أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - يسار دريوسي - الاستراتيجة الإسرائيلية بعد الحرب الروسية الجورجية















المزيد.....


الاستراتيجة الإسرائيلية بعد الحرب الروسية الجورجية


يسار دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 2475 - 2008 / 11 / 24 - 09:04
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


جورج فريدمان/ مؤسسة ستراتفور الاستخبارية
لا يزال صدى الحرب الروسية ـ الجورجية مستمراً، ولقد حان الوقت لتوسيع نطاق رؤيتنا بشأنها.
اللاعبون الفاعلون في جورجيا ، وبصرف النظر عن الجورجيين ، هم الروس والأميركان. و على الهامش كان الأوروبيون يقدمون المشورة والعبر ولكنهم تحملوا عباً أقل. لاعب آخر ، قام بدور أكثر قتامة ، هو إسرائيل. المستشارون الاسرائيليون كانوا موجودين في جورجيا جنبا الى جنب مع المستشارين ورجال الأعمال الاميركان. كما كان الاسرائيليون يمارسون الأعمال التجارية هناك. وكانوا على درجة أقل من النفوذ بالمقارنة مع اللاعبين الاميركيين.
ربما الأكثر إثارة للاهتمام هو القرار المعلن جهارأ من جانب الاسرائيليين ، بوضع حد لمبيعات الأسلحة الى جورجيا في الأسبوع الذي سبق هجوم الجورجيين على أوسيتيا الجنوبية. ومن الواضح ان الاسرائيليين كانوا يعرفون ما سيحدث ولا يريدون تحمل تبعاته. بعد ذلك ، وعلى خلاف الأميركيين ، فعل الإسرائيليون كل ما بوسعهم لاسترضاء الروس ، بما ذلك سفر رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت إلى موسكو لتقديم التطمينات. وأيا كان ما قام به الاسرائيليون في جورجيا ، فهم لا يريدون مواجهة مع الروس.
من المستحيل أن يفسرالمنطق الاسرائيلي بالتواجد في جورجيا ،لكونها خارج سياق الاستراتيجية الاسرائيلية عموما. مع ذلك، ولكي يمكننا ان نبدأ فهم لماذا الاسرائيليون متورطون فى شؤون منطقة تقع خارج المسؤولية المباشرة لهم ، ولماذا تم الرد بهذا الشكل في جورجيا، نحن بحاجة الى تقسيم المصالح الاستراتيجية الاسرائيلية الى أربعة قطاعات منفصلة ولكنها متفاعلة فيما بينها وهي:
1- الفلسطينيون الذين يعيشون داخل إسرائيل في مرحلة ما بعد حدود - 1967.
2- ما يسمى بـ "دول المواجهة" التي تحد اسرائيل: لبنان، سوريا والأردن ومصر على وجه الخصوص.
3- العالم الاسلامي فيما وراء هذه المنطقة.
4- الدول الكبرى القادرة على النفوذ وقوة مشاريعها في المناطق الثلاث الاولى.

القضية الفلسطينية

في البداية من المهم أن نفهم أن الفلسطينيين لا يمثلون تهديدا استراتيجيا لاسرائيل. فقدرتهم على إلحاق الاصابات هو مصدرالإزعاج لإسرائيل (مأساة الضحايا واسرهم)، ولكنها لا يمكن ان تهدد وجود الدولة الاسرائيلية. فمن الممكن أن يفرض الفلسطينيون مستوى من الرعب قد يؤثر على معنويات الاسرائيليين ، وبالتالي يحملهم على تقديم تنازلات!. (استنادا الى تقييم واقعي يقول ان الفلسطينيين انفسهم لا يمكنهم ان يتخيلوا في أي اطار زمني إمكانية تهديدهم المصالح الاساسية لاسرائيل) . وبغض النظر عن الترتيبات السياسية ، فإن الاسرائيليين لا يرون قيمة لأية تنازلات ليس من شأنها ان تغير من تهديد الهجمات الارهابية . وبالنظر الى هيكل السياسة الاسرائيلية ، هذا الامر غير استراتيجي وذو افق مسدود على حد سواء.
وهذا الأمرمعقد نتيجة انقسام الفلسطينيين انقسامات عميقة فيما بينهم. وبالنسبة لاسرائيل ، هذا مكسب ، لانه يخلق في الواقع حربا أهلية بين الفلسطينيين ويقلل من الخطر عليها. وبنفس الوقت الذي يقلل فيه الضغوط على اسرائيل للتفاوض، ففي المقابل ليس هناك من يتحدث رسميا باسم جميع الفلسطينيين. و أي اتفاق يتم التوصل اليه مع الفلسطينيين ، من وجهة النظر الاسرائيلية ، يجب ان يشمل ضمانات بشأن وقف الارهاب. ولا أحد في اي وقت مضى كان في وضع يسمح له بضمان ذلك - وبالتأكيد فإن " فتح" لا تتكلم اليوم باسم "حماس" ، وبالتالي فإن التوصل الى تسوية بشأن الدولة الفلسطينية لا يزال غير ممكن لانه لايقدم أية مزايا للاسرائيليين.

دول المواجهة

وقعت اسرائيل معاهدات سلام رسمية مع مصر والاردن. وكان ثمة تفاهم غير رسمي مع دمشق على أشياء مثل لبنان ، ولكن اسرائيل لا تملك اي تفاهم دائم مع سوريا. اللبنانيون منقسمون انقساما عميقا جدا لايتيح التفاهم معهم دولة لدولة ، ولكن اسرائيل كانت تملك تفاهمات مع عدة فصائل لبنانيه في اوقات مختلفة (وخصوصا علاقات وثيقة مع بعض من الطوائف المسيحيه).
الاردن حليف فعال لاسرائيل. وهو معادٍ للفلسطينيين على الاقل منذ عام 1970 ، عندما حاولت منظمة التحرير الفلسطينية اطاحة النظام الملكي الهاشمي . والأردنيين ينظرون إلى الاسرائيليين والامريكيين نظرة الضامن لأمنهم القومي. اما علاقة اسرائيل مع مصر فهي في العلن باردة ولكنها تعاونيه تماما. الفريق الوحيد الذي يشكل تحديا خطيراً للدولة المصرية هم جماعة الاخوان المسلمين ، ومن ثم ترى القاهرة ان حماس - المشتقة من تلك المنظمة - تشكل تهديدا محتملا.
المصريون والاسرائيليون حافظوا على العلاقات السلمية لاكثر من 30 عاما، بغض النظر عن حالة العلاقات الاسرائيلية الفلسطينية. بالنسبة للسوريين فهم لا يستطيعون الذهاب الى الحرب مع اسرائيل والبقاء على قيد الحياة. الاهتمام الرئيسى لهم يكمن فى لبنان ، وعندما يعملون ضد اسرائيل يعملون مع وكلاء مثل حزب الله. ولكن نظرتهم الخاصة إزاء قيام دولة فلسطينية مستقلة هي ضبابية نوعا ما ، لأنها تطالب بكل فلسطين كجزء من سوريا الكبرى - وهي نظرة غيرواقعية لا سيما في الوقت الراهن. ولذلك فالتهديد الوحيد لاسرائيل على حدودها يأتي من سوريا عبر اتباعها في لبنان و في امكانية حصول سوريا على الاسلحة التي من شانها ان تهدد اسرائيل ، مثل الاسلحة النووية او الكيميائية.

العالم الاسلامي على نطاق أوسع

اما المجال الثالث ، فهوموقع اسرائيل في العالم الاسلامي ، في مقابل الكثير من الدول موقع اسرائيل اكثر امنا من أي من أعدائها . فلإسرائيل علاقات استراتيجية وثيقة ورسمية مع تركيا وكذلك مع المغرب. تركيا ومصر هما من عمالقه المنطقة ، ويجري التحالف معهما لتثبيت أمن اسرائيل الاقليمي. ولكن لاسرائيل ايضا علاقات ممتازة مع البلدان التي لا وجود لعلاقات رسمية معها ، ولا سيما في شبه الجزيرة العربية.
لا تثق الملكيات المحافظة في المنطقة عميق الثقة بالفلسطينيين ، وبخاصه حركة فتح ، كجزء من الوطن العربي الناصري والحركة الاشتراكية . ففي عدة مناسبات شكلت حركة فتح تهديدا مباشرا لهذه الملكيات. (في السبعينات والثمانينات) وقد قدمت المخابرات الاسرائيلية هذه المعلومات للملكيات مما حال دون عمليات الاغتيال أو الانتفاضات.
المملكه العربية السعودية ، من جهتها ، لم تشارك في انشطة معادية لاسرائيل عدا الخطب الرنانة. وفي اعقاب الصراع بين اسرائيل وحزب الله عام 2006، صاغت المملكه العربية السعودية واسرائيل خلف الكواليس وثيقة مهمة للعلاقات ، لا سيما ضد ايران العدو المشترك لهما. المملكة العربية السعودية تربطها علاقات وثيقة مع حركة حماس ،مما يوجب عليها القيام بالكثير للحفاظ على موقع دفاعي (حفظ حماس ومساندتها من جهة والضغط عليها من جهة اخرى) كما تفعل الحكومات السياسية. السعوديون حذرون فيما يتعلق حماس ، وغيرهم من الملكيات هم كذلك ايضاً.
للمزيد حول هذه النقطة نقول: لاسرائيل علاقات تجارية واسعة النطاق مع هذه الانظمة ، ولا سيما في مجال الدفاع. الشركات الاسرائيلية ، من خلال العمل رسميا في فروع الشركات التابعة للولايات المتحدة الامريكية او الشركات الاوروبية ، والنشاطات التجارية الواسعة النطاق في جميع انحاء شبه الجزيرة العربية معروفة لدى جميع الاطراف ، و ليس هناك من هو حريص على اعلان ذلك ، لتجنب المشاكل السياسية الداخلية في حكومات كل من اسرائيل وشبه الجزيرة العربية . ولكن من خلال زيارة الى دبي (عاصمة رأس المال التجاري للمنطقة) ستجد كثيرا من الاسرائيليين الذين يقومون بعمليات تجارية واسعة النطاق باستخدام جوازات سفر صادرة عن بلد ثالث!. أضف الى ذلك أن دول شبه الجزيرة العربية خائفة من ايران ، وبذلك تصبح العلاقة اكثر اهمية لجميع الاطراف.
هناك فكرة مثيرة للاهتمام تقول ان الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي المحتلة واقامة دولة فلسطينية مستقلة ، من شأنه تغييرنظرة العالم الاسلامي لاسرائيل. وهذا رأي شائع في اوروبا. والحقيقة انه يمكن تقسيم العالم الاسلامي الى ثلاث مجموعات:
أولا ، هناك تلك البلدان التي لها علاقات رسمية مع اسرائيل. ثانياً تلك التي لديها علاقات عمل وثيقة مع اسرائيل ، و من شأن إقامة علاقات رسمية معها ان تعقد العلاقات بدلا من تعميقها.( الباكستان واندونيسيا ، من بين دول أخرى تندرجان في هذه الفئة). ثالثاً تلك المعادية لاسرائيل بشكل مطلق، مثل ايران. ومن الصعب للغاية تحديد الدول التي ليس لها علاقات رسمية او غير رسمية مع اسرائيل والتي ستتبنى العلاقات عند قيام الدولة الفلسطينية. أما الدول المعادية لاسرائيل فستبقى معادية بعد الانسحاب من الاراضي الفلسطينية ، لأن القضية مع وجود اسرائيل ، وليس مع حدودها.
الغاية من كل ذلك هو ان امن اسرائيل افضل بكثير مما قد يبدو في حالة الاستماع الى الخطب الرنانة. الفلسطينيون منقسمون وفي حالة حرب مع بعضهم البعض. وفي أفضل الظروف، لا يمكنهم تهديد اسرائيل في وجودها. البلدان الوحيدان المجاوران للإسرائيليين ، واللذان ليس لهما اتفاقات رسمية معهم ، هما لبنان وسورية، ولا يمكن ان يهددا امن اسرائيل. لاسرائيل علاقات وثيقة مع تركيا ، أقوى بلد مسلم في المنطقة. كما ان لديها الكثيرمن التعاون التجاري والروابط الوثيقة مع الاستخبارات في شبه الجزيرة العربية وهي اكثرمما هو مصرح به عموماً ، بالرغم من ان درجة التعاون معروفة في المنطقة. اخيراً من وجهة النظر الامنية، فان اسرائيل تقوم بعمل جيد.

العالم الاوسع نطاقا

تقوم اسرائيل بالعمل بشكل جيد للغاية في العالم الاوسع ، المنطقة الرابعة والاخيرة. اسرائيل دائما بحاجة الى مصدر اجنبي من الاسلحة والتكنولوجيا ، حيث ان الاحتياجات الامنية الوطنية تفوق القدرات الصناعية المحلية. كان الراعي الاول الاتحاد السوفياتي ، الذي كان يأمل في الحصول على موطئ قدم في الشرق الاوسط. و على وجه السرعة تلته فرنسا ، والتي شهدتها اسرائيل حليفاً جيداً كما في الجزائر وضد مصر. واخيرا ، وبعد عام 1967 ، سعت الولايات المتحدة الاميركية إلى دعم اسرائيل. واشنطن دعمت اسرائيل بوصفها تهديدا لسورية ، التي من شأنها أن تهدد تركيا من العمق في وقت كان فيه السوفييت يهددون تركيا من الشمال. تركيا كانت الباب المؤدي الى البحر الابيض المتوسط ، وسورية ، تشكل خطرا على تركيا. وقد ايدت مصر ايضا السوفيات في الفترة من 1956 فصاعدا ، و قبل وقت طويل كانت الولايات المتحدة قد اسست علاقة عمل وثيقة مع اسرائيل.
ان هذه العلاقة انخفضت في الاهميه بالنسبة للاسرائيليين. فعلى مر السنين كان مبلغ المعونة الامريكية تقريبا 2.5 مليار دولار سنويا وظل ثابتا نسبيا. ولم يك ابدا متأقلماً مع المعدل التصاعدي للتضخم ، وبذلك تقلص كنسبة مئوية من الناتج المحلي الاجمالي الاسرائيلي من 20% فى المائة تقريبا فى عام 1974 الى أقل من 2 % اليوم. اعتماد اسرائيل على الولايات المتحدة قد تراجع. الإعتماد الذي بدا يوما ضرورياًً اصبح وسيلة هامشية. تحصل اسرائيل على مساعدات اقل لاقتصادها فقط من اجل الحفاظ على هذا المفهوم في امريكياً (الاعتماد الاسرائيلي عليهم و المسؤولية عن الأمن الاسرائيلي....) . وبعباره أخرى، ومن وجهة نظر اسرائيل ، المساعدات حاجة نفسية وسياسية أكثر منها اقتصادية او امنية.
ولذلك ، لا توجه إسرائيل اي تهديد جدي او تبعات خطيرة ، ما عدا اثنين. الاول هو حيازه الاسلحة النووية من جانب قوة لا يمكن ردعها . وبعباره اخرى : أمة على استعداد للانتحار لتدمير اسرائيل. وبالنظر الى الخطاب الايراني ، فإيران على ما يبدو في بعض الاحيان مستعدة ان تكون هذه الامة. ولكن بالنظر الى ان الايرانيين ابعد ما يكونوا عن الحصول على الأسلحة النووية ، وانه في الشرق الاوسط ليس من مصلحة احد ان يؤخذ خطابه على محمل الجد ، فالتهديد الايراني لا يجبراحداً من الاسرائيليين الآن على التعامل معه.
التهديد الثاني يأتي من ظهور قوة عظمى مستعدة للتدخل علناً او سراً في المنطقة لمصالحها ، وفي اثناء القيام بذلك ، اعادة تشكيل تهديد اقليمي لاسرائيل. والمرشح الرئيسي لهذا الدورهو روسيا.
خلال الحرب الباردة ، انتهج السوفييت استراتيجية لتقويض المصالح الأمريكية فى المنطقة من خلال القيام بتنشيط المجموعات والدول التي يمكن ان تشكل تهديدا مباشرا لاسرائيل. عموما ليس هناك تهديد كبيرللقوة العسكرية التقليدية لاسرائيل على حدودها ، ما لم تكن مصر راغبة بذلك ومسلحة تسليحا جيدا. ومنذ منتصف السبعينات ، ليست مصركذلك . حتى لو كان الرئيس المصري مبارك على حافة الموت وحل محله نظام معادي لاسرائيل ، فالقاهرة لا تستطيع ان تفعل شيئا الا اذا كان لها راع قادر على تدريب وتسليح قواتها العسكرية. وينطبق الشيء نفسه على سورية وايران الى حد كبير. فمن دون الحصول على التكنولوجيا العسكرية فإن ايران هي مجرد امة المؤتمرات الصحفية المخيفة.اما مع الحصول على التكنولوجيا ، فالمعادلة الاقليمية برمتها ستتغير.
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ، لم يكن هناك احد على استعداد للتدخل في الشرق الأوسط على طريقة السوفييت. الصين لا مصلحة لها على الاطلاق في الصراع مع الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ، فهي تحصل على نسبة مماثلة من النفط كالولايات المتحدة. وسيكون ارخص بكثير شراء النفط في الشرق الاوسط بدلا من الدخول في صراع على الجغرافية السياسية بين الولايات المتحدة و الصين الشريك التجاري الرئيسي لها. وحتى إذا كان هناك مصلحة في الصراع فلا يمكن للدول الأوروبية ان تقوم بهذا الدورنظرا لضعف الفرد العسكري فيها، واوروبا ككل هي اسطورة الجغرافية السياسية. ولذلك البلد الوحيد الذي يمكن ان يهدد توازن القوى في فضاء الجغرافية السياسية لاسرائيل هو روسيا.

ان بدأت روسيا الصراع مع الولايات المتحدة فإن اسرائيل تخشى من مساعدة موسكو لأنظمة معادية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط لكون المنطقة احدى عتلات الصراع ، بدءا من سورية وايران. الفكرة الأكثر إخافة للاسرائيليين الآن هي ان يلعب الروس مرة اخرى دورا خفيا في مصر، يتمثل بإسقاط نظام مبارك المتعب ،وتنصيب اخر اقرب لمصالحهم الخاصة، وإعادة تسليحه. الخوف الأساسي في اسرائيل ليس من ايران، بل مصر المعاد تسليحها بدوافع عدائية مدعومة من قوة عظمى.
الروس ليسوا قرب اسرائيل ،وهي مسألة ثانوية بالنسبة لهم. ولكن في سياق ايجاد سبل لتهديد المصالح الامريكية في الشرق الاوسط - ومحاولة إجبارالاميركيين على الخروج من منطقة النفوذ السوفياتي السابق، يمكن للروس ان يقوضوا في الشرق الاوسط ما يعتبر في هذه اللحظة منطقة آمنة تماما للولايات المتحدة.
وهذا يعيدنا الى ما كان الاسرائيليون يقومون به في جورجيا. انها ليست محاولة للحصول على قواعد جوية لقصف ايران. فهذا بحاجة لالآف الافراد الاسرائيليين في جورجيا لاغراض الصيانة ، ادارة الذخائر ، ومراقبة الحركة الجوية وغير ذلك. يحتاج موافقة انقرة بالسماح لهم باستخدام الاجواء التركية والتي لاتبدو سهلة. بالاضافة الى ذلك ، اذا كانت هذه هي الخطة ،فإيقاف الجورجيين عن مهاجمة اوسيتيا الجنوبية كان من شأنه ان يكون التصرف المنطقي.

كان الاسرائيليون في جورجيا في محاولة منهم جنبا الى جنب مع الولايات المتحدة لمنع روسيا من عودتها كدولة عظمى. سياسة العصا والجزرة استخدمت لمسانده الجهود بحيث تتصرف الدول السوفياتية السابقة في المنطقة بشكل معاد لروسيا، فضلا عن دعم الافراد في روسيا لمعارضة توجه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين. الوجود الاسرائيلي في جورجيا، مثله مثل الوجود الامريكي ، صمم لمنع عودة ظهور روسيا.
وبمجرد ان الاسرائيليين أحسوا بالرياح القادمة من الصدام في اوسيتيا الجنوبية ،قاموا على عكس الولايات المتحدة ، بتحول دراماتيكي كبير في السياسة . ففي حين زادت الولايات المتحدة من عدائها لروسيا ، فإن الاسرائيليين اوقفوا مبيعات الاسلحة الى جورجيا قبل الحرب. وبعد الحرب بدأت الدبلوماسية الرامية الى تهدئة المخاوف الروسية. وبالفعل ، ففي الوقت الحالي فإن للاسرائليين مصلحة اكبر في منع الروس من النظر لاسرائيل كعدو اكثر من مصلحتهم جعل الاميركيين سعداء.
نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني كان غامضا في تهديد الروس. ولكن أولمرت كان واضحاً في طمأنة موسكو بأن لا داع للخوف من اسرائيل ، ولذلك ينبغي عدم بيع الاسلحة لسوريا وايران وحزب الله ، او اي شخص آخر معادِ لاسرائيل.
مثيرللاهتمام أن الاميركيين بدأوا في ضخ المعلومات التي تفيد بأن الروس يقومون ببيع الاسلحة إلى حزب الله وسوريا ، بينما الإسرائيليون تجنبوا هذه المسالة بعناية. فهم يستطيعون العيش مع بعض الاسلحة في ايدي حزب الله اكثربكثيرمن العيش مع انقلاب في مصر يليه دخول المستشارين العسكريين الروس. الأول هو ازعاج، أما الثاني فهو التهديد الوجودي. ربما لاتكون روسيا في وضع يمكنها من العمل حتى الان ، ولكن الاسرائيليين لن ينتظروا حتى تخرج الأمورمن أيديهم.
اسرائيل هي التي تسيطرالان على الوضع الفلسطيني والعلاقات مع البلدان الواقعة على حدودها. موقعها في العالم الاسلامي الممتد هو افضل بكثير مما قد يبدو عليه. العدو الوحيد هناك هو ايران ، وذلك الخطر هو أقل وضوحا بكثير مما يقوله الإسرائيليون علناً. ولكن التهديد من تدخل روسيا في العالم الاسلامي ، وخاصة سورية ومصر، يبقى مرعباً للاسرائيليين. انه تهديد لن يعيشوا معه ما لم يكونوا مجبرين. لذلك غيرالاسرائيليون سياستهم في جورجيا بسرعة البرق. هذا يمكن ان يؤدي الى احتكاك مع الولايات المتحدة ، الا ان العلاقة الاميركية ـ الاسرائيلية ليست ما كانت عليه سابقاً.

المقال على الرابط:
http://www.stratfor.com/weekly/israeli_strategy_after_russo_georgian_war

--------------------------------------------------

* جورج فريدمان: ولد في هنغاريا ( المجر) لابوين نا جيين من المحرقة . هاجر ذووه الى النمسا ليعيشوا عدة سنوات في معسكر قبل حصولهم على تأشيرة الدخول لامريكا . في عام 1974 حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية وكان مجال اهتمامه الفلسفة السياسة وعمل على الماركسية . ألفًّ عدة كنب مثل: الفلسفة السياسية للمدرسة الفرانكفورتية عام 1981 ، الحرب القادمة مع اليابان 1991 ، مستقبل الحرب 1998 ، الحرب السرية الامريكية 2005 ، السنوات المائة القادمة سيصدر 2009 .
كما اشتهر بأنه مصمم قديم لألعاب الحروب على الكمبيوتر . يصف نفسه كجمهوري محافظ سابقا و كمحافظ تقليدي منذ عام 1989 . همه الأساسي كان ومايزال النضال ضد الشيوعية !. عام 1996 دخل القطاع الخاص وأسس مؤسسة Strategic Forecasting ( التنبؤ الاستراتيجي) ، أو اختصاراً Stratfor . وهي وكالة استخبارات خاصة تسمى ايضا "ظل السي أي ايه". قدرعدد موظفيها في عام 2004 بـ 70 موظفا ومايزال رئيسها حتى الآن .



#يسار_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد اقتصادي امريكي
- المتسولون السوريون في ألمانيا
- حزب الهُبل -حزب سوري جديد جدا-
- مبروك للسوريين الجبهة الاسلامية الديمقراطية القادمة
- أرقام من تقرير التنمية العربية لعام 2000
- لا لليبرالية الجديدة


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - يسار دريوسي - الاستراتيجة الإسرائيلية بعد الحرب الروسية الجورجية