على الرقاب: الشخصية، الهوية، الروح، الخصوصية، فماذا بقي للديمقراطية والحرية بوصفهما أداتين لا يحدهما حد إلا العقل، عقلنا نحن وليس عقول أسلافنا، نحن الذين علينا أن نعيد تحديد شخصيتنا وهويتنا وروحنا وخصوصيتنا لتنسجم مع حاجاتنا المتغيرة دوما، وليس العكس).
وعاب الشيخ على "الذين يقولون إن نظام التصويت "الأخذ بالأكثرية أو الأغلبية" ليس من الإسلام"، وقال: "هذا غير صحيح؛ لأن التصويت هو نظام إسلامي صميم، وقد ناقشت بعض السلفيين والتحريريين في قولهم هذا، ولم أجد لهم حجة فيما يقولون؛ فالنبي أخذ برأي الأكثرية في غزوة أحد، وقال لأبي بكر وعمر: لو اتفقتما على أمر ما خالفتكما فيه".
"لماذا يقولون بأن الإسلام يرفض الديمقراطية، ونزل على رأيها (الأكثرية) سيدنا عمر في قصة الستة أصحاب الشورى؟".
(أولا، هل يعقل أن نعتبر من قبيل الديمقراطية تكليف ستة أشخاص من قبل عمر، بينهم ابنه، للفصل في مسألة الخلافة؟ وهل جاء هذا الإجراء بنتيجة إيجابية وحال دون دخول الدولة الإسلامية في المدينة حديثة النشأة في فتن لا نهاية لها أدت بعد أربعين سنة من نشوئها إلى سقوطها في ملك عضوض تواصل إلى يوم الناس هذا؟)
(وثانيا، لو كان القرضاوي صادقا فيما يقول لاعترف أن هذه الأفكار المعادية لكل فكر وافد كانت دائما في صميم فكر الإخوان المسلمين من أبي الأعلى المودودي إلى حسن البنا إلى سيد قطب إلى علي بلحاج في الجزائر، ولكنه لا يستطيع لأنه بذلك سوف يقطع الغصن الذي يجلس عليه، خاصة وهو يرى فشل محاولات بعض الإسلاميين لإحداث القطيعة مع كثير من مسلمات الأخوان المسلمين وفشلوا: خرجات حسن الترابي الجسورة وكذا محاولات جمال البنا قوبلت كلها بالصدود والاستهجان حتى من قبل القرضاوي نفسه).
ديمقراطية التسعات الأربع!!
وتعجب القرضاوي من الذين يرفضون الديمقراطية التي هي حكم الشعب، فقال: "وهل يرضى الإسلام بالاستبداد والديكتاتورية ونظام الحاكم الواحد الفرد الذي يتحكم في رقاب الناس"، غير أنه أكد على أن: "المهم هو جوهر الديمقراطية وحقيقتها، وليس شكلها؛ فهناك ديمقراطيات كثيرة في العالم ولكنها ديمقراطيات زائفة، مثل ديمقراطية التسعات الأربع ( نسبة 99.99% التي يحصل عليها بعض الحكام في الانتخابات)، إنها أشبه بسباق يعدو فيه حصان واحد".
(عظيم، عظيم يا قرضاوي، حاول أن تنظر بين رجليك وقل لنا رأيك في تلك الإمارات والملكيات التي تهيمن على شعوب الخليج وهي تفتقد إلى أدنى شروط الدولة المحترمة: لا دستور ينظم السلطات ولا ميزانيات محدودة ومعروفة ولا رقابة على مداخيل الريع البترولي ولا على الأوجه التي تصرف فيها هذه الأموال المهولة، كل هذا ولا تنتبه إلا إلى ديمقراطية التسعات الأربع، أليس هذا من قبيل قول القائل: كلمة حق أريد بها باطل؟).
وعاب على نظام الانتخاب في معظم الجمهوريات في العالم العربي، قائلا: "يقولون لك: تنتخب فلان أم لا؟ هذا ليس انتخابا، إنما الانتخاب هو اختيار الأصلح من بين مجموعة من المرشحين، والديمقراطية الحقيقية أن يقول لي: تنتخب فلانا أم فلانا أم فلانا؟".
( وهنا يبلغ البؤس مداه، وكأنه يعيش في قطر ومع أميرها الذي يملك ولا يحكم كما هو شأن الملكيات الأوربية مثل بريطانيا وبلجيكا وهولندة وغيرها، حيث الأمر كله للبرلمان المنتخب ورئيس الوزراء، بعد أن جردت المؤسسات الملكية من كل جبروتها الذي كانت تستمده من الله والكنيسة والذي كان لها في القرون الوسطى وأصبحت الآن بمثابة فولكلور لجذب السواح لا أكثر).
وتحدث الدكتور القرضاوي عما أسماه "بدعة الجمهوريات الدائمة"، فقال: "إذا كانت الملكية تورث الحكم؛ فإنها تعلن ذلك، ولها نظامها الخاص وحدودها وقوانينها المعروفة والمعلنة، لكن الغريب هو الجمهوريات الدائمة، والأصل في النظام الجمهوري تداول السلطات وتداول الرؤساء، لكن عندنا الرئيس مخلد ولا يزول عن ملكه أبدا!!"، وتحدى الشيخ أن يكون هناك "في أي دولة عربية -عدا لبنان- نظامها جمهوري يوجد رئيس سابق على قيد الحياة"، وقال: "لا يوجد.. فإنه إما أن يُقتل أو يُغتال أو يُنقلب عليه!!".
(يا للبؤس !!! على من تضحك على قرضاوي؟ هل تستطيع أن تقنعنا أن هناك في شرقنا التعيس ملكيات "لها نظامها الخاص وحدودها وقوانينها المعروفة والمعلنة"؟ وحتى إن وجد ذلك فهلا أخبرنا عن مضامينها الديمقراطية؟وفهل يبرر بقاء هذه الأنظمة القروسطية مسلطة على رؤوس العباد بهذا الشكل من التخلف مع وجود "نظامها الخاص وحدودها وقوانينها المعروفة والمعلنة"؟ هل يغفر لها هذا ابتعادها الشاسع عن أساليب الإدارة السياسية الديمقراطية العصرية التي تنتقد على أساسها الجمهوريات العربية وتحاول بطريقة بائسة جدا إيجاد الأعذار لأميرك المفدى ولي نعمتك؟ إنه البؤس يتواصل).
وضرب القرضاوي مثالا فقال: "في كثير من البلدان قد يحضر الحفل الواحد أكثر من رئيس جمهورية، ولعل أقرب مثال على ذلك الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ حضر في حفل واحد ذات مرة 5 رؤساء وهم: بوش الابن، وبوش الأب، وجيمي كارتر، وريجان، وكلينتون!!".
(البؤس يتواصل أكثر فأكثر، هل يستطيع القرضاوي أن يقدم لنا مثلا حيا واحدا يتيما خارج عالم الديمقراطية اللبرالية؟ هل كان بوسعه أن يقدم لنا نموذجا واحدا استقاه من كل تاريخ الخلافة الإسلامية الطويل العريض على مدى 14 قرنا؟ طبعا لا، فمتى عرف وطبق المسلمون مبدأ الشورى التي هي الديمقراطية كما تقول لو وجدت حقا في الإسلام وفي تاريخه؟ وأخيرا يبدو أن الشيخ قد خرف ونسي أن أميره في قطر قد وصل إلى رأس الإمارة ذات يوم على رأس انقلاب أطاح فيه بأبيه).
بدعة "توريث الرئاسة الجمهورية"!
وتحدث عن توريث الحكم في بعض نظمنا العربية: "...هناك بدعة جديدة في عالمنا العربي والإسلامي اسمها توريث الرئاسة الجمهورية، بأن تورث الرئاسة من الآباء للأبناء أو من الأجداد للأحفاد، كأنها عزبة. وليست هذه هي الديمقراطية التي نريدها، نحن نريد ديمقراطية حقيقية تقوم على الشفافية والمصارحة وإعطاء الحرية للناس، ديمقراطية تمنحهم الحق في النقد والمعارضة".
(البؤس يتكرر بلا ملل ولا كلل ولا يجد صاحبه في ذلك حرجا، ويتواصل على طريقة حلال علي حرام عليكم، حلال على الإمارات والملكيات المستبدة حرام على الجمهوريات، إنها مرة أخرى كلمة حق أريد بها باطل. فماذا سيكون موقفه لو أن هذه الجمهوريات الملكية قد حولها رؤساؤها إلى ملكيات (ولها نظامها الخاص وحدودها وقوانينها المعروفة والمعلنة)، هل يقبل ويتوقف عن دعوته البائسة إلى الإصلاح وتبني الديمقراطية ونظام الانتخابات أم سوف يقول بأن باب الملكية قد أغلق مثلما أعلق باب الاجتهاد؟).
وقال الشيخ القرضاوي: "نريد في بلادنا أن يتحرر الشعوب تحررا حقيقيا من سلطان الجبارين والمستبدين، نريد للشعوب أن تتنفس؛ فتقدر أن تقول: نعم أو لا. أما سوق الناس بالعصا فهو لا ينشئ أحرارا بل عبيدا، والعبيد لا يمكن لهم أن يقيموا حضارة، ولا أن يحموا دولة".
(هو سم في الدسم، أو على الأقل هو قول لا يستقيم لو أننا حاولنا الذهاب به بعيدا إلى آخر مداه. فهل يقبل القرضاوي بإلغاء، أو على الأقل تعديل، قوانين الشريعة الإسلامية المطبقة على النساء عندنا والتي تفرض عليهن حالة قصور دائمة؟ هل يقبل أن يتحول المواطنون من غير المسلمين من طوائف ذميين إلى مواطنين كاملي المواطنة؟ هل يستطيع أن يتجاوز "مسمار حجا" في الفقه الإسلامي المتمثل في مبدأ "لا اجتهاد مع النص"؟ أم هو يعني بالحرية الرجال والرجال المسلمين فقط؟ فهم كرجال قوامون على النساء، وهم كمسلمين قوامون على سواهم من الذين وضعهم حظهم التعيس في بلدان إسلامية).
وكرر القرضاوي مجددا تأكيده أن منح الحرية للشعوب مقدم على تطبيق الشريعة في جو من الديكتاتورية، فقال: "نحن قلنا ونكرر إننا قبل أن نطالب بتطبيق الشريعة نريد أن تتحرر الشعوب، فإذا أعطيت الشعوب الحرية انتعشت الدعوة وانتشر الإسلام".
( يا لهذا الخبث الصبياني !!! ما أشبه هذا القول بقول إسلاميينا في الجزائر في التسعينات عندما كانوا يقولون نحن نستغل الديمقراطية لإقامة الدولة الإسلامية التي لا تؤمن بالديمقراطية الكافرة وإذا كان الديمقراطيون من الغباء بحيث يقبلون بذلك فهذا شأنهم).
واختتم الشيخ القرضاوي خطبته بالقول: "نحن نريد لأمتنا أن تسير مسيرة الحرية والديمقراطية، شريطة أن نفهم الديمقراطية بضوابطها؛ فنعرف أنها ديمقراطية المجتمع المسلم الذي يؤمن بالإسلام مرجعا له، ويؤمن بالشريعة حاكما له، ويؤمن بالقيم الإسلامية موجهة له، ويؤمن بالعقيدة الإسلامية أساسا لهويته"، مشيرا إلى أن هذا "هو المجتمع الذي لا يمكن أن يحل حراما، أو يحرم حلالا، أو يسقط ما فرضه الله، أو أن يشرع ما لم يأذن به الله".
(الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، ها هي حليمة تعود إلى عادتها القديمة، لقد آن لهذا الفارس أن يترجل. لاحظوا معشر القراء، كيف كان كل ذلك الكلام المعسول عن الحرية والديمقراطية والاستفادة من أفكار الغير، كل ذلك كان عبارة عن عملية محبوكة منسوجة مخاتلة للضحك على الذقون. هنا يبلغ البؤس أقصاها. فلا ديمقراطية ولا مسخرة في عقل الشيخ، بل مجرد إيماءة غبية بادية لكل ذي لب، يوجهها القرضاوي للأحزاب والحركات الإسلامية لانتهاز الفرص ما دامت العامة المخدوعة معهم ومادامت القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية لم تستفق بعد من الغيبوبة التي وقعت فيها نتيجة هزيمتها المنكرة مع إسرائيل من جهة ونتيجة سقوط المعسكر الاشتراكي الذي كان يحتمي به البعض الآخر، للسطو على مقاليد الحكم في بلداننا ثم يعودون إلى تحكيم شريعتهم التي لا أحد يفهمها إلا هم: إنها "ديمقراطية المجتمع المسلم الذي يؤمن بالإسلام مرجعا له، ويؤمن بالشريعة حاكما له، ويؤمن بالقيم الإسلامية موجهة له، ويؤمن بالعقيدة الإسلامية أساسا لهويته"، إنها ديمقراطية " المجتمع الذي لا يمكن أن يحل حراما، أو يحرم حلالا، أو يسقط ما فرضه الله، أو أن يشرع ما لم يأذن به الله".
(وطبعا، من هم المؤهلون شرعا على السهر على هداية هذا المجتمع المسلم ليعرف الحلال والحرام ولا يسقط ما فرضه الله ويعرف كيف يؤمن بالعقيدة الإسلامية أساسا لهويته، غير القرضاوي وأشكاله من رجال الدين والساسة المتدثرين بجلابيب الدين؟).
وكان القرضاوي قد أكد أن الحرية يجب أن تكون المطلب الأول للشعوب العربية والإسلامية قبل أن يطالبوا بتطبيق الشريعة، وقال: "ولذلك أنا أقول: إن مشكلتنا الأولى في عالمنا العربي والإسلامي هي مشكلة الحرية قبل أن تكون مشكلة تطبيق الشريعة الإسلامية، مشكلة الحرية؛ لأننا لا نستطيع أن نطبق الشريعة وهذه الأجواء وهذه المناخات المسمومة القاتلة الخانقة تفرض علينا نفسها، لا بد أن نتنسم أنسام الحرية.. أن تفتح الأبواب، وتهب النسائم علينا حتى نتنفس كما يتنفس سائر البشر".
(كيف يعقل أن يصدق عاقل هذا الكلام البائس المخاتل..؟)
وأضاف الشيخ في برنامج "الشريعة والحياة" الأسبوعي الذي أذاعته قناة الجزيرة القَطَرية يوم 16-2-2003: "أرى أن الحرية هي المناخ الملائم لتطبيق الشريعة الإسلامية، ولنشر الدعوة الإسلامية، ولإشاعة القيم الإسلامية.. ومن غير حرية لا نجد الفرصة لهذا، أنا أجد دائمًا أنه كلما وُجِدَت الحرية في البلاد الإسلامية أو في بلد إسلامي انتعشت الدعوة الإسلامية، وقامت الصحوة الإسلامية، ووجدت الحركة الإسلامية".
(هذا الشيخ ينصب نفسه الآن بطلا للحرية والديمقراطية لكنه بطل مزيف لا تخفى ألاعيبه على كل ذي عقل.)
غير أن الشيخ استطرد قائلا: "لم أقل إن الحرية بديل عن تطبيق الشريعة، ولكن رأيتُ أن مناخ الحرية يعني مقدمة لازمة لتطبيق الشريعة، لا بد أن تتوافر أجواء الحرية، حتى يستطيع أهل الدعوة أن ينشروا دعوتهم، وأن يهيئوا الشعوب لتقبُّل أحكام الشريعة، وأن يهيئوا الأجيال التي ستقيم الشريعة، الشريعة لا تقوم بمجرد الدعوة؛ فجو الحرية لا بد منه لكي نحكم بالشريعة".
(أنه بؤس لا نجد نظيرا له إلا عند الإسلاميين. لقد وضعتهم التطورات العالمية أمام مآزق لا قبل لهم بها ولا قدرة لهم على مواجهتها إلا بهذا الخداع الصبياني. إنها الحرب خدعة في شريعتهم. وإذا كانت كل الطرق تؤدي إلى روما، فإن كل طرق الإسلاميين تؤدي إلى مسعاهم المرضي للعودة بنا إلى الماضي، إلى مدينتهم الفاضلة، مثلهم الأعلى في ذلك التمسك المرضي بشعارهم السلفي العزيز عليهم: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها". ولا بأس بقبول ظاهري لشيء من الحرية والديمقراطية ما دامت تقربهم أكثر لوضع هذا الشعار الوهمي موضوع التطبيق، مادام الآخرون في غفلة من أمرهم.







#مختار_ملساوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقال تعقيبي على مقال السيد نادر قريط
- مآزق الإسلام السياسي أمام العقل المنطقي


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مختار ملساوي - المحاولات البائسة للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية: القرضاوي نموذجا