أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - عدالة السماء وتناسخ الارواح















المزيد.....

عدالة السماء وتناسخ الارواح


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 2591 - 2009 / 3 / 20 - 09:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


17- عدالة السماء وتناسخ الارواح:
هل توجد عدالة في الارض؟ سؤال حيّرَ عقل الانسان منذ القِدَم.
ألله سبحانه وتعالى خلق الناس متفاوتين في العقل والثراء والبيئة الاجتماعية الّتي يعيشون فيها، كما أنَّ بعض البشر يُخلقون بعاهات عقليّة او جسديّة، لذا يرِدُ على عقل الانسان تساؤل مُلِحٌّ: أين العدالة في هذا النظام؟
لحَل هذه المعضلة تَعِد الشريعة الاسلامية المؤمنين المظلومين في الحياة الدنيا كالفقراء والمصابين بالعاهات البدنية بالتعويض في الآخرة عن الظلم الّذي لحِقَ بهم ، ففي حديث روي عن النبّي محمد(ص) أنَّه وصف مشاهداته اثناء الاسراء والمعرا ج فقال بأنَّ غالبية اهل الجنّة من الفقراء، وقد ذكرَ الشيخ القرضاوي على محطة الجزيرة حديثا شريفا حول البلهاء: (البلهاء غالبية اهل الجنّة)، ومهما يكن صحّة هذه الاحاديث المنسوبة الى النبّي محمّد(ص) فإنَّ الشريعة الاسلامية تعد المظلومين بالتعويض في الآخرة.
بعض الشعوب توصَّلت الى حل لهذه المعضلة الفكرية بايجاد فكرة تناسخ الارواح فهم يؤمنون بأنَّ روح الانسان الميّت يعود الى الارض ويدخل في جسم أنسان آخر وتتكرر هذه العملية عدّة مرات ، وحسب هذا الاعتقاد فإنَّ روح إنسان مُعدَم سيعود الى الحياة كإنسان ثري، وروح انسان اعمى سيعود الى الحياة في جسم انسان ذو نظر ثاقب وهكذا. إنّ َفكره تناسخ الارواح بدأت فى الشرق الاقصى وخاصة فى العقيدة البوذية والهندوسية التى تؤمن بأن الروح تعود في اشكال اخرى او كمجرد روح بذاتها غير ظاهرة في جسد مرئي واذا حصرنا عدد هذه الفئات التى تضم الملايين من الهندوس والبوذيين فسندرك ان هذه الافكار موجودة فى عالمنا بشكل لا يمكن تجاهله وفكرة التناسخ مضمونها ان الروح بعد وفاة الجسد لا تنتهي وإنما تعود لتعيش في اجساد واماكن وازمنة مختلفة عن تلك التي عاشت فيها من قبل، لذا تشعر الروح فى حياتها الثانية بحنين جارف لمكان لم تره في حياتها من قبل او لاشخاص لم تلتق بهم البتّة.
قبل فترة من الزمن شاهدتُ في التلفاز خبرا عن زواج غريب، ففي الفلبين تزوج شاب من افعى عملاقة لاعتقاده بأنَّ هذه الافعى كانت زوجته قبل ستمائة عام.
بعض المفكرين المسلمين يعتقدون بأنَّ تناسخ الارواح مذكور في القرآن ولاثبات وجهة نظرهم هذه يوردون الآية 28 من سورة البقرة: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). اورد المفسرون العديد من التفسيرات لهذه الاية، فقيل: (كنتم امواتا) تعني كنتم ترابا، وقيل: انَّها تعني حين لم تكونوا شيئا، وقيل: يحييكم في القبر للمسألة ثمّ يُميتكم ثمَّ يُحييكم، وقيل: كنتم امواتا بالخمول فأحياكم بأنْ ذُكِّرتم وشٌرِّفتم بهذا الدين والنّبي الّذي جاءكم، ثمَّ يُميتكم فيموت ذكركم ثمّ يُحييكم للبعث.
وباعتقادي فإنَّ افضل تفسير لهذه الآية هو ما اورده المفسِّر سيّد قطب في (في ظلال القرآن)، يقول سيّد قطب:
والكفر بالله في مواجهة هذه الدلائل والآلاء كفر قبيح بشع , مجرد من كل حجة أو سند . . والقرآن يواجه البشر بما لا بد لهم من مواجهته , والاعتراف به , والتسليم بمقتضياته . يواجههم بموكب حياتهم وأطوار وجودهم . لقد كانوا أمواتا فأحياهم . كانوا في حالة موت فنقلهم منها إلى حالة حياة ولا مفر من مواجهة هذه الحقيقة التي لا تفسير لها إلا بالقدرة الخالقة . إنهم أحياء , فيهم حياة . فمن الذي أنشأ لهم هذه الحياة ? من الذي أوجد هذه الظاهرة الجديدة الزائدة على ما في الأرض من جماد ميت ? إن طبيعة الحياة شيء آخر غير طبيعة الموت المحيط بها في الجمادات . فمن أين جاءت ? إنه لا جدوى من الهروب من مواجهة هذا السؤال الذي يلح على العقل والنفس ; ولا سبيل كذلك لتعليل مجيئها بغير قدرة خالقة ذات طبيعة أخرى غير طبيعة المخلوقات . من أين جاءت هذه الحياة التي تسلك في الأرض سلوكا آخر متميزا عن كل ما عداها من الموات ? . . لقد جاءت من عند الله . . هذا هو أقرب جواب . . وإلا فليقل من لا يريد التسليم: أين هو الجواب !
وهذه الحقيقة هي التي يواجه بها السياق الناس في هذا المقام:
(كنتم أمواتا من هذا الموات الشائع من حولكم في الأرض فأنشا فيكم الحياة فأحياكم). . فكيف يكفر بالله من تلقى منه الحياة ?....... أنتهى.
إنَّ حقيقة خلق الانسان من الجماد مذكور في القرآن (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)....سورة الانبياء، الآية 30.
وكذلك الآية: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ).... سورة الصّافات، الآية 11.
يقول القرطبي في تفسير هذه الآية: اللَّاصِق مِثْل اللَّازِب , عَنْ الْأَصْمَعِيّ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيّ . وَقَالَ السُّدِّيّ وَالْكَلْبِيّ فِي اللَّازِب : إِنَّهُ الْخَالِص . مُجَاهِد وَالضَّحَّاك : إِنَّهُ الْمُنْتِن....... انتهى.
وهذا التفسير لا يتعارض مع نظرية التطوّر التي تقول بأنّ اول خليّة حيّة خُلِقَت على الارض خُلِقَت في المستنقعات ( التراب+ الماء الآسن) والفرق بين النظرتين هي في اسلوب عملية الخلق فالاعتقاد الديني يذكر بانَّ ألله سبحانه وتعالى شكّلَ الطين على صورة انسان كما يفعل النّحات، علما بانَّ هذا التصوّر لَمْ يرِد في القرآن بل ورد في الاحاديث المنقولة عن النّبي محمّد(ص) وهذه الاحاديث لا يُمكن التحقق مِنْ صحتها بعد مرور أكثر مِنْ 1400 سنة على روايتها وقد تكون رويت بعد وفاة النّبي محمّد بتأثير اليهود ألّذين أسلموا ككعب الاحبار نقلا عن التوراة، إنَّ احتمال خلق ألله سبحانه وتعالى الانسان بالاسلوب الّذي ذكره العالم دارون لا يُمكن استبعاده مِنْ الفكر الانساني، وأنَّ المستقبل كفيل بحل هذا اللغز المُحيِّر إنْشاءألله.
إنَّ المخلوقات من بشر وحيوان ونبات حين تموت تتحلل أجسامها في التراب او الماء الى العناصر المكوِّنَة للطبيعة من فسفور ونايتروجين وكربون وأوكسجين وهيدروجين الى اخر العناصر المكونِة لجسم الاحياء، إنَّ هذه العناصر تعود بشكل او اخر فتكوِّن اجسادا اخرى للبشر والحيوانات والنباتات فكل هذه المخلوقات تقتات بعضها على البعض وهذه العملية تشكّل دورة الحياة في الارض.
صدر حديثا كتاب حول تناسخ الارواح لمؤلف تركي يورد المؤلف فيه فكرة جديدة مفادها أنَّ روح ألأنسان يعود إلى الحياة في الارض عدة مرات حتّى يتصفّى من الذنوب وذكرَ الكاتب بأنَّ الانبياء هم الواصلون الى اعلى درجات الصفاء، وشبّهَ الانبياء بالمدرسين الّذين يعودون الى التدريس في مدارسهم الّتي كانوا طلبة فيها.
امّا طبقة الشودرا او طبقة الخدم وهم طائفة من بعض شعوب جنوب اسيا فإنَّهم يؤمنون بعقيدة تناسخ الارواح ويسمّونها بالكارما، وحسب هذه العقيدة فإنَّ الارواح لها دورة حياتية تتناسخ فيها وتنتقل من جسد الى اخر يُحدده عمل الروح في الجسد الّذي حَلَّت بهِ، فالخيِّر لا يرتقي، امّا الشرير فانّه ينتقل الى جسد في نفس المستوى إلى انْ يصل الى مرحلة الخلود حيث يتّحد مع ذاته وفي هذه المرحلة يُعطى فرصة تلو الاخرى لكي يتعرّف على ربّه في اكثر من دورة حياة.
إنَّ الشودرا لا يؤمنون بالبعث لذلك لا اهمية لفعل الخير والشر لديهم طالما قام بالواجب المشروط عليه وهو الزواج والانجاب.
والجدير بالذكر أنَّ بعض فرق المعتزلة كالخابطية( اتباع احمد بن القدري ) والحمارية( وهم قوم من معتزلة عسكر مكرم ) يؤمنون بعقيدة تناسخ الارواح.
لقد افترض الإنسان البدائي وجود إنسان بداخل إنسان, أي هناك قوة دافعة وهذا الشخص الخفي هو الذي يوجهنا نحو الخير أو الشر. والأديان نفسها اهتمت بهذا الجانب, أما رواد الفلسفة فلقد تفننوا في التصور النفسي ففيثاغورث تصوّرها وكأنها عنصر خالد مغاير للجسم مستقر في الدماغ وعند الموت تغادر الجسم ثم تعود إلى الأرض في جسم أحط أو أسمى من الذي كانت فيه فالنفس واقعة في ذهاب و إياب إي وفق مبدأ تناسخ الأرواح (Réincarnation). أما أفلاطون فقد أدت نظريته إلى إقرار بأنَّ النفس أقدم من البدن و أنها أدركت المُثل التي لا تدركها الأبدان, فالنفس عنده قوة روحية فهي بذلك تتذكر المُثل بعدما عقلته في العالم الروحاني. أما ابن سينا فقد كان أكثر الفلاسفة المسلمين اعتناء بأمر النفس وفعلا هيأ لهذا الغرض العديد من الرسالات و المقالات من بينها: اختلاف الناس في أمر النفس, تعلق النفس بالبدن, رسالة في معرفة النفس وأحوالها واستطاع إثبات وجود النفس بالبراهين النفسية وذلك أنَّ الإنسان يُدرك, يتصور ويعاني مختلف الانفعالات فهو يقول { إن النفس جوهر روحاني وضعت على شاكلة الروح, والروح كمال والنفس صورة منها }.....................( انظر ويكيبيديا، الموسوعة الحرّة ).
وألله أعلَم.
من مسوّدة كتاب (ثورة الشك) للكاتب

[email protected]
http://wwwkamilalicom.blogspot.com



#كامل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوسف وتفسير الاحلام
- ثورة الشّك- هل كان موسى يهوديا ام مصريا؟


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...
- “وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور ...
- “أهلا أهلا بالعيد” كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024 .. أهم ال ...
- المفكر الفرنسي أوليفييه روا: علمانية فرنسا سيئة وأوروبا لم ت ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف ميناء عسقلان المحتل
- المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف قاعدة -نيفاتيم- الصهيونية+في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - عدالة السماء وتناسخ الارواح