أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حميد طولست - مغامرة الكتابة ؟؟















المزيد.....

مغامرة الكتابة ؟؟


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 02:44
المحور: سيرة ذاتية
    


رغم "أن من يكتب لايموت" كما يقولون، و"أن الكتابة لا تنهزم" فإنني كثيرا ما أسأل نفسي عن جدوى الكتابة، وعن الفائدة من أن يصدر المرء مكتوبا جديدا، أو أن يُنشأ نصا نثريا كان أم شعريا مادام لن يقرأه أحد؟ ما فائدة أن يضيف أي كان إلى هذا الكم الهائل من المنشورات، مكتوبة جديدة، أو حتى كلمة منه بسيطة؟ إذا كانت لن تحمل في طياتها فرادة عظيمة وتميزا بينا. فأي إصدار موجه للقراءة، لابد أن يتوفر فيه الحد الأدنى من المعايير الأخلاقية المتفق عليها، وأعني: ضرورة الموضوع ومدى أهميته في حيز زمني هو الآني والآتي، وضرورة الأسلوب الذي يأخذ بعين الاعتبار حلم الإتيان بالشيء الجديد صياغية تبعا للشكل والتشكيل و المورفولوجي الظاهري والهيرمينوطيقي الدلالي وما يتجاذبه من تأويل..
وكلي إيمانا أن الذي يقدم على هذه المغامرة، هو كمن يضيف إلى البحر المشبع بملحه ملعقة ملح لا تزن ذرة من خردلٍ أمام ملوحة البحر. أو يشعلُ شمعة صغيرة خافتة النور في نهار مليء بالشموس العظيمة الضوء.
كثيراً ما ينتابني شعور بأني عابث يضيعُ وقته وماله، وأني لن آتي فأفضل ممّا أتى به غيري، أو أضيف جديداً مبتكراً، ويراودني شوق كبير حينها إلى الذهول أمام فوضى المنشورات التي تجتاح ما حول جنبات مكاتب التبغ، وتفيض بها أكشاك الجرائد المنتشرة في شوارع المدينة المكتظة بمن لا يقرؤون. و أقول في سرّي " هل هناك شيء جديٌّ لم تتطرق له بعد هذه المطبوعات، أو هل هناك سؤال منطقي لم تسأل عنه تلك المنشورات حتى الآن" ؟؟. وهل ما زال هناك إشكالات محتفظاً بحرارتها الأولى تستحق بجدارة بأن تُطرح على صفحات إصدار جديدة.
وكثيرا ما أدعو نفسي إلى تجاهل هذه الأسئلة وأحاول التمرّد على روتينيتها حتى أتمكن- رغم ظروف النشر االقاسية وندرة الموارد المادية- من الاستمرار في إبتداع شيءٍ جديد له خصوصيته وجدته وتميّزه، يتكامل فيه الشكل والمضمون جماليا، ويرتاح القارئ له نفسيا، ويتشوق لقراءة المزيد من كلماته وصفحاته، وحين ينتهي من القراءة، يحزن لأن ما يقرؤه توقف عند نقطة تعلن الخاتمة، لكنه يكون سعيدا حين يعود إلى إليه، أي إلى ما ترسب في روحه وفكره ونفسه، يتأمله، وقبل أن ينمحي يعيد تشكيلهن، مشتركا بكيفية ما في إعادة بناء ما قرأ؛ ما يدفعني غالبا إلى التمسّك بأطياف الحلم المتلاشي في فضاء التفجرِّ الديموغرافي الصحفي الهائل ووسط تصحرِّ الكلمة الكليِّ في مناخ فقير وخالٍ من الإضافات النوعيّة أو تلك المنفلتة من سطوة التابوهات.
إلاّ أني حتى هذه اللحظة لم أحققُّ إلاَّ الإنجاز القليل المتواضع، وما زلت في انتظار الفتح الكبير عله يغني العاطفة والعقل ويخلق جوا صحفيا إنسانيا حقيقيا تحترم فيه الصحافة نقطة البدء الربانية "إقرأ" و تقدسها كتجلي للحرية وكرامة الإنسان، دون الإنزلاق بها إلى الفساد، لأن الصحافة أقرب إلى ذلك إذا هي‮ ‬جبُنت وخافت وعطلت دورها الرقابي‮ ‬المسؤول وفشلت في‮ ‬تعبئة قرائها وجماهيرها ضد الفساد في‮ ‬أي‮ ‬موقع وتحت أي‮ ‬مسمى.
فإذا هي يوما لم تلبي أيا من استجابات القارئ، ولم ترفع من مستواه الفكري واللغوي و المخيالي والروحي، فإنها تتحول لا محالة إلى لعبة بأيدي السلطة والأحزاب – الفاسدة غالبا – ويفقد حينها الشعب إمكانية مواجهة الفساد والقمع والتفرد بالسلطة سواء كان هذا التفرد من قبل أشخاص أو جماعات أو حتى أفكار. و بذلك يبتعد القارئ عنها و يعزف باحثا عن صدر آخر يجد فيه ما يضيف إليه المفقود منه.. أليس كل قارئ يبحث عما ينقصه؟؟ يبحث عن الكمال؟ لأنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" كما قال عيسى عليه السلام، فلا يوجد غذاء وشفاء للعقل والروح أجمل من التأمل و الإستبصار والاستغوار في إبداع إنساني متكامل.. وهل هناك أجمل من القراءة بكل دلالاتها ومفاهيمها في ما هو كامل وجميل؟ ومن أجل ذلك جاء سيد الخلق خاتم الأنبياء سيدنا محمد رسول الله الأمي صلى الله عليه وسلم ومعه مفتاحه المكمل للرسالات السماوية والذي هو "إقرأ"
أليس من خلال هذه المفردة الواحدة الراقية التي تشبه نقطة البدء في لغة الصوفيين والفلكيين وعلماء الكونيات والفلاسفة والفقهاء، والتي نصل بها إلى الذات الأخرى وذواتنا والوجود والعدم؟ أليس بهذه الكلمة نخرج من الفناء إلى البقاء حيث العروج إلى الله؟
هذه المفردة هي أساس الصحافة التي تمثل بمكوناتها لبّ الدولة الديمقراطية الحديثة، والسلطة الأولى التي تمثل مرآة الشعب التي يُدرك بها نفسه وحكومته وواقعه بكل ما فيه من مشاكل ومعوقات. والتي لا يمكن لأي كان أن ينكر أثرها على الحياة البشرية، وأنها من أقوى وسائل التثقيف والتربية الشعبية؛ كيف لا وقد أصبحت تمتلك زمام سلطة الرأي العام من خلال التوجيه و التأطير و التحريض، حتى قيل في هذا الإطار " الصحافة قوة ضخمة، عظيمة الأثر بالغة النفوذ، اكتسبت بل انتزعت من أصحاب السلطان لقب السلطان فسموها – صاحبة الجلالة – ووقفت بقامتها المديدة تفرض نفسها بين القوى الموجهة في كل بلد، فسميت السلطة الرابعة إلى جانب السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية لأنها تحفظ التوازن بين سلطات الدولة و ترعى شؤون الشعب، وترسم له المستقبل، وتكون عقليته، وتعبر عن رغباته، وتُسمع رأيه لأرباب السلطان.
بالتأكيد لست أرمي بهذا الكلام إلى أن تتحول صحافتنا إلى كتب مقدسة لا يأتيها الباطل لا من خلفها ولا من أمامها، ولكنني أريد أن أطرح فكرة دراسة الإرتقاء بما نكتب لنصل بها إلى الحد الذي لا نشغل فيه أنفسنا بالآخرين، وما لبسوا، وما أكلوا، وكيف يمشون، أو ماذا يفعلون، أو ماذا يقولون..
ربما يقول قائل إن هذا هو دور الصحافة ودأبها، و أنه لا ولن نجد صحافة في العالم، تخلوا من مثل هذا التوجه، سواء صغرت اهتماماتها أم تعاظمت، وأن الأمر رهن بالحراك الاجتماعي. هذا صحيح إلى حد كبير ولكننا نمتلك في المغرب الأرضية التي تسهل علينا مثل هذه الخطوة وأعني بها إنفتاحنا على الآخر، وتواصلنا مع مختلف قضاياه المصيرية كنتاجات غير ديمقراطية لسلوكات بعض من تولو أمور البلاد.
فتعالوا بنا نتجاوز قصص ماذا يلبس الآخرون وماذا يقولون، ونرقى إلى قصص كيف يفكرون وكيف يبدعون وكيف يرتقون بحياتهم وكيف يسهمون في تطوير مجتمعهم ووطنهم. أعرف أن المسألة ليست بقرار وأنها خاضعة لحراك اجتماعي؛ ولكنني أعرف أيضا أن المتوفر اليوم من العوامل، يتيح فرصة الانتقال من تلك الحال إلى الأخرى سريعا وأن التطور والتغير آت لا ريب فيه. وأختم بما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي عن الصحافة:
لكل زمن مضى آيـــــــة وآيـــة هذا الزمان الصحـــف
لسان البلاد ونبض العبــــاد وكهف الحقوق وحرب الجــــنف
فيا فتية الصحف صبــــرا إذا نبا الرزق فيها بكم واختلـــــف
فإن السعادة غير الظهـــــو ر وغير الثراء وغير التـــــرف
ولكنها في نواحي الضمــــي ر هو باللؤم لم يكتنــــــــف



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توهج الكلمة
- الصحافة الإلكترونية تتمأسس بالمغرب
- الهدر و سوء التدبير
- الأسلمة الموضة الجديدة
- الشغيلة في عيدها الأممي
- لماذا كل هذا الانشغال بالانتخابات؟؟؟
- الأستاذ محمد مليطان يحاور المدون الأستاذ حميد طولست بعد المؤ ...
- حصان طروادة بمقاطعة المرينيين بفاس
- حميد طولست يحوار الفنان التشكيلي سعيد العفاسي
- السلطة
- دوام الحال من المحال
- .الأحاديث النبوية وأسئلة لا بد منها
- رد على رد
- إعداد النشأ ليس قصرا على الأمهات
- ظاهرة التسول ...
- قادة من ورق
- آفة الفقر والجوع
- لماذا لا يلمع ويثرى إلا مدعو النضال والوطنية ??!
- تشابه الأحياء الشعبية
- الحوار المتمدن تجربة لا نهائية ناجحة


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حميد طولست - مغامرة الكتابة ؟؟