أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق حجي - هوامش على دفتر الواقع 1















المزيد.....

هوامش على دفتر الواقع 1


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 2493 - 2008 / 12 / 12 - 10:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


• هل ما قام به حزب الله فى مايو 2008 هو مجرد تشابه وتماثل مع ما قامت به حماس في غزة منذ سنة ؟ أم أن الذهنية الواحدة للأصوليين الإسلاميين (سنةً كانوا أم شيعة) هى التي تجعلهم يتصرفون بهذه الكيفية ؟... لا شك عندي أن الجواب الثاني هو الإجابة الصائبة . فعندما يمارسُ الثيوقراطي (أي الذي تكون عقيدته السياسية دينية) السياسة فإنه قد يقول أنه يؤمن بالديمقراطية وبنظم الدولة الحديثة وبالتعددية وبالغيرية (أي قبول الآخر وإحترامِ حقوقه) إلا أن ذلك يكونُ من باب "التقية" أي قول ما يفيد (ويدفع الضرر) في مراحل معينة . فالأصولي الذي يمارس السياسة يتحرك من إعتقادٍ (لا يمكن بالعقل والمنطق والحكمة أن يكون صحيحاً) بأن الله معه وأنه هو الذي يترجم إرادة الله إلى منهجٍ سياسي . شخصٌ كهذا أو مجموعةٌ من أشخاصٍ على هذه الشاكلة لا يمكن أن يؤمنوا بالديمقراطية وتبادل السلطة والتعددية والغيرية . والدليلُ على ذلك أن المرشد الأعلى في إيران هو الذي يُحدد السياسات العليا ثم ينخرط في تفاصيلٍ مثل أنه شخصياً الذي يقرر من الذي له حق الترشيح للإنتخابات النيابية ومن ليس له الحق في ذلك . وفي الحياة السياسية الفلسطينية رأينا ما فعله قادة حماس جهاراً نهاراً ؛ إذ ما أن وصلوا للسلطة بأدوات الديمقراطية حتى تحولوا إلى آلةِ تحطيمٍ لهذه الديمقراطية بل وقاموا بإعدام خصومهم إعداماً حقيقياً وليس رمزياً , وأخذ الإعدام في بعض الحالات صوراً بالغة التوحش مثل إلقاء الخصوم من طوابقٍ علوية ليلقوا حتفهم بتلك الكيفية البربرية . ولا غرابة عندي في ذلك : فمن خلط الدين بالسياسة لا يمكن إلاَّ أن يكونَ على هذه الكيفية . فالدين – السياسي (وليس الدين) هو نموذج آخر لما كان رجال مثل ستالين ونظامه في الإتحاد السو ?يتي وهتلر ونظامه في ألمانيا وموسوليني ونظامه في إيطاليا وصدام حسين وعشرات من أمثالهِ في تاريخنا الحديث يفعلون بعد الوصول للحكم , فهو وصولٌ بنيةِ عدم الرحيل تواكبه كيفية متماثلة في القضاءِ على الخصوم. ما قام به حزبُ الله في لبنان منذ أيام هو طبعة جديدة من هذه اللعبة الشيطانية أي لعبةِ خلط الدين بالسياسة. فحزب الله الذي لم يكتفِ بإحتكار قرار الحرب دون علم الدولة وجعل من نفسهِ منتصراً (نصراً إلاهياً – لا وجود له إلا في خيال وأوهام البعض) والذي هو دولة داخل (أو بالأحرى: خارج) الدولة ؛ يقومُ بإنشاءِ شبكة إتصالات هاتفية خارج علم ورقابةِ الدولة ... فإذا إعترضت الحكومة على ذلك إستولى رجاله(أعضاء ميليشيا حزبه) على العاصمةِ بيروت وقاموا بعملٍ يدل- بوضوح تام - على جوهر ذهنيتهم وهو حرق مبنى من مباني تليفزيون المستقبل في دلالةٍ لا تخفى على أحد . إن ما فعله المرشد الأعلى في إيران (وهو بالمناسبة رجلُ معصوم في نظرِ أتباعه !) عندما قام بحرمان أعدادٍ كبيرة من الشخصيات المعتدلة من الترشح للإنتخابات البرلمانية وما قامت به حماس في غزة بِدأً من إلقاء خصومها من الطوابق العلوية إلى إقتحامِ حدود سيدةِ الشرق الأوسط والعالم العربي (مِصرَ) إلى إحتلالِ العاصمة بيروت لفرض إرادة حزب الله على خصومه السياسيين هي ليست أموراً وقعت متماثلة بالصدفة . إنما هي ترجمة حرفية وواقعية لذهنيةٍ من العصور الوسطى لا علاقةَ لها بالحرية والديمقراطية ونظم الدولة الحديثة وسوف يدفع العالم ثمناً باهظاً لجلوسه على مقاعد المتفرجين على تلك المهزلة التي قد تُعيد مجتمعات بأسرها لظلام الألفية الأولى والبشرية في الألفية الثالثة ولعل الدكتور/ سعد الدين إبراهيم الذي سمعت منه شخصياً أنه يؤمن بإيمانِ الإخوان المسلمين في مصر وحماس في غزة وحزب الله في لبنان بأسس الديمقراطية الحديثة , لعله يخرج علينا ببيانٍ يتسم بالصدق والأمانة ويعترفُ فيه أنه كان من قمة رأسه إلى أخمص قدميه "مخطئاً ... مخطئاً ... مخطئاً" .

• قام رفيق الحريري بالإنفاق الكليَِّ على تعليم أقل قليلاً من أربعين ألف لبناني ولبنانية من سائر الخلفيات الدينية والطائفية عن طريق "مؤسسة الحريري" . وخلال إستعراض العضلات الأخير لحزب الله في لبنان قام قبضايات حزب الله بحرق تليفزيون المستقبل الذي أسسه رفيق الحريري ومهاجمته وتدمير مؤسسة الحريري . الدلالةُ واضحة وضوح الشمس في كبد السماء . من يخلط الدين بالسياسة لا يمنعهُ شئ عن إخراس خصومه السياسيين (حرق تليفزيون المستقبل) وتدمير أجل أعمالهم (مؤسسة الحريري) .

• منذُ أيام قليلة (6 مايو 2008) وبينما كنت أجلس على يسار رئيس وزراء كوردستان في مدينة إربيل (عاصمة كوردستان) سمعته يتحدث عن أن أول قرارٍ إتخذه يوم أصبح رئيساً لحكومة كوردستان (سنة 1991) هو إغلاق كافة المدارس الدينية في الإقليم . فقد كان يرى أن المجتمعات الحديثة تحتاج لعددٍ قليل جداً من رجال الدين من أصحاب المستويات الرفيعة في التعليم ولا تحتاج إلى تلك المفارخ لذهنية التعصب والتزمت والرجعية . في نفس يوم إصداره إلغاء المدارس الدينية في إقليم كوردستان العراق إتصل به الرجل الثاني في دولةٍ تُنفق على المدارس الدينية من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب وعرضَ عليه إغراءات مالية بمليارات الدولارات إن قامَ بإلغاء قرار إغلاق المدارس الدينية . ولكن السيد ( Nichirvan Barzany ) أصر على التمسك بقرارهِ . وهاهي كوردستان اليوم منطقة هادئة مسالمة تنعم بسلامٍ نادرٍ وسط أتون الغليان العراقي بل أَنها الجهة الوحيدة في العراق التي لا يحارب بعضُها بعضَها . توقعاتي لإقليم كوردستان أن يكرر النهضة العظمى لمكانٍ مثل إمارة دبي كما أتوقع له أن ينسلخ عن أتون الغليان والقتلِ والدم القريبة منه .

• كان مُحدثي على مشارف التسعينيات من العمر . وهو عراقي من جيل الملكية في العراق. تلقى تعليمه في أرقى مدارس العالم وحصل على الدكتوراة في الإقتصاد من جامعة أُكسفورد البريطانية العريقة . قال لي : سافرت إلى يافا في فلسطين في صيف سنة 1942 وكنتُ قد تخرجت حديثاً من جامعة أُكسفورد . بعد زيارتي إلى يافا أخذني أصدقاءُ فلسطنيون إلى الجزء اليهودي من المدينة أي تل أبيب . رغم أن إسرائيل يومها لم تكن قد قامت بعد كدولة , إلا أن صاحبي العراقي المثقف الكبير أدهشته الفوارق بين يافا وتل أبيب . في تل أبيب طلب منه سائق الحافلة العامة أن ينزل ويقف في طابور المنتظرين ثم يُعاود ركوب القافلة وفق النظام . في الحافلة قال له أحد اليهود من قاطني تل أبيب أن اليهود سوف ينتصرون دائماً على خصومهم العرب طالما أنهم يقفون في الطابور والعرب لا يعرفون الإنتظام في طوابير!... قد تُضحك هذه القصة البعض ... ولكنها لم تضحكني فقد سبق وأن قرأت نفس الكلمات في مذكرات "بن جوريون" الذي كتب أنه لن يأخذ العرب مأخذ الجد طالما أنهم لا يقفون في طوابير .

• سألني شابُ بعد محاضرةٍ عامة منذ أسابيع عن تقييمي للحقبة الناصرية فقلت له أنها حقبة لها إيجابياتها ولها سلبياتها . ويمكن أن أقول أن أكبر الإيجابيات كانت محاولة عبد الناصر النبيلة لتوسعة الطبقة الوسطى المصرية وأن أكبر السلبيات هي الطريقة غير الصائبة التي تمت بها محاولة توسعة الطبقة الوسطى فإنتهينا بطبقة تُسمى بالوسطى ولكنها تحت ذلك بكثير . سألني الطالب : وماذا عن الهزائم والإخفاقات العسكرية ؟ قلت بالنظر لكل ذلك من خلال ظروفِ الحرب الباردة وما بعد الحرب الثانية فإن مجتمعات كثيرة غير مصر كانت لها إخفاقات مماثلة . ولكن هذه المجتمعات لم تسقط مثلنا في كل الأخطاء الكبيرة التي شابت عملية توسعة الطبقة الوسطى (وهي مهمة نبيلة في الأساس) وأهم هذه الخطايا ما أُقترف عندنا عندما سمح بتوفر عوامل إنهيار المؤسسة التعليمية بالشكل الذي حدث وما أعقبه من هبوط مذهل في مستويات التعليم (في الفلسفة التعليمية وفي مستويات الأساتذة والمدرسين وفي طبيعة ومستويات البرامج التعليمية وأخيراً في مستويات التلاميذ والطلبة). لقد إقترفت روسيا أخطاءاً كبرى على مستوى السياسات الكلية ولكن لم يكن من بينها إنهيار المؤسسة التعليمية كما حدث لدينا . ففي ظل أسود مراحل الإتحاد السو ?يتي والتي ضرب من خلالها سوس الإنهيار في الإقتصاد في بدن الإتحاد السو ?يتي ظلت الجامعات الروسية بمستويات تعليمية رفيعة وعالية . وقد حدث نفس الشئ في الهند . فرغم خيارات نهرو الإشتراكية (والتي من حق البعض أن يُعجب بها ومن حق البعض أن ينتقدها) فقد ظلت المؤسسات التعليمية الهندية بوجه عام والجامعات الهندية بوجه خاص بمنأى عن التدهور وإنهيار المستويات . واليوم ، فأننا نسمع الكل يتحدث عن إنهيار التعليم في مصر , ومع ذلك فلا توجد إرادة إقتحام جريء وعريض وعميق للمشكلة وتقديم حلول جذرية بل ولا تزال الفلسفة التعليمية لدينا هي ذات الفلسفة التي أدت لتدهورِ أحوالِ التعليم .




#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الأولويات ...
- الأعمدةُ السبعة للإرهابِ
- محليون للنخاع
- ليس أكثر من ملاذ!
- تمجيد الفرد
- ثقافة الموظفين
- ذهنية الثقافة الذكورية أو ذهنيتنا الرجعية في نظرتها للمرأة
- ثقافة النفي أو ذهنية إنكار العيوب والمشكلات
- ثقافة (الأفكار النمطية)
- التيه الثقافي
- الاعتقاد المطلق في (نظرية المؤامرة)
- ضيق الصدر بالنقد
- الإقامة في الماضي
- الآخرون: -معنا-...أم -ضدنا-؟
- هامش -الموضوعية- المتآكل
- ثقافة الكلام الكبير
- المغالاة في مدح الذات
- تقلص السماحة في تفكيرنا المعاصر
- تحية لسدنة الحرية في مصر
- دانات...


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق حجي - هوامش على دفتر الواقع 1