|
نظرية الراسمالية الكولونيالية المغربية عند عبد السلام المؤذن
بلكميمي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2418 - 2008 / 9 / 28 - 09:40
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لنقارن عمل العامل اثناء عمله ، مع عمله بعد انتهاء عملية الانتاج وظهور المنتوج المصنع الجاهز . في اللحظة الاولى تكون العلاقة هي مابين العمل الحي .. المتحرك الذي تجسده قوة العمل النشطة ، وبين المادة التي يريد العمل تصنيعها وتغيير شكلها . وفي اللحظة الثانية ، بعد انتهاء عملية الانتاج ، نجد انفسنا امام منتوج مكتمل التصنيع ، ماهي حقيقة ذلك المنتوج ؟ انه عبارة عن وحدة بين ضدين : المادة التي تغير شكلها بفعل خضوعها للعمل والعمل الذي تغير شكله ايضا بحكم تجسده في المادة واندماجه العضوي معها ، لقد تحولت المادة اذن الى عمل ( وهذا هو معنى المنتوج المصنع ) ، وتحول العمل الى مادة لانه اصبح يتقمصها ويذوب فيها . فالتناقض الذي كان قائما بين العمل والمادة ، اثناء العملية الانتاجية ، قد تم حله ، بعد انتهائها ، عن طريق توحدهما في شيء ثالث جديد ، هو المنتوج المصنع ، وهذا المنتوج يمثل تجاوزا لهما ، لان العمل والمادة ، خلال العملية الانتاجية ، ليس هو نفس العمل والمادة بعدها ، لكنه في نفس الوقت يحافظ عليهما ، لان الذي تغير ليس هو العمل في حد ذاته ، ولا المادة في حد ذاتها ، بل فقط شكلهما ، لقد انتقلت المادة من مادة غير مصنعة الى مادة مصنعة ، وانتقل العمل من عمل متحرك سائل الى عمل متجمد في المادة . مثال اخر ، جسم الرياضي ، فهذا الجسم الذي يتميز بقوة عضلاته ، وتناسق اعضائه ، ليس شيئا معطى سلفا . بل هو نتاج لوحدة ضدين : مادة الجسم ، والتمارين الرياضية التي ادخلت عليه . مثال اخر : عقل المفكر ، هو نتاج لوحدة ضدين : مادة خام التي هي الدماغ ، والنشاط النظري الذي غير شكلها وجعلها اكثر قدرة ومرونة في التعامل القضايا النظرية . ونفس الشيء يمكن قوله ايضا بالنسبة للحيوانات التي خضعت لتدجين الانسان ، فالحمار مثلا ، لم ينتقل من شكله البدائي المتوحش ( حمار الغابة ) ، الى شكله الحالي المدجن المنضبط ، الا بعد قرون من الترويض والعمل. ان الشيء نفسه قد حصل يالنسبة لقوة العمل المغربية ، ذلك ان توحيد الراسمال الفرنسي بالعمل المغربي ، لم يكن بالامر السهل الهين ، بل كان عملية جراحية قيصرية عسيرة جدا وشاقة جدا . وهذا امر مفهوم ، لان الفلاح المغربي الذي ظل لقرون خلت ، مرتبطا بارضه وبوسائل انتاجه ، لايمكنه ان يقبل في رمشة عين ، ومن تلقاء نفسه الانفصال عن وسائل انتاجه ليتحول الى عامل مأجور . الا اذا كان ذلك الانفصال قد تم بالقوة والعنف ، وبالنار والدم . وحتى بعدما كان يتم اجبار الفلاح على الانفصال عن وسائل انتاجه ، فانه كان يرفض العمل في مقاولات الراسمال ، لانه لم يتعلم بعد تقاليد الانضباط لظروف الانتاج الراسمالي الحديث . ومن اجل تامين وسائل عيشه ، كان يمارس اعمالا خارجة عن القانون الفرنسي ، مثل ، التسكع والنهب ، وقطع الطرق ، والاجرام ، ان تزايد الاعمال الاجرامية ، قد دفع السلطة الكولونيالية الى بناء العديد من السجون منذ الفترة الاولى للعهد الكولونيالي . لقد مثل السجن اذن ، اول مدرسة حقيقية لفرض الانضباط في العمل الحديث على الفلاحين المتمردين . من السجن كانت افواج الفلاحين تساق في الصباح الى اوراش العمل ، تحت الحراسة المشددة ببنادق الجنود ، واليه كانت تعود في المساء . ان الانضباط في العمل الذي اصبح اليوم من الامور العادية في حياة البروليتاري المغربي الحالي ، لقد كلف جده البروليتاري المغربي الاول – لتاسيسه وترسيخه- آلاما عظيمة وعذابا لايحتمل . في كتابه " المغرب واوربا" ، يروي « جان لويس مييج »، كيف ان التجار الاوربيين الوافدين الى الى المغرب ، بعد انفتاحه على اوربا في النصف الثاني من القرن الماضي ، لم يجدوا قوة العمل الكافية لشحن جلود وحبوب وصوف المغرب في البواخر الاوربية ، مما جعلهم يفكرون في جلب العمال من اوربا . ومع ذلك فان الحاجة الى قوة العمل المغربية ، كانت في ذلك الوقت ضعيفة جدا بالمقارنة الى الحاجة اليها في مرحلة الاستعمار الكولونيالي المباشر . ان انتزاع اعداد كبيرة من الفلاحين من ارضهم وفصلهم عن وسائل انتاجهم ، وتحويلهم الى عمال طيعين في قبضة الراسمال الفرنسي المنتصر ، هي اشياء لايمكن تصورها بدون معاناة كبيرة ايضا . ان هذه الوحدة المتناقضة بين الراسمال التمويلي الفرنسي ، وبين قوة العمل المغربية .( وهي الوحدة الاندماجية التي تم صهرها بقوة الحديد والنار ، والتي قامت عليها الراسمالية الكولونيالية برمتها ، هي ما اسماها الفقيد عبد السلام المؤذن ب جوهر الراسمالية الكولونيالية .
في الجزء المقبل سننتقل الى : تطور الراسمالية الكولونيالية المغربية .
#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جوهر الراسمالية الكولونيالية المغربية لعبد السلام المؤذن
-
نظرية الرأسمالية المغربية لعبد السلام المؤذن
-
نظرية الراسمالية المغربية – عبد السلام المؤذن ... الجزء الثا
...
-
نظرية الراسمالية المغربية عند عبد السلام المؤذن 1
المزيد.....
-
آلاف المتظاهرين في بروكسل يطالبون بفرض عقوبات على إسرائيل
-
الحراك الثوري الجنوبي يعيد هيكلة المجلس في مديرية الضالع وين
...
-
مظاهرات في عدن بجنوب اليمن تنديدا بانهيار الأوضاع المعيشية و
...
-
الحراك الثوري الجنوبي ينفي حل نشاطة ويؤكد على استمرار نصالة
...
-
أيقونة الثورتين الجزائرية والفلسطينية.. نضالات محمد بودية بر
...
-
رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي يدعو لمنح كاليدونيا الجديدة -شكلا
...
-
شرطة نيويورك تقمع المتظاهرين المؤيدين لوقف إطلاق النار في غز
...
-
أستراليا تعتقل متظاهرين داعمين لغزة والشرطة الأميركية تفض بع
...
-
الجزائر: لويزا حنون زعيمة حزب العمال تعلن ترشحها للانتخابات
...
-
الجزائر.. زعيمة حزب العمال تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية
المزيد.....
-
كيف درس لينين هيغل
/ حميد علي زاده
-
كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رؤية يسارية للأقتصاد المخطط .
/ حازم كويي
-
تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا
...
/ جيلاني الهمامي
-
كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع
...
/ شادي الشماوي
-
حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين
/ مالك ابوعليا
المزيد.....
|