أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد سليم سواري - كُنتُ هناك ... عند أطلال قريتي !!














المزيد.....

كُنتُ هناك ... عند أطلال قريتي !!


محمد سليم سواري

الحوار المتمدن-العدد: 2434 - 2008 / 10 / 14 - 00:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما يأتي الكلام والحديث عن القرى ، نتذكر الكثير عن الثورات والتحولات العظيمة في حياة الشعوب والامم وكانت القرية هي الخطوة الاولى في مسيرة الألف ميل ، وخاصة عند الشعب الكردي في كردستان ، فعندما قاد البارزاني الرمز ثورة أيلول سنة 1961 ، علينا أن لا ننسى بأن شرارة تلك الثورة كانت قد بدأت في قرى وجبال كردستان ، فكانت قرى كردستان من زاخو الى السليمانية وخانقين محطات نضالية لتلك الثورة ، وكان القرويون هم الثوار الحقيقيون لتلك الثورة وطليعتهم البيشمركه المناضلون وكان إيمانهم بأن بندقية البرنو التي كان يتسلح بها زعيم الثورة تصنع المعجزات ، وكان أعداء الكرد يعتقدون بأنه ما دام هناك جبل وقرية فهناك بندقية وبيشمركه وثورة ... وكان " الكي " كما يقولون آخر العلاج وهو تطبيق شعار " لا قرية في كردستان " ، فكان هدم أكثر من أربعة آلاف وخمس مائة قرية في كردستان وفي فترة قياسية للقضاء على كل محطات الثورة الكردية وقواعد تموينها ومنابع وإستمراريتها وإدامتها.
وكل تلك الحقائق والهواجس وخوفي من إختفاء القرية الكردية في ذاكرة التأريخ والأجيال القادمة دفعتني وشحذتني لكي أكتب روايتي " القرية " ، لأُعمر وأبني القرية الكردية بالكلمات بعد أن هدمتها حملات الأنفال ، نعم بنيت قريتي بالكلمات والعواطف والمشاعر والحب والأشواق ، بنيت القرية التي إستضافت البارزاني والبيشمركه لأكثر من مرة وعلى مدى السنين ، نعم بنيتها داراً داراً ، هندستها منطقة منطقة ، عرفت وأشرت على ناسها شخصية شخصية ، شذبت أشجارها وبساتين كرومها شجرة شجرة ، شخصت وعينت طرقها ومسالكها شبراً شبراً ، شددت على أيدي محبيها وعشاقها عاشقأ عاشقاً ، طربت مع أغنيات الراعي والحلابة اغنية اغنية ، ورقصت في حلقات الدبكة الكردية عند فرحهم لحظة بلحظة ، وزرفت الدموع لمآسيهم وحزنهم إيماناً وصدقاً ، نعم بنيت قريتي على أكمل وجه وفي ظروف كانت التلفظ بمصطلح القرية من المحضورات والممنوعات ، حيث يقول صديقي الكاتب عبدالهادي فنجان الساعدي في تعريفه لقريتي : " لو قدر للقرية الكردية أن تزال من خارطة العراق فأنا متأكد بأننا سنستطيع من خلال هذه الرواية أن نعيد بناء هذه القرى المدمرة " ... نعم عندما بنيت قريتي لم يطلب مني أحد ذلك ولم أنتظر جزاءً وشكوراً من أحد ، بنيتها وفاءً لتلك القرية الصامدة لتلك الأرض الطيبة لاولئك الأبطال الذين وهبوا حياتهم كأنهم لا يفهمون الحياة كما قال شاعر العرب الكبير الجواهري في حقهم وبطولاتهم... عندما كان المناضلون في الجبال يقارعون الأنظمة الدكتاتورية والعنصرية ، كم كان القرويون أوفياء حيث يتقاسمون معهم رغيف الخبز وأيام العمر والدم ، وبسبب كل ذلك كانوا يتعرضون للإستشهاد والإعدام والسجن والنفي ، واليوم حيث أصبح اولئك المناضلين رجالُ دولة وسلطة وحكومة ، فإنه من أبسط آيات الوفاء أن يعيدوا للقرية الكردية جمالها لتتحدى الطغات بالقول ... أنتم الماضون والقرية الكردية باقية ؟؟ وها هم أبناء قريتي وأبناء معظم قرى كردستان يطالبون ويرجون وينتظرون من حكومة كردستان بناء قراهم ، وفاءً لما دفعوه مقدماً عندما ضحوا بأرواحهم ودفعوا قوافل الشهداء في سبيل هذه الارض ومستقبل أبنائهم ... وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟؟
ولن يكون أسعد الأوقات عندي غير زيارة قريتي عند صباحات العيد ، لكي أزور مقبرة قريتي لأقف عند مقبرة عائلتي وأقرأ على أرواح الراحلين سورة الفاتحة ، نعم في صباح هذا العيد تمنيت أن أكون من أول الزائرين الى القرية التي لم تبقى منها سوى الأطلال الدوارس بعد أن هدمت ودمرت ثلاث مرات ، وهي لم تزل أطلالاً وأحجاراً ، تندب حظها العاثر وتعاتب أبناءها حيث تركوها ، وتستنجد السلطة والمسؤولين لإعادة الحياة اليها والى كل قرى كردستان ، حيث من مجموع أربعين قرية من قرى المنطقة التي تقع قريتي من ضمنها لم تبنى سوى أربع قرى فقط ، فإذا كانت هناك فيما مضى حملة لا قرية في كردستان وجرى ما جرى ، أليس من الأجدر والواجب أن يكون هناك برنامج لحكومة الاقليم شعاره " بناء كل قرية في كردستان "
والآن والذاكرة تأخذني في غفلة من الزمن الماضي والحاضر ، وأنا أتخيل الفارس الأسطوري الذي لم يرتجل عن صهوة جواده ولم يزل يغدو ويغدو، وكأنها بدايات ثورة أيلول وهو في رحلته الأبدية من قرية الى اخرى في كردستان وملامح العتاب واضحة على محياه ...والكل يسمع الكلام والعتاب وما أقسى العتاب عندما يكون مِن مَن لا ينطق ، بل ويأبى النطق والكلام لأنه أكبر من كل الكلام .




#محمد_سليم_سواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُنت هناك ؟؟
- هل كان العزف الكردي بالمستوى المسؤول والمطلوب ؟؟
- ميزانية العراق
- كركوك والمثلث المجهول الأضلاع


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد سليم سواري - كُنتُ هناك ... عند أطلال قريتي !!