أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الرحمن يونس - وضبطني البحر- قصة قصيرة














المزيد.....

وضبطني البحر- قصة قصيرة


محمد عبد الرحمن يونس

الحوار المتمدن-العدد: 751 - 2004 / 2 / 21 - 09:36
المحور: الادب والفن
    


شطّ يلفّ المدينة ومرايا تعانق الشاطئ.. وطريق السانية يحتضن الغابة الممتدة من سيدي بلعباس إلى وهران . جلسنا معا .. كنا أربعة ..أخوها   وزوجته . مسكت كأس البيرة في خمارة البطّ البلدي .. بدا وجهها نقيا شفافا , رسم حزمة نور داخل الكأس وسافر إلى البحر . هل تحبين البحر؟
مدّت عينيها صوب الأفق. كانت ساحرة . وأخذت الشمس تعانق ضوء البحر بتلذذ وكسل فاترين .. ثمّ أخذت تغني مقطعا من أغنية وهرانيّة . بدا شعرها كعيني القبرة.
ـ هل لي أن ألمس شعرك؟
قلت لها ولم أنتظر موافقة .. كان طريا كزجاجة (( نواس )) الجزائرية .. وكان يسافر بين مساماتي شعرا وأغاني ورماداً .. ما أجمل حضور اللحظة !
مشينا على شاطئ السانية .. كمشت قبضة رمل ورششتها في وجه   الموجة .. تأملت عينيها .. صافيتين كانتا .. وما أشدّ جمال بريقهما ! .. و ضبطني البحر .
قالت : هل أنت مشتاق إليّ ؟
ما أصعب أن ينتظر الفرد امرأة يعشقها حلما وخيالا لخمس سنوات. كان شوقي ملعب جياد فقدت أسرجتها.. حاورت النجمة .. لكنّ النجمة غطّت وجهها ولوّحت، وفرشت ظهرها ، وسرعان ما ركبها البحر وسافر .
أخذت يدها .. اشتعل في قلبي فانوس علاء الدين . وكان أخوها يعانق زوجته غير بعيد عنا. كنا وحيدين , وكان المساء يغفو والسانية ترقص آخر مواويلها.. احتضنتها .. لا أدري كيف تمّ ذلك . ارتعشت الصخرة التي كنا نجلس عليها . نادانا صوت أخيها : عيب .. احتشما .. حارس الشاطئ يراقبكما .
سأخطبك الليلة .. كوّرت رأسها الجميل ودفنته في وجه الأفق ، وابتسمت . وكان كل ما فيها يلفّ رداءه الجميل حول جسد المدينة .
ـ يا خالتي سعيد أن أطلب سميرة .. يا خالتي تسافر الأحلام وتبقى   الألفة .. يا خالتي تكنّس الريح طرقات سيدي بلعباس .. يا خالتي العسل والمنقار .. يا خالتي الشطّ والجسد .. الوجه والفراشات .
ـ صدّقني نحن نحبّك يا خالتي .
وفي الصباح قبّلتها .. وركبت حصاني ويممت شطر فاس .. لم أر سميرة بعدها .. رفرفت .. حلّقت .. كتبت رسائل إلى أسرتي . أين الوجه والصدى والذكريات يا سميرة ؟.
غابت سميرة وأدخلوني السجن المركزي بحي حسان بالرباط بتهمة ملفقة ولئيمة ، وهي إسهامي  في زرع بذور الفساد الاشتراكي الذي يهدد القيم والمعتقدات والدين الإسلامي الحنيف . وما أقسى سجن الرباط المركزي !.. الجدران والسجون والقلاع .. وجلسات التعذيب الكهربائية .. الجسد وسيّاط السجان الذي تدرّب في  أعرق أكاديميات واشنطن وشيكاغو .. شهورا وأنا أرسم شارات ورموزا ونخلا وسروا على جدران سجن الرباط المركزي .
غابت سميرة وكبرت موجات الندى .. وعندما عدّت إلى بلدي محطّما ، وجدت رسالة .. كان الهمس الشفيف ممرا إلى قلب السانية . قالت : ابنتي الصغيرة تقبّل (( عمّو )) ، وتهديه أحرّ تحياتها.
إشارات
ـ السانية ووهران وسيدي بلعباس: مدن جزائرية جميلة جدا . زارها كاتب هذه القصة مرات عديدة .
ـ حي حسّان: من أحياء مدينة الرباط المغربية التي عاش فيها كاتب هذه القصة . 
 



#محمد_عبد_الرحمن_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام مليكة بنت الأخضر في وهران - قصة قصيرة
- ملاحات في عيون حالمة - قصة قصيرة
- قراءة في كتاب (( في مجلس أبي الطيب المتنبي ))، تأليف الدكتور ...
- ملامح شخصية الخليفة العباسيّ عبد الله المأمون في حكايات ألف ...
- الطغيان والاسبتداد في حياة الحجاج بن يوسف الثقفي - حكايات أل ...
- في مفهوم السلطة وواجباتها


المزيد.....




- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الرحمن يونس - وضبطني البحر- قصة قصيرة