أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين بن حمزة - علي البزاز: أسلحة البلاغة الشاملة














المزيد.....

علي البزاز: أسلحة البلاغة الشاملة


حسين بن حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 2648 - 2009 / 5 / 16 - 04:24
المحور: الادب والفن
    


نقرأ ديوان «بعضُه سيدومُ كالبلدان» (منشورات الغاوون) للشاعر العراقي علي البزَّاز، فنحسُّ بأننا مدعوون إلى شعرٍ أصعب مما هو شائع اليوم. إنه شعر بطبقات أدائية متعددة، وما يُكتب منه قليل مقارنة بإقبال أغلب الشعراء الجدد على قصيدة ذات بنية خيطية بسيطة. قصيدة البزاز ذات بنية ومكوّنات معقدة. قارئها لا يستطيع أن يغفل عن جملةٍ أو يقفز بسرعة من سطرٍ إلى آخر، ولا حتى من كلمة إلى كلمة. ثمة أداء لغوي قوي استُخدمت فيه معظم «أسلحة البلاغة الشاملة». ترك البزاز العراق منذ 1991، ويقيم في هولندا حالياً. كتب بالهولندية ونشر أربع مجموعات شعرية. أرجأ الشاعر النشر بالعربية، وها هو يدفع بأربع مجموعات ليضع بين أيدينا كتابه الشعري الأول الذي لا يشبه البواكير الشعرية. ما نقرأه يوحي أن صاحب الديوان يفضِّل خياراتٍ معينة على خياراتٍ أخرى. هناك شغلٌ حثيث وعناية لغوية على جعل كل عبارة شعراً أو ممارسة شعرية مكتفية بنفسها. لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن معظم نصوص علي البزاز عبارة عن صور واستعارات متواصلة. لا نعثر على ذلك النوع من الجمل التي تكون مهمتها ربط صورة بأخرى أو تمهِّد لاستعارة لاحقة. وظيفة كل جملة هنا هي أن تحوز أقصى شعرية ممكنة.
الشعر، بهذا المعنى، يصبح عملاً بدوام كامل. الشاعر لا يتراخى في الكتابة، ويفترض قارئاً لا يتراخى في التلقّي. في أحد المقاطع، يكتب الشاعر جزءاً من «وصفة» الكتابة التي يحبِّذها: «أعرف من تبرُّج الحجر إرثاً سافر التقاليد، ومن عتيقِ الشعر الشاعرَ المسبوقَ دائماً بالإنشاءِ غير مبالٍ بالعمقِ المحسَّن للنص مبتهجاً بأنه طافٍ. هذا الشاعرُ هو نسيمٌ منزوع الهبوب». نزع الهبوب من النسيم يشبه ما نقوله عن الطعام الخالي من الدسم. الدسامة، على أي حال، قد تكون صفة لائقة بكتابة يبالي صاحبها بـ«العمق المحسّن». وهي صفة تنتقل عدواها إلى عناوين القصائد أيضاً، كما هي الحال في عناوين مثل: «حجارةٌ يدوم سرورها» و«المنابر تعدّدُ مناقبَ صوتكِ» و«إبقي ساهرةً أيتها الزينة». القصد أن العناوين محكومة بمعجم القصائد إلى حد أن بعضها يصلح سطراً أو استعارة داخل القصائد. الشاعر يُرينا خصوبة هذا المعجم وثراء مفرداته.
«أيها السطح ضعْ العمقَ شرطاً يسطع»، يقول في قصيدة بعنوان «الوقاية من حريرٍ غير معبَّدة نعومتهُ». هذا أيضاً تعريفٌ لما يفضِّله الشاعر في الكتابة. هدفٌ كهذا يستدعي تقنياتٍ وحِيَلاً وألاعيب لغوية عديدة. الانزياح حاضر بكثافة هنا، إذْ كثيراً ما يقترح الشاعر معانيَ بديلة أو إضافية للمفردات. لا يُفاجئ القارئ بتركيبات لغوية مثل: «ها هم رُعاع الكتابة قادرون على جعل الجناح السفيه يرفرف» أو «العراء يربي شساعته» أو «صوتكَ كالبذار جُلُّ أمانيه الخُضرة». الانزياح يورِّط اللغة في نوع من السريالية الخفيفة أيضاً، فنقرأ صوراً مثل: «لا تنظر إلى الزهرة بنظرةٍ بدينة/ سرْ مع نحولها» أو «رجالٌ كالحصرم ضاعوا من أجل العنب».
يذكرنا البزاز بسليم بركات. هذا لا يقلل من شأن تجربته الشابة، لكنّ الدسامة المعجمية والتدفق اللغوي والاستعارات الغزيرة تحيلنا إلى «فنٌّ شعري» ممهورٍ بإمضاء الساحر الكردي الكبير



#حسين_بن_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -شرفة بعيدة تنتظر- للقاصة بسمة الخطيب
- رداً على نجم والي وكريم عبد حين يكون تطابق الشخصيات مقصوداً
- حسابات المنفى العراقي


المزيد.....




- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...
- الخناجر الفضية في عُمان.. هوية السلطنة الثقافية
- السعودية.. مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم مايكل كين وج ...
- المخرج الأمريكي شون بيكر: السعودية ستكون -الأسرع نموًا في شب ...
- فيلم -الست-: تصريحات أحمد مراد تثير جدلا وآراء متباينة حول ا ...
- مناقشة رواية للقطط نصيب معلوم
- أبرز إطلالات مشاهير الموضة والسينما في حفل مهرجان البحر الأح ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين بن حمزة - علي البزاز: أسلحة البلاغة الشاملة