أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - مجدى خليل - المادة الثانية فوق الدولة















المزيد.....

المادة الثانية فوق الدولة


مجدى خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2624 - 2009 / 4 / 22 - 09:02
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المادة الثانية من الدستور المصرى التى تنص على أن " الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع" لا تعامل فقط على إنها مادة سوبر فى الدستور تسمو على ما عداها من مواد، وتفرغ مواد المساواة والمواطنة والحريات من مضمونها، ولكن يبدو إنها فوق الدولة ذاتها.
مؤخرا الغت محكمة القضاء الإدارى ترخيص مجلة إبداع التى تصدرها مؤسسة عريقة من مؤسسات الدولة وهى الهيئة المصرية العامة للكتاب،لأن المجلة نشرت قصيدة للشاعر المصرى حلمى سالم فسرها محامى يدعى سعيد صبرى على إنها تسئ للذات الإلهية ،فرفع قضية ضد كاتب القصيدة وضد رئيس تحرير المجلة الشاعر المعروف احمد عبد المعطى حجازى، فما كان من القاضى إلا إصدار حكم بإلغاء ترخيص المجلة ذاتها التى تصدرها إحدى مؤسسات الدولة، ولا يوجد قانون فى مصر بناء عليه اصدر القاضى حكمه العجيب هذا، وإنما استند سيادته إلى المادة الثانية من الدستور والتى لا تأتى خطورتها من كونها المصدر الرئيسى للتشريع وإنما تمتد لتحكم المجال العام والنظام العام فى مصر، ومن ثم حكم القاضى بناء على أن نشر القصيدة هو ضد النظام العام الإسلامى فى مصر!!!... بما يعنى أن المادة الثانية هى فوق الدولة ومؤسساتها.وفى تعليقه على الحكم قال الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب، أن مشكلة الحكم تأتى من الحق فى الحسبة الذى يستغله بعض الناس ، وهو نظام لا يوجد فى أى دولة حديثة فى العالم على حد قوله. نعم هذا صحيح ولكن الحسبة ليست عملا شيطانيا، إنها جزء من النظام الإسلامى الذى تفرضه المادة الثانية، وكان الاجدر به القول أن المادة الثانية من الدستور تخرج مصر عن نطاق الدول الحديثة والعالم المعاصر ... هذه الحقيقة التى يخشى معظم الناس الاقتراب منها.
هذا النظام العام الذى يترك باعة بول البعير يمرحون ،ويترك تجار الخرافات والشعوذات والطب البديل ،ويترك الفساد المستشرى من الادوية البدائية العجيبة إلى الاطعمة المغشوشة بحجة إتباع السلف الصالح، لا يرى فى كل ذلك خطرا جسيما على صحة وعقل الإنسان المصرى وإنما يرى للأسف أن الابداع هو الخطر على مستقبل الأمة..أى مستقبل لمصر عندما يحكمنا هذا الفكر المتخلف المدمر؟!!!.
●●●●
على الملأ ومن خلال برنامج تليفزيونى كفر الصحفى جمال عبد الرحيم استاذة جامعية مرموقة هى الدكتورة باسمة موسى، الاستاذة بكلية طب الاسنان جامعة القاهرة، ودعا لقتلها لأنها بهائية مرتدة عن الإسلام، وهى جريمة تحريض ارتكبها على الهواء مباشرة امام ملايين المشاهدين، مرتكنا ومحميا على المادة الثانية من الدستور ومدعيا الحفاظ على النظام العام الإسلامى الذى تقرره هذه المادة، وعقب البرنامج هاجم الرعاع والغوغاء بيوت بعض البهائيين فى إحدى قرى محافظة سوهاج وهم موقنون أن يد العدالة لن تطولهم لأن المادة الثانية هذه تقنن التمييز والظلم ضد غير المسلمين.
ولكى يبرر الصحفى المذكور جريمته كتب فى عموده بجريدة الجمهورية ساردا الفتاوى والقرارات التى صدرت عن المؤسسات الإسلامية فى مصر ضد البهائيين ،ومنها فتوى مجمع البحوث الإسلامية الصادرة فى ديسمبر 2003 والتى وصفت البهائية بانها من الأوبئة الفكرية الفتاكة التى يجب أن تجند الدولة كل إمكانياتها لمكافحتها والقضاء عليها، ولسان حال جمال عبد الرحيم يقول اننى بإعتبارى أعمل فى إحدى مؤسسات هذه الدولة اقوم بتنفيذ الفتوى للقضاء على هؤلاء الكفرة بكل الطرق الممكنة حتى ولو كان ذلك بالتحريض العلنى والسافر على القتل.
ترويع البهائيين المسالمين وتهجيرهم من بيوتهم، وفى نفس الوقت وجود هذا الصحفى حرا طليقا هى رسالة تقول للناس أن المادة الثانية فوق المواطنة، وان المادة الثانية وراء الكثير من الجرائم التى ارتكبت ضد غير المسلمين، لأن هذه المادة كما قلت تحكم النظام العام والمجال العام فى مصر.
الكلام على أن مصر تحكمها المواطنة هو زيف وكذب... مصر محكومة بالمادة الثانية من الدستور والنظام العام الذى تفرزه.
●●●●

يوم 3 ابريل هاجمت القوى الأمنية بيت مسيحى يدعى بنيامين عطية فى عزبة دبوس التابعة لقرية العور بمركز سمالوط بالمنيا، والقت القبض على 32 قبطيا بينهم 20 سيدة بتهمة ممارسة الصلاة بدون ترخيص فى بيت هذا الرجل، ومن المؤسف أن توجه النيابة العامة للرجل أيضا تهمة اقامة شعائر دينية بدون ترخيص!!!.، ولا أعرف تحت أى قانون وجهت النيابة العامة هذه التهمة العجيبة للرجل... ولكن يمكن فهم ذلك فى إطار المادة الثانية التى تحكم النظام العام فى مصر وتلغى المواطنة عمليا وتحول غير المسلمين إلى ذميين يجب إذلالهم بكافة الطرق بدون سند من قانون وبدون منطق ولا عقل ولا إنسانيية.
●●●●
خطورة المادة الثانية تعكسها التصريحات الخطيرة لرئيس مجلس الشعب المصرى فتحى سرور أثناء التعديلات الدستورية الأخيرة عندما قال أن ثوابت الدولة فى مصر، التى يحرم الاقتراب منها، تشمل النظام الجمهورى والمادة الثانية من الدستور.
تغلغل واتساع دور هذه المادة يقرره تفسير اللجنة البرلمانية التى أعدت التعديل الدستورى فى صورته النهائية عام 1980 حيث أوضحت اللجنة " إن ارادة المشرع الدستورى تعنى انها المصدر الوحيد، وإنها تستهدف بذلك إلزام المشرع بعدم الالتجاء إلى غيرها حتى ولو لم يجد فى الشريعة الإسلامية الجواب الشافى".
بل ان خطورة المادة الثانية كما قلت إنها فوق الدولة وفوق حتى أمنها القومى، وهذا يفسر وقوف البعض فى مصر، ومنهم جماعة الاخوان المسلمينن ضد الأمن القومى المصرى الذى قام حزب الله بتهديده واعترف بذلك علانية وبصفاقة، وقد شارك أعضاء من الاخوان فى تنظيم حزب الله المصرى المقبوض عليه حاليا .
استند هؤلاء فى الدفاع عن عمليات حماس وحزب الله فى مصر بالمادة الثانية، فالشريعة فى الأساس قائمة على مصالح الأمة وليس الدولة ، أى المصالح العامة للأمة الإسلامية، ولهذا يساند هؤلاء حزب الله ببجاحة وصلف معتبرين أن ما قام به حتى ولو هدد مصالح الدولة المصرية إلا إنه يصب فى مصالح الأمة الإسلامية.
●●●●
من المعروف ان كل من يسئ للإسلام يحال إلى محكمة امن الدولة العليا طوارئ، وهى محاكمات غير قابلة للنقض وتنتهى غالبا باحكام جائرة وظالمة، ومساواة كل من يقترب من الإسلام بالنقد أو حتى بالإجتهاد الجرئ واحالته إلى هذه المحاكمات ، ليقترب وضع من يسئ للإسلام إلى وضع الخيانة الوطنية، وهكذا تظهر الدولة أن حماية الإسلام مسألة أمن دولة. وقد حوكم الكاتب صلاح الدين محسن بتهمة الإساءة للإسلام فى كتابة " ارتعاشات تنويرية" وقضى ثلاث سنوات خلف أسوار السجن، وحوكم كذلك الروائى علاء حامد بنفس التهمة عن روايته " مسافة فى عقل رجل" وقضى خمس سنوات خلف الاسوار. ولكن الجديد أن موقف المؤيدين لحزب الله فى القضية الأخيرة ينطلق من أن مصالح الأمة الإسلامية تعلو على مصالح الدولة المصرية، وأن أمن الإمة الإسلامية يعلو على الأمن القومى المصرى ذاته.
مئات القضايا والاحكام العجيبة التى لا تستند إلى أى قانون مصرى ولا تستند لقيم الدولة الحديثة كانت ورائها هذه المادة.. وبعد ذلك يقولون أن المادة الثانية مادة كامنة وليست نشطة،إذا كان كل هذا يحدث والمادة الثانية كامنة فماذا سيحدث لو كانت نشطة؟.
●●●●
كل ذلك يعود بنا إلى الإشكالية الرئيسية فى مصر، والسؤال الرئيسى الذى يحتاج إلى اجابة واضحة... ما هو شكل الدولة الذى نريده لمصر؟ دولة مدنية أم دولة دينية؟.
الدولة المدنية ليست لها مرجعية دينية وإنما تفصل الدين عن الدولة والسياسة، المرجعية فقط تكون للاحزاب وليس للدولة، ومن ثم لا يمكن وجود دولة مدنية ولا مواطنة حقيقية فى ظل وجود هذه المادة.. وبالتالى لا يمكن إصلاح مصر فى ظل وجود هذه المادة.. وكل ما يحدث من محاولات للإصلاح لا يزيد عن كونه محاولات خربشة للسطح مثله مثل تبييض المقابر من الخارج وفى داخلها عظام وروائح نتنة.
وصدق الشاعر احمد عبد المعطى حجازى بقوله: هناك من يظن أن المواطنة تهم المسيحيين وحدهم لانها تحميهم من الإضطهاد، والحقيقة أن المواطنة تهم المصريين جميعا المسلمين قبل المسيحيين،لأنها إن كانت تحمى المسيحيين من الإضطهاد فهى تحمى المسلمين من الانقراض.
مدير منتدى الشرق الاوسط للحريات-القاهرة-واشنطن
[email protected]



#مجدى_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر بين الوهابية والخمينية ...
- ثلاثون عاما على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية
- الإسلاميون ومحاكمة البشير
- عمرو موسى والمحكمة الجنائية الدولية
- المفاضلة بين العدالة والسلام
- قرار تاريخى للمحكمة الجنائية الدولية
- نساء مناضلات خلف رجالهن
- مهمة ميتشل المستحيلة
- رؤية مصرية واضحة... ولكن
- هل تتحقق نبوءات صامويل هنتنجتون بعد رحيله؟
- خريطة طريق للنضال القبطى
- ورقة عمل حول خطوات بناء الثقة مع الأقباط
- لماذا المسيحيين فى العراق؟
- فصل جديد من التناحر العربى
- الحملة الدولية لإنقاذ المسيحيين فى العراق
- الحملة الدولية من آجل المسيحيين فى العراق
- هل الكنيسة القبطية تحتاج إلى إصلاح؟
- شروخ فى الجسد المصرى
- هل يمارس رجال الدين الأقباط السياسة؟
- الاتجاهات الثلاثة للإسلامية الدولية


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - مجدى خليل - المادة الثانية فوق الدولة