|
غزة ... الضفة ... وصراع السلطة
محمد الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 2510 - 2008 / 12 / 29 - 02:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رؤوس مقطوعة عن أجسادها ، أياد مبتورة ، وأشلاء مبعثرة لأكثر من 225 فلسطيني ، والعدد قابل للزيادة بتحول الكثير من الجرحى إلى جثث هامدة ، وهذه حصيلة يوم واحد من ضرب الطيران الإسرائيلي لدقيقتين فقط ، فكيف إذا كانت لساعتين أو يومين ، أو شهرين ، هذه هي الصور التي وصلت للعالم كله من غزة ، وما زال الطريق ببدايته ، ومن يعلم متى تأتي نهايته ، وكم من الناس ستأخذ ، وكم ممن لم يلدوا للآن سيدفعون أجسامهم أشلاء سببا لعدوان إسرائيلي آخر ، وما زال ساسة الشعب الواحد يتخاصمون على استحقاق رئاسي وكرسي هنا و آخر هناك ، وما زال العداء بين فتح وحماس مستمرا ، وما زال هناك من يدعوا للحوار ورمي البندقية ، أومن يدعوا لتفجير الجسد بجموع اليهود أينما وجدوا . مأساة فلسطين مستمرة ، قبل أن أولد و لربما بعد مماتي ، لأني لا أعتقد بأني سأرى لها حلا بحياتي ، فالاثنان ، الجانب الفلسطيني والإسرائيلي غير راغبين رغبة حقيقية بالسلام الحقيقي ، وهم ليسوا متساوين بالقوة العسكرية ليحدث توازن ، والجانب الضعيف عسكريا منهم ، الفلسطيني يزداد ضعفا يوما بعد آخر ، بسبب انشقاقه الداخلي ، وبسبب تخل جميع العرب تقريبا عنهم ، أساسا لم ينفعوهم أيام كانوا معهم ، فكيف وقد تركوهم لوحدهم ، فلولا صراخ العرب عام 48 بأنهم سيرمون إسرائيل بالبحر ، لربما قبل الفلسطينيون بقرار التقسيم ، ولكن منعوهم وماذا كانت النتيجة ، حرب غير محسوبة النتائج ، وبدون تحضير ، بل حرب استعراضية حتى تعطي المبرر الكامل لتخرج إسرائيل منتصرة ، وحتى يبيض الحاكم العربي وجهه بأنه فعل ما يريده شعبه منه ودخل الحرب وخسر ، ولكنه لم يدخلها ليربح ، بل ليخسر ، وكانت ما اصطلح عليه النكبة . ثم جاءت صراخات اذاعة صوت العرب ، وتحشيدها للعرب ، من محيطه لخليجه ، خلف جمال ، والكل ظن أن جمال يمكنه فعل ما لم يستطع العرب جميعا في 48 ، خصوصا وقد نجح في 56 ، ولكن الذي يقرأ لما كتب عن 56 يعلم أنه لولا الولايات المتحدة التي أوقفت العدوان ، لما توقف ، ولكننا لا نقرأ ، وإن قرأنا لا نفهم ، وإن فهمنا الدرس لا نعتبر ، وكانت 67 ، وظهر أن العرب بكل صراخهم ليسوا سوى رجال من ورق ، وكانت النكسة . وفكر حكام العرب بعدها ، ووجدوا حلا يبعد الأذى عنهم ، ويجعلوه بعنق الفلسطيني وحده ، فكان الدفع لإيجاد منظمة التحرير الفلسطينية ودعمها ، وكان ما كان ، فنشأت المنظمة ، وبدأت الصراعات داخلها ، وأراح الحكام العرب أنفسهم من حمل عقدة الذنب بخسارة حرب أخرى وتداعياتها ، وقلقهم من حدوث انقلابات عسكرية في ليلة حالكة ، وجلوس قادة ملهمين ذوي نظر ثاقب ، فما عليهم إلا ضخ المال بجيوب المنظمة وتشكيلاتها ، و نشأت تجمعات فلسطينية عسكرية كثيرة ، وانقسمت على نفسها كانقسام الاميبا . وحاولت المنظمة السيطرة على الأردن ، ودافع الملك حسين عن عرشه ، فكان أيلول الأسود ، وخرجوا من الأردن إلى بيروت ، وفرحوا بهذا الخروج لضعف الحكومة اللبنانية ، فكانت دولة داخل الدولة ، وكأن مشكلة المنظمة حينها هي إيجاد مكان بديل لتمارس السلطة فيه ، لا تحرير أرضهم ، وكان اجتياح بيروت ، وحصار المنظمة ، حتى خرجت تحت حماية دولية على ظهر البواخر ، واعتبروا الهزيمة النكراء انتصارا ، لأن النصر عند المنظمة هي بقاء القادة على قيد الحياة ، وهو نموذج طبيعي جدا في عالمنا العربي ، وعند كل نماذج القادة والحكام العرب ، فاعتبار صدام أنه انتصر بحروبه ما كان إلا لأنه أستمر بالجلوس على كرسيه ، فالنصر هو بقاء الحاكم بنفس المكان وعلى كرسيه ، فالظن كل الظن عندهم أن العدو يريد إزاحتهم عن مواقعهم . ثم جلوس المنظمة سنين بتونس ، ثم جاءت اتفاقات اوسلوا ، على ذكر أوسلوا ، أتعلمون أن المنظمة كانت تتفاوض في أوسلوا منذ 1984 ، إسألوا حنان عشراوي فستخبركم ، ولكن الكثير يظن انه بعد التسعينات ، أي بعد خروج صدام من الكويت . وكان عودة المنظمة للداخل ، وتم إنشاء مكان للرئاسة في رام الله سمي المقاطعة ، وظنوا أنهم حكام حقا ، مثلهم كمثل كثير من الرجال العرب ببيوتهم ، يصرخون ويضربون و..و ، فقط يمارس بطشه وجبروته على أهل بيته ، وخارج بيته خانس خارس خاسر . قبل سنين كانت شابة من فلسطين ، وبالضبط من غرة ، التقيتها يوما بالجامعة ، كنت أجلس مع زملاء لي نتحادث ، فسمعت بنا نتحدث العربية ، ونحن ببلد أجنبي ، فجاءت وسلمت علينا ، وأول سؤالها كان أنتم عرب ، قلنا نعم ، ففرحت وابتسمت حتى ظهرت نواجذها ، وبعد يومين وجدناها تبكي وتنوح ، وتقول أبي .. أبي ، كان يومها حصار عرفات بالمقاطعة ، وهي فتحاوية ، وتسمي عرفات بأبي ، فما كان منا إلا أن نهدئ ثم نفرغ روعها ، ثم كان نقاشا لحال فلسطين وحال أهلها في غزة ، و أذكر أني قلت حينها أن مأساتكم بسببكم وبسبب العرب و باقي الدول الإسلامية ، فقالت كيف ، قلت لم غادرتم أراضيكم ، تركتموها وتريدون من يعيدها لكم ، أبقوا بأرضكم أحياء أو أموات ، وان تركتموها فانسوها واعتبروا بلد المهجر أرضكم ، فالقيمة العليا هي الإنسان ، والأرض أي أرض كانت بدون الإنسان لا قيمة لها ، هي مجموعة مركبات كيميائية وعناصر ، تجدها في أي مكان ، ومن يعطي قيمة للأرض والوطن ومن يعمرها هو الإنسان ، فان كنتم مرتبطين لهذه الدرجة بأرضكم فلم تركتموها وهاجرتم ، كما تمرون بحرب واحتلال ، فقد مرت أرضكم بكثير منها ، وما كانت الحروب الصليبية الأولى والثانية والثالثة إلا مثالا قريبا ، وكانت مستمرة لمئات السنين . فقالت و ما خطأ العرب ، قلت خدعوكم ، يقولون ما لا يفعلون ، وهم يعرفون جميعا بقرارة أنفسهم أنهم غير فاعلين ، فلم يقولون !!؟ ، أو ليسوا بمنافقين ، وانتم اعتقدتم بما قالوا ، واستمروا بخداعكم . فتساءلت وما خطأ باقي المسلمين ، قلت صدقوا كذبة الأقصى ، فان كان هذا الأقصى هو المقصود بالقرآن ، فعليهم فعل حقيقي لتحريره ، وان لم يكن فليتركوه ، فكل من قرأ التأريخ القديم ولو قليلا يعلم بأن حاكم اليهود هيرودس من قبل الإمبراطورية الرومانية هو باني الهيكل الجديد بعد تهدم هيكل سليمان ، وموقع المسجد الأقصى يقع فوق أطلال هيكل هيرودس ، وما جدار المبكى الذي ينوح أمامه المصلين من اليهود إلا جزءا من الجدار الخارجي للهيكل . نعود ليومنا ، ومأساة شعب ، وضع بين كفة منافقين و طالبي سلطة ، وبين ماكينة عسكرية ضخمة تؤيد احتلال وغصب ، وبين تهريج وتطبيل ، وبين زعيق وعويل . مأساة أطفال ونساء ورجال لا حول لهم ولا قوة ، ولكن هذه هي كانت دائما مأساة الإنسان على وجه الأرض ، فهو مبتكر لأساليب رهيبة تبيد أخيه من بني البشر لتحقيق رغباته ، وهي طبيعة حيوانية رهيبة ، لا تقولوا لم يعرفها الحيوان قبلنا ، فقد سبقتنا مملكة الحيوان بها ، ونحن البشر جيدين جدا بملاحظة ما يفعل غيرنا من بشر وحشر وحيوان من شر، وجيدين جدا بتطويعه لخدمة مآربنا ، لا نفرق بين ما يضرنا عن ما ينفعنا . محمد الحداد
#محمد_الحداد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماسونية
-
نموذج جديد من أجل بناء الدولة لمواطني العراق
-
الإستبداد الشرقي الضعيف
المزيد.....
-
إيران.. تصريح رئيس مجلس الشورى عن الضربة بالمنطقة ومصير البر
...
-
رئيس الوزراء الأرمني يعلن إحباط -محاولة انقلاب-
-
اليونان: الآلاف يحتجون على الضربات الأمريكية على المواقع الن
...
-
بوتين يوقّع قانونًا لإنشاء تطبيق مراسلة بديل عن واتساب وتيلي
...
-
شبكات التجسس تثير أزمة ثقة في إيران.. النظام يحذر من التفاع
...
-
السودان ـ مقتل العشرات بينهم أطفال في هجوم على مستشفى
-
ترحيب دولي بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ودعوات لتوسيع
...
-
مجلس النواب الأميركي يحظر استخدام -واتساب- على أجهزته
-
واشنطن تعرض 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن أميركي محتجز بأف
...
-
منظمة تتهم علامات تجارية فاخرة بالمساهمة في إزالة غابات الأم
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|