|
الجامعة العربية تكتل كشف الوهن العربي
سليم محسن نجم العبوده
الحوار المتمدن-العدد: 2598 - 2009 / 3 / 27 - 09:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كلنا يعرف ان الدول العربية برمتها كانت ترزح تحت الاحتلال الأوربي ومن قبله العثماني وما سبقهما بل بلداننا العربية لم تنل استقلالها إلا ما قبيل او بعيد منتصف القرن العشرين وان اغلب ذلك الاستقلال لم يكن إلا شكليا فكانت تلك الدول مرتبطة بشكل مباشر بالدول التي كانت تستعمرها اقتصاديا وسياسيا بل ان ذلك الارتباط وصل الى حد الارتباط الاجتماعي واللغوي كما في أقطار المغرب العربي . لذلك تجد ان دولنا العربية بقيت هزيلة اقتصاديا وسياسيا بسبب التبعية التي أصبحت شبحا يطارد الشعب العربي وملاذا للحكام العرب المتمسكين بصولجان الحكم . وعلى الرغم من تأسيس "جامعة الدول العربية" في 22/مارس/1945م . ومن المهم إن نشير إلى انه حتى فكرت إنشاء الجامعة العربية لم تكن فكرة عربية خالصة بل أنها مستوحاة من الخطاب الذي ألقاه "انتوني ايدن" وزير الخارجية البريطاني عام 1941م .حيث قال في خطاب ألقاه ما نصه(إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية، ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن. وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية أيضاً... وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأيّ خطة تلقى موافقة عامة) . وفي عام 1942م تقريبا دعا رئيس الوزراء المصري "مصطفى النحاس" كلا من رئيس الوزراء السوري" جميل مردم بك "ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية" بشارة ألخوري" لتباحث معهما في القاهرة حول فكرة "إقامة جامعة عربية للتوثيق العربي بين البلدان العربية المنضمّة لها". وكانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح . وكان ما يعرف ب"برتوكول الإسكندرية " هوا الأساس الذي حدد على أساسه ميثاق الجامعة العربية فيما بعد .. وكانت "قمة انشاص الإسكندرية " عام 1947م هي أول قمة عربية عقدت في تاريخ الجامعة العربية . وعلى الرغم من الأهداف الطموحة التي أسست لأجلها الجامعة العربية الا أنها لم ولن تحقق ما أنشأة من أجلة وذلك بسبب التبعية التي تعاني منها اغلب ان لم تكن كل الدول العربية . لذلك تجد ان منتديات انعقادها أشبه ما تكون بسوق عكاظ الذي كان يتبارى فيه الشعراء والخطباء العرب لذلك تجد ان الزعماء العرب المجتمعين يستخدمون في خطبهم الكلمات الرنانة والعبارات الفخمة والتي لا طائل منها ولا نفع سوى ان تسمعهم شعوبهم فيفخروا بلباقة مجردة من فعل او خلافا يجروا الى فشل .. ودليل ذلك القضية الفلسطينية التي أضاعها الخنوع العربي والذي تمثل بمقررات الجامعة العربية في هذا الخصوص والذي لم يستطيع ان يرقى إلى أكثر مستوى الشجب والاستنكار تجاه السياسات الإجرامية للكيان الصهيوني الغاصب . ان الكيان السياسي الذي تمثله الجامعة العربية والذي ضم في ثناياه 22دولة عربية وعلى مدى أكثر 34اجتماع قمة عربية ما بين 1946-2008م قمة دمشق . لم تتخذ تلك الجامعة المزعومة الرغبات الحقيقية للشعب العربي وإنما عملت بكل دأب واحتراف على تجسيد رغبات الحكومات العربية التابعة إلى قرارات رسخت الدكتاتورية العربية وجعلت من تلك الأنظمة مقدسات لا يمكن المساس بها . اما السلبية التي تعاملت بها مع القضية الفلسطينية فكانت احد الأسباب الجوهرية في التمرد الصهيوني على الإرادة الدولية والتعامل مع الشعب الفلسطيني بكل وحشية و عدم احترام بسبب ان الكيان العربي الذي تمثله الجامعة العربية لا يحترم نفسه او قراراته . وبالتالي أنعكس سلبا على عرب وارض فلسطين التي من المفترض ان تكون محور الحياة السياسية العربية والمنطلق الوحدوي والتضامني العربي . أصبحت شبحا يهدد الوجود السلطوي العربي وكشفت عمق الهوة بين الشعب والأنظمة التي تحكمه ولهذا السبب فان ما قدمته الجامعة العربية إلى كل القضايا العربية لم يكن مواقف مشرفة او قرارات حاسمة بل ان ما قدمته هوا تعرية الأنظمة ذات الأنظمة التي انضوت تحت مظلتها أمام الجماهير التي تحكمها فأصبحت عبئا بدلا من ان تكون حلا للمشاكل العربية اللانهائية . و بسب اختلاف البناء الديموغرافي و الاقتصادي للمجتمع العربي تجد إن الدسائس و الوساوس أصبحت هي السمة المميزة للعلاقات العربية حيث إن دول البترول التي وهباها الله ثروة طائلة وشعب قليل العدد ينظر بعين الاحتقار إلى الشعوب العربية الكبيرة بعدد سكانها والفقيرة بمواردها الاقتصادية لذلك تجد ان مثل تلك الدول تنظر الى دول البترول بعين حاسد وحاقد وهذه النظرة الساذجة والمتبادلة هي التي وضعت أطار ورسمت خطوط العلاقات العربية العريضة فكانت تلك العلاقات مبنية على أساس إسقاط الأخر او جعله يتراوح او متخلف او في حاجة دائمة للأخر أي بعبارة أخرى ان الدول ذات العمق السوقي الكبيرة بأعدادها السكانية " تريد ان تتمتع بامتياز حاجة الدول النفطية لقوتها السكانية وعمقها السوقي الذي تفتقده ..إما الدول النفطية فهي تريد دائما ان تسيطر على الآخرين من خلال ما تمتلكه من ثروة فامتهنت الرشوة و أفسدت الذمم وهنا تكمن المشكلة الا ان سياسة سوء النية المطلق هوا الذي يحدد العلاقات العربية العربية وليس حسن النية المبني على إمكانية التكامل بين الدول العربية . نعم ان "سوء الضن من حسن الفطن" وان السياسة لا تأخذ بحسن النوايا".." ألا إن القاعدة لا يمكن ان تعصم نفسها من الشذوذ أحيانا "؟.لذلك تجد العلاقات العربية الأجنبية أفضل بكثير من العلاقات العربية العربية . وذلك لسبب بسيط ان العلاقات العربية الأجنبية مبنية على علاقات سياسية او اقتصادية متكافئة وعلى أساس المنفعة المتبادلة في حين ان العلاقات العربية مبنية على سياسة "اذكروا لي عند الأمير.." اي علاقات استعراضية أكثر منها واقعية وهنا منبع الفشل العربي ومكمن الخلاف " . لذلك تجد ان جامعة الدول العربية بدلا من ان تكون المظلة التي تحمي كل الشعب العربي من الدسائس والإخطار الخارجية أصبحت عبئا حقيقيا على الدول الأعضاء و ذلك بسبب أنها كشفت عن الوهن والضعف العربي وأكدت للعالم اجمع ان العرب غير قادرين على اتخاذ مواقف موحدة وحاسمة في كثير من القضايا المصيرية ويمكن ان نلاحظ ذلك من خلال الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة على العرب لتمرير قرار يخص إسرائيل او كيف ضغطت على العرب كي يعترفوا ب "مجلس الحكم العراقي" ممثلا للشعب العراقي وهوا من صنيعة الاحتلال وكلنا يعرف كيف كرس بذلك المجلس المشاكل الطائفية والخلافية بحيث كان يعتنق نظام ما انزل الله به من سلطان كون ان كل عضو من أعضاء المجلس يكون رئيسا له لمدة شهر و هذه من مهازل التاريخ والذي لم تقف الجامعة العربية منه موقف حقيقي وصارم ولكنها خضعت للضغوط الأمريكية فوافقت بالاعتراف بذلك المجلس من خلال التعامل معه ناهيك عن التردد العربي بالاعتراف او الفصل ما بين الإرهاب الممارس على الشعب و بين المقاومة الشريفة التي استهدفت الاحتلال وغيرها كثير . لذلك "فان جامعة الدول العربية هي منظومة مناصب وليست مؤسسة قرارات ومواقف .. بل أنها أشبه ما تكون بصورة جميلة وضعت كي تداري الشرخ و البنيان العربي المتهرئ".
#سليم_محسن_نجم_العبوده (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة .. بين الإقصاء والذكر المودرن
-
المرأة وإمكانية التحول الايجابي :
-
القضية الفلسطينية ما بين العقم والتدخل الجراحي
-
عجز التنمية الاقتصادية والبديل الإستراتيجي في العراق
-
العالم يطبخ على مشاعل البترول
-
فاشية النظام الدولي وفوبيا مصادرا لطاقة (الحلقة الثالثة)
-
فاشية النظام الدولي وفوبيا مصادرا لطاقة (الحلقة الرابعة)
-
الولايات المتحدة وسياسة الوقوف على الأصابع
-
رؤية الأزمة الاقتصادية العالمية من داخل المنظومة الأمريكية :
-
فاشية النظام الدولي وفوبيا مصادرا لطاقة(الحلقة الثانية)
-
فاشية النظام الدولي وفوبيا مصادرا لطاقة
-
اتفاقية كامب ديفيد وأثرها على حرب غزه 2009م
-
هل سيستطيع اوباما تجاوز الهوس الأمريكي في البحث عن أعداء جدد
...
-
الكوميديا المؤسفة .. وللدم في غزة ثمن ..؟!
-
الديناميكية الحاكمة ومستقبل العلاقات الدولية :
-
الرُهاب الدولي من الانهيار والترميم
-
النخاسة ألمقدسه :
-
الحب وحقيقة المشاعر الإنسانية
-
الطفل والعادات المكتسبة من الأسرة
-
هل سيخرج الناخب العراقي على ثقافة تسوير المحيط السياسي .. ؟
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|