أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله تركماني - حوار الثقافات .. إلى أين ؟














المزيد.....

حوار الثقافات .. إلى أين ؟


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2472 - 2008 / 11 / 21 - 09:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لاشك أنّ حوار الثقافات هو مشروع حياة البشرية ومستقبلها والمنهج الذي يدفع الشعوب إلى أن تتعاطى مع بعضها بالأسلوب الإنساني الرفيع، القائم على أساس التعارف لا الخصام. والحال أنّ مختلف المنظومات الثقافية العالمية، بما فيها جميع الأديان، تتحسس الحاجة الموضوعية إلى صياغة وتقنين مقتضيات الكونية، حتى ولو اختلفت، جزئيا، في ضبط معايير ومحددات هذه الكونية. بيد أنّ الاعتراض لا يصل إلى قاعدتها القِيَمِيّة من: تفعيل لحقوق الإنسان، وضمان للحريات العامة، وتكريس لأخلاقيات التسامح، والدفاع عن مبادئ السلم والتضامن الإنساني. ولا شك أيضا أنّ الحوار الثقافي بين الدول والشعوب هو بديل عن وسائل العنف والتطرف، فليس هناك من وجه مقارنة بين حوار السلاح وحوار العقول.
إنّ ما نشهده الآن على الساحة الدولية من ظلم وعدوان وفقر وبطالة يشكل حافزا كبيرا للتأكيد على أهمية حوار الثقافات الفعّال، القائم على احترام خصوصية الآخر والعمل على تنمية ما هو مشترك إنسانيا، لتتمكن الأسرة الدولية من الوصول إلى بناء عالم تسيّره الرغبة الإنسانية الشاملة في التقدم والتنمية الشاملة. وبذلك ينتقل الحوار من كونه طموحا إلى كونه فرصة تاريخية، ومشروعا إنسانيا وثقافيا، يستحق أن يعمل الجميع لأجله.
ولكنّ حوار الثقافات، على الرغم من ضرورته وأهميته، لا يكفي من أجل تحقيق التقدم البشري، إذا بقيت الدول الكبرى تمارس سياسات استعمارية توسعية على حساب شعوب عالم الجنوب، وتستمر في محاولاتها تجاهل الشرعية الدولية، وأيضا تطبيق سياسات الكيل بمعيارين.
وعليه فإنّ ثمة مجموعة تحديات تواجه عملية حوار الثقافات: أولها، كيفية الانتقال بحوار الثقافات من مجرد موضوع للمناقشة إلى واقع يلبي احتياجات وتطلعات الشعوب والمجتمعات كافة إلى التقدم والتنمية الشاملة، مما يعني ضرورة العمل على مواجهة نزعات العنف والتطرف ودعاوى الانغلاق والتحريض العنصري، من خلال سياسات وآليات عمل وبرامج تنفيذ، تحفز الشعوب على المشاركة في هذا الحوار والإيمان بجدواه. وثانيها، الحاجة إلى النظر في إنشاء آلية للإنذار المبكر، لتفادي الأزمات التي قد تدعو إلى صدام الثقافات. وثالثها، احترام ثقافات وأديان الغير وعدم التحريض عليها، وتصويب الانطباعات المسبقة ونزعات التعميم والأفكار النمطية، والتفكير في إصدار ميثاق شرف إعلامي، يوفق بين ضرورات حرية التعبير والرأي وبين مقتضيات احترام الأديان والثقافات. ورابعها، تفنيد مقولة إنّ الأديان هي سبب رئيسي للصراع، إذ من المؤكد أنّ الحروب تقوم بسبب صراع المصالح وليس صراع العقائد.
وفي الواقع، فإنّ الحوار لا يقوم بين الأديان، ولكنه يقوم بين ذوي الأديان، ويكون حول قضايا العيش المشترك وشؤون الحياة، ونظم المجتمع، وعلاقات التعامل والسلوك بين شعوب العالم ودوله. وفي كل الأحوال، يتم استحضار الدين كتجربة روحية، وكقيم عليا مجردة، وكواقع حي متحرك على الأرض، وكممارسة من أتباعه. وبقدر ما يكون الحوار أداة لبناء الثقة والمودة، واحترام حدود المغايرة والاختلاف بين الأديان، وقواعد العيش المشترك والعمل الإنساني، ومتطلبات المواطنة المتكافئة، بقدر ما هو التزام بمبدأ العدل والإنصاف، وتأكيد قيم الانتصار للمظلوم والمضطهَد، بغض النظر عن دينه، وبغض النظر عمن يُمارَس عليهم الظلم والاضطهاد.
وفي هذا السياق، تندرج مبادرة الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز حول حوار الأديان وثقافة السلام، وهي مبادرة جريئة وريادية، في ظروفها ومكانها وزمانها وأبعادها، كونها تحاول استثمار القوة الروحية للأديان، باعتبارها أحد مكوّنات ثقافة الأمم، في استشراف خيارات أفضل للمستقبل، وتطوير حلول واقعية لمشكلات الإنسان في هذا العصر القلق، وتوسيع دائرة الحوار.
ومن هنا تأتي أهمية ما شهدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال يومي 12 و 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لترسيخ قيم التعاون والتسامح والعدالة والسلام. خاصة أنّ بيان مؤتمر " ثقافة السلام " قد أكد على الأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واستذكر تعهد جميع الدول بموجب الميثاق تشجيع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، بما في ذلك حريات الاعتقاد والتعبير، دون التمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
إنّ التقوقع الثقافي لم ينفع أهله في القرون الماضية، ولن ينفعهم في المستقبل، فالتجدد صفة تحفظ حيوية الثقافة، والانفتاح على العالم والآخر من سماتها المميزة.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ-حزب الله- في جنوب لبنان (فيد ...
- مسؤول قطري كبير يكشف كواليس مفاوضات حرب غزة والجهة التي تعطل ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع ومظاهرات في إسرائيل ضد حكومة ن ...
- كبح العطس: هل هو خطير حقا أم أنه مجرد قصة رعب من نسج الخيال؟ ...
- الرئيس يعد والحكومة تتهرب.. البرتغال ترفض دفع تعويضات العبود ...
- الجيش البريطاني يخطط للتسلح بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله تركماني - حوار الثقافات .. إلى أين ؟