أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين بن حمزة - حسابات المنفى العراقي














المزيد.....

حسابات المنفى العراقي


حسين بن حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 124 - 2002 / 5 / 8 - 23:56
المحور: الادب والفن
    




مجتمعات المثقفين، رغم هدوئها الظاهر، تسودها عداوات واتهامات يعرفها الجميع ولكنها نادرا ما تتحول الى موضوع يناقش بصورة علنية في الجرائد وفي صفحاتها الثقافية خصوصا.
كأن الجميع متفقون على وجود حياة خفية يتغذى جزء كبير من حركة النشر والتواجد في الضوء من علاقات هذه الحياة ونظامها الغامض.
الأرجح ان المثقفين العراقيين تجاوزوا اقرانهم من المثقفين العرب في هذا المجال لأسباب كثيرة ربما يكون اهمها خروجهم شبه الجماعي من العراق وتوزعهم على بلاد ومنافٍ عديدة. والمنفى، ككل منفى، لا بد ان يفاقم صورة الوطن ويضخم تأثيراته الايجابية والسلبية معا. هكذا كشف المنفى حيزا لا يستهان به من الحياة السرية للثقافة العراقية ومن شخوصها وعلاقاتها بشكل اكثر وضوحا من الثقافات المحلية العربية الاخرى التي بقيت اسيرة بلدانها ولم تخرج عن سيطرة نظامها الطبيعي.
ولذلك بات دارجا ان نسمع بين الحين والآخر بنشوب خلاف بين شاعرين عراقيين (فالشعراء مرشحون اكثر من زملائهم في هذا) ادى بهما الى تبادل، اضافة الى وجهات النظر، الشتائم والاهانات التي يكيلها كل طرف الى الآخر ليس بحضوره بل امام آخرين غالبا ما كانوا شهودا على علاقة طيبة سبقت الخلاف!؟ ولكن الخلاف، فجأة، يجعل تجربتهما الشعرية والسلوكية عرضة للشك والتبخيس بعد ان كانت، قبل ذلك، تشهدان تعاونا مثمرا في مشروع شعري ما او اصدار مجلة ما او في مجرد صداقة شخصية! ومع ذلك قلما وصل تبادل الآراء (والشتائم) حدود النميمة الشفوية الى بعض الاشارات في حوارات او مقالات متفرقة.
قد نفهم، ومن دون ان تكون هناك مشكلة ومن دون ايعاز بخلاف شخصي، ان يقول الشاعر كاظم جهاد، مثلا، في قصيدة له ما معناه: أن يطرد ابناء بلده اذا التقاهم في الخارج (لا اتذكر المقطع تماما في ديوانه ((الماء كله وافد اليّ)))، او ان يكتب الروائي سليم مطر في روايته ((التوأم المفقود)) ان بطله بذل جهدا طويلا ومضنيا لكي يتخلص من كل ما يمت لأبناء بلده بصلة لكي يحيا ويكتب وينتج.
هذان مثالان معقولان لا يمكن الاعتراض عليهما بل انهما يحتويان على هاجس حقيقي للكتابة الى درجة ان عبارة كاظم جهاد تبدو مثل صورة شعرية صافية وآسرة، بصرف النظر عن وقعها الحياتي والشخصي الجارح، والامر نفسه ينطبق على كتابة سليم مطر التي يتداخل فيها السردي والذاتي بطريقة مميزة و ناجحة.
أما ما اريد ان اصل اليه فهو ما فعله الكاتب نجم والي في روايته ((تل اللحم)) الصادرة مؤخرا عن ((دار الساقي)). انه يتجاوز كل ما عرفناه وتعودناه من خلافات المثقفين العراقيين ومن سواهم ايضا. فها هو احدهم يكتب رواية كاملة في اربعمائة صفحة من القطع الضخم لكي يصفي حسابات شخصية مع عالم عراقي كامل. لا اريد ان احلل الرواية ومناخاتها السردية لانها، في الحقيقة، لا تسمح بذلك بسهولة، وما يطفو على سطحها من شتائم وتحقيرات لبعض الكتاب والشعراء يؤجل، ويلغي احيانا، كل ما يتعلق ببنائها الفني! والقارئ لا يحتاج الى بذل اي جهد لمعرفة من يعنيهم المؤلف فهو يذكر اسماءهم الكاملة مع تحريف بسيط لا يخفى حتى على الجاهل بعالم الكتابة العراقية. فعلى سبيل المثال يسمّى العاهرة التي ترافق الروائي (الذي يتقاطع دائما مع وظيفة المؤلف السارد) ((معالي)) في اشارة الى الشاعر خالد المعالي ويسمي الشاعر حسب الشيخ جعفر باسم ((عبد الرزاق شيخ مخفر)) او عبد الرزاق عبد الحادي مازجا بينه وبين ((عبد الرزاق عبد الواحد))، ويثبت عنوان ديوانه (زيارة السيدة السومرية) باسم (احذية السيدة السومرية). ساخرا من انقسامه السياسي والحزبي وجاعلا منه مخبرا تافها لدى السلطة. أما ما يقوله عن المخرج المسرحي جواد الاسدي فقد نزل فيه الى حضيض لا يصدق اذ تتحدث عاهرة اخرى الى بطل الرواية عن مخرج اسمه جواد الازدي الذي، بحسب نجم والي، (مجرد تخيّل وجهه يثير الخوف ليس عند البشر إنما عند الكلاب!!) ويتابع على لسان العاهرة: (الكل يعرف ان الازدي عنده من زوجته الاولى طفل معوق تنكّر له وتركه في دار المعوقين في دمشق، اما زوجته الثانية فأعوذ بالله). قد نفهم أن يلجأ الكاتب، مطلق كاتب، الى استثمار حيوات الآخرين وسيرهم في انتاج نص روائي ولكننا لن نفهم ابدا ان يتحول النص الروائي نفسه الى مطية لاعادة انتاج الانتقامات الشخصية وتطويرها الى سرد يبرئ ساحة المؤلف من اي ادانة ويرجم الآخرين في سلوكهم ونصوصهم بل وحتى في شرفهم.
عيب فعلاً!.


©2002 جريدة السفير



#حسين_بن_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين بن حمزة - حسابات المنفى العراقي