أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن أحمد عمر - لقطات من الحياة














المزيد.....

لقطات من الحياة


حسن أحمد عمر
(Hassan Ahmed Omar)


الحوار المتمدن-العدد: 2584 - 2009 / 3 / 13 - 03:17
المحور: الادب والفن
    


(1) الرصيد :

وقفت السيدة فى طابور البنك وسط زحام شديد ، كان الطابور خاصاً بالسيدات فقط ، وإلى جانبه يوجد طابور الرجال ، الزحام شديد وكل شخص ينفث همومه للآخر ، قال أحدهم أن إبنه أرسل له مئة دولار من الإمارات لينفق منها على نفسه وراح يدعو له بالرزق وطول العمر ، وقال آخر أنه حضر لصرف المعاش ، وقالت سيدة فى منتصف العمر أنها جاءت لكى تلغى دفتر التوفير الخاص بها ، فدفعنى فضولى لسؤالها : لماذا يا سيدتى ؟ قالت لأن فوائده ربا وحرام .. قلت ومن أفتاك بذلك ؟ قالت شيخ المسجد ، ثم اردفت تقول : لقد أصبت بالأمراض المختلفة أنا وزوجى منذ فتحنا هذا الدفتر المشئوم .. ولقد قررنا إلغاءه لأنه نذير شؤم علينا .. لقد ظننت أن مبلغ الدفتر ضخم ويدر عليهم فائدة كبيرة ينفقون منها على أنفسهم وأولادهم طوال الشهر .. فقلت لها ألا تخافين من سرقة المبلغ حين تخرجين به من البنك وتركبين المواصلات العامة ؟ فقامت بفتح الدفتر أمامى ولم يكن به سوى صفحة واحدة مكتوب بها سطر واحد هو كل رصيدها .. لقد وجدت الرصيد خمسين جنيهاً !!!!!!

سألتها وهل لهذا المبلغ الضئيل أى فائدة ؟ قالت لا
فقلت لها أين الربا إذاً يا سيدتى ؟
فقالت : نحن نخشى من الرصيد أن يزيد ويصبح فائدته ربا وحراماً علينا ..!!!

(2) إنكسار

أراه كل يوم فى الشارع ، أطيل النظر إليه حتى يغيب عن نظرى ، لا أعرف لماذا يحزننى منظره ، أتوقع دائماً أن يكون أحد أولادى مكانه ويعانى ما يعانيه ، إنه صبى فى الثالثة عشر من عمره ، يعمل حمالاً فى أحد المحطات ، عيناه منكسرتان وعندما ينظر لى كأنه يمد يد الإستغاثة ويطلب النجدة مثل الغريق الذى يقاوم الموت ، أحاول إعطاءه أى مساعدة ولكنه يرفض ، لديه كبرياء عجيب ، ملابسه رثة ولكنه عزيز النفس ، لا يأكل واقفاً بل يجلس فى أحد المطاعم الفقيرة ويجلس على أريكة متهالكة كبقية الأرائك ويطلب طبق الفول وطبق الطعمية والسلطة ، رأيته عدة مرات ولمحنى ، هو لا يعرفنى ولكنه متعود على شكلى ، أشعر وهو يضع اللقمة فى فمه أنه يشكو العالم كله والناس كلهم ، يطلب حقه كطفل ، حقه فى اللعب والتنزه والفسحة والنظافة والنوم فى مكان مريح والتعليم والفهم ودفء الأسرة وحنان الوالدين ولذة الإنتماء .

كنت مسافراً مبكراً ورأيته نائماً على أريكة المحطة وعليه غطاء قديم متهالك .. يظل وجهى عبوساً ويومى حزيناً ، ليس من أجله فقط .. بل من أجل كل طفل مشرد فاقد للأهل وللإنتماء للعائلة ... أتمنى أن يسارع المجتمع بإيجاد حل لهؤلاء الأطفال المساكين ، حلاً يكفل لهم كرامة الإنسان ويوفر لهم وسائل التعليم وأقل درجة من الرفاهية والسعادة ، حتى يكبرون محبين لمجتمعهم ولا يكونوا قنابل موقوتة تنفجر على شكل لصوص وتجار مخدرات ومتطرفين دينياً .

(3) معاش

عم منصور رجل طيب جداً ، خرج على المعاش منذ عام ، كان شديد الإخلاص فى عمله ، يستيقظ مبكراً فى السابعة صباحاً ولا يعود قبل الثالثة مساءاً ، له زوجة وولدان ، أكبرهما لم لا يزال فى الجامعة لأن عم منصور تزوج متأخراً نوعاً ما بسبب ظروفه المالية ، هو يعمل بوزارة الصحة كان يحلم بمكافأة تعوضه عن أربعة وثلاثين عاماً من العمل والشقاء فى الوزارة ، ولكنه لم يجد سوى دراهم معدودة وكانوا معه من الزاهدين ، فحصل على راتب أربعة شهور ، وراح يضرب كفاً بكف .. كيف ذلك وهو لم يحصل على أى إجازة إعتيادية طوال عمره الوظيفى وأنه يجب أن يقبض ثمن هذه الإجازات والتى تتجاوز الألف وخمسمائة يوم على آخر مرتب صرفه ، نصحه زملاؤه الذين خرجوا قبله على المعاش أن يوكل محامياً ويرفع قضية للحصول على باقى مستحقاته ، لم يكذب خبراً وأخذ بنصيحتهم ورفع القضية منذ عدة شهور .

كان عم منصور يعالج من الكثير من الأمراض مثل إلتهاب ةالكبد الفيروسى والضغط والسكر ، وكان ينفق الكثير من دخله الضئيل على مرضه ، عم منصور توفى منذ شهر حيث دهمته سيارة وهو يعبر الطريق ، رحمك الله يا عم منصور فقد تركت دنيا النفاق ودنيا الضلال وذهبت فى رحاب الحى القيوم الذى لا تأخذه سنة ولا نوم .

وإلى لقاء قريب فى لقطات أخرى من الحياة .



#حسن_أحمد_عمر (هاشتاغ)       Hassan_Ahmed_Omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حقك أن تلحد ومن حقى أن أؤمن .. أليس كذلك ؟؟
- فن الإعتذار
- تأملات فى قصة إبنى آدم كما جاءت فى القرآن الكريم
- الأستاذ سين وحكايته مع التدخين ( قصة قصيرة)
- الصورة الصحيحة للتدين من وجهة نظرى
- نعم أنا حر طالما لا أضر أحداً
- رسالة إلى إرهابى
- هل هجر المسلمون القرآن فعلاً؟
- صفحات من الذاكرة .. خارج نطاق المألوف
- صفحات من الذاكرة 3 ... وسقطت فى بئر النفط
- صفحات من الذاكرة 2 ... ميت على أى حال
- صفحات من الذاكرة
- ألفترة البرزخية و24 ساعة موت
- الطيب والخبيث
- لون حقيقى فى لوحة مزيفة ( قصة قصيرة )
- إستنباط معنى كلمة ( فتنة ) من القرآن الكريم
- كفى صراخاً فى وجوه الناس أيها الوعاظ
- لغز أنا الإنسان
- لكل زمان علماؤه ومفكروه
- مجتهدون .. نعم .. مالكون للحقيقة .. لا


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن أحمد عمر - لقطات من الحياة