أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جلال القصاب - أهلُ الخير حين يصبحون أهلَ الخير














المزيد.....

أهلُ الخير حين يصبحون أهلَ الخير


جلال القصاب

الحوار المتمدن-العدد: 2646 - 2009 / 5 / 14 - 01:12
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


شوهِد على حائط مقبرةٍ هذه العبارة: (ليس بمستطاعك أن تأخذ مالك معك، لكن بستطاعك جعله يسبقك إلى هناك)..
المال غالباً ما يبلّد أحاسيسنا الإنسانية لدرجة جعْلنا تُعساء نتوجّس مَن حولنا ونظنّهم متملّقين ولصوصاً وطامعين بثرواتنا، الانشغال بجمعه وتعديده مجلبةٌ لجفوة ضميرنا، وخُزّانُه دون إنفاق يصنعون البؤس والتعاسة لأنفسهم ولمحيطهم، تصديقاً لمقالة نبيّنا(ص): (بئس عبدُ الدرهم، تَعِسَ عبدُ الدينار).
لو وهب الغنيُّ أخاه الفقيرَ فاضلَ أكلاته التي تُعجِّل بطنته وأسقامه.. لانصلح حالُ الاثنيْن، (يسألونك ماذا يُنفقون، قل: العفو) يعني الزيادة، ولقد اهتمّت الأديان وهي تُؤسّس للفضيلة بردم هذا الخلل الاجتماعي، لدرجة قال عليّ(ع) (لو تمثّل لي الفقرُ رجلاً لقتلته) يريد "القضاء على الفقر".

سمعنا مؤخّراً نيّة الرئيس الكوري الجنوبي التبرّع بثروته المقدّرة بـ 30 مليون دولار لفقراء بلاده، عبر مؤسّسات خيرية مخصّصة، وكان قبلها تبرع بكامل مرتّبه للأطفال المعوزين.
يُسمّيهم تراثنا الديني والشعبي "أهل الخير" نظراً لما لديهم، و"أهل الخير" بحسب ما أنفقوا، تصوّر رؤساءنا وأثرياءنا وهم بالمئات، وبعضهم تفوق ثروته 20 مليار دولار! وخسارته في الانهيار العالمي الأخير بالمليارات، تصوّرهم تبرّعوا لشعوبهم كالرئيس الكوريّ بكامل ثروتهم!.. قلْ بنصفها.. بخُمسها، أليس كنّا خلقنا "جنّة السلام" هنا، فلا صراع على لقمة وأرض، ولا مرض وحسد، ولا قلاقل واضطرابات؟!
تصوّرهم خفّفوا نهمهم للاستحواذ وحوّلوا بعض أملاكهم -وما قبضته أيديهم عشوائيا- للمال العام ولمشاريع تنموية وخيريّة تعود على المواطنين بالرفاه.. ما أروعَها صورة!

قالت الزهراء: (وجعل..الزكاة تزكيةً للنفّس ونماء في الرزق).. زكاة أموال الأغنياء كانت فرضًا لحفظ نظام التكافل والعدالة الاجتماعية، لئلا يتألّب المعدمون والمهمّشون والعاطلون والصيّادون وفاقدو الحياة الكريمة.. والمسكن.. ولقطعة أرضٍ لمرفأ سفنهم.. ولقطعةِ بحرٍ لمصائد عيشهم، كان فرضًا إلهيّا منصوصًا، يُطهّر أموالهم ويحفظ أمانهم، بحيث عُدّ ترك هذه الفريضة تقويضا لنظام الأمان المجتمعي وارتدادًا، كما في بعض "حروب الردّة": (والله لو منعوا عقالا كانوا يؤدّونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)..

لو أطلقنا حملةً وطنيةً (مؤسّسية شفّافة) كحملات "روبن هود" لكن طواعية، لجمع وإدارة تبرّع المالكين بخمس الأراضي والسواحل والمزارع والأموال، لبرنامج "قتل الفقر"، وأسهمت الشركاتُ الوافدة بخمس أرباحها لمشاريع التنمية، فهل سيضجّ المواطن لاعناً السبب في حرمانه، هل سيتحيّن الفرصة للانقضاض على أيّ ملك خاصّ أو تخريب ملكٍ عام؟!
لقد نسي الأثرياء والمترفون أنهم عضوٌ في جسم الوطن، سيؤلمهم ما يُؤلمه، فإنْ سقط صريعا جرّاء جشعهم أو لفوضى المعدمين فسيسقطون معه، وسيخسرون إذّاك كلّ ممالكهم وأمانهم الزائف، أما كان حريّاً أن يشتروا الأمان والاحترام والنماء.. "بلقيماتٍ يُقمن صُلْبَه"؟!

لقد قام صرحُ الإسلام على هكذا إسهامات، قام على مال خديجة، ثم تبرّعات أبي بكر وعثمان وأمثالهم من "أهل الخير"، بل خرج مَن يُقاسم الله أمواله مرّتين وثلاثا، وتبرّع الأنصار بنصف ممتلكاتهم لإخوتهم المهاجرين.
إنّ علاقة أغنياء وطننا بفقرائه أشبه بعلاقة أنصار واجدين بمهاجرين فاقدين، فلاستتباب نهضة وطننا وكبح الفقر والغلاء والأسعار وتآكل الطبقات الوسطى والمدّخرات.. علينا واجب القيام بهذه الانعطافة العطوفة، فليس الرئيس الكوري أولى بترجمة تعاليم الإسلام منّا، ولم تطرق مسامعَه قصص التضحيات دوننا، وليس يعشق شعبه وأهله ويحرص على أمان وطنه بأشدّ منا، وليس يؤمن بالآخرة وبما أعدّ الله للمحسنين دوننا، ليس فوقنا إنسانيةً وتديّنا ووطنيّةً ورحمة ورزانةً... أليس كذلك؟!

المشاركة ضمانةُ استدامة، والاستئثار ضمانةُ زوال الأمن والأمان، حتى إبليس استدام بسبب مشاركةٍ تطوعية بشرية: (وشاركهم في الأموال والأولاد)، بل في الآثار الدينية الرمزية أنه يُشارك غداء مَنْ لا يُسمّي بالله، حتى يُحكى بطرفة أنّ فقيراً (نسي الله كحال بعض الأثرياء القساة) غذاؤه الفول يوميًا لسنين، ممّا جعل إبليس يخرج من طوره ضاجّاً من كثرة الفول، قائلا له: يا أخي إمّا تبدّل الوجبة أو تبسمل!!
لقد نادت تونس باقتطاع دولار على كلّ برميل نفط يُنتج، لدعم الصندوق العالمي للتضامن، وهي دعوة نبيلة، فالفقر ينتشر كنار الهشيم، حتى أنّه طال ثلاثة أرباع الشعب البحريني، بحسب العوائل التي استحقّت علاوة الغلاء.
ما جدوى أن تكون عوائد البلاد وثرواتها وممتلكاتها بأيدي نخبة، والشريحة الغالبة تشتكي الحرمان وتترقّب انهيار مستقبلها؟!
إنّ الحياة الكريمة حقّ إنساني وليس هبة المحسنين، وقسَماً لو تبرّع كلّ فاحش الثراء ببلدنا بخمس ثروته لا إحساناً بل كواجب ديني وإنساني ووطني، وأدير المال المتراكم بإدارة وطنية صالحة، ستنتهي مشاكل الفقر والأزمات، سيسود الأمن وتتجذّر الوطنية والولاء، وسيغدو الأثرياء أكثر سعادة واحتراماً وأقلّ قلقاً، وستغمرهم الفقراء بدعوات طول العمر ودوام النعمة، بدل دعواتهم بالسلب!

خطوة، يظنّ البعض خياليتها ووعورة تنفيذها، لكنّ الدين بمآثر ومناقب روّاده وبتوصياته، علّمنا أنّه لابدّ من فئة مقتحمة تبصّر الباقين أنّ إسداء الخير حسنُ العواقب، إنّه الخطوة العملية الأكثر واقعية من كلّ المشاريع، وستغدو واقعيّة جدّا لو بدأها عليةُ القوم ممثَّلاً في جلالةٍ أو سموٍّ أو سعادةٍ، تصوّر اصطباح الناس لتقرأ عنوانَ صُحف البحرين وليس كوريا: (جلالته أو سموّه يتبرّع بخمس ثروته وأملاكه لفقراء شعبه)، والله ستبكي الفقراء فرحاً، وستحمل القرى "أهلَ الخير" على أكتافها كعرسان، وسيُحرج جميعُ مَن دون "جلالته أو سموّه" ليحتذوا بالمثل، ستكون هبّةً إنسانيّة متسلسةً تُحسب في ميزان أعماله، لأنّها المشروع الإصلاحي الأكبر، بل مكرمة المكرمات، و"تأتي على قدرِ الكرامِ المكارمُ".



#جلال_القصاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الخنازيز..ولعنة الخنازير
- قانون الشهامة ومسرحيّات الأمن
- الأجرُ الجزيل.. بالجُهد الهزيل
- كياناتنا الدينيّة والمدنيّة.. ذاتُ الفلقتيْن
- أفواهٌ وأرانب.. وتسوسُها ذئاب
- تُجّار الأذكار ونيْل الأوطار
- الصهيونية الملعونة على لسان عيسى
- فبراير.. تحيّة وذكريات وآمال
- دعه في النار وأنا في الدار
- -الحجاب- وشرعية فرضه أو منعه
- شهرزاد.. هل شيءٌ زاد؟!
- بومبو وتوكتو وبدرو
- الحكم لله أم لشريعة المتعاقدين-1؟
- أفغانستان وجورجيا وترقّبنا المهديّ


المزيد.....




- -زيارة غالية وخطوة عزيزة-.. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان ع ...
- رفح.. أقمار صناعية تكشف لقطات لمدن الخيام قبل وبعد التلويح ب ...
- بيستوريوس: ألمانيا مستعدة للقيام بدور قيادي في التحالف الغرب ...
- دعوات للانفصال عن إسرائيل وتشكيل -دولة الجليل- في ذكرى -يوم ...
- رئيس الأركان الأمريكي السابق: قتلنا الكثير من الأبرياء ولا ي ...
- تفاصيل مثيرة عن -الانتحار الجماعي- لعائلة عراقية في البصرة
- الإيرانيون يعيدون انتخاب المقاعد الشاغرة في البرلمان وخامنئي ...
- السلطات اللبنانية تخطط لترحيل عدد من المساجين السوريين
- هتاف -فلسطين حرة- يطارد مطربة إسرائيلية في مسابقة -يوروفيجن- ...
- الجيش الإسرائيلي ينسف مباني في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جلال القصاب - أهلُ الخير حين يصبحون أهلَ الخير