أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أحمد دركوشي - السيد طرزان والرأي الآخر














المزيد.....

السيد طرزان والرأي الآخر


محمد أحمد دركوشي

الحوار المتمدن-العدد: 2477 - 2008 / 11 / 26 - 04:16
المحور: الادب والفن
    


انتفاضة قلم
السيد (طرزان) والرأي الآخر
فئران خربة (عشّ الورور) كلها خرجت من جحورها لتلعب في عبّ السيّد (طرزان) عندما قرأ مقالاً لي لا يسبح في مستنقعه, سرعان ما صوّت الهاتف وعربد, صراخه مازال يدوي في أودية أذنيّ: إما أن تكون معي أو ضدي, وسرعان ما أمسكت بالقلم: السيّد (طرزان), أعلم أنك لا تصبر على طعام واحد, فكيف تصبر على فكر واحد؟! .. إنّ الله سبحانه خلق البشر مختلفة أشكالهم وألوانهم, ومتباينة ألسنتهم وأفكارهم, ولو شاء لخلقهم على صورة رجل واحد, وقلب رجل واحد, وما هذا الاختلاف الواضح إلا لحكمة إلهية ينبغي أن نعقلها, قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فالاختلاف هو ناموس الطبيعة وديدن الحياة, فأنت لو أتيتَ روضة خضراء فيها أفانين من النبت وتهاويل من الزهر, ولم تدرك أنّ جمالها يتأتى من تباين ألوانها وتمايز أشكالها, فلا شكّ أنك مصاب بعمى الألوان, وبلادة الحسّ, وفساد الذوق. وإنّكَ لو سألتَ المارة عن رأيهم في تمثال أمامهم لتباينت نظراتهم, لا لنقص في عقولهم, أو لعيب في عيونهم, بل لأن كلّ واحد منهم يراه من حيث يقف, فالنظرات المتعددة من زوايا مختلفة, تعطينا الصورة الكاملة والجميلة للتمثال, ثمّ ألا ترى معي أنّ الأقطاب المتماثلة تتنافر والأقطاب المتباينة تتجاذب, وهذا سرّ تماسك المادة وصلابتها, ولا أظنك تجهل أنّ الشريعة الإسلامية السمحة قد أصّلت لفقه الرأي والرأي الآخر, فلا ينكر إلا جاحد أنّ الإسلام أباح تعددية الآراء والاجتهاد في المسائل كلها ولاسيما الدينية, طالما توافرت في المجتهد شروط الاجتهاد, فجعل للمجتهد المصيب أجرين وللمجتهد المخطئ أجراً, والخطأ في الاجتهاد لا يسوّغ العقاب, بل يوجب الثواب, ما لم يحمل صاحبه على خطيئة, وما إخالك إلا قرأت أنّ السلف الصالح نهوا عن قتال الطوائف المسلمة التي قد تعتنق المفاهيم المغايرة, فلا يحل قتلهم ولا قتالهم, ما لم يسفكوا الدم الحرام، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وجمهور الفقهاء، فقد روي عن عمر بن عبد العزيز, أن عدي بن أرطأة كتب إليه إن الخوارج يسبونك، فكتب له: إن سبوني فسبهم، أو اعف عنهم، وإن شهروا السلاح فأشهر عليهم، ومن براهين ذلك أن النبي عليه السلام لم يتعرض للمنافقين, فعدم التعرض لغيرهم أولى, لقد علمتنا التجارب أنّ الحروب أولها كلام, وآخرها غرام, يشعلها مجانين عظمة, ومتى اشتعلت فهيهات هيهات أن تخمد, ولا يخاف أن تثمر شتول التنوع إلا من يرى فيها تهديداً لمزارعه الفولاذية الرديئة التي تنتج حشيش الفكر المتطرف المستخدم في تخدير العوام الأيتام النيام, وقد استطاع هؤلاء تحويل الاختلافات في عالمنا العربي إلى خلافات, في محاولة لتشويه الطرف الآخر والنيل منه, بهدف فرض السيطرة على الطرفين المتنازعين.
ليس المهم أن نختلف يا سيّد (طرزان), المهم كيف نختلف, ليكن الحوار بالكلمة الطيبة كشجرة طيبة, باللون البهيج يسرّ الناظرين, بالنغمة الشفافة تفقهها النفوس الحساسة, لا بالبلطة والساطور والسكين, لنتحاور ببراءة العصافير وسذاجة الأزاهير, لنفرح إذا أصاب غيرنا، ونحزن إذا أخطأ، لنكن في طلب الحق كناشد ضالة لا نفرق بين أن تظهر على أيدينا أو على أيدي من نختلف معه, لنعتقد بالقول الجميل: إنّ رأينا صواب يحتمل الخطأ, ورأي الآخرين خطأ يحتمل الصواب, لنتزين بثقافة الاختلاف الراقية, لنتقن هذا الفن الجميل وأدواته التعبيرية, ليكن الاختلاف في حدود الكلام فهو منبر الإقناع ومحرابه, ولتكن نتائجه في إطار الإبداع لما فيه خير الإنسانية جمعاء.
محمد أحمد دركوشي
كاتب سوري
[email protected]






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعظم الناس يضرب بالمداس


المزيد.....




- أسماء أحياء جوبا ذاكرة نابضة تعكس تاريخ جنوب السودان وصراعات ...
- أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم ...
- جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
- -الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين.. ...
- ?دابة الأرض حين تتكلم اللغة بما تنطق الارض… قراءة في رواية ...
- برمجيات بفلسفة إنسانية.. كيف تمردت -بيز كامب- على ثقافة وادي ...
- خاطرة.. معجزة القدر
- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أحمد دركوشي - السيد طرزان والرأي الآخر