أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الصالح - الآخر في الخطاب والفكر الديني















المزيد.....


الآخر في الخطاب والفكر الديني


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 2641 - 2009 / 5 / 9 - 09:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الخطاب الديني بمجملة يرفض الآخر باعتباره خارج عن دينه الذي يدعوه دين الله. فاليهودية تقوم على فكر التلمود الذي يقسم العالم إلى يهود وأغيار أو غوييم. ويحظر على اليهود التعامل مع الأغيار بأي شكل كان، فلا يبايعهم ولا يصاهرهم ولا يهديهم ولا يقبل منهم الهدايا ولا يسعى إلى مساعدتهم أو علاجهم ولا إلى إنقاذهم إن رآهم في خطر.
الأغيار في نظر التلمود هم دنسون مثل الإفرازات "البول والبراز" منذ طفولتهم فولد الأغيار يكون دنسا كالسيلان عندما يبلغ العمر تسع سنوات ويوما،لأنه في نظر التلمود يكون عندئذ قادرأ على ممارسة الجنس أما بنت الأغيار فتكون دنسة كالسيلان منذ أن تبلغ من العمر ثلاث سنين ويوما لأنها تكون منذ ذلك العمر ملائمة لممارسة الجنس وصالحة للزواج.( عبودة زرة 36 ب) أما إناث الأغيار فهن في رأي التلمود" طامثات أي دنسات منذ ولادتهن وإلى الأبد"( عبودة زره 36 ب) . وفي مكان آخر يقول التلمود على لسان يهوه : أحتقر كل شعوب العالم لأنني خلقتهم من بذرة نجسة، أما أنتم بني إسرائيل فلقد خلقتكم من بذرة كريمة.anhum/tanhumabobr nši 13(16a). وليس عجيبا بعد هذا أن نسمع من حاخامات اليهود تصريحات ملئها العنصرية وكراهية الغير. فالأب الروحي لليهود الأصوليين في إسرائيل الرابي كوك الإبن كتب يقول:" الفرق بين نفس اليهودي بقوتهها ومبادئها وداخلها ونفس الغريب لأكبر بكثير من الفرق بين نفس الغريب والحيوان. لأن الفرق بين الأخيرين فرق في الكم أما بين اليهودي والغريب ففرق في النوع. إن أفعال الغريب ولو كانت تظهر الخير فهي أفعال شيطانية أما أفعال اليهودي ولو كانت تظهر الشر فهي أفعال من الله.( أعمال كوك الإبن على الإنترنت )
الديانة المسيحية تؤمن بالتوارة بكتابية العهد القديم والعهد الجديد. العهد القديم يحث على إبادة الآخر كقوله على لسان موسى لقومه:" فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها ." عدد 31 / 7-18 ". كما قام يشوع التوراتي خليفة موسى بعملية الإبادة الجماعية لسكان فلسطين حيث تحدثنا التوراة باعتزاز كيف استولى يشوع على مدينة أريحا وقام بقتل كل من فيها من بشر و دابة ،وذلك بمباركة الرب يهوه وإرشاداته وتقول على لسان يهوه: " وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف " يشوع : 6 / 21 . و تابع يشوع عملية الإبادة والقتل الجماعي مع بقية المدن. قال الرب ليشوع : " قم واصعد إلى عاي، فتفعل بعاي وملكها كما فعلت بأريحا وملكها، غير أن غنيمتها و بهائمها تنهبونها لنفوسكم … وضربوهم حتى لم يبق منهم شارد ولا منفلت " يشوع : 8 . و تتابع التوراة مسيرة القتل والنهب فتقول: " ذلك اليوم ، استولى يشوع على مقيدة وفعل بملك مقيدة كما فعل بملك أريحا . ثم اجتاز يشوع من مقيدة وكل إسرائيل معه إلى بتة، فدفعها الرب هي أيضا بيد إسرائيل مع ملكها ، فضربها بحد السيف ، وكل نفس بها ولم يبق بها شاردا … ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه إلى لخيش … فضربها بحد السيف وكل نفس بها… ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لخيش إلى عجلون، فنزلوا عليها وحاربوها ،وأخذوها في ذلك اليوم و ضربوها بحد السيف، وحرم كل نفس بها في ذلك اليوم، حسب كل ما فعل بلخيش. ثم صعد يشوع و جميع إسرائيل معه من عجلون إلى حبرون و حاربوها،وأخذوها وضربوها بحد السيف مع ملكها،و كل مدنها،وكل نفس بها . لم يبق شاردا حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس بها ."يشوع 10 / 34 - 36.
لقد فهم رجال الدين المسيحي ما ورد في العهد القديم من أمر بالإبادة على أنه أمر إلهي دائم يعطيهم التسويغ العقدي من أجل إبادة شعوب البلاد التي قاموا باحتلالها. لقد قدمت نصوص العهد القديم هذه ومثيلاتها الدعم المعتقدي لعدد من المشاريع الاستعمارية في مختلف مناطق العالم مثل أمريكا الجنوبية في القرون الوسطى وأفريقية في القرنين التاسع عشر والعشرين وفي فلسطين في القرنين التاسع عشر وإلى يومنا هذا. لقد وظفت تلك النصوص لدعم الاستعمار في مناطق عديدة وفي فترات مختلفة حيث كانت الشعوب الأصلية للبلدان المستعمرة تشبه بالحثيين والكنعانيين وآخرين من شعوب التوراة التي أمر إله التوراة بإبادتها كما كان المستعمرون يشبهون أنفسهم بشعب إسرائيل التوراتي الذي تسلم أمرا إلهيا بإبادة كل السكان الذين انتصر عليهم. ويمكن العثور على جذور التسويغ البابوي للعنف في أفكار القديس أغسطين الذي لجأ إلى العهد القديم ليظهر أن من الممكن أن يأمر به الرب مباشرة. لقد كانت الحرب التي شنت باسم الرب حربا عادلة بامتياز.
لقد اتفق فقهاء الفكر الديني الإسلامي على تسمية الآية الخامسة من سورة التوبة، التي تسمى سورة براءة أيضا بآية السيف. وقالوا أنها نسخت كل ما قبلها من الآيات التي تدعوا للسلم والتعايش مع "الكفار". لقد خلق التفسير الحرفي لهذه الآية إلى جانب الآيه 29 وقلعهما من سياقهما التاريخي فكرا عدوانيا في غاية الخطورة لا نزال نعاني منه لحد الآن وسوف نعاني منه إلى أمد طويل.

لقد أمرت آية السيف المسلمين بقتل المشركين أينما وجدوهم (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم). ويفسر المفسرون الآية بأن "لا ترفعوا السيف عن رقاب المشركين . فإن تابوا أي أسلموا. خلوا سبيلهم. (انظر تفسير الجلالين).ويدعم إبن كثير تفسيره بحديث نبوي رواه البخاري يقول:أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويأتوا الزكاة، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلوا صلاتنا فقد حرمت علينا دمائهم وأموالهم.
وهذا يعني أن القتل يشمل أهل الكتاب، حيث أنهم لا يؤمنون برسالة محمد ولا يقيموا صلاة المسلمين ولا يستقبلوا قبلتهم ولايأتوا الزكاة . ونفس الأمر وجهته للمسلمين الآية (73) (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير). والآية (123) (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين). وحسب تفسير الجلالين وإبن كثير فإن معنى كلمة (يلونكم من الكفار) هو: الأقرب فالأقرب من الكفار، ولهذا بدأ الرسول بقتال المشركين في جزيرة العرب ولما فرغ منهم شرع في قتال أهل الكتاب فتجهز لغزو الروم وهكذا.

وينقل أحد القادة الإسلاميين في مصر المدعو محمد عبدالسلام فرج آراء المفسرين في هذه الآية، في كتابه (الجهاد الفريضة الغائبة.) فيقول: (قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: قال الضحاك بن مزاحم: أنها نسخت كلًّ عهدٍ بين النبي وبين أحدٍ من المشركين، وكل عقد وكل مدة. وقال العوفي عن ابن عباس: في هذه الآية لم يبق لأحد من المشركين عهدٌ ولا ذمةٌ منذ نزلت براءة. وقال الحسين بن فضل فيها: آية السيف هذه نسخت كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء. فالعجب ممن يستدل بالآيات المنسوخة على ترك القتال والجهاد. وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن حزم في الناسخ والمنسوخ } باب الإعراض عن المشركين { : في مائة وأربع عشرة آية في ثمان وأربعين سورة، نسخ الكل بقوله عز وجل ? .. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ..?).
وسورة التوبة أو براءة هي السورة الوحيدة في القرآن التي لا تبدأ بالتسمية بالله (بسم الله الرحمن الرحيم) بخلاف كل السور الأخرى. ويشرح تفسير الجلالين سبب ذلك فيقول: (ولم تُكتب فيها البسملة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك. كما يؤخذ في حديث رواه الحاكم، وأخرج في معناه عن علي: أن البسملة أمان وهي نزلت لرفع الأمن بالسيف. وعن حذيفة: إنكم تسمّونها سورة التوبة وهي سورة العذاب
الخطاب الديني الإسلامي يرفض الآخر ويتعارض مع حقوق الإنسان ويتناقض مع حرية الفكر، ففي الوقت الذي تعطي فيه لائحة حقوق الإنسان للفرد حرية الفكر والرأي والعقيدة واختيار دينه وتغيره ساعة يشاء والتعبير عن كل ذلك بشتى الوسائل فإن الخطاب الديني يعاقب أي رأي يخرج عن إطاره ويعاقب بالموت من تسوله نفسه الخروج عن إطار الفكر الديني وخطابه.
الدين الحق في رأي علماء الفكر الإسلامي هو الاسلام وفق فهمهم, الدين المنزل من رب العالمين الخالص من البدع والتحريف وهو دين الإسلام الحنيف الذي لا يقبل الله من أحد سواه، {إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ} [عمران:19]، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ} [عمران:85].
وحفظ الدين في رأيهم هو أهمُّ مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا يمكن أن يكون هذا المقصد العظيم معرَّضاً للضياع والتحريف والتبديل؛ لأن في ذلك ضياعاً للمقاصد الأخرى وخراباً للدنيا بأسرها.
الردة في منطوق الفكر الديني، هي أخطر جريمة تهدِّد دين الإنسان وتنقضه، ودين الإنسان بطبيعة الحال هو الدين الإسلامي كما فصله علماء الفكر الديني.
قال البعلي( المطلع على أبواب المقنع (ص 378).: "الردة الإتيان بما يخرج به عن الإسلام إما نطقاً وإما اعتقاداً وإما شكاً و قال ابن تيمية: "وليس من السيئات ما يمحو جميع الحسنات إلا الردة.
(مجموع الفتاوى (11/700).

وعقوبة الردة هي الموت وعن ابن عباس أن النبي محمد ص قال ( من بدل دينه فاقتلوه) أخرجه البخاري في استتابة المرتدين، باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم (6922). وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة). أخرجه البخاري في الديات (6878)، ومسلم في القسامة والمحاربين (1676).وقال ابن قدامة: "وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين. المغني (12/264). ويقول ابن تيمية في الحكمة من قتل المرتد: "فإنه لو لم يُقتَل لكان الداخلُ في الدين يخرج منه، فقتلُه حفظٌ لأهل الدين وللدين، فإن ذلك يمنع من النقص ويمنعهم من الخروج عنه" مجموع الفتاوى (20/102). ويقول عبد القادر عودة: "وتُعاقب الشريعةُ على الردة بالقتل لأنها تقع ضدَّ الدين الإسلامي وعليه يقوم النظام الاجتماعي للجماعة، فالتساهل في هذه الجريمة يؤدي إلى زعزعة هذا النظام ومن ثمَّ عوقب عليها بأشد العقوبات استئصالاً للمجرم من المجتمع وحماية للنظام الاجتماعي من ناحية ومنعاً للجريمة وزجراً عنها من ناحية أخرى، ولا شك أن عقوبة القتل أقدر العقوبات على صرف الناس عن الجريمة، ومهما كانت العوامل الدافعة إلى الجريمة فإن عقوبة القتل تولِّد غالباً في نفس الإنسان من العوامل الصارفة عن الجريمة ما يكبت العوامل الدافعة إليها ويمنع من ارتكاب الجريمة في أغلب الأحوال" التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي (1/661، 662).
واذا لـم يـكـن الـمرتد عن الاسلام مولود من مسلمين او من مسلم فانه يؤمر بالتوبة ,فان تاب قبلت توبته ولم تجر عليه تلك الاحكام , واما اذا لم يتب جرت عليه الأحكام. أما المولود من مسلمين أو من مسلم فيقام عليه الحد وهو الموت. ويرفض الفكر الديني مقولة ان حكم المرتد هو نوع من الارهاب العقائدي والفكري, خـصـوصا أن اولئك المرتدين الذين وجب عليهم الحد هم الذين ولدوا من ابوين مسلمين وترعرعوا في محيط اسلامي , فانه من البعيد جدا انـهـم لـم يـتعرفوا على محتوى الاسلام , وعليه فان ارتدادهم عن الاسلام اقرب ما يكون الى سؤ القصد والخيانة منه الى الاشتباه وعدم إدراك الحقيقة , وهـدفـهـم من ذلك زلزلة اعتقادالمسلمين باسلامهم وايمانهم فمثل هؤلاء يستحقون جزاء الارتداد. فهم في الحقيقة يعلنون عن ثورتهم ضد الحكم الاسـلامـي ,وعـليه فمن الواضح ان هذه الصرامة والشدة في حقهم ليست خالية من الدليل , كماانها لاتـتـنـافى ابدا مع حرية الراي والعقيدة(كذا). والسكوت عن المرتدين يشكل خطرا على الإسلام ويسمح لأعدائه بالتمرد عليه. ويعتبر الفكر الديني أن الردة عن الإسلام ليست مجرد موقف فكري، بل هى أيضاً تغير للولاء وتبديل للهوية وتحويل للانتماء. فالمرتد ينقل ولاءه وانتماءه من أمة إلى أمة أخرى فهو يخلع نفسه من أمة الإسلام التى كان عضواً فى جسدها وينقم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومها ويعبر عن ذلك الحديث النبوى بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه: (التارك لدينه المفارق للجماعة) رواه مسلم ، وكلمة المفارق للجماعة وصف كاشف لا منشئ ، فكل مرتد عن دينه مفارق للجماعة.
الفكر الديني يعتبر إن التهاون فى عقوبة المرتد ، يعرض المجتمع كله للخطر ويفتح عليه باب فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه. فلا يلبث المرتد أن يغرر بغيره ، وخصوصاً من الضعفاء والبسطاء من الناس ، وتتكون جماعة مناوئة للأمة تستبيح لنفسها الاستعانة بأعداء الأمة عليها وبذلك تقع فى صراع وتمزق فكرى واجتماعى وسياسى ، وقد يتطور إلى صراع دموى بل حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس.(كذا)

جمهور من الفقهاء قالوا بوجوب استتابة المرتد قبل تنفيذ العقوبة فيه ومنحه مدة حددها بعض الفقهاء بثلاثة أيام وبعضهم بأقل وبعضهم بأكثر ومنهم من قال لا يُستتاب أبداً . والمقصود بهذه الاستتابة إعطاؤه فرصة ليراجع نفسه عسى أن تزول عنه الشبهة وتقوم عليه الحُجة ويكلف العلماء بالرد على ما فى نفسه من شبهة حتى تقوم عليه الحُجة إن كان يطلب الحقيقة بإخلاص وإن كان له هوى أو يعمل لحساب آخرين..
لقد بين علماء المسلمين من المذاهب الاربعة أنواع الردة فقال النووي الشافعي في كتابه روضة الطالبين ما نصه :" الردة : وهي قطع الإسلام ، ويحصل ذلك تارة ‏بالقول الذي هو كفر وتارة بالفعل ، وتحصل الردة بالقول الذي هو كفر سواء صدر عن اعتقاد أو ‏عناد أو استهزاء " و قال الشيخ محمد عليش المالكي في كتابه منح الجليل ما نصه :" وسواء كفر ( أي المرتد) بقول صريح في الكفر كقوله: ‏كفرت بالله أو برسول الله أو بالقرءان ، أو: الإله اثنان أو ثلاثة ، أو : العزير ابن الله ، أو بلفظه ‏يقتضيه أي يستلزم اللفظ للكفر استلزاما بينا كجحد مشروعية شىء مجمع عليه معلوم من الدين ‏بالضرورة ، فإنه يستلزم تكذيب القرءان أو الرسول ، وكاعتقاد جسمية الله أو تحيزه" . و قال الفقيه ابن عابدين الحنفي في رد المحتار على الدر المختار ما نصه :" قوله: وركنها إجراء كلمة ‏الكفر على اللسان، هذا بالنسبة إلى الظاهر الذي يحكم به الحاكم، وإلا فقد تكون بدونه كما لو ‏عرض له اعتقاد باطل أو نوى ان يكفر بعد حين" ‏. و قال البهوتي الحنبلي في شرح كتابه منتهى الإرادات ما نصه :" باب حكم المرتد : وهو لغة الراجع قال ‏الله تعالى : ﴿ ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين (21)﴾ [ سورة المائدة / وشرعا ‏من كفر ولو كان مميزا بنطق أو اعتقاد أو فعل أو شك طوعا ولو كان هازلا بعد إسلامه ".
و من الردة سب الله اوأحد من رسله او القرآن او الملائكة او شعيرة من شعائر الدين الإسلامي او تحريم الحلال البين كالنكاح و البيع و الشراء أو تحليل الحرام البين كشرب الخمر أو السرقة. كذلك من الردة السجود للصنم او الشمس أو القمر أما السجود لإنسان فان كان على وجه العبادة فكفر. و من الردة ايضا اعتقاد ان الله علمه لا يشمل الكليات او الجزئيات او انه عاجز عن شيء او انه يشبه شيئا من خلقه او محتاج الى شيء من خلقه. من وقع في الردة بطل نكاحه و صيامه و تيممه وحبطت كل أعماله و إن مات على ردته فلا يرث و لا يورَّث و لا يغسَّل ولا يكفَّن ولا يصلّى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.( مقتبس من عدد من الموسوعات الإسلامية الألكترونية وعلى الإنترنت)
الموقف من الردة هذا متفق عليه في الخطاب والفكر الإسلامي ومن قبل جميع أطياف هذا الفكر ولو طبق بحرفيته لسبب في قتل نصف الأمة أو يزيد. حتى الشيخ القرضاوي الذي يحلوا للبعض وصفه بشيخ المعتدلين يخلق الأسباب والعلل لعقوبة القتل لما يدعى بجريمة الردة. ففي الوقت الذي يتحدث فيه عن حرية الدين في الإسلام ويردد الآيات" لكم دينكم ولي دين" فإنه عندما يصل إلى موضوع الردة يقول أنه إذا أراد أحد أن يكفر بالإسلام فيلكفر فهو حر ولكن إذا أراد أن ينشر هذا الكفر بين الناس فسيصبح عنئذ خطرا على الأمن القومي. وكل دين وكل مجتمع يعمل على حماية نفسه وحماية الأسس العامة حتى لا يتعرض المجتمع للتفكك والإنهيار. وهو يؤكد على معنى الحديث النبوي"التارك لدينه المفارق للجماعة" بأنه يعني تغير الولاء وتغير الإنتماء وليس من حق أي مجتمع أن يفتح الباب لأن في ذلك خطر على الأمة.(موقع القرضاوي الألكتروني_ من حديث له على قناة الجزيرة)
القرضاوي إذن كغيره من رموز الفكر الديني يعتبر الخروج من بوتقة الفكر الديني الإسلامي خيانه وعقوبتها الموت. كأنما الإنتماء للأمة والوطن لا يكون إلا بالإنتماء للفكر الديني والموافقة على كامل منطوقه. وكأنما أحد الشروط للوطنية والإلتزام بها وحب الوطن والدفاع عنه لا تكون إلا بالإنتماء لهذا الفكر والإلتزام به. فإذا أردت أن تكون لا دينيا أو مسيحيا أو بوذيا أو حتى مسلما رأيك مخالف لدوغمة الفكر الديني وأن تكون في نفس الوقت مؤمنا بربك، وطنيا مخلصا لوطنك وأمتك وتراثك، فهذا غير مسموح به على الإطلاق فإنتمائك للأمة والوطن يكون من خلال إنتمائك لمنظومة الفكر الديني. والقرضاوي نفسه الذي خلق الأسباب التبريرية لقتل ما يسمى بالمرتد، وقع في ذات الحفرة التي وافق على حفرها لغيره، حيث اتهمه فريق من نفس الفكر بالكفر والردة عن دين محمد بسبب بعض فتاويه التي أثارت مجموعات مختلفة من رموز الفكر الديني.
من هذا كله نرى أن الخطاب الديني يعارض معارضة تامة حقوق الإنسان من حرية فكر وعقيدة ويرفض الديموقراطية الفكرية والسياسية رفضا قاطعا. الخطاب الديني الإسلامي يعطي الحق للقائمين علئ هذا الخطاب بقتل أي شخص تقع عليه صفة المرتد سواء كفر ( أي المرتد) بقول صريح في الكفر كقوله: ‏كفرت بالله أو برسول الله أو بالقرءان ، أو: الإله اثنان أو ثلاثة ، أو : العزير ابن الله ، أ&ae"> إذن عندما يأتي الغلاة والمتعصبون ودعاة الإرهاب ويجعلون من هذا الفكر سندا شرعيا لدعواتهم وإرهابهم فهم لم يأتوا من فراغ فلقد تشبعوا منذ صغرهم من فكر عدائي زرع في وعي الأمة منذ مئات السنين. ولا يمكنك أن تأتي اليوم وتتنصل من هؤلاء وتدعوهم بالإرهابيين والقتلة وغلاة الأمة وفي نفس الوقت تقوم بطبع وتوزيع الكتب والمؤلفات التي تدعو إلى أن آية السيف قد ألغت كل ما قبلها من آيات التعايش مع الغير وحللت محللها.لا يمكنك اليوم أن تتنصل من هؤلاء ومن أعمالهم وأفكارهم وأنت في نفس الوقت تدعوا لنفس الفكر وتعلن أو توافق على القول بأن آية السيف قد ألغت كل ما قبلها من آيات التسامح والمصالحة.
إنه مأزق فكري وأخلاقي متشبع بالنفاق والإزدواجية. فإذا كان فكرنا الديني يعلن أن كل آيات التسامح والصفح وعدم الإكراه وحق الاختيار والتولي والإعراض عن الآخرين الذين يدعوهم الفكر الديني كفارا أو مشركين، سواء كانوا من أهل الكتاب أو من أهل فكر مختلف، قد ألغيت ونسخت. فكيف لنا أن نجد أسسا للعيش المشترك مع الآخرين؟ كيف يمكننا أن ننزع فتيل الحقد والكراهية والحرب والدمار من قلوب شباب يائس قد تشبع منذ صغرة بهذا الفكر.؟
رفض الآخر ليس حكرا على الغلاة والمتشددين من الإسلاميين، إنه جزء من فكر عام يعشش في خلايا وعي المجتمعات الإسلامية بمختلف طبقاتها، حكاما أو محكومين.
الدكتور نضال الصالح/ فلسطين/



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله والمؤسسة الدينية
- المسيحيون العرب شركاء لنا في الوطن وليسوا على ذمة أحد


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الصالح - الآخر في الخطاب والفكر الديني