|
كلنا عملاء فمن الشرفاء في غزة؟
سامي الأخرس
الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 03:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ِكلنا عملاء فمن هم الشرفاء يا غزة؟ وَهم هذا الذي نعيش فيه ، والوهم الحقيقي أن نفكر للحظة واحدة أن تستل قلمك من غمده، وتتركه ليسيل بمداده على ورق أصم ، ليخاطب عقول صماء ، وقلوب عمياء ، وأنت تحت النار ، تترقب أن يحتضن منزلك صاروخ أو قذيفة ، أو يأتيك خبر استشهاد أخ أو إبن أو قريب أو صديق ، أو جار أو عزيز ، أو عائلة تُدفن تحت ركام منزلها المتفجر بجثامين الأطفال . الوهم أن تكتب وأنت تشاهد حفلة شواء للأجساد الحية ، وبقايا القطع البشرية تبحث عن مدفن مع جسدها الأصلي ، وأناس تترقب الموت بسماء ملبدة بالقاذفات المتنوعة من أنواع التكنولوجيا الطائرة . كل هذا الوهم وأنت تبحث عن عودة التيار الكهربائي لترى الشجر والبشر والحجر المتناثر في غزة لتحاكي الزمان والمكان ، ولتشهد نكبة أخرى أشبه بنكبة أولى مر عليها ستون عاماً ، لم تمحوها بعد ذاكرة الشهود الذين لا زالوا أحياء . هذه الذاكرة التي استرجعت من كل الألم مشهداً واحداً هو المشهد الخياني فقط ، دون النظر إلى الإجرام الصهيوني ، ومآسي الشعب المكلوم ، المفجوع . والوهم الأكبر أن تصمت أكثر وأنت ترى الحناجر وسط الضوضاء ، ووسط الركام لا تزال تسجل مواقف مخزية ، تشارك بها بفعل الجريمة كشريك فعلي ومؤثر ، وتخط سير المعركة الحربية والنفسية . فالشرفاء عند المآسي والكوارث دورهم شحذ الهمم ، ورفع المعنويات ، والعزف على الجرح بالكلمة إن لم يستطع التضميد ، فالكلمة سلاحُ معنوي يعيد النصر للنفوس المتألمة الشهيدة تحت ركام القهر والموت والاستنزاف ، شعبُ يموت حربياً وعسكرياً ، ونفسياً ، وينتظر بريق من الأمل أن يسطع من هؤلاء المتفذلكين بأقلامهم وحناجرهم ، أو بصيص من الشرف يعيد للأنفس النشوة بالنصر ، ولكن تأبى تلك الأقلام إلا أن تؤكد سطور الهزيمة التي أعلنوها منذ أن صفقوا للانقسام وهللوا للوهن الفلسطيني ، بتوزيع شهادات الشرف على فئة ، والعمالة على فئة أخرى حتى كانت هذه النتيجة التي خططوا لها ، والنكبة التي قادها الطابور المختبئ خلف ستار الوطنية تارة ، والقومية تارة أخرى ، والدين تارة ثالثة ...الخ من مسميات العولمة التي نعيشها ، ومن رحم الهزيمة التي غرسوها بعقولهم وأقلامهم الفاسدة وحناجرهم النتنة . إذن فمن الوهم أن تكتب وجرحك ينزف ، وعقلك مشتت ، وذهنك غير نقي ، ووضعك غير سوى ، ولكن ليس من فعل الطائرات الهادرة بسماء غزة ، ورائحة الجثث المتناثرة تحت الأنقاض ، والمشاهد الصاعقة التي تراها بأم عينيك ، ولكن الوهم ينبع من هؤلاء الذين لا زالوا يساومون بأقلامهم وحناجرهم على الجثث الفلسطينية ، والدم الفلسطيني المتدفق كنهر في وادي الألم. فإن كانت الدول العربية ( الأنظمة ) خائنة وعملية وسأسلم فعلاً وجدلاً بذلك تحت تأثير الفعل الحقيقي لما يحدث في غزة ، فأين الشرفاء من هذه الأنظمة الذين أرهقونا بشعارات المقاومة ودعم المقاومة ، ودول الممانعة ، وساقوا علينا الشرف مراراً ، أين هم الآن من الحقيقة ؟ فهل الشعب الفلسطيني يحتاج ثرثرة فارغة ؟ وهل الموت يقابل بتصريح هنا وآخر هناك ؟ وهل تطفئ المحرقة بالمزاودات على الفضائيات ؟ وهل حركة حماس (إن فرضت إنها تواجه المذبحة لوحدها ) تحتاجكم بوقت غير هذا الوقت ؟ أليس هذا وقت نجدتكم وتطبيق شعاراتكم ؟ أليس الآن الآن نحتاج لمواقفكم ، وترسانة أسلحتكم ، وجيوشكم التي أكلها الصدأ وكساها الغبار ، وتجمدت أطرافها ؟! أيها الوهم المعشش في عقولنا هل لنا أن نصطدم لحظة واحدة بالحقيقة وننفض الغبار عن هذه العقول المتكلسة لنفهم ونعي إننا نشارك في الجريمة ، فعودوا لرشدكم ، فأنتم البلهاء الدهماء الأغبياء ، تشاركون بالمذبحة فعلاً وقولاً ولا ينقصكم وينقص خيانتكم سوى ارتداء بدلة رجال الاستخبارات الصهيونية التي تخوض حرباً نفسية بجانب الحرب العسكرية وتقوموا بدوركم علناً . إن الشعب الفلسطيني لا يحتاجكم ولا يحتاج أقلامكم التي فرقتنا ومزقتنا وجعلتنا فريسة سهلة المنال للعدو ، فأنتم بنظري عملاء بكل ما تحمله الكلمة ، ومشردون تبحثون عن ستر بقميص خياني نجس قذر ، تبحثون عن ضالة في فضائية تسترزقون منها ، وصحيفة تنشر مفاسدكم وعمالتكم ، وأنتم تتسامرون بعروشكم العاجية توزعون التهم جزافاً على شعب يقتل . فالوهم أن هناك من يصفق لهؤلاء ويروج لهم وكأنهم شرفاء أتقياء . فغزة صامدة وستبقي صامدة بأهلها حمساويين ، فتحاويين ، جبهاويين ، جهاديين ، وكل طفل بها لا زال يرفع لواء التحدي الموشح براية فلسطين ، تاركاً لكم عار لن تغسله من أبدانكم وعقولكم كل الاعتذارات ..... سامي الأخرس 30/12/205
#سامي_الأخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جامعة الأزهر والقانون
-
ثقافة الشعار وأراجوزات الإعلام وفلسطين
-
ثقافة الأرجيلة ومساواة الأنثي
-
جامعاتنا جامعات مفاسد وضرار
-
هل تتجه حماس للتشيع؟
المزيد.....
-
الحوثي: ديون إسرائيل بلغت مستوى غير مسبوق بفعل صمود غزة وجبه
...
-
اليابان: التحقيقات تكشف مصير المروحيتين العسكريتين المفقودتي
...
-
هل يمكن أن يجعلنا العيش مع الغرباء أكثر سعادة؟
-
تحقيق لبي بي سي يُظهر ارتكاب إسرائيل لجريمة حرب محتملة بقتل
...
-
قدّاس الخميس العظيم ومراسم -غسل الأرجل- في كنيسة القيامة بال
...
-
ماكرون: لا استبعد إرسال قوات إلى كييف إذا تجاوزت روسيا الحدو
...
-
ماليزيا تطالب -أسترازينيكا- بتوضيح الآثار الجانبية للقاح كور
...
-
لم دمّر الروس والسوريون والليبيون والعراقيون وغيرهم بلدانهم؟
...
-
قلق في تل أبيب من توقف مصر عن تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أور
...
-
هنية عقب مكالمة مع رئيس وزراء قطر: اتفقنا على استكمال المباح
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|