|
متابعة نقدية في المجموعة القصصية ” ذكريات من منفى سحيق ” للقاص : صخر المهيف
محمد الكلاف
الحوار المتمدن-العدد: 2442 - 2008 / 10 / 22 - 05:59
المحور:
الادب والفن
القصة القصيرة ليست قرنفلة جميلة ، بل نبتة سامة تتطلب حذرا كبيرا عند قراءتها… الكاتب الغواتيمالي : أوغوستو مونتيروسو القصة …هي الكتابة المطلقة التي تمزج بين ما هو واقعي وما هو أسطوري ،وتستمد عبقها وتشظيها من كل فنون الأدب…فهي سر من الأسرار ، تحفظ الذاكرة من الضياع…وهي ملاذ لبث اللواعج والإرهاصات والمعانات الفردية والجماعية …وتطرح عدة أسئلة مفتوحة على عدة احتمالات،من حيث البناء القصصي أو الدلالات ، أو اللغة أو حتى التيمات المؤطرة لها. كما لاتعتمد كليا أو جزئيا على الحكاية ، لأنها تعمل على اجترار واستعادة الزمن…وتفتح مجال التواصل مع ذهن ، المتلقي تؤثر فيه ، تستفزه ، فيصبح شريكا في العمل القصصي الذي هو بصدد قراءته…
صخر المهيف…صخر في طباعه ، في كتابته القصصية … من مواليد مدينة تازة الصخرية بالمغرب سنة 1972… حصل على الشهادة الابتدائية والثانوية بها ، ثم شهادة البكالوريا سنة 1992 ، احترف مهنة التعليم سنة 1994 ، ولما اشتد عضده اللغوي عقد قرانه بالكتابة القصصية سنة 1998 ، أنجب خلالها أول قصة عنونها : ” الوردة الحمراء ” التي أثارت ولا زالت إعجاب القراء ، حيث كتب عنها ناقدان من سوريا والمغرب …
مسيرة هذا ال “صخر ” غنية بالتجارب الشخصية الواقعية ، حيث مارس عدة مهن لمدد متفاوتة ، كالبناء ، وتجارة الحليب ، بيع الخضر بالأسواق الشعبية، وتجارة الحرير الصناعي ،إضافة إلى معاشرة الفلاحين عن كثب ، مكنته من اكتساب تجربة عميقة ، أثرت موهبته الأدبية بصفة عامة والقصصية بصفة خاصة ، علاوة على انتماءاته السياسية والجمعوية…تعرف عليه القراء في بداية الأمر ككاتب مقالات سياسية تناقلها الطلاب منسوخة بجامعة ظهر المهراز بفاس بين سنتي 1997 و 2002 كمرحلة نضال ، رسخت في ذهنه معنى البطولة لتتبلور فيما بعد إلى البطولة القصصية…
تتميز أعمال “صخر المهيف ” بغناها اللغوي والأدبي ، وحبكتها في السرد المطلق ، حيث يعتبر من دعاة التجديد في الأدب القصصي ، الذي يعتمد الصدق في السرد ، بعيدا عن الغموض المذقع والمنفر ، أو الخيال المجرد والمضلل ،متجنبا الاستطراد ، متلافيا اللاتشييء والعدمية…
القصة عنده تقوم على ثلاثة عناصر أساسية :ـ
ـ عنصر التعبير عن الذات .
ـ عنصر التصوير الواقعي .
ـ عنصر اللغة والدقة والحبكة في الأسلوب .
وتتجلى أهمية النص لديه في القيمة التاريخية التي يتضمنها النص القصصي ، والمحتوى الدي يمثله ، فهو يتجنب الاستنساخ الفكري وجموديته ، والخيال المطلق وظلاميته ، والغموض ومبهوميته ، ويسعى من خلال فلسفته القصصية الخاصة ، إيصال أفكاره بإثبات جدارته عن طريق التبرير التاريخي الممزوج بالتجارب الذاتية ، بالإضافة إلى جمالية الخيال الذي يربط بين الأحداث …يمزج العفوية بالبديهية ، بفعل التغيرات التي تطرأ على الواقع ، محققا بذلك أهم الشروط القصصية :ـ البنائية والبنيوية ، التي تتمثل في الامتلاء الحداثي ، والانفتاح الدلالي ، والبلاغة اللغوية ، وحمولة العمق الإنساني …
التشاؤم في قصص ” صخرالمهيف ” ليس وليد الصدفة بقدر ما هو ثمرة نزعة واقعية معاشة يريد أن يتعالى على هذا الواقع بكل تناقضاته ، ويثور عليه ليحقق ذاته رغم كل الإحباطات ، ينثر الكلمات على وجه الريح ، يرسم صور أبطاله على صفحات أوراق الأشجار الخضراء…يمنح القارئ بعد الرؤيا ويشيع بداخله جمالية النص دون إرهاق للنص ، دون اضطراب للسرد ، دون خلل للحوار ، دون اهتراء للفكر …يسكن أبطاله ويسكتونه حتى يصبح واحدا منهم، يتعاطف معهم مما يورط المتلقي في التوغل والتأثر والتفاعل هو الآخر مع أبطال القصص …
” ذكريات من منفى سحيق “… قادمة من عمق تاريخه الإنساني، الوجودي والوجداني…
تقع المجموعة القصصية في 67 صفحة من الحجم المتوسط، وتضم ثمانية سنابل قصصية هي:ـ القبر المنسي … الحريق…ذكريات من منفى سحيق…من أجل لا شيء…الضباب… ذكرى…هروب…ليس عدلا …كتبت ما بين 1997 و 1999 …سنتين كانتا كافيتين لاسترجاع ذكريات أكثر من عقدين من الزمن ، من المعاناة والهموم والإحباطات …ذكريات كونت لديه إبداعا متلاحما متماسكا .
” ذكريات من منفى سحيق ” لها أكثر من دلالة فنية إيحائية ن فالذكريات تنهض مما تبقى من رماد الإحباطات والمحن
#محمد_الكلاف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|