أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيمن حلمي - من وحي حريق المسرح القومي














المزيد.....

من وحي حريق المسرح القومي


أيمن حلمي

الحوار المتمدن-العدد: 2421 - 2008 / 10 / 1 - 06:42
المحور: الادب والفن
    


لا زال سبتمبر، أيلول، يأبي أن يتركنا وحالنا.

فقبل أن ينتهي بثلاثة أيام، نشب حريق في المسرح القومي، أكبر وأهم مسرح مصري، ولكن لم تحدث وفيات هذه المرة، كما حدث في مسرح قصر ثقافة بني سويف 5 سبتمبر 2005– فقط لأن الحريق حدث في نهاية الأسبوع والمسرح مغلق!
كذلك ساهم وجود الإدارة الرئيسية للدفاع المدني في العتبة – علي بعد أمتار من المسرح – وعدم تراخي الأداء كالمعتاد لكون هذا هو الحريق الثاني بعد قرابة أربعين يوم – أعني حريق مجلس الشوري في 17 أغسطس – ساهم هذا في ألا يتحول الحادث إلي كارثة بامتداد النيران إلي المباني المجاورة. علي أن الحريق استمر لأكثر من ساعتين قبل أن يسيطر عليه رجال الإطفاء، وانتهاء مؤقت لمخاوف بانهيار قبة المسرح.

ولكن الحادث يثير الكثير من تداعي الأفكار والهواجس.

علمياً، لا يشب الحريق هائلاً مرة واحدة إلا في حالة وجود مواد قابلة للاشتعال. غير ذلك تبدأ الحرائق صغيرة جداً ثم تبدأ في الاتساع ما لم يوقفها شيء.

لماذا لا تخمد الحرائق في مصر إلا بعد ساعات، تكون النار فيها قد فعلت ما تريد؟
ولماذا تشتعل الحرائق في مسارح الدولة ولم نسمع بحدوثها في أي من المسارح الخاصة؟

في كارثة حريق مسرح بني سويف، توفي رجلان من رجال الإطفاء أثناء محاولة مكافحة الحريق. وفي حريق مجلس الشوري توفي أحد رجال الإطفاء وأصيب آخرون بالاختناق. وأخيراً في حريق المسرح القومي أصيب ثلاثة منهم بالاختناق ونقلوا للمستشفي. مجرد صدفة أنه دائماً ما تفوق الحرائق مهارات رجال الإطفاء، حتي في البقاء علي قيد الحياة؟

علي أن وزارة الداخلية تعطي رجالها في مثل تلك الحالات لقب "شهيد" بما يتضمنه هذا من حقوق مادية وأدبية. من هنا يمكن الادعاء بأنهم أحسن حالاً من المسرحيين، الذين لم تهتم وزارة الثقافة (أو ترغب)، وأخفق من كانوا وراء المطالبة بهذا الحق – وكنت منهم – في منحهم هذا اللقب رغم وفاتهم الكارثية في محرقة المسرح، الذين بلغ عددهم 37 غير المصابين.

يبدو الحال وكأنه علينا – وكل من يذهب للمسرح أو ربما لأي مكان – أن يكون مسئولاً عن أمنه وسلامته الشخصية ومن يهمه. أن يحمل معه طفاية حريق، ويتفقد أبواب الطوارئ، ويجلس بجوار منفذ الخروج و...لا يترك الصغار وحدهم بالبيت دون رفيق.

لم يتغير شيء.

أي مسرح يمكن أن يحترق. وسرعة استجابة جهاز الإطفاء للحريق، مثلها مثل أداء رجاله، ونظم تأمين المسارح، مؤهلة لتحويل أي حادث بسيط إلي كارثة.

الغريب أنه رغم هذا، لا يزال هناك كثيرون لم يكفروا بالمسرح بعد.

علي أنه ربما أن هناك حلاً فنياً.

لدينا حظر علي إقامة عروض مسرحية بالشارع بموجب قانون الطوارئ. والفرق التي يتعلق مشروعها الفني بعروض الشارع لديها مشكلة، لا شك. فيجب طلب الموافقة الأمنية أولاً لتحصل علي تصريح بالعرض، مرفقة – بالطبع – بالنص ومكان وزمان العرض لتكون الأمور تحت السيطرة. والبديل هو العرض دون تصريح أمني، والجري في حالة "الكبسة!" لتفادي الاحتمال الذي به من السخافة بقدر الألم: دخول ممثلين السجن أو الحجز بسبب عرض مسرحيتهم.

في واقعنا المسرحي الذي أعرفه، لن تجد أكثر من ثلاث فرق ترتبط عروضها بالشارع. ورغم المشاكل مع الأمن وقسوة الظروف – مما جعلهم يدخلون المسرح في أوقات كثيرة ليعرضون بين جدرانه أو في مساحات معزولة أقرب لشكل الشارع (في حديقة مثلاً أو أمام مسرح أو في الأوبرا، الخ)، إلا أن هذا لم يمنعهم من الحلم علي الأقل بأن يأتي يوم يمكنهم فيه العرض في الشارع.

ألا يجب أن تدفعنا الأحداث، وحقيقة أن القاعات المغلقة ليست الأكثر أماناً بل أنها تستحيل إلي محرقة في يد غير أمينة، إلي المطالبة بالسماح بعروض الشارع؟

ألا يمكن للمخرجين وأصحاب الفرق المسرحية الذين تحتاج عروضهم لخشبة مسرح أو دوائر مغلقة البحث عن أساليب وحيل يمكن بها إقامة عروضهم خارج المسارح، لتوفير درجة من الأماكن بات من العسير وجودها بين أي جدران في مصر؟

ربما يستحق الأمر أن يقتل بحثاً، بدلاً من احتمالات القتل الأخرى. وأقول قتل، لأن حتي مسمي الشهادة محرم علي الآثمين، مقترفي الفن. ولسنا أفضل ممن رحلوا لننال ما لم يأخذوه رغم أحقيتهم له أكثر منا نحن، من رأينا ما لم يروه، في ضوء نيران الحرائق.

ما حدث أنه بعد كارثة مسرح بني سويف تم طرح فكرة تشكيل لجنة أهلية أو مستقلة من المسرحيين والنشطاء لتفقد المسارح من ناحية الأمن الصناعي وإعداد تقارير. ولكنها لم تتجاوز الطرح في أحد البيانات. وربما لن.

ولأنه لم يحدث شيء، وتشبه الليلة، وكل ليلة، البارحة، فلن يكون من السهل طرح ذلك الهاجس، بالاحتمالات المخيفة. ولن يعللني وقتها، أني لن أكون ها هنا عندما يحدث هذا، ولا إدعائي بصيرة الزرقاء، التي لا يحتاج الأمر لعينيها لرؤية الدخان/الغبار

"
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلت لهم ما قلت عن قوافل الغبار
فاتهموا عينيك، يا زرقاء بالبوار
قلت لهم ما قلت عن مسيرة الأشجار
فاستضحكوا من وهمك الثرثار
"

أصبنا كلنا بالهلع عندما بلغنا خبر احتراق المسرح القومي – وبالطبع ليس بالدهشة.

ليس من سبتمبر مفر. فهو يأتي كل عام، ولا يخلف موعداً.

وللأسف، فليس هناك، دائماً، للمسرح ربٌ يحميه.



#أيمن_حلمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان المسرح المستقل: عندما نستقل علي السلم
- خطاب شخصي جدا
- مشتعلون -بيان لمسرحيين وفنانين ومثقفين مصريين
- مشتعلون


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيمن حلمي - من وحي حريق المسرح القومي