أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طيفوري - الموسيقى الشبابية وسؤال الاستمرارية















المزيد.....

الموسيقى الشبابية وسؤال الاستمرارية


محمد طيفوري

الحوار المتمدن-العدد: 2430 - 2008 / 10 / 10 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن ظاهرة " نايضة" أو موسيقى الشباب كما يحلو للبعض أن يسميها (الهيب هوب، الراب، البيركيسيون، الاليكتروفيزون، الهارد روك، الميطال)، هذا الأخير ـ الحديث ـ لا يتجاوز طرحي التأييد والنصرة أو المعارضة والرفض كل حسب الخلفية والمرجعية التي تحكمه، بعيدا عن الدراسة والتحليل الموضوعي المحايد الذي لم تتوفق في الوصول إليه إلا القلة القليلة ممن تحدث أو كتب عن هذا الموضوع. هذا الأمر الذي نسعى جاهدين الوصول إليه من خلال مقاربة علمية موضوعية تدرس الظاهرة بعيدا عن المواقف الذاتية والآراء الشخصية قدر المستطاع مادام الحياد التام في مثل هذه المجالات صعب المنال.
بدءا نقول أن هذا النمط الموسيقي جاء كرد فعل على جملة من المتغيرات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية التي لحقت المغرب، تبنته في البداية مجموعات شبابية محدودة مثل هوبا هوبا، سبيريت، ضركة، فناير، آش كاين، كازا كرو، البيغ، أمازيغ فيزيون،... ببعض المدن المغربية (الدار البيضاء، مراكش، أكادير، فاس، القنيطرة...) غير أن الظاهرة سرعان ما أخدت تنتشر بين الشباب حتى صرنا الآن نرى مجموعات من هذا النمط في الأحياء الصغيرة بدل المدن. وهكذا فرضت هذه الظاهرة نفسها كحقيقة واقعية بل أكثر من ذلك كنمط من الأنماط التي وصلت إليها الأغنية المغربية في مسارها. أما بخصوص الموضوعات المتناولة في أغاني هذه الفرق فلا تحيد عن موضوعات شبابية صرفة كالهجرة، البطالة، المخدرات، الفقر، الحرية، العولمة إلى الحب و الدعارة و الحروب وهلم جرا من المواضيع بلسان خاص يمزج بين العربية والفرنسية والأمازيغية وأحيانا الإنجليزية لصناعة لغة خاصة وقاموس يبقى حكرا على هذا النمط الفني وعشاقه الذين بدؤوا يكثرون.
إلى الآن يظهر بأن هذا النمط أوجد نفسه بالطريقة ذاتها التي أوجدت بها الأنماط السالفة نفسها من أغنية مغربية عصرية، أغنية المجموعات، الأغنية الشعبية وأغنية الراي. بل يمكن القول أن طريقة المجموعات و الأداء الجماعي مستوحات من نمط سابق، نفس الأمر يقال عن المزج اللغوي الذي نجده في أغنية الراي وإن بحدة أقل. إلا أن الجديد عند هؤلاء هو ما أطلق عليه الباحث السوسيولوجي المغربي عبد الرحيم العطري "الحريك الثقافي" الذي يظهر جليا من خلال اللباس إذ يرتدي هؤلاء أزياء خاصة مختلفة عن السائد بين العوام فمن سراويل فضفاضة وطرابيش بطريقة معكوسة إلى بوديات و أحذية رياضية تتراوح ألوانها ما بين القاتم والزاهي كل حسب انتمائه علاوة على اللون الأم الذي هو الأسود. ينضاف إلى ذلك الشكل الخارجي للأفراد المجموعات المتجلي في حلق شعر الرأس أو إطلاقه في شكل ضفيرة تسمى"ليطريز" أو تركه على شكل شعر أشعت مع تجميع خصلاته إلى أعلى "مبوانتي" بواسطة جيل، بالإضافة إلى الحركات والرقصات المصاحبة للأداء. مع الإشارة إلى أن جل هذه الأنماط تستوجب تعاطي بعض الأنواع من المخدرات بل إنه من الطقوس الأساسية قبل الموسيقى باستثناء مجموعات الراب التي لا تستوجب ذلك ـ لأن الرقص ( لبريك داس) فيها أقرب إلى حركات رياضية تتطلب لياقة بدنية عالية ـ، وكلها أشياء غير معروفة في الثقافة والفن المغربي بل مصدرها الغرب بالأساس. هذا التميز والإنفراد هو ما دفع البعض إلى معارضة ومقاطعة هذا النمط بحجة أنه تكريس للاستلاب والتبعية والخضوع للآخر وتنكر للمحلي وانسلاخ عن الذات وتجرد منها، بل بعض الآراء تذهب أكثر من ذلك وتعتبر الأمر ثمرة من ثمار العولمة وقالب جديد لتكسير بنية القيم والأخلاق السائدة في المجتمع خاصة وأن بعض الأغاني تحتوي كلمات تخل بالآداب ولا تعرف الحدود الأخلاقية، عموما فالأمر في نظرهم لا يعدو أن يكون موجة عابرة كسابقاتها لافتقادها لمقومات تؤسس لتجربة فنية قائمة الذات. في حين يعمد الطرف المناصر لهذا النموذج الجديد التأكيد على أنه جاء للتعبير عن متغيرات واقع معين بأسلوب والآت وإيقاعات خاصة مناسبة للمتغيرات بها فرض نفسه وأوجد له جمهورا وموطئ قدم في الساحة الفنية المغربية كنوع قائم الذات له عشاقه ورواده.
بعد هذه الكرونولوجيا السريع نتساءل هل نقول أنها انطلقت أو "نايضة" بلغة الهيب هوب المغربي، و أصبحت فعلا "حركة" مغربية استثنائية وراءها شباب يغني لنفسه ولمتعه ويعبر عن قلقه من الواقع اليومي وهشاشته؟ إنها حركة خلقت نقاشا مجتمعيا وثقافيا أصبح لها روادها ومحبيها و إعلامها. أم أن الأمر لا يعدو سوى نزوة تضاف إلى عدد من النزوات العابرة التي ظهرت بين الفينة والأخرى. و هل بمقدور هذه الحركة أن تخلخل وتنخر بنيات المجتمع الراكدة و تدفعه إلى انفتاح مفتوح الاحتمالات في العلاقات إلى أقصى الحدود؟
لقد علمتنا العلوم الاجتماعية أن الدراسة بالمقارنة والتمثيل تكون أفضل وأنجع للتبسيط والاستعاب والتوضيح، لذا سنعمد إلى هذه الطريقة في تحليلنا لهذه الظاهرة التي قلنا أنها جاءت كتعبير عن متغيرات المجتمع المغربي في قالب خاص بها، الأمر نفسه الذي كان عاملا من عوامل إفراز أغنية المجموعات أو ما يصطلح عليه في الأوساط الدارسة لهذا الفن ب "الظاهرة الغيوانية" التي تشمل ناس الغيوان، لمشاهب، جيل جيلالة، إزنزارن، لرصد، إيكدار في مرحلتها الأولى. ولتسهيل الدراسة نخصص الموضوع فنختار مجموعة ناس الغيوان بحكم أسبقيتها بتأسيس نمط المجموعات لنقارنها مع هذا النمط الجديد الذي لم نستطع أن نحدد فيه مجموعة بعينها لأسباب موضوعية منها عدم انفراد فرقة بتأسيس هذا النمط وإعلان نفسها رائدته ثم صعوبة الوقوف عند كل مميزات و خصائص هذا النوع الجديد في مجموعة واحدة.
لا شك أن الكل يتفق على أن التجربتين جاءتا كصرخة للتعبير عن واقع متأزم غير أن التباين كان في الطريقة المتبعة لذلك فمجموعة ناس الغيوان تمكنت من نسج متغيرات عصرها وواقعها المر في قالب، لغة، آلات وشكل محلي الصنع أي أنه مغربي مائة بالمائة، فالربرتوار الغيواني مغربي كلمة (الملحون، الركبة،...) إيقاعا (كناوي، صوفي،...) شكلا ومضمونا، هذا من جهة ومن أخرى لم يكن خطاب هذه المجموعة حكرا على فئة معينة بالذات بل كان موجها للجميع صغارا وكبار أميين ومتعلمين ومن الأغاني الدالة على ذلك ( قطتي، حنا أولاد العالم، الصينية، مهمومة ...) وذلك في لغة مفهومة بسيطة مغربية محافظة على الأخلاق والآداب العامة، وإن كنا البعض يرى أن فكرة المجموعات كانت ذات مرجعية غربية (مرحلة الستينيات) غير أن الطابع المحلي أغلى أي أثر للغرب.
أما في الطرف المقابل فإننا نجد في أرشيف أشهر المجموعات الشبابية أغاني ذات رسائل ومضامين قوية ترصد الواقع الحالي بامتياز، بيد أن الفارق بينها وبين سابقتها كامن في نوعية الخطاب أي اللغة المتسمة بالتركيب والمزج والاصطفائية في المخاطبين بوعي أو بدون وعي، إذ قاموس هؤلاء حكر بين الشباب دون غيرهم مما يقلص حظوظ انتشار هذا النمط من جهة، ومن أخرى يعد اللباس والشكل الخارجي الحامل ل"رسالة" حسب المتضلعين في هذا الفن عائقا أمام تقبل هذا النوع الجديد لدى المتلقي بما فيهم بعض الفئات من الشباب عينه. ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن بعض المجموعات حاولت أن ترتقي بمعجم وإيقاعات هذه الموسيقى، كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة "فناير" التي تقلد الراب الأمريكي أو الفرنسي مازجة إياه بإيقاع مغربي، الأمر عينه يسري على فرقة " آش كاين" التي تمزج بين إيقاعات الراب والملحون وعيساوة.
لا جدال أن هذا النمط الموسيقي صار واقعا ومحطة من محطات الأغنية المغربية، غير أن التساؤل العريض يبقى معلقا حول مدى قدرته على الاستمرار والوقوف صدا منيعا أمام كل المتغيرات التي تواجهه أم أن حصرية الخطاب وشبابية الموضوعات واللغة والأسلوب أمور لا تعدو أن تجعل منه موجة عابرة كما كان الحال بالنسبة لموجة الراي التي اكتسحت الساحة الفنية أواخر التسعينيات بيد أنها لم تقوى على الصمود لهشاشة الكلمة وسوقية الإيقاع.



#محمد_طيفوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل محمود درويش شاعر الثورة والوطن
- عبد الوهاب المسيري المفكر العبقري صاحب المتناقضات
- وسائل الإعلام و أزمة المصداقية


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طيفوري - الموسيقى الشبابية وسؤال الاستمرارية