أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حجي خلات المرشاوي - تقاسيم على مقام ايزيد















المزيد.....

تقاسيم على مقام ايزيد


حجي خلات المرشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2146 - 2007 / 12 / 31 - 10:53
المحور: الادب والفن
    



ايزيدي وعراف يجلسان في اللامكان والزمن يقبع على بعد وجعين.
يتحدث العرّاف:
لا مناص، ليس ثمة حيز للنهار هنا كي تلتئم اوصال الاغنية وتسترد الفراشة الصفراء اجنحتها. في معتقلك الابدي تذوي الامال ويصبح للعمر معنى معطل. الخوف اكبر من أن يكون خنجرا في عتمة الحرف أو رصاصة في تداعي الكلمة. ليس لك خيار بين موت وموت، ففي نهاية المطاف يكون الفصل لمقبرة منزوية صامتة لا تبعد كثيرا عن نأمة حياتك المؤجلة. اهذا وقع خطواتك ام آثار حلم محال اخفق في تحريك هشاشة الهواء، وما تلك الكلاب الرابضة هناك حيث تاريخك المنهك يحاول الوقوف على قدميه. ليتك تنطق مرة فيعرف الكون أن له في هذه المزبلة امتداد أو ظل. تلوذ بصدفة افكارك مثل رعديد ارهبته الاهتزازات الواهنة لسنابل الحنطة واقتات على محياه المتدلغم فك المنطق. تتقاسمك ضواري المخيلة ويشطرك ساطور الفكرة إلى دمعتين. موزّع انت ما بين وجع الوجود وحمى العدم. ليلك محمل بثمار شهية محرمة وفضاءك مشحون بتراتيل الحداد وذاك الذي يلوح امام ناضريك ليس بقمر فضي بل حسرة مرة تقوقعت داخل قشرة المهزلة. خطوط يدك تحاكي دفقات (زمزم) لكنها تفتقر إلى البركة المنشودة وامنيتك مبرومة بخيط الفناء وسبيلك لا يكون الا في اللاسبيل. في داخلك وجع معتق ومعجون بلون البكاء ونكهة الهزيمة ومذاق الغربة . مطحون انت في رحى البحث عن هوية، عن انتماء، عن موطيء قدم، عن حبل سري يربطك بمشيمة الرب وينقش المك في اللوح المحفوظ. في دمك تختال طواويس بابل وايائل سومر واسود آشور، وفي ضلعك المتواري خلف ظلام القرون يجوب كلكامش بمعية انكيدو متعلقا بذيل (الاينوما ايليش) كي ينال نطفة الفناء. سرك مسربل بالفخار لكن بوحك مجلل بالانكسار ولسان حالك مقطوع بأمر اهل الحظوة عند ذاك النائي عنك. انت مصاب بلوثة الانهزام الحاد ولن يجدي معك جبر العزيمة أو تقويم الهمة. انت واقع في شرك البقاء (حيميتا) وواقف على الطرف المدبب من الدبوس. باطل مسعاك فلا القباب اصبحت خبزا ولا (السبقات) القمت عجين الحكايا بخميرة الارض. باطل مسعاك وصحراء الفواجع ما زالت تذر رمالها في عينيك وتملأ افقك المصلوب على نعيب الغربان بدم الرضّع واغاني المهد. الغربان؟ الا تعرفهم؟ قَتَلَتُكَ مذ أغْضَبَتْ الرب مبدئية سيدك المصان بغلالة الاساطير وترهات البدء وطقوس النبل النوراني. انت مذبوح بشفرة التاريخ وشريانك ما انفك يغذي ظمأ الخفافيش وشراهة الحدأت للحمك المتبل باكاسير الجنة كضريبة للبقاء على قيد شعرة من نهم عزرائيل. سحنتك الخارجة توا من لحدها تنفض عنها لعاب الموت وتتسمح ببركة الوادي المقدس لا تنتمي لك البتة. لقد لفظتك حين اعلنت العصيان على وداعة الرقم الطينية ودلقت على وجه سومر كآبتك وقطعت السبيل على اغنية بابل البكر واتجهت بمحض عنجهيتك صوب الربع الخالي حيث قمة الحضارة لا تعلو سنام جمل. ما كان مرامك يا خائب وقد اخفقت في التوالم مع لغة القيظ وذاكرة الصنم وايدولوجية الرمل الناشف فأجدبت وامحلت ويبست وصرت ذرة رمل تشرعن غزو الصحاري وتبرر نحر رقبة الماء. كم حلاّج خرج من صلبك ودعى إلى تعلم ابجدية الوردة وعبادة فلسفة الشقائق دون أن ينال غير انشوطة لئيمة لا تناسب شكل المه وابعاد مأساته. تصوم؟ لما وانت صائم منذ بدء الخليقة على أن تكون انسانا ولا فطور يلوح في الافق المغّيب الا حين تلتهم الشمس مجرتها الفاسقة. اما زلت تجالد معارضا مشيئة الرب وارادة القدر، وتسير على قدمين. اما سئمت هذه المناكفة الصبيانية لوحش كاسر لا يراك الا قرادة. ستستسلم عاجلا أو اجلا لان ذخيرتك من الاساطير على نفاذ ومؤونة التطمينات باله جديد سيقدم بعد حين قد تعفنت لطول الانتظار. أن كنت احد صناع التاريخ في زمن سديمي وضبابي الملامح فقد صرت اولى ضحايا ذلك الصنيع. انقطع حبل التواصل بك وذلك الزمن الذي ما زلت تتشدق بألقه غدا ارثا لقيطا رجمته حتى الموت فتاوى الرمال. اما زلت في مرحلة جلد الذات تمارس الزحف على الشفرة المسننة وتحسب أن زمن القرابين سيقلب اطراف المعادلة ويعيد ترتيب اوضاع الكون . لا، فترياقك الناجع فقد سحره وافيون شكك المرتدي كسوة اليقين يزعزع اكثر قناعاتك رسوخا. ماذا بقيَ من كل ذاك الشمم غير اغنية يتيمة تبحث عن ايقاعها المثلوم وانفاسها المنسحقة تحت حوافر الفقه المتسرطن. لا تآبه؟ ليس الامر أن تابه أو لا لانك نكرة غير ملزمة لاحد. لن تجد من يرأف بك فأبقى ها هنا ليكتمل النصاب للقبول بوجع جديد قديم . تعال الى هنا ... قرفص بجانبنا وادمن الترقب والانتظار. هنا في هذه الارض البتول التي لم يخدش وجهها الملائكي حذاء ادمي يمكن لك ان تمارس الموت بحرية المنتحر. هنا، في هذه التربة العذراء ستجد من يستقبل ماينز منك من ادران وعقد وقيح وصديد وعرق نتن فتنال راحة لم تذقها حتى في رحم امك ، وتتمدد مثل كلب منهك بملء أطرافك وتنسى كتب المدرسة وبصمات الاب الحاني ولمسات الام الدافئة وضجيج العائلة اليومي وهفهفة الطيور في حديقة المنزل واغاني الزمن الرومانسي وقهقهات الاصدقاء وشفاه اول صبية منحتك رضابها . لاتأبه ايضا؟ ستكمل مشوار الالف قرن اذن؟ لكن الزمن لن يتواجد حينها والمكان سيتضامن معه فتنتفي اكذوبة ال(هنا) وال (هناك) وتموت الاتجاهات كشجرة بلهاء فلا تعلم اين ال (فوق) واين ال (تحت) واين اليمين واين الشمال ، فتبقى رهين نقطة الزوال وحبيس عبث اللامكان لتبحث عن بذور التدمير في ذاتك الضالعة في مؤامرة الاتجاهات حتى يأتي الخلاص . الخلاص من ماذا؟ ياله من سؤال كارثي يثقب شعوذة الصمت ويجندل مخاتلة الفكرة ويضع نسغ الاغنية في مأزق مضغوط بنوايا الباطل . لم تفهم؟ لكل مالاتفهمه سلطان عليك والغموض حاكم اوحد مستوحد واله غير معتمد يستمد عافيته من زيت المجهول . سيأتون كمد جارف بوجوههم الممحية ويبلعونك كما تبلع الصحراء حبة الماء . سيحقنون افاتهم في مفاصل مقامك العتيد ويجعلون من اوتار قيثارتك حبالا لاعدام ذاكرتك . ستختفي حينها الشمس للابد ويعلن القمر حياده المبتذل وتخلي النجوم اماكنها ليتسع الفضاء لاحتواء حجم كارثتك ودوي صراخك . سينحسر النهار حتى يصبح اكذوبة وستمسح اجنحة الوطواط القادم نحو رقبتك بقايا اخر غسق تلمحه. ستتشظى الفصول ويولد من نثارها فصل خامس فظ بلا الوان يمقت التنوع ويعبد رتابة الايقاع وجمود الاشياء . سيمتد الظلام حتى يملأ كل مساماتك وينال الكون اخيرا راحته المرتقبة منذ ملايين السنين . سيلفظ ( نيسان) انفاسه الاخيرة ولن يتسنى لك الانبعاث مثل (دوموز) حتى وأن أعلنت الطيور حدادها الرقراق او ذرفت الفراشات توسلاتها المرمرية على راحات عشتار . سينسى دجلة ذكريات الطفولة معك ويعتبرك مارقا وسيشيح الفرات بوجهه الملثم عنك . سيكشر التراب عن عدائيته المضمرة ويرفض ان تمشي عليه. سيقتصون من بقع الضوء فيك ويفتتون مناطق الروح بضجيج بعلهم ويطمرون دفقات انسانيتك في فجاج تفاسيرهم. ستطاردك ثلاثة اشباح بلا هوادة لتمحق تاريخك وتسمم وجودك وتجعل من خطوتك التالية موتا سريريا. ثلاثة اشباح ستسطر الياذتها الصلفة بمداد خوفك وتدون على مسلات بابل قصة انقراضك ككائن لم يحسن التعامل مع قاتليه حين تردد قليلا قبل أن يضع طرف عنقه على نصل السكين. اية اشباح؟ ماضيك القاني وحاضرك القلق ومستقبلك الغامض هذا الثالوث القدري الذي لا يقهر سيقضم بنهم الجراد كل اشيائك وعندياتك حينذاك ستعلم أن الموت ليس الوجه الاخر للحياة بل التخلي الصعب والفادح عن نفسك وافكارك واحلامك واشواقك وانجازاتك واخفاقاتك وخوفك وشعورك الخادع بان مكروها لن يحصل. ستعلم ايضا أن الموت يعني فقدان رعشة الفراش ولذة القبلة ولوعة الحب وحركة الدم الدائبة ودفء المصافحة وفرحة اللقاء وذلك الشعور الطازح بانك حي.. حي وكل ما يتواجد حولك يشعر بك، يتفاعل معك, ينتمي لك ، يصدر منك ويسكن فيك. حينذاك ايضا سينهار مثل برج بابل وهمك بان ثمة متسع للحرية بين القيد والمعصم وان هناك حيز كافي للحلم بين الرقبة وحبل المشنقة. حينها فقط ستدرك أن الجواب الجلل قد سبق كثيرا سؤالك المتأخر: اين المفر.. اين المفر.. اين المفر؟



#حجي_خلات_المرشاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيول الغاضبة


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حجي خلات المرشاوي - تقاسيم على مقام ايزيد