|
محمود درويش شاعر بقامة وطن
محمد طيفوري
الحوار المتمدن-العدد: 2448 - 2008 / 10 / 28 - 07:23
المحور:
الادب والفن
ـ على خلفية منحه جازة الأركانة لبيت الشعر بالمغرب ـ أخد من المتنبي خيله ، ليله، سيفه، قرطاسه و قلمه فصار ناظما لقصائد أنقدت الشعر من عزلته واغترابه وملأت الدنيا وشغلت الناس، كان شاعرا فلسطينيا بحجم إنساني وإنساني بحجم فلسطين. إنه عاشق ريتا محمود درويش الذي رحل في 9 من غشت المنصرم. لقد خالف هذا الشاعر وعده فغادرنا قبل ان نودعه مؤكدا ما قاله عنه جملة من أصدقائه ـ يوسف العقيد، كرم مطاوع، سميح القاسم ـ من أنه مخل بالمواعيد إذ طلب منهم ألا يصدقوا وعوده الفنية والأدبية. وأنا اتامل صورة هذا الرجل على يومياته " أثر الفراشة " ـ آخر ما نشرـ تذكرت مقالة له في كتاب "حيرة العائد" بعنوان تأخر حزني عليك في حق الرئيس ياسر عرفات والتي أرى أن لمسة واحدة تكفي ليصير العنوان ساريا عليه كالتالي ( تأخر تكريمنا لك)، إذ أخيرا قررت لجنة التحكيم الخاصة بجائزة الأركانة التي يمنحها بيت الشعر بالمغرباستحقاق هذا الشاعر لها، إذ اعتبرته لحظة مضيئة في تاريخ الشعر الإنساني . وقال هو في إحدى حواراته عن الموضوع : أنا أعتقد أن هذه الجائزة هي تأكيد لعلاقة القرئ المغربي بشعري، وهي علاقة تترجم من خلال الأمسيات الحاشدة والجماهيرية التي أحيها خلال السنوات الماضية فب المغلاب.أعتبر نفسي محظوظا على هذا المستوى لأنني كلما أحييت أمسية في المغرب إلا وازدادت ثقتي في هذا الجمهور وفي القارئ المغربي، ولهذا فهذه الجائزة هي رباط متجدد مع قارئ الشعر هنا. وقد كان من المقرر أن يحضر إلى المغرب في 24 من أكتوبر لتسلم الجائزة بالرباط. غير أن تأخر إعترافنا بهذا الرجل دفع لاعب النرد هذا إلى رمي الورقة الأخيرة والرحيل رغم أنه القائل في يوم من الأيام على هذه الأرض ما يستحق الحياة. حائلا بهذا الفعل بينه وبين حشد من الجمهور ينتظر بفارغ الصبر تلك اللحظات للاستمتاع بصوته السجي في إلقاء تلك القصائد/ القنابل العنقودية المركبة من أحرف لغة الضاد. كيف لا نقول أكثر من ذلك ونحن نستحضر قصيدة بطاقة هوية التي تسجل جدلا بين فلسطيني وجندي إسرائيلي يوقفه ويستجوبه ويفتش أوراقه، وأيضا قصيدة عابرون في كلام عابر والتي جسد فيها قيمة المعاناة والسلم في الدفاع عن الأرض بأسلوب يعجز الإنسان عن التعليق عليه فأنت تضع ( السيف/ الدم، الفولاد/ اللحم، الدبابة / الحجر ...) ما هو إلا تأكيد على الجملة المعبرة التي قال فيها محمود ذات يوم للعدو الذي يغتصب أرضه ووطنه " أتيت إلى هنا حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية المقاتل من أجل الحرية بأخرى فلا تدع غصن الزيتون يسقط من يدي". إنه الشاعر المسافر بدنا و فكرا بالسؤال إلى آفاق أكثر تعقيدا ورحابة معترفا بأنه ما يزال صغيرا على سؤال كثيرا ما حير الفلاسفة لكنه وبعد جولات طويلة في عالم المعرفة وصل إلى الإجابة إذ يقول " الهوية ما نورث لا ما نرث، ما نخترع لا ما نتذكر، الهوية فساد المرآة التي يجب أن نكسرها كلما أعجبتنا الصورة". بل أكثر من ذلك ولت القسوة هذا الشاعر إلى شاعر ناقد لشعره منتصر للإبداع والإنسانية قائلا ليس هناك ما يمنع من ان تكون مناضلا وأن تكون عاشقا فالشاعر ليس مراسلا حربيا. إن نقده لم يتوقف عند الشعر بل تعداه إلى السياسة والأوضاع الداخلية لفلسطين إذ يعلق على ما يجري في الميدان من صراع بين الإخوة الأشقاء بقوله سنصير شعبا حين ننسى ما تقول القبيلة .. حين يعلي الفرد من شأن التفاصيل الصغيرة. ونحن نتأمل مسار هذا الشاعر نقف عند بعض السمات التي ميزت حياته الشخصية التي توصلنا إليها من خلال تصريحات وأراء ثلة من أصدقائه في مقلات وحوارات متنوعة منها أن صاحبنا لا يكتب حرفا في الليل ويقول بهذا الخصوص " لسيت صديقا لليل مع أنه صديق للشعراء". أكثر من ذلك يصف نفسه بالشاعر النكد إذ يكتب القصيدة أربع مرات، ولا ينشر إلا ثلثا ما يكتب أما الثلث الآخر فهو للإبادة. كما انه كان يعشق الاستماع إلى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بعد القيام من نومه، وفي مقابل ذلك لم يحب شعر شاعر النيل حافظ إبراهيم. إن المميزات التي انفرد بها هذا الشاعر أكثر من أن تحصى إذ نجد الكثيرين يتعجبون من حالة هذا الرجل رائيا وراثيا إذ بلغت به فضاءات الرؤيا حد التنبؤ بيوم وفاته حيث يقول في إحدى قصائده : صدقت أني مت يوم السبت قلت علي أن أوصي بشيء ما فلم اعثر على شيء ليس هذا فقط بل نجده في قصيدة " سناريو جاهز" التي تصور دراما كابوس الوجود الفلسطيني مع العدو جاعلا النهاية مفتوحة كوصية لغيره : ها هنا قاتل وقتيل ينامان في حفرة واحدة ونسيت البقية وعلى شاعر آخر أن يتابع السناريو إلى آخره
#محمد_طيفوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموسيقى الشبابية وسؤال الاستمرارية
-
رحيل محمود درويش شاعر الثورة والوطن
-
عبد الوهاب المسيري المفكر العبقري صاحب المتناقضات
-
وسائل الإعلام و أزمة المصداقية
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
المزيد.....
|