جاد نوح
الحوار المتمدن-العدد: 2464 - 2008 / 11 / 13 - 03:54
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
عبثا حاولنا ان نتفهم ما سر اصرار وزير التعليم على اختبارات المعلمين رغم صوت الالاف من معلمى مصر بمقاطعتها ووصفها بالمهزلة والمهانة ! سواء كانت بالاعداد لها و ما شابه من رعونة و تعجل و نتج لهذا اخطاء جسيمة وضحت فى بيانات المعلمين التى جمعت بواسطة الحكومة الاليكترونية وعدم وصول ارقام الجلوس لكثير من تقدموا لها .... هرولة لا فائدة منها غير طاعة الوزير لما امر به بل الاسوأ انه تعجل بميعاد الاختبارات خشية تزايد اعداد الرافضين لتلك المسرحية الهزلية و التى كان بطلها مستشاره عفيف اللسان و الذى وصف معلمى مصر ( كأبقار الساقية ) !!
و نددت جموع المعلمين بخطورة لائحة الكادر التنفيذية و التى بمقتضاها اندرج معلموا مصر تحت مسمى "اجراء لا معلمون ".
و اهدر المال العام بإنشاء الاكاديمية المبهمة ( 85 مليون جنيه ) استقطبت من تغذية طلاب المرحلة الاساسية و ( 20 مليون جنيه ) تكلفة الاختبارات المشئومة و النظام يصر على اجتياز المعلم للاختبارات مستخدما حججا واهية على ان العالم المتقدم يستخدمها كوسيلة لتقويم المعلم , بل انها قد تكون فى نظر القائمين على العملية التعليمية الطريقة المثلى للقضاء على الدروس الخصوصية متجاهلين ان الدروس الخصوصية نتيجة لا سبب لسوء تخطيطهم و ادارتهم الفاشلة للعملية التعليمية .
و بدأت الاختبارات , و رصدنا فيها كل الموبقات , غش .. تزوير و صدام , و الوزير يهلل بنجاح التجربة و كأنه يعيش فى عالم اخر لم يدر بأن مسرحيته عرضت على العالم و بدا الممثلون و قد تجردوا من قيمهم و قدوتهم , و كان الاحرى عليهم ان يتمسكوا بها ليثبتوا للوزير الفذ ! انه بتوقيعه على نتائجها قد وقع على شهادة وفاة كرامة المعلم و هيبته و نادى الكثير منهم داخل لجان الامتحان بسقوط الوزير و لكنه لم يسقط بل رسب الكثير منهم بعد ان خدعوا فى نية النظام بأنه يبيت لهم خيرا . غير ان العذر لهم بأنهم تمسكوا بالوهم الكاذب بزيادة مرتباتهم لترفع عنهم معاناة السؤال و الحاجة و تناسوا ان مال الدنيا لا يعيد للمعلم كرامته بل صارت مزاح العامة فى الشوارع و المقاهى وأنشرخت كرامة المعلم وصار معلموا مصر مادة خصبة للنكات والسخرية .
واسدل الستار و اعلنت النتيجة و من نجح فات و من رسب مات ! و يبقى السؤال " من المستفيد ؟ ولاحظنا بعد اعلان النتيجة ظواهر قد تصيب الانسان بالهذيان .
• موجه للغة الانجليزية يرسب و معلم حديث ينجح !
• معلم لمادة التاريخ ينجح فى الايطالية !
• معلمون تحجب نتائجهم لأنهم نسوا ان يدونوا الرقم الكودى للاختبار !
معلمون يرسبون و تتعالى الاصوات كيف ؟ و نحن اثناء اداء الاختبار كنا قد تعاونا فى الاجابة معا ! ياللمهزلة و السخرية اهذا ما يسعى اليه وزيرنا الفاضل ؟ اهذه الطريقة المشينة و التى تفتقد الى ابسط القواعد العلمية و الانسانية تقيس احتياجات معلمى مصر للتطوير ؟
. و يبقى السؤال هل استطاعت الاكاديمية ان تقف على اهم نقاط الضعف فى نظامنا التعليمى ؟
. هل اعددتم البرامج للنهوض بمعلمينا و اعدادهم الاعداد الجيد و الذى يتواجب مع متطلبات العصر ؟
هل استوعبت نقابة المعلمين الدرس و حاولت جاهدة ان تدافع عن هيبتها بعد ان سلبها القانون الجديد اختصاصاتها و بعد ان ارتمت فى احضان النظام تدافع عنه لا عن معلميها ؟
و تأتى الاجابة ننتزعها من مرراة الواقع الاليم بعد ان بدأ العام الدراسى بفوضويته – فالمدارس بلا اسوار , و عجزت الوزارة ان توفر الكتب لطلابها – اما مدرسيها فالحالة يرثى لهم فهم ليسوا فى حاجة الى كادر بجانب حاجتهم الى اطباء نفسيين و علماء اجتماع فما حدث فى الاسكندرية و فى المحلة من حالات عنف مرفوض ينم عن جزء من الصورة التى صار عليها شباب معلمينا بعد ان فقدوا اعصابهم نتيجة للصراع النفسى بين واقعهم و مستقبلهم و انا لا التمس لهم عذرا بل المخطىء عليه ان يتحمل نتيجة خطأه و لكننى فى الوقت نفسه لا ابرىء وزيرنا مما حدث فعليه ان يتحمل عاقبة عشوائية القرارات و الرعونة فيها – و ليرحل ..غير ان زميل لى همس فى اذنى (وما فائدة رحيله و قد يأتى بدلا منه وزيرا لا حول له ولا قوة؟) فبالاضافة للافتقاد الى لغة الحوار فالتخطيط للتعليم فى مصر غير موجود و ان وجد فهو للسير نحو خصخصة التعليم , ضاربا المثل فى احادية القرار متجاهلا ان عناصر العملية التعليمية تتمثل فى ( الطالب – ولى الامر – و المعلم ) فهم المادة الخام التى على اساسها تنهض العملية التعليمية ، ونحن معلموا مصر الشرفاء , من قاطعوا تلك المهزلة , ندق ناقوس الخطر خشية ان تتحول مدارسنا الى حلبة من الصراع و التشاحن (بين مدرسين رفضوا المهزلة ، مدرسين نجحوا ، مدرسين رسبوا، وإداريين تناسوهم.. و خاصة مع صرف المرتب الاول من الكادر الجديد .
جاد نوح
12/11/2008 مسئول مكتب المعلمين بحزب التجمع/ مصر
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟