صباح ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 2653 - 2009 / 5 / 21 - 02:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المعروف للناس وخاصة المسلمين ان الجنة هي تعبير عن البستان الملئ يالاشجار المثمرة والفواكه الشهية ، والانهار والطيور وكل شئ جميل للنظر ومريح للنفس. يعيش فيها الانسان البار بهناء لايمرض فيها ولا يموت وهي مكافأة الخالق لعباده المؤمنين ومن عمل صالحا منهم بعد انتهاء رحلة حياته الاولى .
جاء في توراة موسى عن الجنة التي خلقها الله لادم وحواء :
" وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ، وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ " (التكوين 9)
خلق الله الجنة حسب العهد االقديم لكتاب موسى في شرق عدن اي على الارض التي نعيش عليها وليس في السماء كما يضن البعض، ووضع الانسان الاول فيها." وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا". (سفر التكوين15). ويسقي الجنة الارضية اربعة انهاركما جاء بالتوراة
" وَكَانَ نَهْرٌ يَخْرُجُ مِنْ عَدْنٍ لِيَسْقِيَ الْجَنَّةَ، وَمِنْ هُنَاكَ يَنْقَسِمُ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ رُؤُوسٍ: فِيشُونُ، وجِيحُونُ وَاسْمُ النَّهْرِ الثَّالِثِ حِدَّاقِلُ، وَهُوَ الْجَارِي شَرْقِيَّ أَشُّورَ. وَالنَّهْرُ الرَّابعُ الْفُرَاتُ.
( سفر التكوين 10-14)
هذه الايات التي وردت في توراة موسى تدل على ان الجنة موجودة على الارض وليست في السماء . وموقعها في منطقة عدن ويسقيها نهر حداقل (دجلة) والفرات وهما من الانهار المعروفة في الشرق الاوسط تنبع من جنوب تركيا وتمر في الاراضي السورية والعراقية . وهذه هي الجنة الارضية التي يؤمن بها اليهود والمسيحيون استنادا للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ( التوراة والانجيل).
المسيحية واليهودية لاتؤمنا بوجود جنة مادية ما بعد القيامة ، فيها اشجار وبساتين وانهار وطيور. لان جنة عدن التي كانت على الارض يوم عاش فيها آدم وحواء اغلقت بعد ان طردهما الله منها بعد ان عصيا ربهما. جاء بالكتاب المقدس :
" فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ." (التكوين 24 )
بل تؤمنا بملكوت الله او مملكة الله السماوية التي يسكنها الان ارواح الملائكة ... وبعد القيامة والدينونة سيدخلها القديسون والابرار والصالحون من بني البشر الذين لا اجساد لهم بل ارواح نورانية ، حيث يسبحون الله دوما.
قال السيد المسيح لليهود عن الحياة الاخرى في القيامة : " فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاء "
هذه الاجابة القصيرة تفسر لنا كيف نكون في ملكوت الله بعد القيامة , اي لا اجساد مادية ولابستان ولاجنة ولاطيور ولا انهار بل ارواح نورانية كملائكة الله في السماء . حيث لا اكل ولاشرب ولا زواج ولا نكاح هناك .
اما الجنة في الاسلام ، فهي البستان الذي يجري من تحته الانهار تحوي خمرا ولبنا وعسلا وفيها منازل من لؤلؤ وزمرد وياقوت تسكنها الحوريات الابكار، ويعيش فيها المؤمن والمجاهد والشهيد الذين قتل في سبيل الله وان سرق وان زنى في حياته. ( حديث شريف), والمكافاءة في الجنة هي تزويج كل مجاهد بأثني وسبعين حورية بكرا، وضيفتها امتاع المسلم المجاهد بنكاح لا ينقطع دحما دحما، حيث تعود بكرا بعد كل مضاجعة !! ويأكلون من لحم طير ويشربون خمرا فيه لذة للشاربين، ويخدمهم ولدان مخلدون لاينزفون وكأنهم اللؤلؤء المنثور يطوفون عليهم بكاس من معين . جاء في القرآن :
" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ،
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ، مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ، .... وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ
(سورة الطور )
هذه الجنة في الاسلام والتي تختلف تماما عما جاء في الكتب المقدسة للديانة اليهودية والمسيحية .
جهنم في اليهودية والمسيحية .
يتطابق العهد القديم والعهد الجديد للكتاب المقدس في وصف جهنم بما يلي :
جنهم كلمة عبرية لاسم وادي هنوم او( جي هنوم ) يقع شرقي اورشليم وخارج اسوار المدينة القديمة .
وكان يطلق عليه قديما اسم وادي الموت حيث كان اليهود يلقون فيه النفايات وجثث الموتى من المجرمين وكذلك محرقة للاطفال الذين يقدمون كقرابين للاله مولك في ايام ملوك اسرائيل القدماء . كانت جي هنوم او( جهنم) بالعربية ذات رائحة نتنة يتصاعد منها ضباب ودخان الحرائق باستمرار، وهي موضع للنجاسة والقاذورات والجثث ونارها لهيب لاتنطفئ .
استعار الكتاب المقدس اسم جهنم رمزا للتعبير عن العذاب الابدي الذي سيلقاه الاشرار والذين لايؤمنون بالله ولا ينفذون وصاياه ، بأنهم سيلقون في بحيرة النار والكبريت حيت دودهم لا يموت ونارهم لاتنطفئ , وذلك تشبيه مجازي لجنهم وادي الموت في مدينة اورشليم التي كان يعرفها اليهود.
قال السيد المسيح :" ان كانت يدك اليمنى تُعثرك ، فاقطعها والقها عنكَ ، لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم " . واليهود كانوا يعرفون ما المقصود بجهنم لانها موجودة بقربهم .
اما جهنم الواردة ذكرها بالقرآن ، فهي كلمة اعجمية غير عربية ، الا ان القرآن استخدمها رغم انه جاء بلسان عربي مبين !! كغيرها من كلمات اعجمية كالماعون , التابوت، استبرق، طور، سنين، سندس طاغوت وغيرها .
وجهنم في القرآن هاوية سحيقة لها سبع طبقات او دركات , كل منها خصصت لشعوب احدى الامم بغض النظر عن اعمالهم وسيئاتهم , مرتبة فوق بعضها البعض حيث اسفلها اشد حرارة ولهيبا من اعلاها . اطلق القرآن عليها اسماء حسب مواقعها في التسلسل العمودي ودرجة حرارة لهيبها !
اعلاها طبقة واقلها لهيبا هي المخصصة للمحمديين العصاة حسب تفسير الطبري الذين اخطائهم اكثر من حسناتهم ، الثانية محجوزة للنصارى واسمها سقر ، الثالثة لليهود واسمها لضى، الرابعة للصابئة واسمها الحُطمة، والخامسة خصصت للمجوس واسمها الهاوية، والسادسة محجوزة للمشركين واسمها السعير والسابعة التي هي اشد حرارة ولهيبا من الاخريات لانها قرب مصدر الوقود خصصت للمنافقين وآل فرعون .
قال محمد ان عمق الهاوية لجهنم تعادل المسافة التي يقطعها حجر ُيلقى من اعلاها الى ان يصل القاع بعد سبعين سنة او خريفا، ولا ادري هل المسافة هناك تُقاس بالسنين الضوئية ام بالسنين الارضية ؟ الله ونبيه اعلم .
في رحلة الاسراء والمعراج ، عرج نبي الاسلام محمد الى جهنم ليستطلع سكانها , -- رغم ان القيامة لم تحدث بعد – فوجد ان اكثر اهلها من النساء !! منهن المعلقة من ثدييها والاخرى من رموشها والاخرى من شعرها ويصلون بنار من لهب لسوء تصرفاتهن في حياتهن على الارض .
حتى في جهنم هناك تمييز عنصري واضطهاد للمراءة ؟
#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)