أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق حجي - عن التسامح المنشود.














المزيد.....

عن التسامح المنشود.


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 2563 - 2009 / 2 / 20 - 09:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



سألني صديقي ونحن في أحد إجتماعات مؤسسي كرسي الدراسات القبطية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة (ومن بين مؤسسيه ثلاثة مسلمون هم الأمير طلال بن عبد العزيز ووزير السياحة المصري الأسبق فؤاد سلطان وكاتب هذه السطور): لقد لاحظت في إجتماعاتنا هذه أنك لابد وأن تكون قد طالعت عشرات الكتب عن تاريخ المسيحية في مصر وتاريخ الكنيسة المصرية كما لاحظت أنك تبحرت في مسائل اللاهوت المسيحي بوجه عام وحسب أدبيات المسيحية الأرثوذكسية القبطية .. وكذا معرفتك بالأديرة المصرية - فما الذي دفعك لهذا الإبحار في هذا المجال بهذه الكيفية؟.. قلت: الشعور بالذنب!.. رأيت الدهشة الممزوجة بالتساؤل الحائر في عينيه قبل أن ينطق لسانه بالسؤال: مما؟ قلت: في يوم سمعت شخصاً يتحدث عن خلاف البابا كيرلس الخامس مع كل من بطرس باشا غالي والمجلس الملي وتدخل الخديوي في الخلاف وإتخاذه لموقف مؤيد للمجلس الملي-فشعرت بغصة في حلقي: كيف طالعت مئات الكتب عن فلاسفة من ألمانيا والدانمارك وفرنسا وبريطانيا وكيف طالعت عشرات الكتب عن الثورة الأمريكية وعن الثورة الفرنسية وعن الثورة الروسية وكيف طالعت العديد من الكتب عن كونفوثيوس والصوفيين المسلمين (وبالذات المغاربة والعراقيين)… كيف حاولت ألا أترك مجالاً من مجالات العلوم الإجتماعية والإنسانيات إلا وطوفت به-وهاأنذا أجد نفسي أمام حقيقة مضعضعة: أنني لم أقرأ كتاباً عن تاريخ الكنيسة المصرية.. ولم أقرأ كتاباً عن الخلافات اللاهوتية الكبرى التي أدلت فيها الكنيسة المصرية بدلوها الهام.. ولم أعرف من هو أثناسيوس وما هو دوره في صياغة قانون الإيمان المسيحي… ولم أعرف شيئاً عن أنطونيوس أبو الرهبان في العالم كله.. ولم أعرف شيئاً عن المجامع.. وعن مجمع خلقدونيا بالذات وأثر الإختلاف الذي شقه… ولم أرى ديراً واحداً في أديرة البحر الأحمر أو برية شيهيت (الصحراء الغربية) أو أديرة الصعيد وأشهرها "المحرق" و"درنكة". ولم أعرف من هو المصري من بين مشاهير القديسين…

وكعادتي مع نفسي-إذ آخذها بالشدة والصرامة اللتين لا يكاد معظم الناس يقدرون على تخيلهما-كذلك فعلت-وكانت النتيجة بعد عشرين سنة أنني أصبحت أستقبل الطلبة الذين يعدون رسائل الدكتوراه في تاريخ الكنيسة المصرية أو تاريخ الرهبنة المصرية أو اللاهوت الأرثوذكسي المصري أو الفن القبطي أو تاريخ الأقباط السياسي والإقتصادي والإجتماعي منذ دخول الإسلام مصر لأسلط الضوء على جوانب لم يكونوا عارفين بها… ولأدلهم على مراجع لا ينبغي لهم ألا يكونوا مطلعين عليها.

سألني محدثي:وماذا كان أثر ذلك عليك؟ قلت: أنني أصبحت على دراية جيدة بقرون من تاريخ وطني (مصر) وبعناصر أساسية من عناصر تكوين التاريخ المصري والشخصية المصرية… وأهم من ذلك أنني تخلصت تدريحياً من أية رقائق من التعصب قد أكون عشت بها سنوات.

سألني محدثي في دهشة: وهل تنتظر أن يفعل كل مصري ذلك لكي نتخلص من التعصب؟ قلت: لا… أنتظر ذلك من خاصة المثقفين والنخبة التي تسمى بالإنتلجنسيا. هؤلاء هم الذين سيجبرون برامج التعليم على أن تزرع في عقول وضمائر أبناء وبنات هذا الوطن (مصر) الإحترام الأصيل لمعتقدات الآخرين… والتعايش البناء مع التعدد… مع قدر معقول من التعرف على "الآخر". أنا لا أتوقع أن يعرف المصري المسلم العادي معنى أن يرفع السيد المسيح في أيقونة إصبع واحد (ترجيح نظرية الطبيعة الواحدة) ومعنى أن يرفع إصبعين (ترجيح نظرية الطبيعتين التي تأخذ بها الكنيسة الكاثوليكية).. ولكنني أن يعرف ذلك (وكثير غيره) كبار المثقفون وقادة الفكر… وهؤلاء هم الذين يبثون قيم قبول الآخر والتسامح الديني والثقافي والتعايش الإيجابي مع التعددية… وفي نفس الوقت فإن هؤلاء هم الذين سيدمرون مؤسسة مُلاَّك الحقيقة المطلقة.

إن التعصب وعدم إحترام حق الآخرين في الإختلاف هو من جهة من ملامح العقل البدوي الذي غزا بثقافته (أو ببعض ثقافته) الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية وتسلل لها من عدة طرق مثل أبناء هذه المجتمعات التي ألجأتها ظروف الحياة للعمل عند البدو… ومثل إمتلاك البدو للمحطات الفضائية.. وكذلك للصحف والمجلات… بفضل "البترودلار" والذي جعل رجلاً مثل السعودي (من أصل حضرمي)"ص.ك" من "قادة الإعلام" في بلد أحمد لطفي السيد وطه حسين وسلامة موسى (يقف شعر رأسي وانا أكتب تلك الحقيقة)… كما أن التعصب ينتقل من "الطبقة القدوة" أي رموز المجتمع في كل المجالات.. وأخيراً فإن مؤسسة التعليم هي إما باذرة بذور التعصب في القول أو باذرة بذور السماحة والتآلف والتعايش مع الإختلاف والتعدد.



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسوعة المصطلحات الدينية اليهودية
- لماذا لا يستقيل أحد في مصر؟
- العربي النبطي ... فى الشعر العربي
- حوارات مع صديقي نصف العاقل
- العقل العربي .. -مخدراً-.
- بين -القبيلة- و-الدولة-.
- مساران تاريخيان - الكوريتان كمرآة لعواقب الخيارين
- إستراحة مع الشعر.
- حول التغيير المنشود.
- من عبد الناصر لأردوغان ... عزف رديء من مقام كاريزما الكبير
- الإدارة: بين -الموهبة- و-العلم-
- ما العمل ؟
- عن - كافور الإخشيدي - و كرومويل الإبن والإبن ....
- عن - الهوية - أتحدث ...
- .دراما الإسلام السياسي
- -التعليم الديني-... في الميزان .
- روح النهضة
- أين لطفي السيد عصرنا؟
- الصراع العربي الإسرائيلي .. نظرة مغايرة للذائع من الآراء
- مشتكون .. ومشخصون .. ومعالجون


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق حجي - عن التسامح المنشود.