أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - حسن أحمد عمر - صفحات من الذاكرة 3 ... وسقطت فى بئر النفط














المزيد.....

صفحات من الذاكرة 3 ... وسقطت فى بئر النفط


حسن أحمد عمر
(Hassan Ahmed Omar)


الحوار المتمدن-العدد: 2329 - 2008 / 7 / 1 - 10:24
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


فجأة وبلا مقدمات إختفت تلك الفتاة الصغيرة الجميلة من الشارع , فلم تعد تلعب مع قريناتها ألعابها المفضلة وأهمها الأستغماية ( وهى لعبة مصرية مشهورة بين الأطفال وترجمتها بالإنجليزية هى hide and seek ) ، لقد كانت تملؤ المكان ضجيجاً مع صديقاتها أثناء اللعب ولكن للحق كانت ممشوقة القوام شديدة سواد الشعر واسعة العينين رائعة الجمال ، لم تتخطى بعد عامها الرابع عشر حين حرموها من طفولتها وبتروا براءتها وزوجوها خلسة من عجوز خليجى متصاب لم يكمل بعد الثمانين ربيعاً ، حيث كان يتجول مع أحد أحفاده المتزوجين من نفس القرية وكان يسير بخطواته الواثقة كخطو المها فى صفاء الربيع ، وقعت عيناه التى تشبه عيون البوم على تلك الطفلة المسكينة الرائعة الجمال الممشوقة القوام فاضطرب قلبه المرهف حباً ، واشار إليها بالبنان وشخشخ جيبه الملآن ، ويا لأثر بريق الذهب ورنين الفلوس حين يشخشخ بها خبير بالنفوس ومريض بالزواج كل شهر من عروس .

أسرع حفيده ذو النسب القديم فى القرية وأعلن أمام أهل زوجته عن رغبة جده الهمام من الزواج من تلك الفتاة اليانعة كالوردة الساطعة وأكد إستعداد جده لدفع أى مبالغ للشبكة والمهر والهدايا والتجهيزات وأكد أنه سيشترى لها شقة فى المدينة المجاورة ، وبطبيعة الحال إستقبل أهل العروس- الطفلة - هذا الخبر إستقبالاً سعيداً ورحبوا بالعريس ترحيباً شديداً ، وظنوا أن الله تعالى قد رضى عنهم بهذه الزيجة وفتح عليهم من خزائن النفط الخليجية بئراً من آباره ونقلهم بهذه الخطوة من فقر مدقع إلى غنى ومال وجاه لم يحلموا به من قبل ، ولم يكن صعباً عليهم أن يستخرجوا لها شهادة تسنين من مكتب الصحة مثبوت فيها أن الطفلة قد بلغت سن الزواج القانونى (16سنة ) مقابل عدة مئات من الجنيهات ووليمة طعام فاخر لطبيب الصحة وكاتبها ، وأقيمت الأفرح والليالى الملاح وزفت الطفلة على عريسها الذى لم يتخط بعد الثمانين ربيعاً ، وبالطبع فقد خدعت الطفلة بالذهب الكثير والفساتين والهدايا وهى تظن أنها ذاهبة فى رحلة ترفيهية لفترة وجيزة تعود بعدها للعب واللهو فى الشارع مع قريناتها مرة أخرى ، ولكن ذلك لن يحدث أبداً فقد سافرت مع زوجها الذى لم يتخط الثمانين ربيعاً بعد إلى دولته التى يعيش فيها .

كانت طفلة فحرموها من طفولتها ، وكانت سعيدة فبتروا سعادتها ، وكانت تتعلم فى الصف الثانى الإعدادى فحرموها من التعليم ، كانت حرة طليقة كالعصفورة المغردة فأحرقوا حريتها وكتموا صوتها وحرموها من نعيم الحياة ، كانت طفلة صغيرة مسكينة فأصبحت فى مقام الأم لرجال بعضهم تخطى سن الستين ، كانوا جميعاً يترقبون كل خطواتها وكل كلماتها ويحاسبونها على كل صغيرة وكبيرة ، وحبسوها فى قمقم كأنه زنزانة فيها كل أنواع المتع من طعام وشراب وتلفزيون وفيديو وخلافه .. ولكنها حرمت من نعيم الحرية وجمال الحياة ولذة الطفولة ، كانت – كالآلاف من قريناتها – ضحية الفقر والجهل والتخلف وموت الضمير .

وبطبيعة الحال لم يمض أكثر من عدة أشهر حتى مات زوجها وتركها أرملة فى عمر الزهور حيث لم تبلغ عامها الخامس عشر ، وعادت إلى قريتها كأن شيئاً لم يكن ، فالعجوز المتصابى لا أرضاً قطع ولا ظهراً ابقى كان يعيش معها كصديق لطيف وأخ ودود ولقد قامت على خدمته بكل إخلاص حتى توفاه الله تعالى ، عادت الطفلة ولكنها لم تصبح طفلة بل صارت كمن تخطت سن الستين من كثرة ما حملت من هموم وما صبرت على أعباء ، وصارت أرملة يتوافد على زواجها كل من هب ودب وكل طامع ذهبها وشقتها ورصيدها البنكى ، وماتت فيها البسمة وخنقت الفرحة وحلت محلهما لوعة الضياع ومرارة الإحساس بالظلم .




#حسن_أحمد_عمر (هاشتاغ)       Hassan_Ahmed_Omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحات من الذاكرة 2 ... ميت على أى حال
- صفحات من الذاكرة
- ألفترة البرزخية و24 ساعة موت
- الطيب والخبيث
- لون حقيقى فى لوحة مزيفة ( قصة قصيرة )
- إستنباط معنى كلمة ( فتنة ) من القرآن الكريم
- كفى صراخاً فى وجوه الناس أيها الوعاظ
- لغز أنا الإنسان
- لكل زمان علماؤه ومفكروه
- مجتهدون .. نعم .. مالكون للحقيقة .. لا
- ربيع القلوب
- وداعاً زمن الثقافة
- عربدى يا إسرائيل
- حبيبتى أفلاطونية
- أنين الغربة (شعر)
- ألقرآن فوق الزمان والمكان
- العقل ...... وسنينه
- حكاية رجل ميت
- وعلى الإنترنت السلام
- بل كان فرعون موسى مصرياً


المزيد.....




- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - حسن أحمد عمر - صفحات من الذاكرة 3 ... وسقطت فى بئر النفط