اسس الدكتور ابراهيم الداقوقي ( المركز الاكاديمي لدراسات الاعلام وتواصل الثقافات ) في فيينا ( النمسا ) بالتعاون مع مجموعة من الاكاديميين العراقيين والعرب والنمساويين ، ليكون ( المرصد الاعلامي ) الذي يقوم بدور الشاهد والرقيب على الاستبداد والطغيان والفساد ... ولوضع حد للصراعات اللامجدية النابعة عن سوء الفهم وقلة المعرفة بالاخرين . نظرا لايمانهم ، ان مفهوم الصراع الذي يدعو اليه المتطرفون واصحاب سياسات الاستقواء او الاستعلاء الفكري او الحضاري او العنصري – وبغض النظر عن انتماآتهم – لا يصلح اساسا لاقامة العلاقات السليمة والمتوازنة بين البشر في عصر العولمة من جهة ولإعلاء كلمة التسامح والقيم المشتركة بين الاديان والحضارات والشعوب ، بعيدا عن الغلو والعنف والارهاب والاحكام المسبقة عن الآخر ، من جهة اخرى .
ويرأس تحرير هذه المجلة الفصلية التي صدر عددها الاول في مايو / أيار الماضي باللعتين العربية والالمانية ، مدير المركز ابراهيم الداقوقي ، حيث تضمن العدد الاول المواصيع التالية :
- استراتيجية غزو العراق : تدشين لولادة الامبراطورية الامريكية وبداية نهايتها ... الافتتاحية
- دعوى التميّز الديني في عصر صراع الحضارات .............. د . محمد الحداد – تونس
- العرب واوروبا : صراع ام حوار ... لقاء مع المستشرقة كافية – نصرت مردان - جنيف
- الماء كنز النمسا الدائم ..... .............. .................... ترجمة : وريا صالح - فيينا
- العرب والعولمة والهوية ............... ............ ........... .. وديع العبيدي – النمسا
- الاسلام التركي : ثورة الدين على السياسة المكيافيلية ............ ابراهيم الداقوقي – فيينا
- نماذج من اشكال الخطاب حول الحداثة في السياق العربي الاسلامي ..... د . جمال الدين
عبد الجليل – فيينا .
- قصة القبض على نستروي : قصة طويلة مترجمة عن الادب النمساوي ..............
– ترجمة : قاسم طلاّع – فيينا .
- هورتنسيا فوسي : رسامة نمساوية تعشق الاهرامات ........ .... تحقيق : شروق توفيق
- نداء الى السادة الملوك والرؤساء العرب والمسلمين : اطلقوا سراح سجناء الرأي فورا
وسيصدر العدد الجديد من الغد في الشهر القادم ، بالافتتاحية التالية :
من ينقذ العراق ... واسئلة اخرى ؟!!
اذا كان بعض المعلقين العرب والاجانب قد تحدثوا عن سقوط بغداد الرشيد يوم التاسع من ابريل / نيسان الماضي ، فان بغداد كانت قد سقطت منذ عام 1974 عندما اغتصب صدام حسين السلطة بالتعديل الوزاري الذي حمل شلّته الى الحكم فانهى بذلك الجبهة الوطنية ، والتفّ على رئاسة احمد حسن البكر فبدأ اعتى واقسى استعمار داخلي في العراق ، توطئة لدعوة الاستعمار الخارجي ولدفع العراق الى نفق مظلم من الاستبداد والقمع والاعدامات - والقبور الجماعية المكتشفة اليوم شواهد شاخصة - مما ادى الى افتقار بلاد الرافدين للكوادر السياسية - الفكرية التي قضى عليها الحكم الاستبدادي القمعي . غير ان ذلك العنف الدموي الذي اصطبغ به تاريخ العراق طيلة ثلاثة عقود ، قد ازداد عنفا وجبروتا نتيجة التداعيات السلبية لاحتلال العراق ، بل انه بدأ يسير من سئ الى اسوأ بعلم قوات الاحتلال وبنشاط ايتام العهد الساقط وعصاباته المنظمة التي شمرت عن ساعد النهب والحرق والتدمير ، بعد احتلال العراق .
وقد تأرجح الوطن العراقي خلال تلك الفترة بين سطوة الجلاد وزبانيته وبين جنون السلطة التي غامرت بالوطن والشعب والمصير في حروبها العبثية - لمصلحة الاخرين - تاركا الوطن والمواطن في دمار شامل وعذاب مقيم في ظل مقصلة الجلاد . في حين سلب القابضون على السلطة كل الحقوق ، حتى تحول العراق الىسجن كبير ينعدم فيه التفكير السليم والمنطقي بعد ان تحكّم صاحب الصوت الوحيد والحقوق الاوحد في تصفية الرأي الآخر بتدجين الجميع . فانتشر الخوف والخنوع والضياع الى جانب الفقر والمرض ، في عراق كان من اغنى وارفه بلاد المنطقة منذ بداية الستينات ، بينما كان الجلاد وبطانته - بعد اغتصابهم للسلطة - يعيشون حياة الترف والبذخ الجنوني باموال النفط وارباح شركاتهم الوهمية حول العالم .
واليوم ، تعود الى الوطن تلك الكوادر السياسية والفكرية المشردة على ارصفة العالم ، من اجل لملمة اللحمة العراقية الممزقة للوطن الذبيح توطئة لتضميد الجروح والانتقال الى الخطوة اللاحقة والمهمة في تحقيق الامن والاستقرار السياسي في البلاد ، من خلال الاتفاق على ارساء قواعد الديموقراطية وفق القواسم المشتركة لتشكيل الحكومة الائتلافية الموقتة المنشودة . التي ينبغي لها ان ان تتمتع بكافة الصلاحيات من اجل وضع اسس الحريات العامة في اطار دولة القانون بدستورها الجديد ، وترسيخالفيدرالية ضمن الوحدة الوطنية واقرار التعددية السياسية في اطار العلمانية وحقوق الانسان والاعتراف بالاخر ليتفاعل كشريك في المسيرة والبناء وتداول السلطة سلميا بالانتخابات الحرة والنزيهة . ولكن … من يستطيع انقاذ العراق بتنفيذ هذه الامنيات ؟
هل هو قوة الايديولوجيات المسيطرة على المنطقة التي خلقت اسطورة ( الرئيس القائد صدام حسين ) لكي تحتل العراق كنقطة انطلاق لغزو مستطيل الشرق الاوسط الكبير من نواكشوط الى افغانستان بدعوى اقامة الديموقراطية المغلفة بالاستعمار والاستغلال والاستبداد ؟
ام انها المقاومة التي يتزعمها ايتام النظام الساقط والمنتفعون والمرتزقة وعملاء المخابرات ، الذين لا يريدون للعراق ان يستقر وينعم بالراحة والامن والاطمئنان بعد اكثر من ثلاثة عقود دامية من الاستبداد والظلم والقتل وانكار الرأي الآخر ؟
ام اشقاؤنا العرب والمسلمون الذين نفخوا في صورة صدام حسين القزم ، حتى تعملق وبدأ يهدد الجميع ، بل انه احتل بلدا عربيا آمنا فحطم بذلك مفهوم الامن القومي العربي وضرب اسفينا في صميم فكرة الوحدة العربية ، دون ان يستطيع – او بالاصح – يعمل العرب والمسلمون لايقافه عند حده . بل ان جامعتهم العربية لم تجتمع لبحث كيفية التعامل مع السقوط المذهل لبغداد الذي هز العالم ، ومع الواقع العراقي الجديد وكأن الامر لا يعنيهم ... !!
فمن يستطيع انقاذ العراق والشعب العراقي ، من محنته السياسية والاقتصادية والاجتماعية ؟ !! .
لا ..أحد يستطيع ذلك ، غير الشعب العراقي نفسه المعروف بوطنيته وقدرته على التسامح مع عدم التسامح مع المتورطين بالجرائم او القمع الداخلي - باجتماع المخلصين على كلمة واحدة لتحقيق عراق موحد خال من كل اشكال الارهاب والعنصرية والاحكام المسبقة حول الاخر ، من اجل بناء بلد ديموقراطي جديد لعصر جديد ، ولإنهاء الاحتلال بالكفاح المدني وضمن الشرعية الدولية . لاسيما بعد تردي الاوضاع العراقية شمالا – اقتتال الاكراد والتركمان – ووسطا – تدمير مقر الامم المتحدة في بغداد وقتل ممثلها – وجنوبا – اغتيال حجة الاسلام محمد باقر الحكيم في النجف – وتفرّج قوات الاحتلال – ورغبتها – في احتدام صراع الاخوة الاعداء وتشرذمهم ، لكي تستطيع تنفيذ مخططاتها العدوانية .
ومن هنا فان تشكيل المجلس الانتقالي العراقي في 13 تموز / يوليو الماضي واختيار 25 عضوا – ومعظمهم من الشخصيات المحترمة والموثوقة بها - ليمثلوا جميع اطياف وفئات الشعب العراقي بتوازن معقول ، يمثل الخطوة الاولى في هذا المجال ، على ان يتحمل كافة مسؤولياته التنفيذية والتشريعية في البلاد من جهة ، وعقده لمعاهدة صداقة مع سلطات الاحتلال لوضع آلية مناسبة لاستثمار النفط العراقي لمدة مئة عام القادمة – ما دام البترول هو الهدف الاساس للغزو الامريكي – من اجل انهاء الاحتلال بالتعاون مع الامم المتحدة وقواتها لحفظ السلام في المنطقة . لاسيما بعد ان ارتفعت الاصوات – في امريكا و – في العالم لنقل السلطة الى العراقيين نتيجة تورط امريكا في المستنقع العراقي .
تبقى ثمة قضيتين اساسيتين ، الاولى : ان تعترف الجامعة العربية بتشكيلة المجلس الحالية لتشجيعه على التمسك بالذات العراقية وبالتالي بالهوية العربية الوحدوية ضمن التعددية الثقافية في فيدرالية ديموقراطية تشكل قوة ومنعة للعراقيين والعرب ، لكي يحافظ المجلس على اتجاهه الاستقلالي ودأبه على ان لا يكون اداة بيد الحاكم المدني الاميركي ، والتعاون مع المجلس لايجاد صيغة ديموقراطية – وطنية لتشكيل الحكومة الوطنية الجديدة ووضع دستور جديد لدولة القانون والمؤسسات في تعددية فكرية وسياسية مرموقة وصولا للانتخابات النيابية القادمة . اما القضية الثانية فهي : على اشقائنا العرب – وجاراتنا – ان لا يزايدوا في الوطنية على العراقيين ، وانما ان يعملوا على تمكينهم من تقرير مصير بلادهم ضمن الشرعية الدولية وحقوق الانسان ، للتخلص من الاحتلال – بعد تشكيل الحكومة الوطنية واجراء الانتخابات – باستعادة السيادة والثروة معاً ، حفاظا على مكانة العراق في محيطه العروبي وتعزيزا لوطنيته الراسخة ، اما الاحتلال نفسه فان الزمن كفيل بتدبير أمره