أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم علاء الدين - هل تمجيد الفعل الفردي يعبر عن ثقافة المقاومة ..؟















المزيد.....

هل تمجيد الفعل الفردي يعبر عن ثقافة المقاومة ..؟


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2506 - 2008 / 12 / 25 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اخترت من بين عشرات الردود التي وصلتني حول مقالنا بعنوان "في ظل الثقافة السائدة بالمجتمع لا تحلموا بالانتصار".. رد السيد حسن مدني لعدة اسباب من اهمها انه خلا من القاء التهم المسبقة والاوصاف المشينة وناقش ما جاء بالمقال دون المساس بالكاتب وهذا الاسلوب الحضاري والديمقراطي ويمثل المضمون الحقيقي لحرية التعبير وتبادل الرأي، وهذا الامر شديد الاهمية كي نتعلم من بعضنا البعض لترتقي مساهمتنا بخدمة امتنا وشعبنا ، والقاعدة التي تحكمنا هي ان الخلاف بالراي لا يفسد للود قضية.
فاسمح لي اخ حسن ان ابدي بعض الملاحظات على ما تفضلت به :

اولا : لاخلاف مطلقا حول ما جاء في الفقرة الاولى من ردك " فارق كبير بين الإيمان " بالتسامح والتعايش مع من يخالفها الراي او العقيدة او الاصل او العرق" وبين الخضوع للاحتلال والقبول به والتعاون معه. وفرق أكبر بين الالتزام بالقانون الشرعي - الإلهي أو الإنساني- وبين الانصياع لمشيئة محتل غاصب، أو عدو محارب".
فمن المؤكد ان هناك فرق كبير( بين ... وبين ...) ولا اظن ان عاقلا ملتزما بقضايا وطنه وشعبه يمكن ان يقول غير ذلك، وبالتالي لا اعرف لماذا كانت هذه الملاحظة من حضرتك ..وهل تضمن المقال ما يشير الى غير ذلك .. اما اذا كانت من باب التذكير وتثبيت الالتزام بها فتشكر عليه وان كان لا ضرورة لذلك لانها من البديهيات التي لا تحتاج الى تذكير.
ثانيا : اما الفقرة الثانية والتي تضمنت سؤالا " وأي حضارة تلك التي "لا تؤمن بالتعددية والديمقراطية والسلام"؟ أهي الحضارة التي جاء بها بوش إلى بلادنا أم التي يدافع بها الناس عن أوطانه بما ملكت أيديهم ولو كان حذاء".
فاسمح لي ان اقول لحضرتك ان بوش لم يأت بحضارة بوش جاء محتلا ويجب مقاومته بكل ما ملك الناس في ايديهم حتى لو بحذاء. ان القضية كما اراها ليست قضية حذاء او رئيس او اهانة او عدمها .. او بطولة شخصية لفرد .. او مغزى الحدث نفسه والذي وصفه كثيرون بانه تعبير عن رفض كل ما تمثله امريكا من عدوان وعدوانية، بل رايتها من زاوية مختلفة تماما وهي البعد الثقافي في ثقافة جماهير هذه الامة.
وقد رايت هذا البعد من جانبين .. جانب (الكتابات مقالات وشعر وقصة) وجانب الانفعال الجماهيري بالحدث.
فانا مثلك ومثل الملايين من ابناء هذه الامة ارفض العدوان الامريكي كيفا كان ومتى كان واينما كان، وهذه ليست قضية خلافية، وانما القضية الخلافية هي ثقافة هذا المجتمع الذي ننتمي اليه، وقد وصفتها بصريح العبارة بانها ثقافة انفعالية .. ثقافة ردة الفعل .. ثقافة "شفي الغليل او فشة الخلق".
وانا اعتبر ان هذه الثقافة مستمدة من ثقافة بائدة هي الثقافة البدوية القديمة التي قال بشانها ابن خلدون ما قال.
ومن وجهة نظري ان هذه الثقافة لا يمكنها ابدا ان تبني وطنا او تعمر حضارة او تطرد احتلالا او تحرر اوطانا ، كما انها تعبر عن ضعف ثقافي شديد و (قلة حيلة).. لان الانفعال هو رديف لقلة الخبرة وضعف الثقافة وبالتالي ضعف القدرة.. هكذا يقول علماء النفس. ولذلك سعيت من خلال ما كتبت لاقول ان هذا التصرف الانفعالي خاطيء لانه انفعالي . وجاءت ردة الفعل انفعالية عاطفية حماسية.
وقد لاحظت بمعظم ان لم يكن كل هذه الكتابات انها تتسم بالعاطفية والخطابة الحماسية ومعظمها مليء بالمبالغة، فوجهت نقدا لاذعا كما قال البعض للثقافة التي تقف خلفها وهي ذاتها ثقافة ردة الفعل و(فشة الخلق).. وهي ثقافة مدمرة خصوصا وانها كما تبين شائعة بشكل هائل لدى من يفترض بهم يوجهون الجماهير ويصوبون طريقها، فاذ بهم لا فرق بينهم وبين الجماهير العادية التي يطلق عليها تعبير الغوغاء او الدهماء أي بمعنى ان فعلها يأتي بالعادة عاطفيا وغالبا مايكون ردة فعل .. لا نجدها في المواقف الكبرى حتى الكارثي منها وانما تجد هذا الموقف عندما تكون الضريبة المطلوب ان تؤديها ضعيفة او بسيطة، وذلك لسبب بسيط وهو غياب القيادة الموجهة المرشدة التي تقودها لتقول رايها في الظروف الصعبة مما يوفر لها الحماية والمساندة السياسية .
ولاعطيك مثلا على ذلك من واقعنا الفلسطيني ، غزة محاصرة منذ سنة ونصف ويرافق ذلك اشكالا عدة من الهوان والذل والجوع والفقر والمرض الى اخره .. فاين وفي أي البلدان خرجت الملايين لتقول كلمتها ؟؟ والامثلة كثيرة واكثر مما تحصى، لا تقول لي ان القمع البوليسي يحول دون ذلك ؟ .. لكن لماذا كان هذا التعاطف الجماهيري مع رمية الحذاء وراميه ..؟؟ ولم يكن مع غزة .. لا اعتقد ابدا لانه كبير التاثير ، بل لانه من وجهة نظري هو فعل جديد على المشهد العربي، ولكن تخيل لو تكرر الحادث عشرين مرة مثلا فهل ستجد في المرة العشرين هذا الزخم من المقالات والتعاطف الجماهيري .. اعتقد الاجابة لا ..
على ماذا يدل ذلك ..؟
يدل على ان ردة الفعل عاطفية على حدث فريد من نوعه لم يحدث من قبل، تماما كما ينفعل العريس واهله في ليلة العرس الاول لان الحدث يحصل للمرة الاولى .. ولكن تخيل ان العريس مزواج فهل سيكون عرسه الرابع بنفس الزخم .؟ اعتقد الجواب ايضا لا ..
لهذا انا اعتبرت وما زلت ان هذه الثقافة خاطئة ومدمرة .. فعلها الحقيقي سلبي .. يؤدي الى تفريغ شحنة عاطفية وبعدها يستريح الكل وكانه ادى واجبه على اكمل وجه .. فهل هذا ما نحتاج اليه ام نحتاج الى افعال واقوال تعبوية تعبيء الجماهير باتجاه الاعمال التي يجب القيام بها لتحقيق اهدافنا ..؟؟
هذا مغزى رفضي الموقف العاطفي ، وليس ابدا تمجيدا بالديمقراطية الامريكية او الغربية او استهانة بشخوص من كتب ومن عبر عن رايه، وانما رفضا للاسلوب والمنطق الذي انطلق منه ذاك الموقف (ردة الفعل من قبل بعض الكتاب والجماهير) والذي كما سبق وقلت يؤدي الى تفريغ شحنة عاطفية وكفى الله المؤمنين شر القتال.
ولو ان هذا الحدث (ضرب الحذاء) جاء في سياق نضالي كفاحي مبرمج بمعنى ان هناك استخدام لعشرات الاشكال من اساليب الكفاح يمارسها الشعب بكل فئاته وطبقاته لكان لمغزى الحدث والتفاعل معه معنى اخر وحتما كان سيكون لي موقفا اخر.
لكنه حادث معزول لا جذور له .. ولا يبنى عليه اية قواعد .. ولو كان اسلوبا جديدا قد يكرره البعض حتى بوجه حاكم عربي فطالما انه معزول اذن لا قيمة له .
القيمة للاحداث صغيرها وكبيرها هي عندما تكون منظمة وجزء من فعل جماهيري عارم عندها توظف العاطفة في شحن الهمم ودفع الجماهير للابداع والتفاني، والى المزيد من التضحية والعطاء.
وربما يتسائل البعض ويقول " وماذا اذا كانت المؤسسات والاطر الجماهيرية غائبة او غير فعالة فهل نمنع شخصا من التعبير عن رايه بالطريقة التي يراها مناسبة؟"
فاقول لا ابدا لا يستطيع احدا ان يمنع أي كان من القيام بعمل يراه صحيحا، لكن ما احاول ان اوصله هو اعتراضي على تمجيد العمل الفردي، لان ضرره كبيرا بالمعنى الاستراتيجي على مجمل النضال الوطني. والدلائل على ذلك كثيرة.
ثالثا : اما الفقرة الثالثة والتي جاء فيها " إن اعتراض الناس على مقالك لم يكن نابعا من ثقافة " تناهض التقدم والتمدن والتحضر والتفاعل مع الثقافات الانسانية" وإنما ثقافة تتناهض "الاحتلال والتخريب والهدم والتشريد وفرض الهيمنة في ظل صراع الحضارات" وتضيف قولك"وشتان بين ثقافة ترفض السلام، وثقافة ترفض الاستسلام".
فاسمح لي ثانية ان اقول انني لا اختلف معك ابدا في الفرق بين " ثقافة ترفض السلام، وثقافة ترفض الاستسلام".
وايضا ربما وردت هذه العبارة من باب التذكير فشكرا، لكن قولك بان الاعتراض على المقال جاء من باب ثقافة .... وثقافة " فاسمح ان اختلف معك لانني لم ارى بالثقافة التي عبرت عن رايها بما حدث نابعا من تقافة تناهض الاحتلال والتخريب والهدم ... الى اخره.
بل اراها ثقافة تساعد الاحتلال على تثبيت قواعده في بلادنا .. ولاشرح كيف ان هذه الثقافة تساعد الاحتلال ..
لو ان موقف الجماهير "العاطفي" جاء في اطار الدعوة الى الفعل وليس "فشة خلق.. وشماته، وجاء في سياق الاعلان ان امريكا هي عدوتنا وانه كان الشرارة التي فجرت ثورة او انتفاضة او عصيان مدني لكان من المؤكد انه فعل ثقافي حضاري يناهض الاحتلال والتخريب والهدم .... الى اخره".
لكن من هو يا عزيزي الذي دعا الى الفعل الجماعي..؟؟ هل الحدث من تلقاء نفسه يدعو الى الفعل الجماعي.. لا اظن ذلك.
لماذا لا اظن ذلك .؟؟ لانه فعل فردي معزول، وقد علمتنا تجارب الشعوب المنتصرة ان أي فعل فردي مهما كان عظيما ليس له سوى تاثير وقتي على الواقع، وان القيمة الحقيقية هي لفعل الجماهير العريضة المنظمة والمؤطرة والتي تقودها قوى سياسية لديها اهداف واضحة ورؤية واضحة وبرامج واضحة وسياسات واضحة، تقودها نخبة من المحترفين الخبراء في الكفاح السياسي، لكن ان يقوم شخص بمفرده او مجموعة صغيرة بعمل مهما كان عظيما، فانه سيظل عملا محدودا وبالتالي لا يمكن ان يكون دعوة للفعل الجماعي.
ولذلك لم يترتب على رمي الحذاء قيام الاحزاب والمجموعات والقوى السياسية المناهضة للولايات المتحدة بدعوة هيئاتها القيادية على عجل لمناقشة الدعوة التي اطلقها الزيدي وقررت اتخاذ سلسلة من الخطوات المباشرة وغير المباشرة لطرد النفوذ الامريكي في صوره الاحتلالية من بلادنا .
ولو ان هذا الحدث جاء ليكون مقدمة لسلسلة طويلة من الاحداث التي تعبر عن احتقارنا لامريكا واسرائيل ومن مالئهما في عالمنا العربي، لكنت من اشد المؤيدين والمنخرطين فعليا في احد ميادين الكفاح.. ولكن .. على أي اساس سيكون مقدمة لسلسلة طويلة من الاحداث .. فهل هو مثلا حدثا اعظم من احتلال العراق.؟؟ وهل هو حدثا اهم من انتصارات الجيوش العربية في حرب اكتوبر.؟؟ وهل هو مثلا حدثا اهم من اغتيال السادات، وهل هو مثلا حدثا اهم من حرب اهلية في لبنان دامت عشر سنوات وذيولها حتى الان أي منذ اكثر من 30 عاما، هل هو حدثا اعظم من اغتيال كمال جنبلاط، هل هو حدثا اعظم من غزو لبنان وطرد المقاتلين الفلسطينيين منها بعد صمود اسطوري دام ثلاثة اشهر..، وما اكثر الاحداث التي يمكن ان نعدها..
فلماذا اذا المبالغة بهذا الحادث المعزول الذي وجه اهانة لرئيس لم يبق له في منصبه سوى اقل من شهر..؟ هل تخرج تلك المبالغة عن كونها دغدغة للعواطف الجماهيرية ، لان التعبير عن رفض الاحتلال ورفض سياسة البيت الابيض وبوش واركان ادارته متاح في كل لحظة، ولا يحتاج الى عمل من هنا اوهناك لتوجيه اقسى درجات النقد للولايات المتحدة.
اذن فالقول بأن التاييد جاء للتعبير عن رفض الاحتلال يصبح قولا لا مبرر له، لان الحدث الاهم والاكبر الذي يستوجب النقد هو الاحتلال ذاته، ولكن ومهما حاول البعض تجميل وتزيين موقفه فانه لم يكن اكثر من تاييد للفعل ذاته كحادثة جريئة ولا شك، اثار شعورا بالغبطة من منطلق فشة الخلق والشماتة.
رابعا : ولانني لا " احسب أن ما جاء به بوش إلى العراق كان سلاما أو تقدما أو حضارة" وبالتالي لا حاجة " إلى إعادة تعريف هذه المفردات. فنحن نرى ما جاء به بوش إلى العراق، حربا وهدما وتدميرا".
خامسا : تقول في ردك "أما أصل الإرهاب ومنبعه فهو ليس ثقافة الأعراب كما تظن، وإنما هو رفض الأحرار للظلم الواقع على الناس، في أموالهم وأعراضهم ودينهم. ".
وبداية علينا ان نتفق على مسالة هامة وهي : هل مقاومة المحتل تكون من خلال الارهاب الفردي المعزول تفجيرا هنا واخر هناك واشلاء تتطاير في الميادين العامة، ام ان طرد الاحتلال يتحقق من خلال كفاح جماهيري متعدد الاشكال والانواع والاساليب ..؟
وبمعنى اخر هل نحن مع الارهاب .. ام مع المقاومة ..؟؟
وهذا يتطلب تعريف الارهاب .. وتحديد الفرق بينه وبين المقاومة..
وحتى لا استطرد في العرض فيكفي ان احدد موقفي باختصار وهو على النحو التالي : الارهاب هو الفعل الذي يكون معزولا عن الجماهير وينوب عنها بالقيام بما يجب ان تقوم به، ويدفع الجماهير الى وضع المراقب المتفرج على تطاير الاشلاء البشرية للمدنيين.
فيما المقاومة هي التي يشارك بها كل ابناء الشعب كل في مجاله ومن وجهة نظري ان الطالب المجتهد هو مقاوم والمخلص بعمله هو مقاوم ومن يرفض المحسوبية والرشوة والواسطة هو مقاوم ومن لا يغش هو مقاوم ومن يتفوق بالجامعة هو مقاوم ومن تربي ابنائها على الاخلاق الحسنة هي مقاومة ومن تناضل في صفوف اتحادات النساء هي مقاومة ومن يرفض التمييز ويعمل لتحقيق المساواة والعدالة هو مقاوم ومن لا يلقي القمامة بالطريق هو مقاوم، ومن يطور الرسم والفنون على انواعها هو مقاوم ومن يتصدى للعدو على المنابر المختلفة هو مقاوم ومن يكتب مقالا يحرض فيه الجماهير على تنفيذ ما هو مطلوب منها مقاوم ومن ينشط في اتحاد الطلبة هو مقاوم ومن يساهم بنشر صورة مشرقة عن وطنه هو مقاوم ومن يتبرع باي مبلغ من المال هو مقاوم ومن يقود سيارته بالشارع دون رعونة او استهتار بارواح الناس والقانون هو مقاوم (أي باختصار كل من يساهم ببناء الوطن من أي موقع كان هو مقاوم) ومن ناحية اخرى المقاومة تتطلب العمل على ازدهار الديمقراطية وحرية الراي وحرية العقيدة وحرية الانتماء للاحزاب السياسية، وحرية التنقل حق العمل والتعليم والعلاج وتثبيت اسس المجتمع المدني، فكل من يعمل في هذه المجالات هو مقاوم ، بالاضافة الى ان ممارسة المقاومة الميدانية كالاعتصامات والتظاهرات والاحتجاجات والندوات والمؤتمرات وتنظيم الجماهير في مؤسسات سياسية وجماهيرية مدنية هي مقاومة.
واخبرا وليس اخرا فان كل فعل مهما كان شانه صغيرا او كبيرا في اطار عمل جماهيري منظم يمثل شكلا من اشكال المقاومة للاحتلال، وتراكمات هذه النضالات هي التي تؤدي الى التحرير وطرد الاحتلال .
ولهذا فان كل فرد من افراد الشعب يمكن ان يكون مقاوما، وهناك الكثير يمارس المقاومة فعليا، ولكن للاسف الشديد مقاومة فردية غير منظمة او مؤطرة ولذا تذهب جهودها ادراج الرياح.
اننا بحاجة ماسة الى نشر هذه الثقافة واقناع الناس بها ودعوتهم للانخراط في فعالياتها .. فالمقاومة لم تكن اطلاقا فقط مقاومة بالسلاح .. والدليل على ذلك ان الكثير جدا من اعظم الثورات في العالم ومنها من غير وجه الدنيا لم تطلق فيها طلقة واحدة.
وفي مقدمتها الثورات الهائلة التي قادها الانبياء عليهم السلام كانت ثورة مدنية سلمية .. حتى انهم لم يستخدموا السيف ضد من اهانوهم وحاولوا قتلهم وطردهم من موطنهم، بل وقتلهم ايضا كعيسى عليه السلام..
كما ان تحرر شعوب اوروبا الشرقية من ربقة الاضطهاد الروسي لم تطلق فيه طلقة واحدة ومن خلال النضال والكفاح السلمي اعيد توحيد المانيا وتحررت شعوب رزحت لاكثر من ستة عقود في ظروف بالغة السوء.
وكذلك الثورة البلشفية في روسيا التي غيرت مسار التاريخ لعقود عديدة كانت ثورة مدنية سلمية .
وكذا الامر في اوروبا فان عملية التغيير الهائلة التي تمت فيها تمت من خلال نضالات سلمية.
وقد يقول البعض ان الامثلة التي ذكرتها تنطبق على مواجهة الاوضاع الداخلية، ولم تكن في مواجهة الاحتلال وكثيرين من يقدموا امثلة فيتنام او الجزائر او كوبا .. فاقول ردا على ذلك وما بالنا بالهند الم تكن ثورة ضد الاحتلال البريطاني .. وما بالنا بمصر الم تتحرر من الاحتلال البريطاني بنضالات جماهيرية وسياسية مدنية، وما بالنا بتونس والمغرب .. وعشرات الدول بافريقيا واسيا كلها تحررت من الاحتلا ل الاجنبي بنضالات سلمية وجماهيرية.
ومع ذلك فانا لست ضد المقاومة المسلحة ولكن .. بتوفير شروطها المادية على الارض وليس في عقول واوهام البعض، وهذه الشروط عديدة ومتنوعة والخوض فيها يطول .. وكل بلد ولها ظروفها .. فالحديث عن فلسطين غير العراق .. ولهذا يجب التمييز بين المقاومة والارهاب.
سادسا : ان القول " فتجفيف منابع الإرهاب لا يأتي إلا من وجهين،إما دفع هذا الظلم أو التسليم له والقبول به. فمهما طال الزمن، ومهما تعددت المحاولات، وطال الزمن، سيظل الناس يقاومون الظلم بكل سبيل متاح. إلا أن تختلط المعاني فيرى الناس الظلم عدلا، والعدوان حقا، والاحتلال تحريرا، وهدم القيم حضارة وتقدما. ودفع الظلم إرهابا وتخلفا".
ومرة اخرى هناك فرق كبير بين المقاومة والارهاب، وهذا القول يكون صحيحا لو استبدلت كلمة الارهاب بالمقاومة ومن المؤكد ان الناس اينما كانوا سوف يظلوا يقاومون ارهاب الاحتلال والعدوان"
اما تجفيف منابع الارهاب التي نعنيها فهي تلك التي تفرخ القتلة المعزولين عن الفعل الجماهيري الذين ينوبون عن الجماهير ويلغون دورها ، الذين تلحق اعمالهم اشد الضرر بعدالة قضايا الشعوب ، الارهاب الذي يضفي وجها قبيحا على نضال الشعوب، الذي يقتل الناس الابرياء في الاسواق والفنادق والقطارات والمباني والمدارس والجامعات والمساجد والحسينيات ودور العبادة وعلى الطرقات، نعم يجب تجفيف منابع هذا الارهاب وقطع دابره .
سابعا : واتفق مع القول "إن السلام الذي لا يقام على الحق والعدل لا يثبت، وقيمة الحق أكبر من قيمة السلام مجردا. كما أن قيمة الشرف أكبر من قيمة الحياة الفردية مجردة".
وفي الجملة السابقة تعبير عن قيم عليا، ولكن لا بد من الاشارة الى انه حتى يقام السلام على الحق فلا بد وان يكون من خلال مسيرة نضالية وكفاحية جماهيرية واسعة، وليس من خلال الاعمال الفردية المعزولة، أي من خلال المقاومة الحقيقية في كافة الميادين، وان قيمة الشرف تستمد معانيها من المفهوم الجماعي للشرف، وايضا هنا ينبغي الاشارة الى ان هذا المفهوم يتغير من عصر الى عصر، على سبيل المثال كان العمل اليدوي كالنجارة والحدادة والبناء وغيرها عيبا ويدل على تدني شرف ومكانة وموضع من يمارسها في المجتمعات البدوية وحتى وقت قريب في بعض المجتمعات الخليجية، وكان ينظر بازدراء لاصحابها .. اما الان ففي المجتمعات الحضارية لم تعد هذه الاعمال عيبا او تمس شرف من يمارسها، كما ان هناك الكثير من القضايا المرتبطة بالمراة كانت تمس الشرف كخروجها للعمل او طلاقها او حتى تعليمها وفي الوقت الحالي تغيرت هذه المفاهيم.
وما قصدته بهذه الاشارات انه لا يجوز استخدام بعض المفردات على اطلاقها حين يرغب الانسان بتثبيت موقف ما.








#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال يحتاج الى اجابة من كل من يمتلكها
- ابن خلدون : الاعراب اذا تغلبوا على اوطان اسرع اليها الخراب
- ثقافة الاحذية البدوية لا تبني حضارة
- المرأة البحرينية تنتزع بعض حقوقها وما زال الكثير امام العربي ...
- الشيخ هنية يعلن قيام امارة غزستان الطالبانية رسميا
- في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية .. كيف يكون الحل لازمة اليسار ...
- ايها الوطنيون الى متى سيظل خداع حماس ينطلي عليكم
- التسامح الديني لدى غالبية الشعب الفلسطيني سيهزم مشرع حماس
- غزة ليست محاصرة .. المحاصرة هي حماس .. وأخذت سكان القطاع رهي ...
- خطة الحاج ابو القعقاع للقضاء على مشكلة العنوسة
- تحية الى -الحوار- المدرسة المتألقة في ذكرى تأسيسها السابعة
- من اين ستنطلق الشرارة ..؟؟
- خطة الحاج عطية للقضاء على مشكلة العنوسة
- هيلاري وجانيت وسوزان .. والعقل الناقص للمرأة المسلمة
- كيف أصبحت السيدة -يسرى- صاحبة عمارة
- المرأة .. والرصيف .. والقهر الشرقي
- فاطمة .. انا سورية .. وأفتخر ..
- متى يتوقف عبث النظام السوري
- فاطمة .. وساعتها الرولكس .. وفقراء غزة
- تصريحات موتورة لن تحول دون اقامة الدولة الوطنية الديمقراطية


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم علاء الدين - هل تمجيد الفعل الفردي يعبر عن ثقافة المقاومة ..؟