طارق جنيدى
الحوار المتمدن-العدد: 2535 - 2009 / 1 / 23 - 08:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
في إطار سعينا الدائم للهجوم على أي فكر مستنير و إلقاء التهم جزافا على كل من له رأي و موقف حر، ورد إلي بريدي الإليكتروني مقال لم أفهم الهدف من كتابته، لذا أردت أن أعرضه أولا ثم أكتب التعقيب عما جاء به
المقال أسفل لأمل زكى اضعه كاملا بين أيديكم حتى لا يكون بتعقيبي ظلم أو افتراء على كاتبته
مقتطفات من أقوال هرتزل وبن جوريون وموشى ديان وشارون وغيرهم من قادة السلفية اليهودية
أكثر مايخشاه السلفيون اليهود أن يتحول الصراع فى المنطقة إلى صراع دينى إسلامى يهودى
عندما يكتفى طارق حجى ولبنى وغيرهم من صحفينا المصريين والعرب من هذه الشاكله بإبراز مايسمى بالوجه الديمقراطى للمؤسسة الصيهونية ، ويكتفوا بمقارنة تقدم المؤسسة الصهيونية العلمى بالتخلف العربى، وعندما يصمت هؤلاء عن الجانب الفاشى والمدمر لتلك الديمقراطية المتقدمة علمياُ، ويعمون عن السلفية اليهودية والمسيحية الصهيونية التى تتبناها الأنظمة المتطرفة دينيا فى اسرائيل وامريكا، ويكتفون فقط بفضح السلفية الإسلامية. نتأكد أنهم مع السلفية الدينية بشرط أن تملك المعرفة العلمية التى تنتج تكنولوجيا الدواء والسلاح والنفط، وبشرط أن تكون حليقة الذقون تردى فقط الطاقية او القبعة اليهودية، بدلاً من الجلباب والحجاب.
أو لايقوم الكيان الصيهونى على فكرة دينية سلفيلة هى إقامة دولة دينية يهودية، لماذا إذن تدينون المنظمات الإسلامية السلفية التى تريد إقامة دولة دينية إسلامية؟ ولماذا اذن تدينون المشايخ والدوله الدينية السعودية فقط . لماذا لم تنبر أقلام هؤلاء الصحفيين الموغلين فى الدفاع عن تلك الديمقراطيات الدينية الفاشية للهجوم على الدولة الدينية اليهودية ، ولماذا لايوجهون انصال أقلامهم الرقيقة للنظام الدينى الفاشى الذى تزعمه بوش حتى أنه منع تدريس نظرية دارون فى عدد من الولايات الأمريكية، ووضع بدلاً منها ما أسماه بنظرية العقل الذكى الخالق للكون واسماها نظرية علمية، حتى رفع عدد من الأباء والعلماء الأمريكيين قضية ضد "مشايخ" أمريكا من علماء الفلك والفيزياء والكيماء، الذين أرادوا منع الطلاب من معرفة نظرية دارون. وهم فى الحقيقة لا يختلفون فى شئ عن هذا الزغلول النجار الذى يهاجمه طارق حجى ولبنى ليل نهار فى مقالاتهم الذكية جداً؟
ولماذا لم يسن احدهم قلمه للهجوم على المشروع الدينى للدولة اليهودية العنصرية المعادية للإسلام والمسلمين، بينما يطالبون العرب والمسلمين بالتحلى بالتسامح الدينى والحوار السلمى مع أنظمة دينية متطرفة فى كراهيتها للمسلمين. ولماذا يعتبرون أقوال هرتزل وبن جوريون وغيرهم تعبر تعبيراً صارخاً عن الديمقراطية" بينما أقوال نصر الله واحمدى نجاد تعبر تعبيراً صارخاً عن التخلف والجمود والسلفية والرجعية وكراهية الآخر وعدم قبوله.
تابعوا معنا" أقوال السلفيين اليهود ليس لتعرفوا فقط أنهم لايختلفون فى فكرهم وفلسفتهم عن بن لادن، وأيمن الظواهرى، القرضاوى وزغلول النجار، بل لتعرفوا ايضاَ أن كتابنا الأشاوس من المدافعيين عن السلفية اليهودية "الديمقراطية" و "العلمية" جداً، لا يفعلون ذلك نتيجة لبلاهتهم السياسية، بل بوعى سياسى كامل يدافع عن سلفية فاشية ترتدى الملابس البيضاء و تمسك بأنابيب الاختبار والميكروسكوبات لتنتج قنابل فسفورية وعنقودية، ترهب بها شعو العالم من اجل تحقيق مشروعها السلفى فى العودة للعبودية وفى السيطرة على العالم باسم الدين.
لا أعتقد أن كتابنا الأشاوش من المدافعين عن الديمقراطيات الفاشية طوال عهد بوش وأولمرت لا يدركون أن هذه الأنظمة الفاشية قادت وتقود حروبها منذ الخمسينات والستينات تحت شعار نصرة الدين المسيحي على الشيوعيين تارة وعلى المسلمين تاره أخرى. لكنهم يغمضون اعينهم عن ذلك ، ترى من أجل ماذا؟؟؟؟؟؟ وإذا كانوا يتمتعون ببصيرة نافذة أستطاعت أن ترى رجعية وجمود وتخلف وانحدار السلفية الإسلامية، فلماذا ياترى لا يرون سوى تلك السلفية الإسلامية ولايرون السلفية اليهودية الشارونية والمسيحية البوشية. أوليس ما يقولونه أكثر خطورة علينا من السلفية الدينية اليهودية المسيحية الإسلامية.
و بهذا انتهت كلمات أمل زكى و اليكم التعقيب
ما الهدف من المقال؟
لم استطع تحديد الهدف الرئيسي من كتابة هذا المقال، فالمقال في طريقة عرض افكاره و اسلوبه يجعل القاريء يقع في حيرة عن المخزى الرئيسي من وراء كتابته. كاتبة المقال جعلتني أشعر أنني اشاهد احد البرامج الوثائقية التي كثيرا ما نجهل الهدف من إعدادها، فنجد أنفسنا حيارى بين مشاهد عديدة و تعليق على هذه المشاهد لا يجعلنا ندرك هل هو برنامج وثائقي عن عصر معين، أم مكان، أم أشخاص، أم ماذا! هذا بالضبط ما شعرت به عند قراءة المقال
المشهد الأول نجد فيه مخرجة المقال تسلط الضوء على اثنين من الكتاب المستنيرين الذين يجاهدون ضد الجمود الفكري و سيطرة الفكر السلفي الاسلامي الذي يعطي لمعتنقوه الحق في ان يتصوروا انهم مبعوثي العناية الإلاهية الذين يمتلكون الحقيقة و حدهم، و هم الأوصياء على الامة و لديهم طريق الهدايا و الصلاح، و ما دون ذلك هو كفر و إلحاد يجب القضاء عليه تماما. كان سند مخرجة المقال للهجوم في هذا المشهد، أن هؤلاء الكتاب لا يهاجمون الأنظمة المتطرفة الإسرائيلية و الأمريكية، و يا لها من مفارقة شديدة السخرية أن تعترف بأن هذه السلفية المسيحية و اليهودية على حد قولها، تمتلك العلم و المعرفة التي تنتج تكنولوجيا الدواء و السلاح و النفطـ، في حين أن السلفية الإسلامية التي يبدو أنها تدافع عنها تمتلك مجلة الأزياء الإسلامية المختلفة من الجلباب و اللحية و الحجاب !!!!
المشهد الثاني أنتقل بنا إلى فكرة إنشاء الدولة اليهودية ، و أنه فكر ديني عنصري، و هذا يعد إعتراف ضمني من مخرجة المقال أن فكرة إنشاء أي دولة على أساس ديني هو فكر عنصري، و لم أر يوما أي من الكتاب الذين ذكرتهم المخرجة للمرة الثانية يدافعون عن إسرائيل او أمريكا أو الإكوادور أو بلاد ما وراء النهر، لم أقراء يوما أي مقال يرحب بالفكر الصهيوني الإسرائيلي او الأمريكي، و لكن مخرجة المقال تناست أن أي كاتب هو بشكل أو بآخر ضمير لأمته، و عندما يرى الوهابية السعودية تغزو مصر و تقضي على حضارتها و ثقافتها و تحول الغالبية العظمى من المصريين إلى كتيبة الأزياء الإسلامية و تمحي الفكر و الأخلاق لنصل إلى ما نحن عليه الآن ، فمن الطبيعي جدا أن يتفاعل هؤلاء الكتاب مع ما يحدث في أرضهم و يدقون ناقوس الخطر ، و يحاولون تنوير الناس لخطورة ما هم منساقون إليه.
المشهد الثالث يحمل في تطياته تساؤل عن عدم قيام د. طارق حجي و لبنى حسن بالهجوم على بنجوريون و هرتزل، و التهليل لأحمدي نجاد و حسن نصر الله!! لعل من أبرز ما تميزت به مخرجة المقال هو الدقة المتناهية في تقديم الرد على نفسها، فوضع بنجريون و هرتزل و أحمدي نجاد و حسن نصر الله في قالب واحد ينسف فكرتها من الأساس، فهي تقول أن هرتزل و بنجريون يجب الهجوم عليهم لأنهم قادة المشروع اليهودي الذي ينادي بكره الإسلام و المسلمين، فلماذ تنتظري من كتابنا التهليل لأحمادي نجاد و نصر الله و هم قادة المشروع الإسلامي الذي ينادي بكره الديانات الأخرى و تكفيرهم، هل يجب أن نتبع أحد هذه النماذج المتطرفة؟
المشهد الرابع حمل عطل فني لكاميرات المخرجة حيث انني جلست لأتابع معها بكل شغف أقوال السلفيين اليهود و لكني لم أجدها في المقال و شاهدت بدلا منها بن لادن و زغلول النجار و الظواهري و القرضاوي ... كل هؤلاء ينخرون في جسد الأمة و تغضب المخرجة من كتابنا الأشاوس لمحاولتهم كشف بعض الحقائق في مقالاتهم الذكية جدا، و هنا إيحاء بإلقاء تهمة جديدة و هي الذكاء، يجب ألا يكتب الكاتب مقالا ذكيا بل يجب أن يتمتع المقال بقدر كبير من عدم الذكاء عند كتابته كي لا يستطيع أن يصل لعقول القراء، الذكاء في الكتابه تهمة نكراء يجب أن يتجنبها الدكتور طارق حجي ، و لبنى مستقبلا حتى يغفر لهم و لا يقام عليهم حد الكتابة الذكية !!؟
المشهد الأخير لم يأتي بجديد ، و لكن بما أنه النهاية كان يجب على المخرجة أن تهتم به بقدر أكبر لعل و عسى يعوضها عن الضعف الموجود في المشاهد الأخرى، و لكن جاء المشهد الأخير على شاكلة ما قبله مجرد هجوم على كتاب لأنهم ليسوا منشغلين بالهجوم على الفاشية المسيحية و اليهودية ، لأن هناك ما هو أهم و هو التصدي للتخلف و الرجعية و إمتلاك العلم و المعرفة التي تؤهلنا لقيادة الدفة و تجعلنا قادرين على تبوء مكانة مرموقة في صناعة القرار العالمي. لن يبالي العالم بنا و لن نشكل أي أهمية إلا بالإنجازات العلمية و الثقافية و الصناعية التي تخدم سكان العالم، اليابان بعد قنبلة هيروشيما لم تملاء الدنيا صراخا و عويلا على أبناء هيروشيما و لم تخرج المقاومة اليبانية متوعده بغزو أمريكا و لم تترك شعبها يقتل و يدمر و إكتفو فقط بالبيانات الخادعه من دول أخرى مثلما فعل المقاومة الفلسطينية التي زينت شاشات الأخبار ببيانات صادره من مقرات قيادات المقاومة الفارهة في سوريا و لبنان و الأردن و لندن عن صمود الشعب الفلسطيني!!! لم تفعل اليابان ذلك و لكنها غزت أمريكا و العالم بتويوتا، هوندا، نيسان، سوني... و غيرها من المنتجات اليبانية. هل نستوعب الدرس؟ أم ان الإستيعاب رجس من عمل الشيطان!!
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟