أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح جبار محمد - صاحب اللحية الكثة














المزيد.....

صاحب اللحية الكثة


صالح جبار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2440 - 2008 / 10 / 20 - 07:01
المحور: الادب والفن
    



أدركت أنه مجرد مهرج لسيرك, بلحيته الطويلة . التي خالطها الشيب.. نزع جلده وحياءه معا،
أبدل ملابسه, ذات الإيحاء الديني.. بملابس أخرى, لكنه ظل محافظا على عباراته السابقة...
يتحدث عن الحلال والحرام، ويتودد بلسان مثقل, بالود والتخضع الزائف ولا يحاول أن يكشف ما يبطنه
...
صادفته بالأمس.. منهمكا يكتب على ورقة سمراء, ولما أردت أن أرى ما يكتب لم أشاهد سوى كلمة (شكوى) في رأس الصفحة ....عندما أنهى الكتابة, نهض بعصبية واضحة, وألقى شكواه.. للرجل الآخر الجالس قبالته, الذي أخذها منه, وطواها ببرود... كنت أتابع, ما يحدث.. مع (السيد) الجالس جواري, وبدا أنه ممتعضا, مما يحصل ... فبادرني قائلا :
_ عجيب أمر هؤلاء, كل يوم تجده يتلون بلون ...
_ من تقصد ...؟؟
_ وهل غير هذا أل....
لم يكمل عبارته..., لأنه كان يأنف من العبارات البذيئة... وأستمر يتحدث.. وقد وضع ساقه اليمنى على ساقه اليسرى... قائلا:
_ أني أتسائل .. كيف أستطاع أن يخدعنا هذه الفترة ...
ومضى يتحدث بانفعال واضح:

- هل نحن من السذاجة حتى يستطيع رجل مثله أن يستمر بخداعنا....؟؟؟
لم أكن أعلم أن زعل (السيد) على صاحب اللحية الكثة.. شديد.. لهذا طلبت منه أن نخرج من القاعة حتى أبعده عن التوتر إزاء ما حصل في القاعة المزدحمة ..
في الخارج، بدا كل شيء.. يحمل لونا باهتا من الإرث الثقيل الذي طوى المدينة برمتها, حتى لم يعد هناك ما يساوي النظر إليه ....

تعفنت الأصوات بنداء لا طائلا منه سوى البضائع الرخيصة والمسروقة من جميع الأنحاء... هكذا كان يفكر (السيد) وهو يتطلع إلى الوجوه التي لوحتها الشمس... وفي داخله شيء يحترق بلا هوادة... أن المعانات التي تضطرم داخله لا حد لها... ولم أعثر على وسيلة أفضل من الاستمرار متحدثا معه .. فقلت
:
_ ما الذي أبدل سلوك ( صاحب اللحية الكثة )
أطلق زفيره بصوت عال, وهو يمتص نفسا عميقا من لفافة تبغه.. قائلا :
_ لا أعلم
_ لا بد أن هناك سبب ....
_ أسباب كثيرة... وأردف مستنكرا:
_ بهذه السرعة يتغير....
لمحنا (صاحب اللحية الكثة) يعبر الشارع بسرعة وقوة لا تتناسب مع هيئته, وبدا كمن يتحدى مجهولا يطارده..
هز (السيد) يده ممتعضا, ونحن نتجاوز المسافة بين المجلس البلدي, ومحلات المرطبات.. كان الجو خانقا من الحرارة المرتفعة, فكرت أن نحتسي شرابا باردا, لكنه أشعل لفافة تبغ, ليشعرني بأن لا رغبة لديه بذلك .... وعاد يتذكر... قائلا :

_ ألا تتذكر كم كنا نحترمه....؟؟؟
_ أن شخصا بمواصفاته, من السهل تبدل سلوكه, فقد كنت ألمح دائما لديه حب الظهور
_ صحيح... ما تقوله..
_ لكننا لم نعر الأمر أهمية....
_ لأن الأمور لم تكن تتغير بهذا الشكل المتسرع ...
_ معنى هذا أن نفقد توازننا ...
_ ليس الجميع ... هناك من لا يتحمل حتى كلمات الإطراء، حاولنا الابتعاد عن الضجة والضوضاء... لكن فحيح المناداة على السلع المتناثرة فوق الإسفلت والتراب، والأزقة المترامية بانسياب, توحي بالخوف من الأسلحة المشهورة بيد الأطفال... أنه كرنفال للفوضى العارمة... لاح قرص الشمس بلونه البرتقالي, متوهجا يميل نحو الغروب ...

عدنا معا إلى بداية الطريق الذي سلكناه , شاهدنا بعض الباعة, يجمعون حاجياتهم, ويحملونها بعربات صغيرة... وقد بانت بقع العرق على ملابسهم الرثة ...وفجأة برز (صاحب اللحية الكثة) وقد أبدل ثيابه بأخرى وهو يدفع عربة مملئة بقناني الغاز, ولما اقتربنا منه, أشاح وجهه, صارخا:

_ غاز ... غاز
كان كمن أصيب بمس من الجنون... استدرت لأرى (السيد) الذي ضحك بمليء شدقيه وهو يقول:
_ يريد أن يوهم ألآخرين بأنه يعيش على كده...
ضحكنا, وواصلنا السير نحو الجامع الذي لاحت مأذنته من بعيد .....



#صالح_جبار_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...
- مصر.. إحالة بدرية طلبة إلى -مجلس تأديب- بقرار من نقابة المهن ...
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس محمود عباس: الأزمة والمخرج!
- فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- يحقق نجاحًا باهرًا.. ما سرّه؟
- موسيقى -تشيمورينغا-.. أنغام الثورة في زيمبابوي


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صالح جبار محمد - صاحب اللحية الكثة