فاوستو وولف المناضل الاممي

جادالله صفا

الحوار المتمدن-العدد: 2408 - 2008 / 9 / 18 - 09:38
المحور: سيرة ذاتية
    

فقد الشعب الفلسطيني والمضطهدين في جميع ارجاء العالم الثالث واحدا من اقوى المدافعين عن القضايا الانسانية وقضايا الشعوب ففي 5/9 /2008 توفي الكاتب التقدمي والصحفي المناضل فاوستو وولف عن عمر يناهز 68 عاما ، ولد فاوستو وولف في مدينة سانتو انجلو - ولاية الريو غراندي دو سول في 17/10/1940 باسم الماني صميم هو (فاوستين وولفنيبوتيل) في الرابعة عشرة من عمره بدا يعمل في قسم الاحداث البوليسية في جريدة (يوميات بورتو اليغري) في الثامنة عشرة انتقل الى ريو دي جانيرو حيث عمل في صحافتها كمجلة (كروزيرو) و (مانشيت) وعمل في جريدة (غلوب) وغيرها.

خلال 52 سنة من حياته الصحفية ازعج فاوستو وولف اناسا عديدين بكتاباته وانتقاداته خاصة اولئك الذين كانوا يضطهدون الفقراء ةالبسطاء والذين كانوا يتصرفون وكأن نفوذهم وسيطرتهم مستمرة الى الابد او يستمدونه من حق الهي لهم . لقد كان فاوستو صوت المحرومين والمظلومين وكان عليه ان يدفع ثمنا باهظا ازاء هذا الموقف المبدئي وخاصة ازاء دفاعه الحار والصادق عن الطبقات الشعبية المضطهدة والمظلومة ناهيك عن موقفه المبدئي مدافعا بشكل مستديم عن القضية الفلسطينية والفلسطينيين، طارده الحكم العسكري الذي تسلط على البلاد سنة 1964 فلجأ وولف الى الدانمارك وايطاليا حيث كان يعطي درس اللغات في جامعتي كوبنهاغن ونابولي وفي سنة 1969 اسس مع مجموعة من رفاقه جريدة ( الباسكين) وكانت اكثر الجرائد في حينها صدامية مع النظام العسكري الحاكم (1964--- 1985) حيث اقلق جدا اولئك العسكريين بكتاباته التي ترفع من معنويات الجماهير وتبشر بالانتصار القادم من رحم النضال، بعد سقوط الحكم العسكري عاد فاوستو وولف الى الوطن وكان اول ما فعله هو تشكيل جريدة ( المنبر الاشتراكي ) والتي يعتبرها الكثيرين انها الاساسية لليسار البرازيلي بعد الحكم العسكري.

كتب فاوستو وولف اكثر من عشرين كتابا منها السياسي ومنها الرومانسي بل لقد اعتبره الكثيرين انه من اعمدة الكتاب الرومانسيين عندما حاز على جائزة جابوتي عن قصته الرائعة ( اليد اليسرى) وفي السنوات الاخيرة كان عاكفا بشكل شبه كامل على الترجمة فقد كان يتقن الانجليزية والالمانية والفرنسية بالاضافة الى الاسبانية والايطالية.

وصف فاوستو وولف معظم اليسار في البرازيل بانه مجموعة من المشاكسين والفوضويين عديمي الاخلاق الثورية و مجموعة من الاكاديميين يذهبون للتلفزيون ليقولوا ما لا يفهمه الشعب.

كان وولف صحفيا ولكنه كان صداميا دائما مع الخطأ بشكل واضح فقد كان يقول : عندما اخيَر على الكتابة ما بين اصحاب البنوك وموظفي البنك فانني حتما ساختار ان اكون الى جانب الموظفين , وعندما اخير على الكتابة بين الفلاحين والاقطاعيين فمن المؤكد انني ساكون في صف الفلاحين وعندما اخيًر على الكتابة عن الفلسطينيين والاسرائيليين فمن المستحيل ان اقف او ان ادافع عن الجانب الظالم والمجرم بل سادافع بكل قوتي عن الفلسطينيين .

في سنة 1978 ذهب الى لبنان لمقابلة الرئيس عرفات وزار مخيمات الشقاء والثورة في الجنوب اللبناني وعندما عاد اصدر كتابه المعروف ( الفلسطينيون ...يهود الحرب العالية الثالثة ) والذي فتح عليه ابواب جهنم الصهيونية ففقد وظيفته في معظم الجرائد الهامة والمجلات الاسبوعية الا انه كان يتندر قائلا باستخفاف : انهم يريدونها محرقة انيقة وفاخرة للفلسطينيين والمتضامنين معهم.

كان وولف يكتب باستمرار منتقدا نزعة الغطرسة والقوة الاسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة ويرى في هذا التحالف مبررا انسانيا للتضامن مع الفلسطينيين الذين لهم الحق في ان يعيشوا في ارضهم وليس كلاجئين فاصطدم بهذا الموقف مع اليسار الاسرائيلي الذي يعيش خارج فلسطين لانهم لا يريدون مناقشة القضية من باب الحق والعدل انما كانوا يريدونها كلعبة كرة القدم كل يصفق لفريقه , في الحرب يتحالف المرء من معه الحق ....الحق مع الفلسطينيين.

بلا منازع اشد الامور اثارة لاعصابه كانت التهمة الجاهزة لدى الصهاينة (اللاسامية)حيث يضطر للاستشهاد باصدقائه اليهود كما يستشهد بالمسيح وكارل ماركس واينشتاين وفرويد وكلهم معلمين له وهم يهود وليسو صهاينة حتى ان الصحافة هنا وصفته بمسؤول العلاقات الاجتماعية لياسر عرفات في البرازيل.

في كتابه ( الصحافة الحرة) استشهد بكتابات اليهودي البرازيلي ( ناتانييل برايا )المعادي للصهيونية حتى العظم والذي قال ( ان تنصيب شارون يعني مزيدا من المذابح والجرائم ضد الفلسطينيين اولا وسيكون هذا التنصيب تعرية وكشفا للفكر الصهيوني بما يحمله من حقد ولا اخلاقية تجاه الفلسطينيين وتجاه الفكر الانساني وسيكون الانفصال والتنكر للمفاهيم الانسانية في المؤسسات الاسرائيلية وسنرى هذا في المؤسسة العسكرية والجيش اولا وسيكون هذا الانفصام عميقا وخطيرا كتاب اخر كان فاوستو ينصح بالاضطلاع عليه من اجل فهم اوسع للصهيونية وهو كتاب ( نورمان فلنكشتاين) بعنوان (صناعة المحرقة) حيث يوضح الكاتب اليهودي كيف تقوم النخبة الصهيونية المسيطرة باستغلال وتحريف التاريخ وتزوير المذابح النازية من اجل تحويل الانظار ودرء الانتقادات عن سياساتها الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني.

في السنين الثلاثة الماضية كان لفاوستو عمود ثابت ويومي في الجريدة المشهورة (جريدة البرازيل) في اكتوبر 2005 كتب فاوستو موضوعين عن القضية الفلسطينية والصهاينة مما ازعج جدا الجالية اليهودية (الصهيونية) في البرازيل حيث توجهت نخبة منهم الى ادارة الجريدة تستنكر ما كتبه وولف من ان الدولة الاسرائيلية هي دولة نازية وان هناك فئة قاتلة ومجرمة تعيش في عالم اخر وانهم عندما يكلموننا يظهرون وكانهم اناس من درجة اوطأ للعنصرية البغيضة التي يحملونها بالضبط كما كان اليهودي بالنسبة للهتلري النازي وكما هو الفلسطيني اليوم بالنسبة لليهودي الاسرائيلي.

في تابين فاوستو وولف تكلمت باسم لجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني ونضاله في ريو دي جانيرو وكان الى جانبي الاخ والاستاذ (نلسون تنوري ) صاحب الجريدة والذي شكرت له موقفه المبدئي من عدم الانحناء امام ضغوط الجالية الصهيونية بفصل فاوستو من الجريدة , لقد كان فاوستو وولف من الاصوات القليلة في الصحافة البرازيلية التي دافعت بشكل منتظم ودائم عن حق الفلسطينيين في النضال وفي العودة الى بيوتهم واراضيه لقد كانت مواقف فاوستو وولف مشرفة جدا للقطاع الصحفي في البرازيل حيث كان امينا على افكاره ومخلصا لها فقد قضى حياته كلها وهو يدافع عن المضطهدين والمظلومين فاضحا اساليب الطغاة وذوي النفوس المريضة .

سيرجيو كالدييري

كلمة الصحفي سيرجيو كالدييري في رثاء المناضل الاممي فاوستو وولف

#جادالله_صفا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل