أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - يوسف ابو الفوز - من -سويله ميش- الصوت هز السماوة !















المزيد.....

من -سويله ميش- الصوت هز السماوة !


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 2562 - 2009 / 2 / 19 - 08:27
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


حبيب الأماني والأغاني . حبيب لي . لرفاقه جميعا ، لنخيل السماوة . لجبال الوطن المعشوقة حد الموت .
اذكره ... ، يجئ لمقهى " علي زغير " مرحا ، يتأبط " طريق الشعب " وذراع صديق جديد ، يغرقنا في ذاكرة مؤرقة بالقصائد ، يهمس لي عن عيون " سهيلة " ، يعترض على مسرح اللامعقول ، ينبه إلى صدور كتاب جديد ، وينسل إلى موعد حزبي دون استئذان .

اذكره ... ، يقطع " أبو الستين" (1) برشاقة ، بهيا بين أقرانه ، يناقش أزمة السكن وفن الشطرنج ، يلثغ بالراء وفي عينيه شئ من مكر وعناد .
اذكره ... ، في الأيام الأولى للمحنة ، يملك كل العالم بأمانيه ، ولا يملك مكانا يأويه !
اذكره ... ، حين التقينا في الجبل ، كان الثلج في بحر عينيه يزهر لوزا والحزب بين كفيه بندقية .
اذكره ... ، حين تلتف أغاني الأنصار على ليل الشتاء ، : " شباب أنصار يا هلنه وضوه العين " (2)
ننهل صوته ندى وتجلي ، وعلى قلبي أجد وشما لنار العراق .
اذكره ... ، و " سويله ميش " ندية بدم " ياسين " و " جلال " والحرائق والهتاف الشيوعي والرصاص .
نذكره ... ، في 27 / 9 متدفق الدم ، على ثغره ارتجاف الهتاف وفي عينيه صحب العناد !
نذكره ...
من "سويله ميش" الصوت هز السماوة
ما مات " ابن وروار" بدمه نتغاوه

هو النصير الشيوعي ( كاظم عبد الحسن وروار حاشوش ) . مواليد 1956 مدينة السماوة .
نحن ابناء مدينة واحدة ، عشنا معا صخب مراهقتنا التي امتلات بالسياسة مبكرا ، فكنا جنبا الى جنب في التظاهرات الاحتجاجية والسياسية ، وفي اجتماعات و نشاطات اتحاد الطلبة واتحاد الشبيبة الديمقراطي . بل وانتُدبنا مرة معا وساهمنا في نشاط فني لرابطة المرأة فكان " كاظم " يعتبر ذلك " تنسيب " !! . فيما بعد حين روى ذلك قال : ان مسؤوله الحزبي في حينها وللضرورة ، نصحه بأن يذهب الى الاجتماعات لابسا العباءة !! . وجدنا انفسنا معا اعضاء في اول خلية حزبية بعد ترشيحنا للحزب ، ومن مصادفات الحظ ان استاذنا نفسه الذي رشحنا للحزب في الفترة نفسها . ساهمنا معا في نشاطات مسرحية مدرسية ، ثم بعد الدراسة الاعدادية ، اخذتني معدلاتي الدراسية الى البصرة للدارسة الجامعية ، وذهب هو للدراسة الجامعية في بغداد ، لكننا بقينا على تواصل مستمر، وكنا نقضي اياما جميلة وحافلة في عطلات الصيف ، خاصة أوقات تسكعنا في شوارع المدينة ليلا حتى ساعات متأخرة ، وبمعية مجموعة طيبة من الاصدقاء ، في مقدمتهم الشهداء " جمال وناس " (3) ، "زهير عمران موسى " (4) ، حديث كانت هذه الجولات عبارة عن " ندوات متحركة " حيث تثار النقاشات حول مختلف المواضيع الثقافية والسياسية . رصد رجال الامن ، من جلاوزة العفلقيين ، جولاتنا هذه وحاولوا التحرش بنا أكثر من مرة ، بل وانتقدنا بعض الرفاق " الجبهويين " واعتبروا جولاتنا هذه مضرة بمسيرة عملية التحالف القائم مع حزب البعث يومها . مع تصاعد الهجمة البوليسية من قبل اجهزة النظام القمعية في عام 1978 انقطعت اخبار كاظم وروار عني ، وخاصة بعد مغادرتي الوطن في صيف 1979 .

و ... في يوم من شهر تشرين الثاني عام 1982، في كردستان والى مقر بيتوش ، مقر الفوج التاسع ، تصل مفرزة ومعها مجموعة انصار جدد ، قادمين من عمق الوطن التحقوا عبر تنظيم الداخل !
معهم كان رفيقي وصديقي كاظم وروار .

مع بدء هجمات أجهزة الأمن في عام 1978 اختفى كاظم عن الأنظار طويلا . كان جريئا فأختار مدينة تكريت مكانا للتخفي منتحلا أوراقا " تكريتية " . حين التقينا كان قد اختار لنفسه اسم (ابو مهدي) ، و اذ كنت حينها معنيا بشؤون الملتحقين الجدد ، كان عليّ أن انظم له استمارة الالتحاق بقوات الانصار، التي كانت تعتمد لتكون مصدرا للمعلومات عن النصير، وحين اردنا تثبيت الاسم الحركي له ، أقترحت عليه تغيير اسمه لعدة أسباب :
اولا : لان هناك نصير يحمل اسم "ابو مهدي" وهو بالمصادفة من مدينة السماوة ايضا .
ثانيا : ان اسم " ابو ..." يجعله يبدو عجوزا وهو شاب متدفق الحيوية .
وثالثا : ان سكان القرى الكردية تعبوا من قصة الـ ( أبو ... ) التي تحملها اسماء انصارنا .
وافق كاظم على مقترحي فورا ، لكنه قال :
ـــ بما ان لي حرية اختيار الاسم ، فسوف اختار اسما يجعلك تدور باذانك كلما نادوني به !
واختار اسم ( يوسف ) ! الذي هو اسمي الصريح والمجهول بالطبع للغالبية من الانصار !
واذ ساعدته قدراته الجسدية ، وراح يحمل سلاح R B G 7 باستمرار ، حاول الانصار منحه لقب ( يوسف أر بي جي ) لكنه كان يرفضه ، فكانوا ينادونه احيانا ( يوسف عرب) وكان يرفض ذلك دائما ، كان يقول بحزم :
ـــ يوسف وبس ! ما عاجبكم سأبدله !

وصرنا نلتقي باستمرار لنستعيد ذكريات طرية عن مدينتنا، واصدقائنا. كان محبوبا بين الانصار لسرعة بديهيته، وروحه الفكهة التي لا تجعل شئ يمر دون تعليقاته الساخرة . مشكلته الحقيقية انه كان اكولا ، ولمعالجة هذا الامر صدر قرار من ادارة الفوج بمنحه حصة اكل مضاعفة لان حصة شخص واحد لا تكفيه ، ورغم ذلك كان يقوم بغارات سرية على مزارع الادارة ، والحقول ، وكان علي رفاقه الانصار التستر له على ذلك !
واذ اعتاد الانصار ، من اجل تغيير المزاج ، وبسبب محدودية ممتلكاتهم ، ان يتبادلوا ساعاتهم ، قمصانهم ، بنادقاهم ، بدلاتهم ، فكنت واياه دائما نتبادل اشياءنا . هكذ قمنا انا واياه ، بعد ان استحممنا بتبادل قمصاننا ، قبل ان اتوجه في مهمة الى مكان اخر . كان ذلك قبل ايام من معركة "سويله ميش " . من اين لي ان اعرف ان ذلك سيكون لقاؤنا الاخير، وان كاظم سيستشهد وهو يرتدي قميصي ؟

في 25 / 9 / 1983 في سهل "شاره زوور"، في محافظة السليمانية ، في قرية "سويله ميش" ، ذات الأربعة عشر بيتا المتناثرة كرؤوس الفطر على تلال منخفضة. نجح مرتزقة النظام الديكتاتوري " الجحوش " بالتسلل ليلا ، والاقتراب من القرية وتطويقها ، من مختلف الجهات . فجرا اكتشف أنصار الفوج التاسع ذلك ، وتعذر انسحابهم ، واضطروا ، وعن قرب ، الى خوض ، معركة بطولية ضارية ، غير متكافئة ، استمرت طوال النهار. تداخلت خطوط القتال بين الأنصار و قوات العدو الذي زج إلى ارض المعركة بوحدات مدرعة مع طيران الهليكوبتر ، وثم وصل المنطقة مفرزة دعم من أنصار الفوج 15 / كرميان ، ومفرزة من أنصار مقر قاطع السليمانية ــ كركوك ، ومجاميع متفرقة من أحزاب حليفة هبت للمنطقة بشكل متأخر، مما ساعد أنصار الفوج التاسع على الانسحاب نحو مواقع أكثر أمنا . خلال المعركة الضارية استشهد النصيران البطلان ، آمر الفصيل الأول ومعاون آمر السرية ، (ياسين طاهر حمه صالح) ، والنصير ( جلال هونكريني) ، وتمكن العدو من اسر ثلاثة أنصار اخرين ، هم : سامان ( ئاراس اكرم ) ، ومحمد حمه فرج ، ويوسف ( كاظم عبد الحسن وروار ) . بعد يومين ، على شارع حلبجة ــ سيد صادق ، تم اعدام الانصار الاسرى في مشهد استفزازي لجماهير المنطقة ولركاب السيارات الذين أوقفوا بالقوة ليشهدوا بشاعة الجريمة . أرتجل الشهيد كاظم كلمة فضح بها حقيقة السلطة وحث الجماهير على مواصلة النضال ، وتقدم ورفاقه لمواجهة الرصاص بشجاعة وهم يهتفون باسم الحزب الشيوعي العراقي وقوات الأنصار .


معلومات اضافية

(1) أبو الستين : تسمية شعبية لشارع خلفي في مدينة السماوة ، ( في اعوام 1972 ــ 1976 ) كان يتواجد فيه بكثرة الطلبة والشباب خاصة في فترة المساء .
(2) من أغنية أنصارية كلمات النصير أبو محمد (الشاعر إسماعيل محمد إسماعيل) والحان النصير أبو جميلة (الفنان كوكب حمزة).
(3) الشهيد جمال وناس : مواليد السماوه 1956 ، من عائلة كادحة ، في أيام درسته الإعدادية كان من الكوادر النشطة ، في اتحاد الطلبة ، وعند انتقاله للدراسة في كلية الزراعة / جامعة البصرة ، واصل نشاطه الطلابي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي ، فتعرض إلى مضايقات متعددة من قبل أجهزة النظام الأمنية ، وفي أواسط اذار 1978 تعرض إلى اعتداء من قبل عناصر منظمة النظام الطلابية في جامعة البصرة ، ونقل على أثره إلى المستشفى ، وفي 21 اذار من العام نفسه فارق الحياة متأثرا باثار الاعتداء الأثيم ، فكان من أوائل الشهداء لفترة ارهاب 1978 الذين افتتح النظام بهم صفحة الارهاب المنظم والمتواصل.
(4) الشهيد زهير عمران موسى ـ ملازم غانم : مواليد السماوه 1955 ، كان كادرا طلابيا وشبابيا نشطا ، وكان عنصرا بارزا في فرق مدينة السماوة الرياضية في كرة القدم والسلة ، تعرض إلى مضايقات متنوعة من الأجهزة الأمنية نتيجة نشاطه المتميز ، فاضطر إلى قطع دراسته الجامعية ومغادرة العراق منتصف السبعينات إلى دولة الكويت ، ومن هناك إلى الدول الاشتراكية لمواصلة دراسته ، وفي مطلع عام 1981 التحق بدورة عسكرية خاصة وحالما أنجزها بتفوق التحق بصفوف الأنصار في كوردستان العراق ، وأستشهد صيف 1983 في الاحداث المعروفة بين الأنصار أسم (احداث بشت ئاشان الثانية) تمييزا لها عن ( احداث بشت ئاشان الاولى) في ايار 1983 .







#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتخبوا الحزب الشيوعي العراقي ... انتخبوا المستقبل !
- وثبة ... التي اعرفها ! *
- السخرية في رواية كريم كطافة الجديدة *
- فنانة فنلندية تتمنى ان تعرض افلامها في بغداد
- العراقيون يعرفون جيدا الفائز بجائزة نوبل للسلام
- صرخة باول بويمر !
- الاديب فلك الدين كاكائي.......... انا وزير ثقافة لاسباب سياس ...
- التسامح والمحبة في حكايات نبيل يونس دمان التراثية
- كامل شياع ... انهم يعرفون كيف يوجعون قلوبنا !
- حوار مع الرفيق تاج السر عثمان عضو اللجنة المركزية في الحزب ا ...
- صحافة الحزب الشيوعي العراقي ميدان للنضال من اجل حقوق الجماهي ...
- بهاء 14 تموز والأنصار الشيوعيون
- ينابيع الأمل
- حلقات دراسية في فنلندا من اجل حل الازمة السياسية في العراق
- القاص القروي !
- فيلم -رامبو 4 - الجديد يؤكد حاجة امريكا لهورمونات منشطة لتحس ...
- هناك ... شرق - كاني كه - ! (1)
- قصتي مع السيد ماتريكس والأرهاب !
- كتاب باللغة الفنلندية :يروي قصة مناضل شيوعي في سجن -ابو غريب ...
- لقاء مع الرفيق احمد زكي عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والا ...


المزيد.....




- تجاهل محكمة العدل في تدابيرها الاحترازية الاضافية وقف اطلاق ...
- قلق أمريكي من تصاعد الحراك الشعبي الأردني وشعاراته
- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - يوسف ابو الفوز - من -سويله ميش- الصوت هز السماوة !