أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد ابو تمهيد السعيدي - كيف تغزو امريكا بلداننا ثقافياً ولماذا؟!.. تحليل (سيكو سوسيولوجي) لعملية الغزو الثقافي















المزيد.....

كيف تغزو امريكا بلداننا ثقافياً ولماذا؟!.. تحليل (سيكو سوسيولوجي) لعملية الغزو الثقافي


محمد ابو تمهيد السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2407 - 2008 / 9 / 17 - 04:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يمكن ان نفهم عملية الغزو الثقافي ما لم نتعرف على مفهوم الثقافة والعناصر المكونة لها, والثقافة من وجهة نظر علم النفس الاجتماعي هي أسلوب الحياة الذي يميز مجتمع ما عن غيره من المجتمعات, فالثقافة تشمل أنماط السلوك المكتسبة سواء أكانت تمثل علاقة الإنسان بالمادة, أم علاقته بغيره من البشر, أم علاقته بالأفكار والرموز, وبالتالي يمكن أنْ نميز ثلاثة قطاعات متداخلة للثقافة هي:
أ‌) القطاع المادي (التكنولوجي).
ب) القطاع الاجتماعي.
ج) القطاع الفكري والرمزي.
ويرى العالم الاجتماعي (تايلور) إنَّ الثقافة هي الكل المعقد الذي يشمل (العقيدة والمعرفة والفن والأخلاق والعادات والتقاليد والأعراف والقانون والمهارات والقدرات الاجتماعية) وكل ما اكتسبه الفرد باعتباره عضواً في مجتمعٍ ما, وأيضاً هي الأساليب الاجتماعية المقننة لإدراك العالم الخارجي والتي تشمل القواعد المحددة للسلوك وكل ما يجب أنْ يتعلمه الفرد ليشكل سلوكه بطرائق معترف بها من قبل المجتمع.
ويُعتبر حاملي الثقافة هم مجموعة من الأفراد الذين يشكلون تجمعاً معيناً يُطلق عليه مصطلح الجماعة أو المجتمع.
أذن لكل مجتمع ثقافته الخاصة به والتي يتفاعل معها الأفراد, كما لكل ثقافة خصائصها التي تحدد كيانها.

عناصر الثقافة: حدد العالم الاجتماعي (هاري جونسون) العناصر الثقافية أو مكوناتها الأساسية على النحو الآتي:
1) العناصر المعرفية: وتشمل طائفة من المعارف التي تتصل بالعالم الخارجي الطبيعي والاجتماعي, وتستهدف المعرفة إلى إحداث التوافق بين الأفراد وبين البيئة, وهذه المعرفة يكتسبها كل فرد في المجتمع عن طريق التعليم, وتنتقل من جيل إلى آخر.
2) المعتقدات: هي تلك التصورات الأساسية للعالم والإنسان والمجتمع والسلوك والتي تساعد على التكيف والتوافق مع البيئة المحيطة, ومنها المعتقدات الدينية.
3) القيم والمعايير: وهي تلك المبادئ والأحكام المكتسبة, والتي تكتسب معاني اجتماعية من خلال التجربة الإنسانية, وتعتبر كموجهات تميز بين ما هو مرغوب وغير مرغوب, وهي تعبر عن الأفكار المتعلقة بالأهمية النسبية للأشياء.
4) الطرائق الشعبية: هي مجموعة الأفكار والأفعال والاتجاهات الاجتماعية المتكررة والتي يمارسها أعضاء المجتمع, وهيَّ عبارة عن آليات للتوافق الاجتماعي, ومنظمة في انساق متساندة من العادات.
5) الأعراف: وهي الطرائق العامة التي يشترك فيها الأفراد والتي ينظر إليها على أنها أكثر صدقاً وسلامة من العادات الشعبية, والمجتمع يفرض عقاباً صارماً سواء أكان مادياً أم معنوياً في حالة الاعتداء عليها, لأنه ينظر إلى الاعتداء على العرف على انه مصدر خطر على الآخرين, ومن وظائفه انه يحدد الصواب والخطأ, ويشخص ما هو خلقي وغير خلقي.

عملية الغزو الثقافي:
بعد استعراض هذه الفرشة المهمة لمفهوم الثقافة وعناصرها, نستطيع الآن ان نُحدد مفهوم الغزو الثقافي, فهو عبارة عن: (عملية استهداف للعناصر الثقافية لمجتمع ما أو شعبٍ ما أو جماعة ما لغرض السيطرة والهيمنة عليها وامتصاص ثرواتها, وجعلها تابعة وخاضعة للدولة الغازية سياسياً وامنياً واقتصادياً), والغزو الثقافي لا يختلف عن الغزو العسكري للدول الاستعمارية القديمة ذات السيطرة العسكرية القديمة, ولكن الفارق ان السيطرة تتم ثقافياً وسياسياً وعن طريق ابناء الشعب نفسه, فهم لا يستهدفون تغيير الدين, بل يستهدفون تغيير فهم وتفسير الدين الى الحد الذي يصبح الدين مجرد مسألة شخصية, تتعلق بالفرد نفسه وداخل إطر اماكن العبادة ليس إلا, ويحاولون افراغ معاني الجهاد والمقاومة والممانعة لكل ما هو ظلم وقهر واستغلال واحتكار واحتلال وغير ذلك من معانيها الاصيلة, واستبدالها بالخنوع والرضوخ والقبول بالواقع كما هو, واحترام الافكار والرؤى كافة حتى لو كانت فاسدة ومُدمرة لبُنية المجتمع, وتؤدي الى تقويض اركانه بحجة مفاهيم مغلوطة مثل احترام الراي والحريات وماشابه ذلك, وهذه العملية تتم من خلال زرع عملاء محليين لهم في الحوزات العلمية الدينية, والجامعات, والمجمعات العلمية, والمؤسسات الثقافية, وبمساعدة عملائهم الحكام بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال أساليب الاضطهاد والقتل والحجر للعلماء المخلصين المتحررين في زنزاناتهم بحجج شتّى كم حصل مع (الشهيدين الصدريين) على سبيل المثال لا الحصر , ويفسحون المجال ويهيئون الفرص كلها للنخبة المثقفة والاكاديمين وأصحاب التخصص العلمي المرتبطين بالبلدان الاستكبارية بالافكار والرؤى والاتجاهات, ويدعموهم اعلامياً ومالياً وبشرياً حتى يصلوا بهم الدرجات والمواقع العليا المُؤثرة في المجتمع (هناك نزعة نفسية لنسبة كبيرة من الاكادميين والنخبة المثقفة وبعض رجال الدين نحو الاستعلاء والصراع للاستحواذ على المناصب والتزلف للسلطان للحصول على اكبر قدر ممكن من ملذات الدنيا وشهواتها كالاموال والنساء وغيرها, والبعض منهم مصاب باضطراب المازوكية النفسي والذي ليس له القدرة على الاستمتاع باي شيئ ما لم يُهان ويُذل من قبل السلطان أو اجهزته القمعية ويتملق لهم كالرفاق البعثيين في النظام السابق وهؤلاء وغيرهم كالساديين ادوات الغزو الثقافي).
والدولة الغازية ثقافياً لا تستهدف عادات الشعوب وتقاليدهم, انما يحاولون ليّها بالاتجاه الاستهلاكي, فكل همهم تحويل هذه الشعوب الى مستهلكين غير منتجين, أو غسل ادمغتهم باتجاه الثقة العمياء لكل مُنتج غربي وامريكي او اجنبي, والعزوف عن كل منتج محلي حتى لو كان هو الافضل, ولذلك تجد كل الازياء المحلية والادوات الخاصة بتقاليد شعوب المنطقة تُصنع في الخارج, ولولا المنافسة التجارية لبلدان جنوب آسيا لكانت كل البضائع تصنع اما في البلدان الغربية وامريكا, أو برؤوس اموالهم.
والدول الغازية لا تستهدف افكار الشعوب وخبراتهم الحياتية ومعاييرهم وقيمهم, لان الانسان بطبعه يتمسك بافكاره وخبراته الى حد التعصب, واذا ما واجه محاولات تُسفه هذه الافكار فانه يلتصق بها اكثر واكثر, ولهذا فان امريكا ومثيلاتها من الدول الاستكبارية مُنتبهون لهذا الامر, فهم يحاولون بث سموم افكارهم ومفاهيمهم وقيمهم الفاسدة, شيئاً فشيئاً عن طريق فسح المجال لابناء هذه الشعوب لاكمال دراساتهم الجامعية في بلدانهم, واعطاء حق اللجوء السياسي وغيره للمعارضين, والايحاء او الايعاز بطريقة او اخرى (ليس هنا مقام الشرح والتحليل) لعملائهم حكام هذه الشعوب بممارسة الضغط والظلم بحق شعوبهم وخصوصاً للنخبة المثقفة, ليضطروا الى الهجرة لبلدان (الحرية والديمقراطية), وهناك تجري عليهم عملية غسل الافكار, وتغيير نمط ثقافتهم (بشكل غير مباشر سنشرح ذلك في مناسبة اخرى), ثم ليعودوا بعد ذلك بصفة المفكرين والمتنورين والمصلحين والمعارضين للاستبداد والجالبين للحرية الغربية وجنة الديمقراطية!!, وهؤلاء في غالبيتهم يمثلون الالغام الفكرية الغربية للغزو الثقافي المزروعة في بلداننا (وافضل مصداق لذلك معارضة لندن من الاسلاميين والعلمانيين الذين ضاق الشعب العراقي بهم ذرعاً في هذه الفترة السوداء من تاريخه), فيصبح الصراع داخلي, والغزو من الداخل, والممانعة لهذه الافكار الغربية ومحاربتها اصعب بكثير ممن لو كانت آتية من الخارج, وهذا ما حصل لمفهوم الاحتلال الذي عدّهُ تحريراً اغلب اذا لم نقل كل الذين جاءوا مع المحتلين من المعارضين الذين غُسلت ادمغتهم بالافكار الغربية الاستعمارية, وتبعهم في ذلك الناعقون مع كل ناعق من اصحاب الدنيا ومن الذين همهم بطونهم وفروجهم وجمع الاموال من الحلال والحرام.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتلاء النعمة وسوء العاقبة
- تحليل (سيكو سسيولوجي) لمراحل إخضاع الشعب العراقي وانصياعه لل ...


المزيد.....




- أستراليا تدعو إسرائيل للسماح فورا بدخول المساعدات إلى قطاع غ ...
- ليبيا.. آمر -اللواء 444 قتال-يكشف تفاصيل جديدة حول مقتل الك ...
- الكرملين: الاتصالات مع أوكرانيا استؤنفت من جديد وهي مهمة للع ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج بغزة (في ...
- وزير الخارجية الأردني: تجويع 2.3 مليون فلسطيني جريمة يجب على ...
- قادة فرنسا وبريطانيا وكندا: -لن نقف مكتوفي الأيدي- إزاء -الأ ...
- الجزائر تتوعد برد مماثل على قرار فرنسا إلغاء إعفاء التأشيرة ...
- الحوثيون يعلنون فرض حصار بحري على ميناء حيفا ويطالبون السفن ...
- المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف ...
- الكرملين: بوتين وترامب بحثا الاتصالات بين روسيا وأوكرانيا وا ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد ابو تمهيد السعيدي - كيف تغزو امريكا بلداننا ثقافياً ولماذا؟!.. تحليل (سيكو سوسيولوجي) لعملية الغزو الثقافي