أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حجي خلات المرشاوي - قصص قصيرة.. أوان الموت














المزيد.....

قصص قصيرة.. أوان الموت


حجي خلات المرشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2579 - 2009 / 3 / 8 - 02:23
المحور: الادب والفن
    



زوبعة يومية
الكأس الرابعة على وشك النفاذ. جرعة واحدة و ينتهي مناخ السعادة القلق. ترتفع نسبة الكحول في دمه فيفترض مع نفسه انه بنى بيتاً ليمارس رجولةً صعبة ممارستها في مكان آخر. يثير نفس الزوبعة و يدعو زوجته للفراش لكنها ترفض باستماتة. يشدّها من شعرها، يركلها، يعضّها و يلكمها كيفما اتفق. يفزع الأطفال. يتركون دفء الفراش ليمارسوا ما تعودوا عليه كل ليلة. تنطلق في أجواء الغرفة الخانقة سيمفونية الصراخ و النحيب. يدوس برعونة على التضرعات المسفوحة في محراب الليل المتجهم. يبحث بين ركامٍ من خيباته عن كأس أخرى، فما لاقاه في يومه الطويل لم يفرغ بعد.

لن..
لن تفتح الباب حين يمر كسحابة بيضاء. لن تصدق ما يقوله لأنه كاذب. لن يخدعها بكلماته المعسولة وابتسامته الساحرة. لن تواعده أو تخرج بصحبته. لن تجلس معه في غرفة موصودة الأبواب. لن تنزع ما عليها من ملابس تحت وطأة الهجوم الضاري لأصابعه الماجنة. لن تفقد توازنها تماما و ستظل تتحكم بسير العملية. لن تسمح للشهوة القاهرة أن تنفلت من عقالها. لن تبكي وهي تمسح آثار الجريمة المتشبثة بمساماتها. لن تتوسل به أن يجد حلا للجنين الذي يكبر يوما بعد يوم. لا، لن تفعل كل هذا.

خمسة كؤوس
بعد الكأس الأولى جدّف على الإله و تحداه. بعد الكأس الثانية لعن الوطن و رموزه. بعد الكأس الثالثة شتم بلدته و ناسها. بعد الكأس الرابعة اشبع نفسه سبابا. بعد الكأس الخامسة حاول جاهدا أن يلحق بنملة وخزته، فلم يستطع.

شَبَه
بعد مرانٍ شاق أمام المرأة استطاعت أن تقلد دلع (هيفاء وهبي) و ابتسامة (نانسي عجرم) و مشية (أليسا). عندما التقت حبيبها استعرضت بشكل مدروس و متقن مفاجآتها الجديدة. نظر إليها مبهورا و قال: أنت اليوم أشبه ما تكونين بأمي رحمها الله!.

إنذار
من نظرة واحدة عرفتُ أنها تريد التحدث معي على انفراد. تركت ما في يدي لمساعدي و اتجهت نحوها. ارتجفت يداها و هي تضع (الوصفة) أمامي. أدركت من نوع الدواء أنها تعاني من عدم القدرة على الحمل. أصابت نظرتها المكسورة جرحا لطالما حاولتُ إخفائه فتأججتْ مشاعر العطف في قلبي. حاولتُ أن ازرع الثقة فيها فأخبرتها مشفقاً إن زوجتي تعاني من نفس الأعراض. صمتتْ و كأنها قد سئمتْ ترياق الشفقة الذي تحقن به بين الحين و الآخر. ارتعشتْ شفتاها و انبلجتْ دموع خجلى من عينيها. قالت: و هل أنذرتها إنذارا نهائياً مثلما فعل زوجي؟

غفران
سألغي ذاكرتي تماما و القي بتاريخي في اقرب مزبلة. لن أفكر في بيت هجرته مرغما دون أن تتاح لي فرصة لأضع في احد أركانه عربونا خجلا بالعودة يوما ما. سأشطب كل ما يذكرني بماض جميل و لن اسمح لفكري أن يسرح في مرتع الطفولة و أصدقاء الحي و الكرة الصغيرة و الساحة الترابية التي أدمت حجارتها قدمي. سأمحو كل اثر لابتسامة أبي حين جئته احمل شهادة تخرجي. سأنسى تمتمات أمي و ركعاتها الخمس في كل يوم تتحقق فيه معجزة بقائنا أحياء. سأفعل و الله كل هذا حينما استطيع أن اغفر لهم ذبح حبيبة عمري و امرأة حياتي أمام عيني.

فضاء آخر
من كل ذلك الإرث لم يتركوا لي سوى بلبل اشتريته حينما كانت الحياة ممكنة. بعد أسبوع من سقوط (هبل) ارتدتْ زوجتي الحجاب و رمتْ فراشي في غرفة أخرى. في السنة الثانية اختفتْ الكتب و دواوين الشعر و اسطوانات الموسيقى و اللوحات الزيتية مع تواقيع أصحابها من مكتبتي. بمرور عام آخر أطلق أولادي الأربعة لحى كثة خدّشت امتداداتها الحادة دائرة أبوتي و جردتني من كل سطوة. حتى بناتي الأربع صرن يحدثنني من وراء أبواب مقفلة و ينهمكن ليل نهار بغسل كل شيء تلمسه يداي. انضغط عالمي المترامي الأطراف سريعا و لم اعد املك إلاّ مساحة تواصل ضيقة مع ذلك الطائر الهزيل أبثه ألمي و لواعجي. شعروا بأن ثمة مؤامرة تحاك ضدهم، لأنهم لم يفهموا لغة التخاطب بيننا. في النهاية وجدتُ نفسي إمام أمرين، فإما أن احبس نفسي داخل القفص أو اذبح صديقي الوحيد مرغما. اطمئنوا، فقبل أن تنغرس السكين التاسعة في لحمي المتبل بترياق جنتهم كان البلبل يحمل وديعتي و يحلق في فضاء آخر.

زيف
كل من يصادفه في الشارع لا يعلم بما يدور في خلده هذه اللحظات. هو وحده يعرف ما سيحدث في تلك الغرفة الفارهة حيث ترك زوجة جميلة بمعيّة تاجر هرم متصابي. لم تهزه قيد شعرة (غيرة) الرجل على (عرضه) و لا الطريقة المذلة التي خرج فيها من ذلك القصر المنيف. لكن ما زلزله فعلا هي تلك السرعة المذهلة التي وافقت فيها الزوجة على أن تكون كبش فداء لتسديد دينٍ بمئات الألوف. هو يدرك تماما انه سليل أصل وضيع، خَدَمتهُ ظروف شاذة على القفز عاليا و تذوق شهد الأغنياء لبرهة، لكنه لن يتقبّل أبدا عدم إبداء أية ممانعة من قبل الإنسانة التي أفنى عمره في سبيل إرضائها. لن يجرؤ على تخيّل المشهد هناك فصورة واحدة تكفي لذبحه آلاف المرات. ماذا سيقول لها و ماذا ستقول له حين يلتقيان و يبحث في زيف عينيها عن خواء رجولته. تبدو العودة إلى البيت ضربا من المحال و يلوح النهر من بعيد حانيا و قادرا على إخفاء الكثير.

أوان الموت
في الصباح، اقتحم الملثمون بيته و وجهوا بنادقهم نحوه. ابتسم مثل مولود جديد و قال: ابتعدوا، إن فيروز تغني.

[email protected]



#حجي_خلات_المرشاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مياه بابل(قصص قصيرة جدا)
- كارثة النطفة-قصص قصيرة جدا
- تقاسيم على مقام ايزيد
- الخيول الغاضبة


المزيد.....




- فيلم -في عز الضهر-.. هل ينجح مينا مسعود في مصر بعد نجاحه في ...
- نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس في ثواني على بوابة التعلي ...
- صدر حديثا ؛ عندما يغضب المحيط - قصة للأطفال
- -ابتدينا-..عمرو دياب يطلق ألبومه الجديد ويتعاون فيه مع ابنه ...
- وثائقي -غزة: أطباء تحت النار-.. القناة 4 تكسر احتكار الرواية ...
- منتصر الحمد: كيف نعيد تموضع اللغة العربية كفاعل ثقافي عالمي؟ ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” رابط نتيجة شهادة الدبلومات الفنية 2 ...
- أقنعة وألسنة لهب: باراغواي تحتفل بمهرجان كامبا رانغا على طري ...
- الأميرة ريم علي: -نرفض أن نموت ثقافيًا-..انطلاقة الدورة الـ ...
- معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمغربي محمد بن ع ...


المزيد.....

- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حجي خلات المرشاوي - قصص قصيرة.. أوان الموت